لفت نظرى خبر صغير وغريب نشرته إحدى الصحف القومية اليومية عن إنشاء مجموعة من الطلاب موقع تحت اسم «عبيلوا واديلوا» لتسهيل تداول امتحانات الثانوية العامة بعد تسريبها حتى لا يضيع الوقت فى تصفح الإيميلات أو رسائل «الواتس آب» و«فايبر» حيث يتم على الموقع تداول الورقة الامتحانية للثانوية العامة بعد نص ساعة فقط من بداية الامتحان وعليها شعار «عبيلوا واديلوا»... تصوروا. هذا الخبر الصغير وإن كان يبدو للوهلة الأولى على أنه خبر عادى ويأتى على سبيل الفكاهة والضحك إلا أننى آراه أنه خبر غير عادى ويحمل رسائل ومعانى مخيفة ومقلقة للمستقبل بل ويدعو للحزن والبكاء على شبابنا.. وعلى انهيار الأخلاقيات والضمير لأنه يعنى أنه سيكون لدينا فى المستقبل جيل من اللصوص ومحترفى الاحتيال الذين اعتادوا على استخدام الحيل غير المشروعة فى الوصول لهدفهم وهو اجتياز الامتحان بدلًا من أن نعلمهم أن الأمانة والصدق وبذل الجهد والعرق والإخلاص فى العمل هو طريق النجاح.. أصبحنا نعلمهم أن الفهلوة والاحتيال والنصب والغش هو نوع من الشطارة.. «يا نهار أسود».. وماذا ننتظر؟.. فإننا ننتظر جيلًا من اللصوص والمحتالين والغشاشين.. والأيام بيننا.. والمصيبة الكبرى أن أولياء الأمور هم الذين يشجعون أبناءهم على الغش وسرقة الامتحانات وهذا هو مكمن الخطورة.. فالأب الذى يساعد ابنه على الغش أو سرقة الامتحانات كأنه يساعده على السرقة وعليه أن يعرف أنه يساعد ابنه على أن يكون مشروع لص مستقبلًا!!. إننى لا أنكر أن الجيل الحالى يتمتع بقدر كبير من الذكاء والحرفية فى التعامل مع النت والتكنولوجيا الحديثة ولكن كنت أفضل استغلالها فى أشياء مفيدة وليس فى تسريب الامتحانات. فقضية تسريب الامتحانات هى فوضى أخلاقية فى المقام الأول وتحتاج للمواجهة بتغليظ العقوبات ضد فاعليها دون رحمة حماية لمجتمعنا لأن التربية تأتى فى الدرجة الأولى قبل التعليم.. واستنادًا لقول الشاعر احمد شوقى «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا».. فأين ذهب الامتثال لحديث رسول الله ? «من غشنا فليس منا».. وأين الضمير.. فهذه الظاهرة دلالة على وجود خلل فى عملية التربية لدى الأبناء أرى أن المسئول عنها المدرسة التى تخلت عن دورها وأيضًا الأسرة التى تخلت هى الأخرى عن دورها التربوى وتركت أولادها تتربى على الأعمال الفنية الهابطة والقنوات الإباحية الموجودة على «النت» و«الموبايلات» فخرج جيل «عبده موته» و«حلاوة روح» و«صايع بحر» فانحطت الأخلاق وانتشر العنف والتحرش والرذيلة.