بعد ثورة 25 يناير وفى ظل غياب التواجد الأمنى رفع معدومو الضمير شعار «هى فوضى» واستغل البعض هذه الفرصة فى إنشاء عقارات مخالفة بينما لجأ آخرون إلى تعلية بعض الأدوار بالمخالفة خاصة فى المناطق العشوائية والشعبية ذات الكثافة السكانية العالية ، وتحولت هذه المخالفات إلى وباء يجتاح شوارع كافة المحافظات?، حتى وصل عدد المبانى المخالفة فى مصر حسب تقرير جهاز التفتيش الفنى على البناء التابع لوزارة الإسكان إلى نحو 318 ألفاً ، تضم 6.5 مليون وحدة بقيمة تقديرية 650 مليار جنيه ، وذلك خلال الفترة من يناير 2011 حتى الآن وفقًا لأخر احصائية للجهاز. وتضم العقارات المخالفة سواء كانت بدون ترخيص أو مرخصة وتحتوى على مخالفات إنشائية تستوجب إزالتها.وتصدرت محافظة الغربية قائمة المحافظات المخالفة ب 40 ألف عقار، تلتها محافظتا القاهرة، والجيزة ثم محافظة الإسكندرية بواقع 18 ألف عقار، فى حين سجلت محافظة بورسعيد أقل نسبة فى عدد مخالفات البناء، وأثرت هذه المخالفات على سوق التمويل العقارى، وحولت المدن العمرانية إلى مدن للأشباح بسبب ارتفاع قيمتها الإيجارية بالنسبة للمواطن وللتصدى لغول المخالفات ولمخاطره. كانت وزارة الإسكان أعدت مشروع قانون للتعامل مع مخالفات البناء، وأرسلته إلى مجلس الوزراء ليرسله بدوره إلى مجلس الدولة لمراجعته قبل تصديق رئيس الجمهورية عليه. ونص القانون على أنه أولا نصوص الجزء المتعلق بمخالفات الأفراد المادة الأولى على أنه «يجوز لكل من أقام أعمالا بالمخالفة لأحكام القوانين المنظمة للبناء قبل العمل بهذا القانون أن يتقدم بطلب إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة باعتبارها الهيئة المختصة أو من يفوضه المشار إليها فى المادة الرابعة من القانون 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء لوقف الإجراءات التى اتخذت أو تتخذ ضده». وفى هذه الحالة لا توقف الإجراءات التى اتخذت أو تتخذ ضده إلا بعد سداد الغرامة المنصوص عليها بالمادة الثانية من هذا القانون ويتم البت فى موضوع المخالفة بواسطة لجنة فنية أو أكثر يصدر بتشكيلها وتحديد مكافآتها قرار من رئيس الهيئة، وتكون اللجنة برئاسة مهندس استشارى وعضوية اثنين من المهندسين المتخصصين من غير العاملين بالجهة الإدارية وتختص هذه اللجنة بالموافقة على التجاوز عن إزالة أو تصحيح المخالفات إذا ما ثبت لها السلامة الإنشائية للمبنى وتصدر شهادة بذلك من اللجنة الفنية فى ضوء معاينتها للأعمال موضوع المخالفة والمستندات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون». ونصت المادة على أن «تحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون أيضا قواعد ومعايير اختيار رئيس وأعضاء اللجنة، والضوابط والإجراءات التى تتبعها فى مباشرة أعمالها وأسس وقواعد تحديد قيمة الأعمال المخالفة وفى جميع الأحوال، لا يجوز التجاوز عن المخالفات التى تشكل خطرا على الأرواح أو الممتلكات أو تتضمن خروجاً على خطوط التنظيم المعتمدة أو الردود أو تجاوزاً لقيود الارتفاع المقررة قانونا أو المتعلقة بالبناء على الأراضى الخاضعة لقانون حماية الآثار أو البناء على الأراضى خارج حدود الأحوزة