جاءت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى التى لم تتعد 19 دقيقة و 33 ثانية خلال الجلسة الافتتاحية للقمة الأفريقية الثالثة والعشرين فى مالابو عاصمة غينيا الاستوائية بمثابة تحديد لملامح المرحلة القادمة فى علاقة مصر بأفريقيا وهو ما أكده عندما قال إن شعب مصر رغم أنه قد تألم عندما توقفت ممارسة لأنشطتها فى الاتحاد الأفريقى ، إلا أن مصر لم تتوقف مطلقا عن انشغالها بهموم ومصالح قارتها الأفريقية ، فمصر لايمكن أن تنفصل عن وجودها وواقعها الأفريقى، قائلا أثق أن القادة الآفارقة باتوا يدركون أن 30 يونيو كانت ثورة شعبية مكتملة الأركان. وجاء تعهد الرئيس بأن تواصل مصر بذل أقصى الجهد بالتعاون مع الأشقاء الآفارقة للعمل على تسوية النزاعات .. ودعم كافة مجالات التنمية بما فيها إعادة الإعمار فى المناطق الأفريقية المتضررة من النزاعات بمثابة تحديد للمرحلة . معربا عن اعتزاز مصر بالدعم الأفريقى تجاه الشعب الفلسطينى للحصول على حقه المشروع فى دولة فلسطينية عاصمتها القدس. قال رئيس الجمهورية إن يد مصر الممدودة للتعاون مع أشقائها الأفارقة مؤكدا أنها ستقابلها أياد عازمة على تحقيق الوحدة والنهضة المشتركة، مضيفا أن العديد من الدول الأفريقية تكبدت العديد من آلام الاستعمار ولا سبيل لكسر الإرادة الانسانية. ويعد هذا تاكيدا على أن مصر خلال المرحلة القادمة سوف تكثف من نشاطها فى تنمية دول القارة الأم والتى غابت عنها مصر طويلا خلال الفترة الماضية. وكانت كلمة الرئيس بمثابة تاكيد على العلاقات التاريخية بين مصر ودول القارة خلال ثورات التحرر والنضال وقد ضجت القاعة التصفيق عندما قال إن ارتباط مصر بأفريقيا هو ارتباط جذور وهوية وعلاقات مستقبل ومصير وملحمة مشرفة من النضال المشترك دشنها الآباء المؤسسون عبد الناصر ونكروما وسيكوتورى وبنجيلا وهيلس لاسى .. وقائمة طويلة من القادة العظام وصولا لمانديلا فى سبيل تحرر شعوب القارة ورفعة شأنها بين الأمم واستنادا على رؤية طامحة لأفريقيا والعالم تقوم على قيم العدالة واحترام كرامة الانسان . مؤكدا أن ثورة الشعب المصرى فى الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو كانت من أجل أهداف تمثل تطلعات مشتركة لشعوبنا نحو التنمية والديمقراطية والعدالة والكرامة الانسانية وهى القيم التى عبر عنها دستور مصر الذى تم إقراره فى بداية العام الجارى. وجاء تاكيد الرئيس على ان مصر لم تغيب عن القارة ولن تتوقف يوما عن الانشغال بهموم وقضايا قارتها ، مصر التى ساهمت فى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963 ولم تبخل يوما بعقول أبنائها أو بقوة سواعدهم لبناء الكوادر والقدرات الأفريقية. وأضاف الرئيس إن ثورة 30 يونيو تضافرت فيها جهود جميع المصريين بحق لتجنيب البلاد حربا أهلية والحيلولة دون انجرافها نحو مصير المجهول انساقت اليه للاسف بعض دول المنطقة وتدفع شعوبها اليوم الثمن فادحا على مرأى ومسمع من الجميع وفى مقدمتهم دول القارة الأفريقية التى يجاور بعضها هذه الدول ويشارك شعوبها مأساته. وأكد الرئيس على أهمية دور الاتحاد الأفريقى فى ليبيا فيما يحقق تطلعات الشعب الليبى نحو الحرية والديمقراطية ويحافظ على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها . ثم تحدث