تطور الأوضاع الأمنية فى ليبيا وتدهورها أثار تساؤلات عديدة حول موقف الناتو والاتحاد الأوروبى مما يحدث فى ليبيا وهل يعد خروج الجاليات العربية والأوروبية من ليبيا مؤشرًا لانفجار الصراع هناك؟ وماذا عن الخيارات المتاحة والبديلة عن الخيار العسكرى لحل الأزمة؟ وما مدى صحة ما تردد حول تدخل الجيش المصرى عسكريا فى ليبيا؟ تساؤلات عديدة يجيب عنها عدد من كبار الدبلوماسيين والمحللين السياسيين فى السطور التالية. فى البداية أكد السفير بدر عبد العاطى – المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية – إن الخارجية المصرية تتابع تطورات الأوضاع فى ليبيا وتداعياتها وتقدم كافة التسهيلات اللازمة للراغبين من المصريين فى العودة إلى أرض الوطن لافتا إلى أن الوزير سامح شكرى وزير الخارجية توجه بنفسه إلى مطار جربا الدولى ليتابع كافة التسهيلات لعودة المصريين من ليبيا وبالفعل عاد برفقة أكثر من 300 من المواطنين المصريين الذين عبروا منطقة الحدود الليبية التونسية على متن رحلة خاصة لشركة مصر للطيران، وذلك فى ختام جولة مكوكية لتونس زار خلالها منفذ رأس جدير من الجانب التونسى ومطار جربا الدولى للوقوف على انتظام الرحلات الجوية التى تسيرها شركة مصر للطيران لنقل المواطنين المصريين من منطقة الحدود بين ليبيا وتونس. وأشار عبد العاطى إلى أن وزير الخارجية كان حريصًا على مراجعة برنامج الرحلات الجوية الإضافية التى يتم تيسيرها من جانب شركة مصر للطيران ومتابعة انتظام حركة هذه الرحلات, فضلا عن اتفاقه مع وزير الطيران المدنى على تسيير 9 رحلات لشركة مصر للطيران من مطارى جربا وقابس مما يتيح نقل حوالى 2300 من المواطنين الموجودين فى منطقة الحدود يومى الثلاثاء والأربعاء الماضيين بما أسهم فى سرعة عودة المواطنين من منطقة الحدود وتقليص فترات الانتظار. من جهة أخرى، أكد المتحدث الرسمى أن مصر تدعم الحل السياسى للأزمة الليبية ولن تتدخل فى الشأن الداخلى لأى دولة نافيا ما تردد حول وجود نوايا بالتدخل العسكرى للجيش المصرى فى ليبيا بزعم الحفاظ على الأمن القومى المصرى وذلك بالتعاون مع الجزائر عسكريا لمواجهة الجماعات المسلحة فى ليبيا. مستنكرا ما تقوم به بعض وسائل الإعلام التى تثير معلومات مغلوطة وغير صحيحة الامر الذى يؤدى إلى إحداث بلبلة فى الرأى العام المصرى. وفيما يتعلق بتحركات دول الجوار لمحاولة التوصل إلى حل الأزمة الليبية اجتمعت اللجنة الأمنية لدول جوار ليبيا المكلفة بمتابعة المسائل الأمنية والعسكرية فى العاصمة الجزائرية لبحث التطورات الأمنية التى تشهدها ليبيا. وذلك بحضور ستة ممثلين عن دول الجوار الليبي، وهى تونسوالجزائر ومصر ومالى والنيجر وتشاد بهدف مساعدة ليبيا للخروج من الفوضى. وأسفر الاجتماع عن الاتفاق على ضرورة وضع حد للتنظيمات الإرهابية التى تهدد الأمن القومى للمنطقة العربية وخاصة تنظيم داعش، ومنعها من التوغل على الحدود الدولية نظرا لتفاقم انتشار واسع للسلاح نتيجة لغياب سلطة مركزية كفيلة بفرض سيطرتها على كامل ليبيا. تداعيات الانفلات ومن جانبه طالب السفير محمد فايز جبريل، السفير الليبى بالقاهرة، المجتمع الدولى بضرورة تحمل مسئولياته إزاء احتواء الأزمة الليبية والتوصل إلى الحل الأنسب لمواجهة العناصر الإرهابية المسلحة التى تهدد الأمن والاستقرار سواء فى ليبيا أو فى المنطقة العربية. وقال «إننا لا نستطيع أن ننكر أن هناك أزمة أمنية فى ليبيا نظرا لوجود الميليشيات المسلحة, ولكن هناك بعض وسائل الإعلام تضخم من حجم الأزمة الليبية وتروع أبناء الجالية المصرية فى ليبيا. مؤكدًا أن الجاليات الأجنبية فى ليبيا يعيشون فى أمان. التقاعس الأوروبى ومن جهته أكد د.رخا أحمد حسن – مساعد وزير الخارجية الأسبق- أن الاتحاد الأوروبى لن يلعب دورا جوهريا فى الأزمة الليبية ويكتفى بإدانة العنف والصراعات التى تتعرض لها ليبيا خاصة فى العاصمة طرابلس وبنغازى. لافتا إلى أن الاتحاد الأوروبى يبرر رفضه للخيار العسكرى لأنه يحتاج إلى رفع نفقات الدفاع وتطوير أداء قواتهم المسلحة فى الاستجابة للأزمات التى تمثل اختبارًا للتحالف ولذلك فإنهم يرفضون الحل العسكرى للأزمة فى ليبيا, معتبرين أن الحل الأمثل هو إيجاد السبل الدبلوماسية والسياسية لإنهاء الأزمة ودعم الجهود التى يبذلها البرلمان الليبى المنتخب لبناء دولة ديمقراطية ليبية حديثة. من جهة أخرى أكد د.شكرى العبيدى –المحلل السياسى الليبى- أن كل الخيارات المطروحة على الساحة السياسية فى ليبيا تصب ضد مصلحة مستقبل الشعب الليبى حيث أن الخيار الأول يتمثل فى استمرار الوضع الحالى المتدهور أمنيا, والخيار الثانى هو التدخل الدولى العسكرى ونتيجة الخيارين مزيد من العنف والقتل وانهيار الوضع الأمنى والسياسى والاقتصادى. ويرى العبيدى أن الحكومات الليبية المتلاحقة فشلت فى الوصول إلى توافق وطنى واستعادة هيبة الدولة ومؤسساتها والأمن والاستقرار وسمحت بعبث الميليشيات المسلحة التى تعمل وفق أجندات خارجية تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار فى البلد.