عقدت لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة ندوة بعنوان «الترجمة العلمية والمترجم العلمى» أدارها الدكتور شوقى جلال وتحدث بها كل من الدكتور محمد يونس الحملاوى الأستاذ بكلية الهندسة جامعة الأزهر والدكتور هشام المالكى أستاذ اللغة الصينية بكلية الألسن جامعة عين شمس. بداية أشاد الحملاوى إلى ما آلت إليه حال الترجمة من تدهور وانحدار مؤكدًا أن تدهور الترجمة أدى إلى تدهور التعليم والتقدم أيضًا فى جميع المجالات خاصة فى المجالات العلمية والتكنولوجية وجعل مصر لا تساير ركب الدول المتقدمة أوالتى تريد التقدم. وأضاف من المؤسف أن يرسل الفلاحون أبناءهم إلى المدن كخدم فى المنازل وهى نفس الفكرة التى يقوم عليها إرسال مترجمين ذوى خبرة شبابية جيدة فى الخارج فى حين أنهم قادرون على القيام بطفرة ثقافية فى مجال الترجمة فى مصر والبلاد والعربية أيضًا وتابع: أوضحت الدراسات أن التدهور الذى يعانى منه قطاع الترجمة يعانىمنه المجتمع ككل، حيث إن حوالى 19% من الشباب قبل ثورة 2011 يريدون الهجرة بشكل نهائى إلى الخارج أى مايقارب خمس شباب مصر، مما يعد شرخًا فى الهوية والانتماء.. الأمر الذى تطبق فى مجال الترجمة. وأعطى الحملاوى مثالاً على تدهور عملية الترجمة أو إقبال الشباب على تعلم لغة جديدة أنه أجريت دراسة علىطلاب كلية الطب فى أحد اختبارات المواد الطبية والذى بالطبع يكون باللغة الإنجليزية وكانت نتائج الدراسة أن 10% فقط من طلاب كلية الطب استطاعوا التعبير بشكل جيد و45% لم يفهوا المعلومات. وألقى الحملاوى الضوء على ما تم فى اللغة العربية من إجحاف وقال أن اتفاقية بيرن التى وقعت عليها مصر فى مارس 1977 تنص على أنه لاتجوز ترجمة أى كتاب للغة العربية إلا بعد مرور عشر سنوات. أما بالنسبة للكتب باللغة العربية فتجوز ترجمتها لأية لغة بعد سنة بدون دفع أى مبالغ كحقوق للملكية الفكرية خاصة الكتب الخاصة بأغراض التعليم والبحث العلمى. وتناول الحملاوى تحليل قوانين الملكية الفكرية وأولها مادة 148 من قانون رقم 82 لسنة 2002 التى تنص على أن "تنتهى حماية حق المؤلف وحقه من ترجمة مصنفة إلى لغة أجنبية أخرى فى ترجمة ذلك المصنف إلى اللغة العربية إذا لم يباشر المؤلف أو المترجم هذا الحق بنفسه أو بواسطة غيره فى مدى ثلاث سنوات من تاريخ أول نشر للمصنف الأصلى وهو ما وصفه الحملاوى بأنه مجحف". وأشار إلى أنه فى 2008 أصدر العرب حوالى 5910 كتب ترجم منها 1650 كتابا وأصدرت مصر وحدها عام 1998 حوالى 80 مليون كتاب منها 150 كتابًا فقط فى العلوم التطبيقية وهذا رقم ضئيل جدًا بالنسبة لما يمر به العالم من تطور تكنولوجى يعود فى المقام الأول لعملية الترجمة لأنها المرحلة الأولى لتطوير التعليم ومن ثم التطور التكنولوجى. وتساءل الحملاوى فى معرض حديثه أين دور المثقفين والنخبة؟ مشيرًا إلى اعتقاده بأنهم ليسوا ذوى دور فاعل فى هذا المجال. وأضاف: ورغم مايقوم به المركز القومى للترجمة فإن ترجماته تتجه بشكل أساسى إلى الأدب والقصة وهى ترجمات قد لاتساعد على النهضة التكنولوجية ولا تواكب التقدم العلمى الهائل الذى تمر به دول آسيا والغرب. ومن جهة أخرى نرى أن الصناعات اللغوية فى أوروبا تسير بشكل متقدم ومنظم جدًا حيث تقوم كل دولة بالحفاظ على لغتها القومية حفاظًا منهم على هوية الدولة. ورغم ذلك نجد أن دول الاتحاد الأوروبى على سبيل المثال رغم اختلاف لغتها وتوحدها فإن لديها وعيًا بأهمية الحفاظ على لغتهم القومية ولنا فى ذلك دليل أن جاك شيراك رئيس فرنسا الأسبق رفض حديث أحد الوزراء فى أحد المؤتمرات العالمية عندما تحدث باللغة الانجليزية فى حين نجد أننا كمجتمع عربى وأمة واحدة تتكلم بلغة واحده هى اللغة العربية إلا أننا لاتتوافر لدينا الرغبة والإرادة للحفاظ على وحدتنا من خلال اللغة وهى رابط قوى. والحديث مازال على لسان الحملاوى الذى قال إنه من المتوقع أنه فى سنة 2015 تصل قيمة ما سيترجم إلى 16.8 مليون يورو، ويؤكد الغرب أن الصناعة اللغوية لها قدرتها على التقدم الصناعى والعلمى والتكنولوجى. أما د. هشام المالكى أستاذ الترجمة واللغويات الماسونية قسم اللغة الصينية كلية الألسن جامعة عين شمس فقد تناول الخطة القومية للترجمة بين النظرية والتطبيق، مؤكدًا أن المشكلة الأساسية فى عملية الترجمة هى انعدام التوازن النسبى بين التخصصات العلمية فى الأعمال المترجمة إلى العربية، مضيفًا: هناك ندرة فى الأعمال المترجمة وانعدام كامل فى بعض الأفرع، وأشار المالكى إلى ضرورة وجود خطة قومية للترجمة خاصة أن جميع الدول تتنافس لتوطين العلوم وترجمتها للغة القومية لأنه بداية الإبداع العلمى ونشر الثقافة وأصبحت الترجمة صناعة والدليل على ذلك أن الصين حققت من سنة 2005إلى 2007 من 11إلى 30 مليار يوان صينى كما تمتلك الصين 100 ألف ترجمة فى كل التخصصات فى القانون والاقتصاد والنسيج والتكنولوجيا والطب والمقررات التعليمية وهوالسبب الأساسى فى نهضة الصين التعليمية. وأضاف: قدمت خطة قومية للترجمة للجهات المعينة تتلخص فى الاتجاه بكل قوة إلى ترجمة العلوم التطبيقية وتخصيص مشروعات التمويل للأعمال العلمية مثل ترجمة المؤلفات الجامعية وعلوم الطب والهندسة والفنون والعمارة على أن يهتم بكل محور لمدة خمس سنوات إلى جانب تدريب الكوادر وتصنيفهم فى عدة أفرع على رأسهم فريق من الذين درسوا فى الخارج ولديهم القدرة على الترجمة فى هذا المجال أو من المترجمين المحترفين والنوع الثالث وهو كل من يجيد لغة أجنبية وتوجيه كل منهم حسب ميوله لتخصص محدد.