فى الأيام الأخيرة قبل انتهاء شهر رمضان وحلول عيد الفطر يبدأ سيناريو تعذيب المواطنين الراغبين فى حجز تذكرة سفر بالقطار من القاهرة إلى الصعيد وبعض محافظات بحرى.. مشاهد الأزمة تبدأ من استغلال حاجة المواطنين فى قضاء إجازة العيد مع ذويهم وأغلب الضحايا من أبناء الصعيد الجوانى ، والشعار المرفوع فى هذه الأزمة أن المضطر يركب الصعب أما موضوع الأزمة الحقيقى فهو سكك حديد مصر قبلة المسافرين، وهذه الأزمة المعتادة والمتكررة منذ سنوات فشلت معها كل طرق الحل والرقابة القانونية، لأن قانون الرقابة لا توجد فى بنوده مادة لمعدومى الضمير والاستغلاليين، والنصف الثانى من شهر رمضان وهو موعد إعلان هيئة سكك حديد مصر عن طرح تذاكر السفر للجمهور وبعد أقل من أسبوع تعلن منافذ البيع بمحطة مصر عن نفاد تذاكر السفر ولا توجد حجوزات سوى فى الساعات الأولى من اليوم الأول لعيد الفطر، وهو اليوم الذى لا يقبل المواطنون على السفر فيه ومع هذا الإعلان الرسمى سرعان ما تبدأ الأسواق السوداء لبيع تذاكر السفر قتح أبوابها للمضطرين ولمن منعتهم ظروفهم من شراء التذاكر من منافذه الرسمية، والسؤال الذى يطرح نفسه لماذا توجد تذاكر السفر فى الأسواق السوداء ولا توجد فى منافذها الرسمية؟ البداية أمام منافذ بيع التذاكر فعيون راغبى السفر لا تنظر إلى بائع التذاكر وبقدر ما تنظر وتدقق للبحث عن سماسرة هذه البضاعة التى أصبحت فى هذه اللحظات نادرة فهم غالبا ما ينتشرون فى صالة الحجز لاصطياد الزبائن للتربيط معهم فقط وتعريفهم بأماكنهم فى حال فشلهم فى الحصول على تذكرة وأغلب هؤلاء السماسرة من العاملين فى اللوكاندات المجاورة لمحطة مصر والمنتشرة فى شارع كلوت بك برمسيس وأصحاب الأكشاك وعمال المقاهى والمطاعم يعاونهم فى ذلك عمال من داخل المحطة وموظفون مقابل حصولهم على نسبة يتم تحصيلها فور حصولهم على الكميات المطلوبة ويوجد من يعمل مباشرة لحساب نفسه مباشرة مستغلا وظيفته فى الحصول على عدد التذاكر التى تحقق له ربحا ينتظره من العيد للعيد وهو بالنسبة لهم موسم ويطلق البعض عليها اسم سبوبة العيد، أما عن أسعار التذاكر فى هذا السوق فهى متفاوتة تختلف حسب يوم السفر بمعنى أن تذاكر سفر أسبوع ما قبل العيد تباع بفارق 25 جنيهًا للتذكرة بما يعادل نصف تذكرة الدرجة الثانية مكيفة لآخر محافظات الوجة القبلى والتى تصرف من منافذ الحجز الرسمية ب 55 جنيه للتذكرة الواحدة ولا يختلف فارق سعر السوق السوداء عن محافظة والأخرى فهامش الربح موحد ويزداد هامش ربح السوق السوداء فى أسبوع العيد وتحديدا فى الثلاثة أيام التى تسبق يوم العيد مباشرة لتصل لأعلى معدلاتها وأحيان يفوق سعرها الأصلى حيث يصل سعر التذكرة الواحدة 150 جنيهًا وهذه الأيام غالبا ما يقبل عليها الموظفون حتى يتسنى لهم قضاء إجازة العيد كاملة وأحيانا ما تساهم هيئة سكك حديد مصر فى رفع أسعار تذاكر السفر فى السوق السوداء بتخصيصها قطارات تطلق عليها اسم العلاوة وأسعارها موحدة ويصل سعر التذكرة فيها من منفذها الرسمى 110 جنيهات. ومن خلال محاولتنا لمعرفة مزيد من أسرار هذا السوق تبين أن سماسرة تذاكر السفر يستخدمون حيلا شيطانية للحصول على أكبر كمية بعيدا عن وسطاء المناصفة وهم من يمكنهم من الحصول على الكمية المطلوبة من داخل المحطة مقابل حصولهم على نسبة أحيانا تصل لنصف ما يتربحه تاجر السوق السوداء وذلك بقيامهم باستغلال أولادهم والعاملين معهم فى اللوكاندات والمقاهى والمطاعم والأكشاك فى شراء تذاكر السفر بشكل رسمى بعد تحديد مواعيدها ومحطات الوصول حسب حاجة السوق لذلك وتعد محافظتا أسوان وقنا من أكثر المحافظات التى يضطر مواطنيها للحصول على تذاكر السفر من السوق السوداء لبعد المسافة ولأن غالبا ما يكون سفرهم عائليًّا وهو ما لا تنفع معه أى وسيلة سفر أخرى. معاناة أخرى ولم تقتصر ما يصفه البعض بمهزلة تذاكر السفر على محطة مصر فقط ، فنفس المعاناة بل وأكثر يعانى منها المسافر أثناء العودة، حيث تخصص لكل محافظة حصة من التذاكر لحجزها لأبناء المحافظة، فإذا نفذت لا يتبق لهم سوى قطع تذكرة كاملة تغطى رحلة القطار بأكمله، وبالطبع تكون مكلفة للغاية، فعلا سبيل المثال إذا أراد المسافر حجز تذكرة لمحافظة سوهاج فإذا لم تتوفر التذكرة يضطر حينها لقطع تذكرة كاملة من القاهرة حتى أسوان.