جاء الإسلام بالحث على العمل، والنشاط، وعدم الكسل، وهذا يعود على الأمة بالنفع والخير الكثير، ولكن هناك خلطًا عند بغض الناس بين التَوكُّل والتواكُل، فالتوكُّل إيمانٌ بالله عزَّ وجل وثِقةٌ بوعْده ونصْره، وإقبالٌ عليه واستمدادٌ منه واستعانةٌ به، وهذه صفة أصيلةٌ من صفات المؤمن المُوقِن، وأما التواكل فهو ترْك السعْي والعمل، وتضييع الفرصة وإهمال الواجب، وإذا شاعالتواكل بين الناس قد أُصيبوا بآفةٍ دونها الآفات، إذ تضيع التبعات، وتَنْبَهِم المسئوليَّات، فهذا يُلقي التبعة على ذاك، وذاك يَطرحها على ذلك. وكل منهم يريد أن يَأخذ بدون عَطاء، أو يتمتَّع بدون تعَب، وكل منهم ينتظر أن تبلُغُه آماله ورغَباته بِلا سعْي أو عمَل، ولذلك حارَب الإسلام التواكل حربًا لا هَوَادة فيها. وحث القرآن الكريم على العمل والسعْي، وتَحمُّل التبِعات وتقدير المسؤوليَّات، فقال: (وأنْ ليس للإنسان إلاَّ ما سعى* وأنَّ سعيَه سوف يُرى)، وقال:- (فإذا قُضِيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضْل الله ،واذكروا الله كثيرًا لعلَّكم تُفلحون)، ولقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يَترك ناقته بِلا رِباط، وقال للرسول: يا رسول الله، أَعقِلُها وأَتوكَّل، أمْ أُطلِقُها وأتوكَّل؟ فقال له: اعقلْها وتوكَّل. وهذا رمز من رسول الله صلى عليه و سلم إلى أن الإنسان يَلزَمه أن يتَّخِذ كل ما يُمكنُه من وَسائل عمَليَّة وأسبابٍ مادية للنجاح فيما يحاول، ولِبُلوغ ما يُريد، ثم يَقرِن هذا بالإيمان الصادق واليقين الجازم والثقة بتأييد الله جلَّ جلالُه، في الحديث النبوي: "لو أنكم تَتوكَّلون على الله حقَّ توكُّله، لَرَزَقكم كما يَرزُق الطير، تَغدُو خِماصًا، وتَروح بِطانًا".رزقنا الله التَوكُّل لا التواكُل