مصر تعيش انتفاضة كبرى ضد الإرهاب.. الأعمال الإرهابية ضد الجيش والشرطة وعموم الشعب ليست جديدة، كانت موجودة قبل تحرير ميدانى رابعة والنهضة من الاحتلال الإخوانى، واستمرت بأكثر شراسة وعنف بعد تحرير رابعة والنهضة.. كلنا يذكر التصريح الإرهابى لرمز إخوانى يُحاكم الآن فى أكثر من محاكمة يتوعد فيه الشعب بمزيد من عمليات الإرهاب والعنف حتى يعود المعزول إلى كرسى الرئاسة.. صدق وعيد هذا الإرهابى، رأينا بأم أعيننا تطبيقا عمليا لهذا الوعيد طوال الفترة الماضية فى سيناء ومحافظات عدة وفى الجامعات وضد المنشآت العامة والطرق ومحطات الكهرباء والسكك الحديدية والمترو وأتوبيسات النقل المخصصة للبسطاء وغير ذلك من أهداف مدنية وعسكرية. ومع ذلك نقول بكل قوة لقد خاب وعيد هذا الإرهابى ووعيد كل الإرهابيين مثله، فسوف تتوقف تلك الأعمال الإرهابية بفضل المصريين الوطنيين وجيش المصريين وشرطة المصريين، وسوف نقضى جميعًا على كل الإرهابيين ولن يعود المعزول أبدا إلى كرسى الحكم. لقد انتهى الوهم تماما وعلى الجميع الإفاقة. المسألة ببساطة أن جماعة الإخوان الإرهابية هى أُس البلاء ومصدر الشر فى مصر وفى غيرها، هى الأم الحانية لكل القتلة باسم الدين والشهادة والجهاد، هى الملهم لهم فكريًا وحركيًا.. أليسوا جميعًا يعملون فى سرية وفى الخفاء، لا تعرف بعضهم إلا بالصدفة، أكثرهم ملثمون مختفون وراء أقنعة مزيفة.. من يعمل فى الخفاء هو مافيا قبل أى شىء آخر.. والمافيا عصابة للنهب والسلب والتخريب لا أكثر ولا أقل مهما تحدثت باسم الدين والجهاد وباقى الشعارات الزائفة.. أفكار البنا عن أستاذية العالم فى رسالته الشهيرة عبر عشر خطوات منها سبع خطوات للسيطرة على الحكومات الوطنية ثم خطوتين فى الاتجاه إلى العالم الخارجى للتوسع والتمدد باسم الدعوة والحكم الإسلامى، ثم الخطوة العاشرة أستاذية العالم أو قيادته تحت مسمى الخلافة أو وحدة العالم، هى نفسها جوهر تفكير داعش والنصرة ومن قبل القاعدة وكل الجماعات السلفية الجهادية، الفارق الوحيد هو فى الصياغة واللغة لا أكثر ولا أقل.. أما المضمون فهو واحد. كلهم ينهلون من فكر البنا ويطوعونه لفظا ويؤمنون به جوهرًا، إنهم لا يحبون أوطانهم، ولا الشعوب التى أتوا منها ولا المجتمعات التى تربوا فيها، بل لا يعرفونها أصلا، يكرهون كل من فيها وكل ما فيها يتعالون على المسلمين باسم الإسلام وهو منهم ومن أمثالهم برىء براءة الذئب من دم يوسف. جماعة الإخوان الإرهابية وتنظيمها الدولى والحكومات التى وقعت تحت تأثيرهما كقطر وتركيا هم الممولون الرئيسيون لكل جماعات الشر والإرهاب والفساد ليقوموا بأعماله الخسيسة خير قيام، انظر إلى بيانات وتصريحات أعضاء الجماعة المختفين وراء أسماء كودية نظرا لجبنهم وخستهم، والتى نشروها فى مواقع التواصل الاجتماعى يشيدون فيها بقتل الجنود المصريين ويحرضون على قتل المزيد والمزيد.. إنهم إرهابيون مخلصون لإرهابهم ولأفكارهم المريضة، فماذا تنتظر منهم؟ طوال الفترة الماضية حدثت أعمال إرهابية رهيبة وصلت إلى مداها فى شمال سيناء يوم الجمعة 24 أكتوبر حين استشهد 34 جنديًا وضابطًا وأصيب 30 آخرون بعد هجوم غادر وخسيس من إرهابيين وقتلة مصريين وأجانب مرتزقة المرجح أن بينهم فلسطينيين ينتمون إلى جماعات ومنظمات إرهابية تعيش وتنمو وتتحرك تحت سمع وبصر حركة حماس التى تسيطر على قطاع غزة بالحديد والنار، وتباهت جماعات الإرهاب أيا كان اسمها بما وصفته زورًا وبهتانًا بأنه غزوات النصر والشهادة ضد الشرطة والجيش المصرى، وتباهى الإرهابيون صغارًا وكبارًا بهذا العمل الخسيس فى تغريدات العار والخيانة. " المتكاسلون عن مواجهة الإرهاب، هم فى الحقيقة والواقع إرهابيون أصلاء يعملون فى مجال تثبيط الهمم وإشاعة التوتر واليأس وهدم المعنويات وإثارة الناس على الخطوات والقرارات التى لم يعد هناك مفر من اتخاذها " الأمور باتت مكشوفة للجميع إلا من استثنى نفسه من الحكمة والبصيرة أو استثنى نفسه عامدًا ومتعمدًا من حب الوطن ومن مواجهة الإرهاب السافر الغادر، وإلا من شارك فيه أو ما زال يشارك، هؤلاء الفروع الثلاثة امتداد عملى لجماعات الارهاب، أذناب لهم حتى لو كانوا فى قمة الأناقة كما يظهر البعض على شاشات التلفاز وبرامج التوك شو، وسواء كانوا فى داخل مصر أو خارجها وأيا كانت الأسباب والمبررات التى يقولونها لمواقفهم الرخوة الخبيثة، هم فى الحقيقة والواقع إرهابيون أيضا يعملون فى مجال تثبيط الهمم وإشاعة التوتر واليأس وهدم المعنويات وإثارة الناس على الخطوات والقرارات التى لم يعد هناك مفر من اتخاذها. بعض هؤلاء يحتاج إلى علاج نفسى لعل وعسى يتراجعون ويصوبون أنفسهم ويندمون على ما يفعلونه بحق وطنهم وبلدهم وشعبهم، والبعض الآخر أصبح حالة ميئوس منها، ولا يصح معه سوى البتر والحساب العسير، ومهما حاول هؤلاء أن يتجملوا وأن يكذبوا أو يناوروا باسم الحريات والإعلانات المدفوعة والمبالغ الكبيرة الآتية من وراء الحجب، فمصيرهم معروف.. لقد حكم عليهم الرأى العام بالإعدام المعنوى ولا يتبقى سوى حكم القانون العادل. لم يعد الإمساك بالعصا من المنتصف والتلاعب بالألفاظ والابتسامات المصطنعة والوطنية الزائفة والعبارات الخادعة مشمولة بالرعاية، انتهى وقت العبث وجاء وقت الجد، وقت التضحية من أجل بقاء البلد وحماية وجوده، انتهى وقت المناحات المصطنعة والقضايا الملتبسة. الكل مُطالب بأن يكون مصريا فى الصميم أو ليترك البلد ويرحل إلى حيث يجد الممولين والإرهابيين من أمثاله، باختصار انتهى وقت الزيف الى غير رجعة. الأساليب القديمة لم تعد تكفى، والصراعات الشخصية بين السياسيين عليها أن تنحسر طواعية وبسرعة.. أعجبتنى فكرة أن تتحرك قيادات ورموز سياسية ودعوات إعلامية بمبادرة من حزب الوفد من أجل تشكيل جبهة عريضة لمواجهة الإرهاب فكريًا وسياسيًا وتنمويًا، وأن تقف وراء مؤسسات الدولة المصرية ولا أقول وراء السيسى كرئيس أو حتى كشخص ذى قيمة ومقام، أو وراء الحكومة وقرارتها، أو حتى وراء الجيش والشرطة بكل ما يقدمونه من تضحيات مقدرة ومعتبرة، فكل هؤلاء يعملون فى الدولة المصرية ومن أجل الدولة، هذه هى وظيفتهم وهذا هو قدرهم، وهم الأجدر به وعليه. " الحساسيات الشخصية والحزبية والانتخابية بين رموز سياسية وحزبية غلبت الاعتبارات الوطنية العامة. وهذا بدوره يجعلنا نتساءل عن نخبتنا السياسية؛ هل تقدر طبيعة اللحظة الجارية التى تمر بها مصر وما فيها من تحديات؟" ولكن لنكن صرحاء فما أعجبنى فى هذا التحرك الوفدى هو نفسه ما أحزننى وأصابنى باكتئاب. فالجمع لم يكن على قدر الحدث، غاب كثيرون. رأينا الوجوه ذاتها التى اجتمعت مرات عدة تحت مسمى جبهة الإنقاذ فى زمن المعزول مرسى، فى نفس المكان ونفس الترتيب، بل المحزن أن رموزًا إنقاذية كبيرة لم تلب الدعوة.. هذا معناه أن الحساسيات الشخصية والحزبية والانتخابية غلبت الاعتبارات الوطنية العامة، وهذا بدوره يجعلنا نتساءل عن نخبتنا السياسية هل تُقدر طبيعة اللحظة الجارية التى تمر بها مصر وما فيها من تحديات؟ انظر إلى تصريح بهجت الحسامى المتحدث باسم حزب الوفد يوم الخميس الماضى، قائلا: «إن فكرة إنشاء جبهة مدنية لمكافحة الإرهاب أمر يستحق الاحترام، إذ يجب على الأحزاب والقوى السياسية أن تشارك الدولة فى مرحلة إعادة البناء ومحاربتها للإرهاب لكننا فى الوقت نفسه لا نفهم لماذا رفض البعض الحضور، بالرغم من توجيه الدعوة له». ونحن أيضا لم نفهم السبب. الساسة والحزبيون ورجال المقام العالى فى العمل العام من نقابيين ورموز قديمة أو جديدة هم المعنيون الآن بالعمل أكثر من ذى قبل، هم النخبة التى تؤثر فى المجتمع وفى الناس وفى الأفكار والمسارات، هى النخبة المعنية بتقديم النموذج للعطاء والتضحية وتنحية الخلافات الشخصية والزعامية والرئاسية جانبًا من أجل الوطن ولا شىء غير الوطن، وإن لم تفعل ذلك فكيف لنا أن نعتبرها نخبة وطنية مخلصة؟ فى تصريحات سابقة للرئيس عبد الفتاح السياسى دعا إلى اصطفاف وطنى لحماية ثورتى 25 يناير و30 يونيو ومبادئهما، فهم البعض الدعوة بأنها تعنى الارتماء فى حضن السلطة، أو أن السلطة تريد من الجميع أن يقول أمين فقط وأن تتحول إلى تابع بلا عقل، وهو ما أعتقد جازمًا أن الرئيس لم يفكر فيه أصلا، وحدثت المزايدات المعتادة باسم الحرية والثورة ومواجهة عودة نظام مبارك إلى آخر المعزوفة المعتادة. " خاب وعيد الإرهابيين.. سوف تتوقف تلك الأعمال الإرهابية بفضل المصريين الوطنيين وجيش المصريين وشرطة المصريين .. سوف نقضى جميعا على كل الإرهابيين ولن يعود المعزول أبدا إلى كرسى الحكم.. لقد انتهى الوهم تماما وعلى الجميع الإفاقة " أما البعض الآخر فقد فهم الدعوة باعتبارها دعوة لتجنب الخلافات الحزبية المشروعة بين هذا الفصيل أو ذاك لفترة معينة والارتكان إلى فقه الأولويات والمصلحة الوطنية الجامعة، ومن ثم الوقوف صفًا واحدًا وقويًا لحماية مبادئ الثورتين فى بناء دولة القانون والحرية والعدالة والتنمية والحفاظ على المؤسسات ومساندة الجيش والشرطة فى حربهما الضروس ضد الإرهاب، ومساندة جهود الدولة فى مخاطبة العالم الخارجى لتعزيز المساندة الدولية للإجراءات المصرية المشروعة ضد المخربين والإرهابيين والفاسدين، ومن هنا بدأ البعض يتحدث عن ظهير سياسى وظهير شعبى لكل الإجراءات التى من شأنها أن تحمى الوطن بغض النظر عن الأشخاص. لكن كل المحاولات باءت بالفشل للاعتبارات الشخصية بين هذا الرمز وذاك، وبين هذا الحزب وذاك، وضاعت الفكرة واختفى الهدف النبيل الآن الوضع نفسه يتكرر. لم يعد هناك مبرر ألا يصطف الجميع وراء الدولة المصرية ومؤسساتها فى لحظة خاصة جدًا، تمس الوجود والبقاء، ولا نقول اصطفافًا وراء اشخاص أو قيادات بعينهم. نطالب بكل قوة بالاصطفاف وراء فكرة المحاربة الشاملة للإرهاب وتفهم ضرورات الإجراءات الاستثنائية التى قد نضطر إليها جميعا، وأن نعمل معا على أن تكون هذه الإجراءات الاستثنائية ولمدد محددة زمنيًا فى إطار الدستور الذى ارتضيناه، والقانون الشفاف الذى نبغى من ورائه وضع الأمور فى نصابها الصحيح من حيث الشكل والإجراءات وتحديد الواجبات والحقوق. الاصطفاف الذى نعنيه هو واجب المواطنة الذى نتشدق بها جميعا كشعار ويحتاج منا أن نطبقه سلوكا ومضمونا. الاصطفاف الذى نؤيده هو ضريبة تطوعية علينا أن ندفعها بكل رضاء من أجل أن يبقى وطننا موحدًا ومتماسكًا وقويًا من أجل وجودنا وأبنائنا وأحفادنا. الاصطفاف الذى نبغيه هو المسار الوحيد الذى أمامنا، فهل من مجيب؟ الرهان الوحيد هو وطنية المصريين، وهذا يكفى.