المثير فى الأمر أن طريقة توزيع التذاكر بالمحافظات تتوقف حسب حجم محطة القطار وعدد المسافرين، فأحيانا يتم تخصيص 130 تذكرة لمحافظة أسوان فى قطارات الدرجة الثانية، ويتم تحويل التذاكر المتبقية إلى المركز الذى يليها مباشرة وفقاً لخاصية تدرج الحاسب الآلى للمحطات التالية لقيام القطار، فمركز كوم امبو مخصص له 40 تذكرة لقطارات الدرجة الثانية، إذا تبقى منه تذاكر لم تحجز تحول مباشرة إلى المركز الذى يليه. وفى الأعياد تضطر الهيئة للدفع بأعداد أكبر للقطارات لاستيعاب عدد أكبر من المسافرين. الكارثة الأكبر أن محاولات المسافرين للحصول على تذاكر سفر من منافذ بيعها الرسمية بمحطات السفر دائما ما تتحول إلى اشتباك لفظى سرعان ما يتطور ليصل إلى اشتباك بالأيدى يحدث ذلك فى نهار رمضان، فضلا عن تعالى الهتافات بين ركاب الوجه القبلى وموظفى حجز التذاكر بمحطة مصر بسبب الزحام ودائما ما ينتهى ذلك باتهام موظفى الحجز بالتواطؤ مع تجار السوق السوداء وتعمد التباطؤ فى حجز التذاكر لإجبار الحاجزين على ترك المحطة. وبما أن مصائب القوم عند بعض القوم فوائد يقوم سائقو الميكروباص من ضعاف النفوس فى موقف المنيب ورمسيس باستغلال الأزمة برفع قيمة تعريفة الركوب لما يزيد على 20% لكل محافظات الوجه القبلى. المواجهة ومن جانبها أعلنت هيئة السكك الحديدية عن عدة إجراءات لمواجهة المتاجرة بتذاكر السفر منها الإعلان عن مواعيد محددة لحجز تذاكر السفر خلال أيام العيد وحددت ضرورة الحجز قبل الموعد المراد السفر فيه ب15 يومًا إلى جانب دفعها بعربات إضافية بالقطارات المنطلقة يوميا والدفع بقطار كامل إضافى لمواجهة ضغط المواطنين خلال آخر أيام الشهر الكريم. وعدم السماح لأى مواطن حجز أكثر من تذكرتين وفى حال رغبته حجز أكثر من ذلك بحد أقصى 5 تذاكر يتم تسجيل بيانات بطاقة الرقم القومى الخاصة به لضمان عدم تداولها فى السوق السوداء. عناصر سرية ومن جانبه أكد المحاسب أحمد أبو سليم رئيس الإدارة المركزية للشئون التجارية بالهيئة القومية لسكك حديد مصر أنه قد تمت زيارة عدد رحلات القطارات على الوجهين البحرى والقبلى بما يزيد على 20 قطارا خلال الثلث الأخير من شهر رمضان وحتى أغسطس القادم، وذلك لتلبية احتياجات الركاب خاصة على خط الوجة القبلى للقضاء على ظاهرة بيع التذاكر فى السوق السوداء خلال هذه الفترة والتى تلقى رواجًا كبيرًا بين أصحاب لوكاندات بئر السلم التى يلجأ إليها أبناء الصعيد مشيرًا إلى أن زيادة عدد رحلات القطارات سيؤدى أيضًا إلى منع الزحام فى صالات حجز التذاكر من خلال استخدام نظام الحاسب الآلى ثم توزيع حجز القطارات على المحطات المركزية الرئيسية. وأضاف أبو سليم أن زيادة عدد رحلات القطارات خلال هذه الفترة هدفه أيضًا القضاء على ظاهرة مافيًا الميكروباصات والأتوبيسات السياحية التى تنتشر حول محطة مصر والتى قامت برفع أسعار مع زيادة أسعار الوقود مؤكدا أن هذا القرار قضى تمامًا على خطة أصحاب هذه المركبات التى كانت تهدف إلى استغلال هذه المناسبة فى تنفيض جيوب الغلابة. جهود مكثفة ومن جانبه أشار اللواء يسرى خليفة مدير الإدارة العامة للمباحث الجنائية بشرطة النقل والمواصلات إلى العديد من الإجراءات التى اتخذتها الإدارة للاستعداد لهذه المناسب ومنها تكثيف الجهود الأمنية بجميع خطوط السكك الحديدية ومحطات مترو الأنقاق بخطوطه الثلاثة لتأمين رحلات الركاب أثناء سفرهم كما تم تخصيص غرفة عمليات تتلقى كافة شكاوى المواطنين وتكثيف الجهود الأمنية من العناصر النسائية كمنع أفعال التحرش البدنى واللفظى داخل المحطات. وفيما يتعلق بتأمين قطارات ومحطات السكك الحديدية أكد أن الإدارة قامت بتزويد المحطات المركزية بأجهزة الكشف عن المتفجرات وتزويدها بالكلاب البوليسية وكافة أجهزة التفتيش عالية الدقة وسيتم تزويد عناصر الشرطة فى المحطات المركزية لمنع الزحام والقضاء على الظاهرة الموسمية التى تعرف باسم 11 بيزنس التذاكر أو السوق السوداء لمافيا تجارة التذاكر كما تم نشر عناصر من الشرطة السرية بكثافة لمنع تجار السوق السوداء من النصب على المسافرين فيها والمعروف عنها المتاجرة فى تذاكر السفر وهى اللوكاندات القاهرة والجيزة والإسكندرية مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات تكاد تكون قضت على هذه الظاهرة تمامًا أو الحد منها.