العمرانية المعتمدة، أو الأعمال المخالفة لتوفير الأماكن التى تخصص لإيواء السيارات». أما المادة الثانية فنصت على أن «يصدر قرار بالتجاوز عن إزالة أو تصحيح المخالفات المشار إليها بالمادة الأولى من هذا القانون مقابل غرامة تعادل مثلى قيمة الأعمال المخالفة، وفى حالة صدور قرار بالرفض يتعين عرض الأمر على رئيس الهيئة أو من يفوضه لاتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة». فيما نصت المادة الثالثة على أن «تسرى الأحكام السابقة على الدعاوى الجنائية والإدارية المنظورة أمام المحاكم ما لم يكن قد صدر فيها حكم نهائى، ويوقف نظر هذه الدعاوى بحكم القانون بموجب قرار يصدر بذلك من الجهة الإدارية إلى أن يصدر قرار بالموافقة على التجاوز عن المخالفات أو رفض التجاوز». كما نصت المادة الرابعة على أن «يصدر الوزير المختص بالإسكان اللائحة التنفيذية لهذا القانون خلال شهر من تاريخ العمل به». ثانيا الجزء المتعلق بمخالفات الدولة فنصت المادة الأولى «على كل جهة إدارية من جهات وهيئات الدولة قامت بأعمال بالمخالفة لأحكام القوانين المنظمة للبناء قبل العمل بهذا القانون أن يتقدم بطلب إلى الوحدة المحلية أو الهيئة المختصة المشار إليها فى المادة الرابعة من القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء لوقف الإجراءات التى اتخذت أو تتخذ ضده». بينما نصت المادة الثانية على أن «يتم البت فى موضوع المخالفة بواسطة لجنة فنية أو أكثر يصدر بتشكيلها قرار من المحافظ المختص أو رئيس الهيئة المختص، وتكون للجنة برئاسة مهندس استشارى وعضوية اثنين من المهندسين المتخصصين من غير العاملين بالجهة الإدارية». أما المادة الثالثة فتنص على أن «تسرى الأحكام السابقة على الدعاوى الجنائية والإدارية المنظورة أمام المحاكم ما لم يكن قد صدر فيها حكم نهائى ووقف نظر هذه الدعاوى بحكم القانون فى حالة تقديم شهادة من الجهة بما يفيد تقديم الطلب إلى أن يصدر قرار بالموافقة على التجاوز عن المخالفات أو رفض التجاوز وفى حالة صدور قرار بالرفض يتعين عرض الأمر على المحافظ أو رئيس الهيئة المختص لاتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة». أما المادة الرابعة فهى كالتالى «تعفى الوزارات والمصالح الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة من أداء ثمة مقابل» وتنص المادة الخامسة على أن «يصدر الوزير المختص بالإسكان اللائحة التنفيذية لهذا القانون خلال شهر من تاريخ العمل به» وأخير المادة السادسة «ينشر هذا القرار بقانون فى الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتبارا من اليوم التالى لتاريخ نشره ولمدة عام». القانون هو الحل وحول آراء القانونيين والمختصين فى القانون ،ترى المهندسة نفيسة هاشم رئيس قطاع الإسكان بوزارة الإسكان أن القانون سيتعامل بحزم مع بعض مخالفات البناء، التى زادت خلال السنوات الثلاث الماضية، وذلك لمدة عام واحد فقط، يتم خلاله استقبال الجهات المعنية لطلبات المخالفين لتقنين أوضاعهم. وأوضحت أن التجاوز عن إزالة أو تصحيح المخالفات المشار إليها بالقانون سيكون مقابل غرامة تعادل «ضعفين» قيمة الأعمال المخالفة، على