كان الغناء العربى فى أول القرن الماضى يعتمد على قوة العضلات فى صوت المطرب والتى تمكنه من أداء القفلات والقرب ولا يهم إذا كان المطرب شكله مقبولًا أم لا.. وكان معظمهم يغنون من الوضع جالسا، ولما اقتحم كبار المطربين السينما، اختارت أم كلثوم موضوعات تاريخية لأفلامها تناسب وقارها وجديتها. وطور عبد الوهاب من نفسه وأغانيه من الغناء داخل صندوق إلى الجلوس فوق عربة كارو، إلى الحركة الخفيفة إلى قيادة الأوركسترا فى «عاشق الروح»، ثم كانت المرحلة الاستعراضية فى السينما وقد أبهرت وأطربت وأمتعت العيون والآذان ومازالت أفلام ليلى مراد والطفلة فيروز ومنير مراد ومحمد فوزى وفريد الأطرش من المواد التى يلهث وراءها جمهور التليفزيون. وأحببنا الغناء العاطفى من عبد الحليم حافظ وشادية ونجاة وفريد الأطرش رغم أن معظم هذه الأغانى جاءت استاتيكية إنما جذبتها إليها حلاوة الصوت وصدق الإحساس والكاريزما الخاصة بالنجم مع جمال الكلمة والنغمة. وبرحيل نجم «الروك آند رول» الأمريكى إلفس بريسلى وظهور المغنى الراقص الأسود والأبيض فيما بعد - مايكل جاكسون، بدأت مرحلة جديدة فى الغناء العالمى ومنها إلى المحلى هى مرحلة الفيديو كليب والمطرب الراقص، وقد قلده شباب المغنيين العرب فى غنائه لكنهم تجاهلوا حركته المدروسة الجماعية أو الفردية وتصور بعض مطربينا أنه قادر على عمل الإبهار اللازم بالنيولوك والملابس المستغربة وربما عضلات الجسم - فالمطرب يغنى فإذا ما جاء الدور للزمة الموسيقية فإنه يستأذن للخروج من الكادر وينيب المخرج عنه من هو قادر على التعبير بالحركة. ونجم الفيديو كليب يجب أن يجيد الغناء والرقص والجرى والسباحة وركوب الخيل وغيرها وقليلون منهم من اهتموا بإعداد أنفسهم لذلك، بينما تفوق النجم الهندى أميتاب باتشان فى الاستعراضات فى السينمائية، ولفت كاظم الساهر الأنظار فى بداية ظهوره على مسارح القاهرة عندما شارك بعض الشباب العراقى فى رقصة جماعية مصاحبة لإحدى أغانيه وكذلك فعل فى قصيدته «قولى أحبك» وكان محمد العزبى يشارك تابلوهات فرقة رضا بالغناء والرقص الجماعى وتمسك بالحركة الجميلة أثناء غنائه فى حفلاته العامة أواخر أيامه. وشارك المطرب الباسم عمر فتحى بالغناء والرقص الجماعى فى تابلوهات فرقة رضا بعد أن أصبح مطربها عقب استقالة العزبى منها ويمكن اعتبار هذا المطرب ومضة فى تاريخ الغناء الاستعراضى المصرى، ونجما مؤسسا لفن الفيديو كليب العربى فأنت تسمعه وترى الحركة رشيقة ومدروسة والوجه باسم والغناء جميل. قرأ الفنان محمود يس خبرًا فى إحدى الصحف عن مطرب جديد رفض أن يشارك زملاء له فى تقديم أغنيات عابثة فى حفل أقامه أحد الأثرياء فى منزله مما أغضب الثرى ولم تكتمل السهرة وعرف محمود يس من كاتب الخبر أسماء المطربين الذين شاركوا والمطرب الذى رفض وهو عمر فتحى فاتصل به ليشكره على موقفه المحترم وتشجيعا له قرر أنه يسند إليه بطولة فيلم من إنتاج شركته بعنوان «رحلة الشقاء والحب» واشترى عمر بأجره عن الفيلم سيارة وتعرض لحادث أثناء قيادتها فتولى محمود علاجه على نفقة الشركة المنتجة للفيلم. استقال عمر فتحى من فرقة رضا بعد أن شارك فى تابلوهات منها «جرحونى عيونه يابا» وموشحات فؤاد عبد المجيد وغيرها وتفرغ لأغنيات الكاسيتات وحرص على أن تبدأ أسماؤها بحرف الجر «على» فجاء بأسماء «على قلبى» و «على سهوة» و «على فكرة» و «على إيه» و «على إيدك»و «على مهلك» وكان عمر قد أعجبته فكرة الدكتور حسن فهمى والد فريدة فهمى بطلة فرقة رضا وقد صدرت له عدة كتب تبدأ بكلمة «ياعينى». ولد عمر فتحى عام 1952 وأحب الغناء الهندى انضم إلى فرقة أنغام الشباب، رشحه الموسيقار أحمد صدقى ليخلف كارم محمود فى بطولة المسرحية الغنائية ألف ليلة وليلة، قدمه المخرج فتحى عبد الستار فى المسلسل الاستعراضى «سفينة العجائب» والمسلسل الغنائى «الليل والقمر» وشارك شريهان البطولة الغنائية لبعض فوازيرها الرمضانية وكان نجما لأفراح المصريين وللفيديو كليب فلم يكن يغنى واقفًا كالمسمار أو بحركة مملة لا جمال فيها كان ومضة فى الغناء الاستعراضى اختفت بوفاته عام 1986 وبقيت فى تاريخ الفن. أغانى الفيديو كليب فن تليفزيونى يجب أن يسمعه المشاهد وكأنه يرى وهى مهمة صعبة لنجوم الفيديو كليب لا يقدر عليها إلا الموهوب منهم والدارس لكل العناصر التى يحتاجها هذا الفن.