نحن نفكر فى العواقب على الحريات المدنية وعلى الدول الأخرى، لكننى فى نهاية المطاف أقوم بالخيارات التى أرى أنها ضرورية لضمان أمن البريطانيين وأعتقد أن منح هذه السلطات مهم فى هذا السياق.. بهذه الكلمات استبق رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون المخاوف بشأن انتهاك الحريات المدنية والتى يثيرها مشروع القانون الجديد لمكافحة الإرهاب الذى أعلن عنه كاميرون خلال زيارته لاستراليا للمشاركة فى قمة مجموعة العشرين، ويأتى القانون الجديد فى إطار إجراءات الدول الأوروبية لمواجهة ازدياد انضمام شبابها لتنظيم داعش الإرهابى وما يمثله ذلك من خطورة على أمنها القومى عند عودتهم إلى أراضيها. وفى كلمة أمام البرلمان الاسترالى، قال كاميرون إن القانون المزمع سيمنح سلطات جديدة لشرطة الحدود والمطارات لمصادرة جوازات سفر أى شخص يشتبه فى أنه يخطط للسفر إلى الخارج من أجل القيام بأعمال إرهابية. كما أن المشروع الذى ستقدمه الحكومة البريطانية للبرلمان خلال الشهر الحالى، يفرض حظرا لمدة عامين على الأقل على عودة المواطنين البريطانيين الذين قاتلوا فى سورياوالعراق إلى البلاد إلا فى حالة موافقتهم على الالتزام بشروط صارمة من بينها خضوعهم لمراقبة أمنية وملاحقات قضائية ولبرنامج إعادة تأهيل. وأضاف كاميرون، أن القانون الجديد سيمنع أيضا الطائرات التابعة لشركات الطيران التى لا تلتزم بقوائم حظر السفر التى تصدرها السلطات البريطانية أو إجراءات التفتيش الأمنية من الهبوط على أراضيها. وأوضحت رئاسة الوزراء البريطانية فى بيان صحفى أن أى شخص يلغى جواز سفره سيتعرض لعقوبة بالسجن خمس سنوات إذا حاول الدخول إلى بريطانيا بطريقة غير شرعية. وتخطط الحكومة البريطانية لإصدار القانون الجديد رسميا بنهاية شهر يناير المقبل، إلا أن القانون ما يزال يثير الكثير من الجدل والمخاوف بشأن إمكانية تعارضه مع القوانين الأخرى الخاصة بالمواطنة والهجرة وحقوق الإنسان. وتقول مجموعات الحقوق المدنية، إن منع بريطانيين من العودة إلى بلادهم – مهما كانت خطورتهم على الأمن القومى – قد يجعلهم عديمى الجنسية، وهو ما يشكل انتهاكا لقوانين المواطنة الدولية. وفى هذا السياق، أعربت شامى تشاكرابارتى مديرة منظمة «ليبرتى» المعنية بالحريات المدنية، عن قلقها من أن الإجراءات الجديدة قد تترك البعض «بدون دولة». وقالت ل «بى بى سى» إنه خطأ من حيث المبدأ وخطأ كذلك للأمن من الناحية العملية أن تقوم بريطانيا بتفريغ مواطنيها مثل النفايات السامة إلى المجتمع الدولى، مؤكدة أن التخلص من المواطنين المشتبه بهم مثل النفايات السامة، وتحميل مسئولياتهم للمجتمع الدولى، هو طريقة غريبة جدا لتعزيز سيادة القانون. أما محامية حقوق الإنسان هيو سوثى، فترى أن المقترحات لا تتوافق مع القانون المحلى أو الدولى، قائلة إن قراءاتها كانت دائما أن الحق فى العودة إلى الوطن هو حق غير مشروط لأنه حق أساسى تكفله المواطنة. وفى نفس السياق، قال جوناثان راسل من مؤسسة «كويليام» لمكافحة التطرف لصحيفة «الجارديان» البريطانية، إنه يعتقد أن التشريع الجديد يجب أن يشجع المواطنين على العودة ومواجهة الإجراءات القانونية الواجبة بدلا من إجبارهم على البقاء فى منطقة الأزمة وتعريض أنفسهم للمزيد من التطرف وكذلك آخرين فى المملكة المتحدة من خلال أنشطتهم على الانترنت. ويقدر عدد البريطانيين الذين يقاتلون بين صفوف داعش فى العراقوسوريا ب500 شخص. وتواجه استراليا وضعا مشابها لبريطانيا حيث ألغت جوازات سفر 73 مواطنا لمنعهم من السفر إلى العراقوسوريا، ويقاتل 71 استراليا على الأقل حاليا فى سورياوالعراق بحسب أرقام حكومية. وأصدرت كانبيرا مؤخرا قانونا يجرم السفر إلى دول تحظر سلطات البلاد السفر إليها.