أن تؤول حصيلة التجاوز عن الإزالة أو التصحيح بنسبة 60% لصالح الخزانة العامة للدولة و35% لصالح صندوق الإسكان الاجتماعى بوزارة الإسكان، وتخصص للصرف منها على أغراضه و5% لصالح الوحدة المحلية أو الهيئة المختصة. وأضافت: تختص هذه اللجنة بالموافقة على التجاوز عن إزالة أو تصحيح المخالفات إذا ما ثبت لها السلامة الإنشائية للمبنى فى ضوء معاينتها للأعمال موضوع المخالفة والمستندات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون وفى جميع الأحوال، لن يقبل التصالح أو التجاوز عن المخالفات التى تشكل خطرا على الأرواح أو الممتلكات أو تتضمن خروجا عن خطوط التنظيم المعتمدة أو الردود أو تتجاوز قيود الارتفاعات المقررة قانونا أو المتعلقة بالبناء على الأراضى الخاضعة لقانون حماية الآثار أو الأعمال المخالفة لتوفير الأماكن التى تخصص لإيواء السيارات. ويرى الدكتور محمد على القمحاوى أستاذ القانون العام بجامعة القاهرة أن الحكومة الحالية تعمل على مواجهة الأزمات الداخلية بشكل عقلانى وعلمى فى نفس الوقت، فخلال السنوات الأخيرة وتحديدا بعد ثورة 25 يناير وحتى الآن أصبح حجم مخالفات البناء كبيرا جدا سواء فى المحافظات أو المدن العمرانية الجديدة مشيرا إلى أن هذه المخالفات أهدرت مساحات شاسعة من الأراضى الزراعية إضافة إلى مخالفات البناء فى المدن الجديدة وهو ما يضر بخطط الحكومة فى هذه المدن، لافتا إلى زيادة حدة الأزمات بصورة غير مسبوقة فى أعقاب ثورة يناير، لذلك فإن الحكومة برئاسة المهندس إبراهيم محلب وضعت فى الحسبان أن التعامل مع المخالفات بالإزالة ستشكل خسارة على الأفراد والحكومة على حد سواء، خاصة وأن الأراضى الزراعية التى تم التعدى عليها لا يمكن زراعتها مرة أخرى، وكذلك الحال بالنسبة لإزالة التعديات فى المدن الجديدة لن تستفيد منها الحكومة شيئا لذلك، فإن قانون التصالح سوف يتم عن طريق سداد غرامات يتم بمقتضاها توفيق أوضاع المخالفين وبذلك تستفيد الحكومة من حصيلة الغرامات للإنفاق على المشاريع القومية التى تعمل جاهدة على الانتهاء منها، مؤكدا على أن الغرامات ستكون رادعا قويا حتى لا تتكرر تلك المخالفات. أما الدكتور أحمد محمد عبد الرحمن أستاذ الإنشاءات الهندسية بمركز بحوث الإسكان فيرى أن مخالفات البناء لها جانبان أولهما مخالفات زراعية وهى لا تتعلق بعيوب هندسية أو مخالفات تتسبب فى خطر على سلامة المبنى وأرواح ساكنيه، ومخالفات أخرى تتعلق بأدوار مخالفة أو عيوب فنية وهندسية فى المبنى نفسه، لذلك فإن مشروع القانون يتضمن جزئية مهمة وهى عدم السماح بالتجاوز عن المخالفات التى تشكل خطرا على الأرواح والممتلكات،أو تتضمن خروجا على خطوط التنظيم أو تجاوزا للارتفاعات المقررة قانونا، ويؤكد إبراهيم صالح وكيل أول وزارة التخطيط أن مشروع القانون الجديد الأنسب لمواجهة نتاج أكثر من ثلاث سنوات من الفوضى واستغلال الغياب الأمنى والدور الرقابى لأجهزة الدولة مشيرا إلى أن أكثر ما يميز هذا القانون الغرامة الرادعة وبهذا رفعت الدولة شعار «نفع واستنفع ولكن بما لا يمثل خطرا فضلا عن أن الأموال التى سيتم تحصيلها ستساهم فى عمليات التطوير الحضارى والمشروعات الكبرى.