عقب إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى أنه لن يتقاضى سوى نصف راتبه وسيتنازل عن نصف ممتلكاته لمصر تفاعل معه عدد من المستثمرين ورجال الأعمال والمحافظين والعديد من رجال الدولة (صحفيين وإعلاميين وفنانيين ومواطنين وحرفيين) وانطلقت معها مبادرة (صندوق تحيا مصر) لتلقى تبرعات دعم الاقتصاد .. وفى هذا السياق بحثت «أكتوبر» عن مصير المبادرات السابقة منذ ثورة 25 يناير وحتى بعد ثورة 30 يونيو مرورا بصندوق دعم مصر على حساب «306306» وصولا لصندوق تحيا مصر .. والغريب أننا اكتشفنا أن غالبية هذه الحسابات والمبادرات السابقة لم تلق الدعم الكافى من قبل المواطنين وإن كان صندوق «306306» يعتبر الأكثر انتشارا وحصيلة نظرا إلى دعم العديد من رجال الأعمال، حيث بلغت آخر حصيلة أعلن عنها فاروق العقدة، رئيس مجلس إدارة صندوق دعم مصر 827 مليونا. فى البداية يقول د. هانى سرى الدين رئيس سوق هيئة المال الأسبق وعضو مجلس إدارة صندوق دعم مصر «306306» أن مصر تمر بأزمة اقتصادية، وتحتاج من الجميع مساندتها فى محنتها ومبادرة الرئيس السيسى خطوة جيدة وفعالة لمساندة الاقتصاد وقد تلاقى دعم وترحيب أكبر من صندوق «306306» لأن القائم عليها هو الرئيس السيسى الذى يتمتع بالتأييد الشعبى لافتاً إلى أن تلك الخطوة من شأنها أن تؤدى لاصطفاف رجال الأعمال المصريين والوطنيين من أجل المساهمة فى دعم اقتصاد بلدهم مضيفا أنة يجب تفادى ما وقع فية صندوق «306306» فنحن نحتاج لاستثمارات تقدر ب 100 مليار دولار خلال 4 سنوات لزيادة معدلات النمو إلى 8% وأننا نفتقر لوجود خطة قومية ورؤية تربط الجهود المجتمعية مع خطط الحكومة موضحا أن المرحلة القادمة فى منتهى الدقة والخطورة وفى حاجة لتكاتف الجميع الرئيس والحكومة والشعب للنهوض بالبلد وأن البرلمان القادم سيكون عليه دور كبير ولفت سرى الدين إلى أن نسبة الفقر وصلت إلى 40% و26% من المواطنين يعيشون بأقل من 300 جنيه شهريا وأشار إلى أن صندوق دعم مصر قد ساهم فى تنمية 10 قرى بالصعيد كمرحلة أولى. ثقة المواطنين بينما كشف الخبير الاقتصادى عبد الخالق فاروق عن أن جملة الحسابات المصرفية التى أنشأتها وزارة المالية بالبنك المركز لدعم الاقتصاد بعد ثورة 25 يناير لا تتعدى حصيلتها 400 مليون جنيه فيما عدا صندوق دعم مصر « 306306» نظرا إلى الدعم الموجه من رجال الأعمال فضلا عن مجلس إدارة الصندوق والمشكل من شخصيات عامة لها ثقلها فى المجتمع. وأوضح عبد الخالق أن ضعف الحصيلة يرجع إلى عدم شعور وثقة المواطنين فى الصناديق المتعددة التى تم إطلاقها وعدم وضوح رؤية عملية الإنفاق وإن كان الوضع يختلف فيما يتعلق بصندوق «306306» حيث إن حصيلة الصندوق تم اتخاذ قرار بتوجيهها إلى القرى الأكثر فقرًا وخاصة فى صعيد مصر فضلا عن توجيه جزء من تبرعات رجال الأعمال فى شكل عينى أى من خلال مشروعات تنموية لتشغيل العاطلين عن العمل وهذا فى حد ذاته اتجاه إيجابى ساعد على زيادة معدلات النمو والقضاء على البطالة. وعلى جانب اخر أطلقت وزارة المالية العديد من الحسابات لدعم الاقتصاد ففى فبراير 2011 تم فتح الحساب رقم (8/85175) بالبنك المركزى باسم الحكومة المصرية لتلقى مساهمات دعم الاقتصاد خاصة من المصريين العاملين بالسعودية ولم