كأن القدر قد فرض على عشائر الأنبار أن تحارب الإرهاب على أرض العراق، فمنذ ثمانى سنوات حاربت عشائر الأنبار «القاعدة» والآن تحارب العشائر «داعش» ورغم المذابح التى ارتكبها التنظيم الإرهابى ضد العشائر إلا أنه لم يفلح فى كسر إرادتها. فرغم قيام تنظيم «داعش» بإعدام العشرات من أبناء عشيرة البوفهد خلال هجومه على مدينة الرمادى مركز محافظة الأنبار الغربية، يأتى الهجوم تكرارًا لإعدام مئات من أفراد عشيرة البونمر الشهر الماضى على يد مقاتلى «داعش» فى محاولة كسر المقاومة المحلية فى محافظة الأنبار السنية التى سيطروا عليها بشكل كبير. وفى تصريحات لشيخ عشائر الدليم ماجد العلى السليمان أكد خلالها أن «عشائر الأنبار قاتلت على مدى السنوات الثمانى الماضية الإرهاب بكل أشكاله من تنظيم «القاعدة» إلى «داعش»، وقدمت فى سبيل الوطن أغلى ما تملك من أنفس وأموال، لكن المؤامرة تبدو أكبر من قدرتها على التصدى لها وحدها، وبالتالى فإن دعمها من قبل الحكومة المركزية أمر بات مطلوبًا. وأضاف السليمان «أننا سبق أن اجتمعنا مع رئيس الوزراء حيدر العبادى واتفقنا معه على تطويع أبناء العشائر فى الأنبار وتسليحهم بالأسلحة التى يتمكنون بها من مجابهة داعش الذى يملك أسلحة متطورة». وكان بيان قد صدر لمكتب العبادى الإعلامى أن رئيس الوزراء أمر بتقديم الإسناد الجوى المكثف للأنبار وتسليح أبنائها ودعم وتعزيز القوات المسلحة فى المحافظة. من جانبه أكد رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح الرحوت أن تحرك الجيش والشرطة والعشائر باتجاه المناطق المحيطة بالرمادى لقتال عناصر «داعش» مرهون باستجابة الحكومة لطلبات تعزيز التواجد العسكرى فى المدينة. وفى نفس السياق أفادت وثيقة من وزارة الدفاع الأمريكية - البنتاجون - بأن الولاياتالمتحدة تعتزم شراء أسلحة لرجال العشائر السنة فى العراق منها بنادق كلاشنكوف وقذائف صاروخية وذخيرة مورتار، بخطة إنفاق 24 مليون دولار تمثل جزءًا صغيرا من طلب إنفاق أكبر حجمه 1.6 مليار دولار رفع للكونجرس ويركز على التدريب وتسليح القوات العراقية والكردية، لكن الوثيقة أبرزت الأهمية التى يوليها البنتاجون لرجال العشائر السنة ضمن استراتيجيته الشاملة للقضاء على تنظيم «داعش». وأكد الشيخ رافع الفهداوى زعيم عشيرة البوفهد أن «الهجوم الذى شنه الدواعش ضد منطقتنا وعموم مدينة الرمادى ليس الأول من نوعه لكنه قد يكون الأخطر فقد ألقى التنظيم بكل ثقله فى هذا الهجوم لتحقيق اختراق لاسيما بعد الخسائر التى مُنى بها فى مناطق جرف الصخر وبيجى». وأضاف الفهداوى أن «المعارك الدائرة الآن هى لصالح الجيش وقوات العشائر التى أنشأت حلفًا عشائريًا ضد داعش بحيث لم يتخلف أحد عن مقاتلته». وبينما يضيق «داعش» الخناق على مدينة الرمادى أعلن مصدر فى قيادة عمليات الأنبار عن انطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق بمشاركة طائرات التحالف لتطهير قضاء هيت - غرب الرمادى - من «داعش» بعد نحو شهرين من سيطرة التنظيم على القضاء وارتكابه مجزرة ضد عشيرة البونمر بإعدام أكثر من 600 من أفرادها. وقد قصف طيران التحالف مقار وتجمعات للتنظيم مما أسفر عن مقتل 18 عنصرًا من «داعش».