الرئيس عن الثروات التى تمتلكها أفريقيا من ثروات طبيعية وأراض خصبة ووفرة فى المياة العذبة وثروات معدنية هائلة وحياة طبيعية ثرية، عقول مفكرة وخبرات علمية وعملية وقوى عاملة وموانىء بحرية وبرية، كلها مقومات لو اجتمعت فى أى إطار تعاونى لكانت كفيلة لانجاحه وتحويله إلى نموذج يحتذى به فى العمل والتعاون والتقدم. وقال على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على تاريخ التعاون الأفريقى متمثلا فى منظمة الوحدة الأفريقية ثم الاتحاد الأفريقى لم ننجح فى تحقيق ما تصبوا إليه آمال شعوبنا. فما زال شبح الجوع والمرض والأمية يخيم على حياة الشعوب الأفريقية وبدلا من الانخراط فى العمل الجاد والبناء تنخرط بعض دول القارة فى نزاعات دامية قبلية كانت أو حدودية تمزق أوصال دولنا ونفقد فيها خيرة أبنائنا بكل ما يمثلونه من آمال واعدة وطاقات منتجة. لقد آن الأوان أن نتغلب على كل هذه المعوقات نتخلص منها نهائيا ونضع نصب أعيننا سبل استغلال طاقاتنا وثرواتنا التى يتعين أن تكون من أبنائنا ولأبنائنا. وأضاف الرئيس إن نجاح دولنا فى تحقيق معدلات نمو تجاوزت اجمالا متوسط النمو العالمى خلال السنوات الأخيرة وبالرغم من الأزمات الاقتصادية والمالية لهو أبلغ دليل على ثراء مجتمعاتنا بالموارد الاقتصادية والبشرية وإنما فى ذات الوقت تشهد المبادلات الاقتصادية العالمية مع أفريقيا اختلالات لابد أن نعمل على اصلاحها فصادرات القارة من المواد الأولية بلغت عام 2012 قرابة 80 % من إجمالى صادراتها وهو أمر يتطلب تعزيز الجهود الوطنية والقارية لدعم وتطوير الصناعة ونقل وتوطين التكنولوجيا والاهتمام اللازم بالتعليم المهنى. وفى نفس السياق.. تمثل التنمية الزراعية والأمن الغذائى تحديات مهمة لطالما واجهت بلداننا ومن هنا فإن إختيار هذا الموضوع ليكون محور لقمتنا إنما يعبرعن وعينا بأهمية تعزيز الاستثمارات فى هذا القطاع الحيوى الذى يمثل مصدرا لنصف الدخل القومى فى أفريقيا ويستوعب أكثر من 70% من قوة العمل على مستوى القارة. وأضاف الرئيس إذ نتأمل خريطة النزاعات بقارتنا اليوم ندرك حجم التحديات الجسيمة التى نواجهها فى مجال السلم والأمن، الأمر الذى يملى علينا تكثيف جهودنا وحشد الامكانيات الذاتية لتفيعل مبدأ الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية. وتعهد الرئيس بمواصلة مصر بذل أقصى الجهد بالتعاون مع الأشقاء فى مختلف الدول الأفريقية للعمل على تسوية النزاعات التى طالت العديد من دول القارة وتسببت فى عرقلة برامج التنمية بها ونتج عنها مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين والضحايا . وأكد الرئيس السيسى أن مصر ستواصل جهودها لبناء القدرات الأفريقية فى مجالات الدبلوماسية الوقائية ومنع وإدارة وتسوية النزاعات وإعادة الاعمار والتنمية بما يحول دون إنزلاق الدول الخارجة من النزاعات إليها مجددا وتطوير الآليات الملائمة للتعامل مع كافة هذه المسائل فضلا عن تعزيز مساهمة مصر فى بعثات حفظ وبناء السلام فى مختلف ربوع القارة .. فضلا عما تقدم تواجه القارة الأفريقية خطرا متزايدا يتمثل فى التهديدات الأمنية العابرة للحدود وفى مقدمتها الإرهاب. وأكد الرئيس على إدانة مصر لكافة أشكال الإرهاب مشددا على أنه لامجال لتبريره أو التسامح معه .