فشلت محاولات إخماد الحرائق الليبية بمختلف أنواعها سواء كانت نفطية أو سياسية، بعد أن أصبحت ليبيا داخل دوائر متداخلة من الصراع. الميليشيات تحاول السيطرة على مفاصل الدولة وتتنازع الأرض والنفوذ، وتزامن ذلك مع التدهور الأمنى المتسارع، بعد أن اتسعت دائرة الحرب المندلعة بين الميلشيات العسكرية فى طرابلس وبنغازي، فقد سقط المعسكر الرئيسى للقوات الخاصة والصاعقة أهم قاعدة عسكرية فى بنغازى فى أيدى المسلحين الذين ينتمون ل«مجلس شورى ثوار بنغازى» وهو ائتلاف لميليشيات إسلامية وجهادية، بينما أعلنت «جماعة أنصار الشريعة فى ليبيا» بنغازى إمارة إسلامية، وعلى أرض الواقع انقطعت الكهرباء وقل الوقود ونهبت العديد من البنوك على أيدى جماعات مسلحة بصواريخ مضادة للدبابات نسفت الخزائن وسرقت ملايين الدينارات، كما نهبت إحدى المليشيات مخازن الأدوية وأصبحت المستشفيات بلا أدوية، وانتشرت عمليات الاختطاف والتعذيب على يد أفراد المليشيات. الفوضى اليوم تعم أرجاء ليبيا، ولم تتمكن الحكومة من فرض سيطرتها على مسلحى الميليشيات الذين ينتشرون فى أنحاء البلاد، ميليشيات مكونة من سجناء سابقين، وأخرى من أتباع النظام السابق، وأخرى تنتمى لتنظيم «القاعدة» وحلفائه. وبعد إعلان جماعة «أنصار الشريعة» انضمامها إلى تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش» ومبايعة الجماعة للتنظيم، والقسم بالولاء والطاعة لأبوبكر البغدادى أمير التنظيم. تحاول الميليشيات التابعة للإخوان المسلمين استعادة سيطرتها بعد فشل الجماعة فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ويخشى حزب «العدالة والبناء» الجناح السياسى لإخوان ليبيا من فقدان السيطرة على البرلمان. حالة الفوضى التى تمر بها ليبيا كشفت عن الوجه المستتر للإرهاب، بتبعية ميليشيات لتنظيم القاعدة أو داعش، ولاشك أن حالة الفوضى وغياب سلطة الدولة مع انتشار السلاح والمال تقدم بيئة حاضنة مناسبة لنشوء تنظيمات إرهابية، ومناخ مناسب لرعاية مثل هذة التنظيمات الإرهابية. لقد أجلت الدول الغربية رعاياها وأغلقت سفاراتها، فهل تخلى الغرب عن ليبيا وعن نفط ليبيا بعد أن ساهم فى إسقاط القذافي، وتركها نهبا للمليشيات والتنظيمات الإرهابية، أم أن هناك ترتيبات يتم الإعداد لها من أجل تدخل دولى فى ليبيا، هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.