غير رغبة العديد من أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، جاء قرار المنظمة فى اجتماعها الأخير فى فيينا بالإبقاء على حجم إنتاجها النفطى عند 30 مليون برميل يوميا، ليصيب بعض الدول المصدرة للنفط بالإحباط، وبخاصة فنزويلا وإيران والجزائر والعراق، بينما دافعت السعودية - أكبر مصدرى النفط فى العالم - بضراوة عن قرار عدم تخفيض الإنتاج فى الوقت الحالى.. وأعلنت روسيا - غير العضو فى المنظمة - أنها ستلتزم بقرار أوبك رغم الضرر الشديد الذى أوقعه انخفاض أسعار النفط على اقتصادها الذى يقف على حافة الكساد. قرار أوبك الذى جاء بعد اجتماع استمر خمس ساعات بالعاصمة النمساوية، تسبب فى هبوط جديد لأسعار النفط فى الأسواق العالمية، إذ هبط خام برنت القياسى بأكثر من ستة دولارات، وهو أكبر انخفاض يومى له منذ عام 2011.وبلغ سعر خام برنت 71.25 دولار للبرميل، فيما تراجع الخام الأمريكى بشكل حاد أيضا لينخفض إلى 67.75 دولار للبرميل، وهو أقل سعر له منذ مايو 2010، قبل أن يقلص خسائره إلى 4.65 دولارات ليتم تداوله بسعر 69.04 دولار للبرميل. وتعانى أسعار النفط الخام من فقدان أكثر من ثلث قيمتها منذ شهر يونيو الماضى، وهو ما أرجعه الخبراء إلى عدة أسباب أهمها: وفرة العرض المرتبطة بطفرة إنتاج النفط الصخرى الأمريكى، وارتفاع سعر صرف الدولار، بالإضافة إلى ضعف الطلب على النفط الناتجة عن ضعف نمو الاقتصاد العالمى وبخاصة فى الصين وأوروبا. وحاولت دول مثل فنزويلا وإكوادور تقليص الإنتاج داخل أوبك لوقف هبوط سعر الخام الذى يضر بإيراداتها، حتى أن وزير الخارجية الفنزويلى رفاييل راميريز قال قبيل اجتماع فيينا الأسبوع الماضى: «علينا سحب الكمية الفائضة من الأسواق». ويرى محللون إن دول أوبك بحاجة لخفض الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل يوميا لدعم أسعار الخام.. ولكن دول الخليج - وعلى رأسها السعودية - تمسكت برفض خفض الإنتاج إلا إذا ضمنت حصتها من الأسواق، وبخاصة فى المناطق التى يشتد التنافس عليها، وفى مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبدت السعودية فى موقف من يسعى لتأكيد التنافس على الحصص، ، وضغط وزير البترول السعودى على النعيمى لإقناع من كانوا يريدون خفض الإنتاج بأنه لا يوجد خيار آخر لأن السعوديين يريدون معركة على الحصص بالسوق، وهو ما أكده الأمين العام لأوبك عبد الله البدرى، بقوله «أن المنظمة بصدد دخول معركة على الحصص»، ولكن مراقبين أشاروا إلى أن عددا من وزراء أوبك الذين كانوا يريدون خفض الإنتاج خرجوا من الاجتماع وقد بدت عليهم خيبة الأمل والتزموا الصمت لعدة ساعات قبل أن يعلنوا عندما تحدثوا لاحقا إنهم قبلوا بالقرار. ورغم ما يشكله انخفاض أسعار النفط من ضغوط اقتصادية كبيرة على روسيا التى تمثل مبيعات النفط والغاز الطبيعى نحو نصف موازنتها التى وضعتها عند سعر 100 دولار للبرميل، إلا أن موسكو أحد أكبر منتجى النفط فى العالم، أعلنت إنها ستحذو حذو «أوبك» فى عدم خفض إنتاجها اليومى البالغ 10 ملايين برميل، وعبر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عن يقينه بأن سوق النفط ستصل إلى درجة التوازن فى منتصف العام المقبل. وفى الوقت الذى أدت طفرة النفط الصخرى فى الولاياتالمتحدة إلى تغيرات جذرية فى سوق النفط العالمية، وساهمت بقوة فى هبوط أسعار الخام، يقول خبراء إن من أبرز أسباب هبوط أسعار النفط هو رغبة بعض الدول العربية المنتجة فى الضغط لإخراج النفط الصخرى وبخاصة الأمريكى من السوق العالمية..وهو ما قد يفسر تمسك السعودية ودول الخليج ومعهم روسيا بعدم تخفيض الإنتاج فى الوقت الحاضر رغم ما يشكله هذا القرار من ضغوط هائلة على اقتصاديات هذه الدول المعتمدة على عوائد النفط والغاز. ويظل السؤال: إلى أى مدى سيتمكن العرب المدعومين من روسيا من الاستمرار فى خوض معركة النفط فى مواجهة المنافس الأمريكى.