تلق المبادرة ترحيبا كبيرا من قبل المواطنين العاملين بالخارج أو حتى من رجال الأعمال العرب. ونتيجة لضعف الحصيلة التى جمعتها الحكومة من هذا الحساب أعلن الدكتور سمير رضوان وزير المالية انذاك وتحديدا فى مارس 2011 عن فتح حساب بالبنك المركزى برقم 25/1/2011 باسم حساب مساهمات دعم الاقتصاد المصرى لتلقى تبرعات ومساهمات المواطنين فى الداخل والخارج لدعم الاقتصاد فى مواجهة تداعيات الأحداث الراهنة وبلغت حصيلة هذا الصندوق نحو 16 مليون جنيه.. وعلق رضوان على تلك الحصيلة فى أحد المؤتمرات «بأنها حاجة تكسف» نظرا إلى ضعفها. صندوق العزة والكرامة وفى فبراير 2012 تم الإعلان عن تأسيس صندوق (العزة والكرامة) بمبادرة من الشيخ محمد حسان والأزهر الشريف لتكون بديلة عن المعونة الأمريكية وكانت تهدف إلى جمع تبرعات داخلية يتم الاعتماد عليها كبديل للمعونة الأمريكية بعد تزايد تهديدات واشنطن بقطع المعونة البالغة 1.3 مليار دولار للأغراض العسكرية و250 مليون دولار للأهداف الاقتصادية، وأيضا لم تلق ترحيبا من قبل المواطنين بل أنه يوجد العديد من المقالات والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعى بضرورة الإعلان عن مصير الأموال التى تم جمعها على هذا الحساب. وفى نوفمبر 2012 قررت الحكومة فتح حساب باسم حساب نهضة مصر برقم 333/333 ضمن حسابات الحكومة بالبنك المركزى تم تخصيصه لإيداع الأموال التى سيتم استرجاعها من الداخل والخارج وأيضا تلقى تبرعات المواطنين الذين يحرصون على دعم مصر ومساعدتها للخروج من الأزمة الراهنة. استرداد الدعم وبعدها أطلق الدكتور على لطفى رئيس الوزراء الأسبق فى فبراير 2013 مبادرة لحل مشكلة الدعم الذى وصلت فاتورته فى الموازنة العامة للدولة لنحو 140 مليار جنيه سنويا يذهب لثلث المجتمع المصرى من غير المستحقين لهذا الدعم مما يستوجب معه أن يقوم هؤلاء القادرون برد ما أخذوه من دعم للحكومة بنحو 1600 جنيه من كل شخص وهو ما يوفر 25 مليار جنيه سنويا وطالب وزارة المالية بإنشاء صندوق يسمى استرداد الدعم متوقعا أن يسهم جميع القادرين فيه لإنقاذ الاقتصاد وأن تظهر وطنيتهم فى هذا التوقيت الذى تمر به البلاد من أزمة اقتصادية صعبة لإثبات جدية مبادرته بكتابة شيك بمبلغ 1600 جنيه وهو قيمة الدعم الذى يحصل عليه كمواطن ونبه إلى أنه من القادرين ولا يستحق الدعم. وقد استجابت الحكومة فى تلك الفترة «حكم الإخوان» لمبادرة الدكتور على لطفى رئيس وزراء مصر الأسبق وقررت إنشاء صندوق لاسترداد الدعم مع فتح حساب خاص به لدى البنك المركزى لتلقى تبرعات القادرين من أفراد المجتمع بقيمة ما حصلوا عليه من دعم من موازنة الدولة، وقرر المرسى حجازى وزير المالية آنذاك أن يتم تنفيذ هذه المبادرة من خلال حساب الخزانة الموحد المفتوح لدى البنك المركزى تحت اسم حساب مساندة الاقتصاد الوطنى المصرى ورقمه 25/1/2011. وأخيرا جاءت مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى التى ربما تحرج بعض الأطراف ذات المقدرة المالية من رجال الأعمال وتشجعهم على الاصطفاف ودعم الاقتصاد المصرى بالاستثمارات والتبرعات فبداية حل أزمة الاقتصاد المصرى تبدأ من الرئيس السيسى وبدأ بنفسه، وغلب مصلحة الوطن على مصالحه الشخصية وعلى الجميع أن يتبعوه.