قال الشعب المصرى كلمته الخالدة ووافق على الدستور الجديد وعلى التصدى للإرهاب وقد تناولنا فى مقالات سبعة سابقة من هذه السلسلة مساهماتنا ومجلة أكتوبر فى صياغة دستور 2013 وأوضحنا مدى مساهمة مجلة أكتوبر الغراء معنا فى إعادة صياغة النظام الدستورى المصرى بعد أن أخذت لجنة وضع الدستور بوجهة نظرنا المنشورة فى التعديلات الدستورية الجديدة فى دستور 2013 والتى سبق أن اقترحناها فى مقالات متعددة تم نشرها فى مجلة أكتوبر. وسوف نتناول فى المقال الماثل ما أخذ به المشرع الدستورى من وجهة نظرنا المنشورة فى مجلة أكتوبر والتى تضمنتها مقالاتنا المتعلقة بالعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية وضرورة مكافحة الإرهاب، وقد استجاب المشرع المصرى لما لاحظناه من خلو دستور 2012 من التزام الدولة بمكافحة الإرهاب فى ذلك الدستور وقد استجاب المشرع الدستورى بالنص على ضرورة تطبيق الاتفاقات الدولية فى المادة 93 من الدستور، كما استجاب لرؤيتنا بضرورة مكافحة الإرهاب فى دستور 2013 وذلك فى المادة 237 من الدستور والتى تنص على أنه: «تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمنى محدد باعتباره تهديداً للوطن وللمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة. وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه». وسوف نتعرض فيما يلى للالتزامات الدولية بمكافحة الإرهاب والتى تتضمنها الاتفاقيات العربية والدولية التى وقعت عليها غالبية دول العالم، وقد أكدت هذا الالتزام الدولى الصريح إعلان القمة العربية الخامسة والعشرون بالكويت ضرورة التضامن العربى والدولى لمكافحة الإرهاب والتطرّف الذى تتعرض له غالبية دول العالم، وقد سبق لمجلس الوزراء المصرى بتاريخ 25/12/2013 أن أصدر قرارًا باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وتطرق القرار إلى إخطار الدول العربية المنضمة لاتفاقية مكافحة الإرهاب لعام 1998 بهذا القرار، وقد استجاب مؤتمر القمة إلى هذا الطلب. ولا يقتصر الالتزام الدولى بمكافحة الإرهاب على الدول العربية، وإنما يمتد ليشمل جميع دول العالم التى وافقت على أكثر من اتفاقية دولية لمقاومة هذا الوباء. وقد تصدى التنظيم الدولى المعاصر لمكافحة الإرهاب لهذه الظاهرة وألزم الدول بمكافحة الإرهاب حيث توجد اتفاقيات دولية متعددة - ثنائية وإقليمية وجماعية - تتعلق بمكافحة الإرهاب والجرائم المرتبطة به، وقد تم إيداع غالبية تلك الاتفاقيات فى منظمة الأممالمتحدة حيث تتناول كل اتفاقية من تلك الاتفاقيات جانباً محدداً من جوانب الجهود الدولية الرامية إلى القضاء على الإرهاب، وسوف نتعرض لبيان أهم تلك الاتفاقيات الدولية فيما يلي: أولا: الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1998، وهى موقعة بين الدول العربية وفى إطار جامعة الدول العربية. ثانيا: الاتفاقية الدولية المتعلقة بسلامة موظفي الأممالمتحدة والأفراد المرتبطين بها ضد الهجمات الإرهابية. ثالثا: الاتفاقية الخاصة بالجرائم وبعض الأفعال الأخرى المرتكبة علي متن الطائرات، وقد دخلت حيز النفاذ وبلغ عدد الدول التي صدقت عليها أو انضمت إليها 156 دولة . رابعا: اتفاقية مكافحة الاستيلاء غير المشروع علي الطائرات، وقد دخلت حيز النفاذ, وبلغ عدد الدول التي صدقت عليها أو انضمت إليها 156 دولة. خامسا: الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب الموقعة فى نيويورك بتاريخ 10/1/2000، والتى صدقت عليها مصر حيث صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 426 لسنة 2004 بشأن الموافقة على هذه الاتفاقية والتى نشرت بالجريدة الرسمية المصرية العدد 20 فى 19/5/2005، وكان لمصر تحفظ على هذه الاتفاقية وصدر به إعلان تفسيرى هذا نصه «مع مراعاة مبادئ وقواعد القانون الدولى العام وقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة، لا تعتبر جمهورية مصر العربية أعمال المقاومة الوطنية بكافة صورها - بما فيها المقاومة ضد الاحتلال الأجنبى والعدوان من أجل التحرير وتقرير المصير - من الأعمال الإرهابية فى مفهوم الفقرة (ب) من المادة الثانية من هذه الاتفاقية». سادسا: الاتفاقية الدولية للقضاء على الإرهاب الموجه ضد السفارات وضد الدبلوماسيين وضد الأشخاص الدوليين الآخرين المشمولين بالحماية، وهذه الاتفاقية دخلت حيز النفاذ، وبلغ عدد الدول التى صدقت عليها أو انضمت إليها 91 دولة. سابعا: الاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن، وهذه الاتفاقية دخلت حيز النفاذ وبلغ عدد الدول التى صدقت عليها أو انضمت إليها 77 دولة. ثامنا: اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني، وقد دخلت حيز النفاذ، وبلغ عدد الدول التى صدقت عليها أو انضمت إليها 156 دولة. تاسعا: الاتفاقية المتعلقة بقمع أعمال العنف غير المشروعة فى المطارات التى تخدم الطيران المدنى الدولي، وقد دخلت حيز النفاذ، وبلغ عدد الدول التى صدقت عليها أو انضمت إليها 65 دولة. عاشرا: اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحرية، وقد دخلت حيز النفاذ وبلغ عدد الدول التى صدقت عليها أو انضمت إليها 33 دولة. حادى عشر: الاتفاقية المتعلقة بحماية منصات الحفر والبحث البحرية، وقد دخلت حيز النفاذ، وبلغ عدد الدول التى صدقت عليها أو انضمت إليها 31 دولة. ثانى عشر: الاتفاقية المتعلقة بالكشف عن المتفجرات البلاستيكية، وهى لم تدخل بعد حيز النفاذ وبلغ عدد الدول التى صدقت عليها أو انضمت إليها 23 دولة فى حين يحتاج دخولها حيز النفاذ إلى 35 تصديقا أو انضماما. ثالث عشر : اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، الموقعة فى 25/6/2001 والتى صدقت عليها مصر وصدر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 335 لسنة 2002 وهى تشترط ضرورة التزام الدول المشاركة فيها بالمعايير الأوروبية الخاصة بمكافحة الإرهاب طبقاً للمادة 59 منها. رابع عشر: أصدرت الهيئة الاستتشارية الخليجية توصيات متعددة تتضمن إحداها إنشاء مركز إقليمى لمكافحة الإرهاب حيث أصدرت الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي، والتى ترتبط مباشرة منذ إنشائها عام 1997 بقادة دول مجلس التعاون، وذلك أثناء لقاء الهيئة مع وزراء الخارجية الخليجيين يوم 7 - 9 - 2005 فى جدة، وقد صدر عنها 13 توصية، تتناول تنظيم المعالجة الأمنية لظاهرة الإرهاب فى العالم. خامس عشر: اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية: وقد دخلت حيز النفاذ وبلغ عدد الدول التى صدقت عليها أو انضمت إليها 55 دولة. ونحن ندعو المواطنين الشرفاء فى جميع دول العالم إلى مكافحة التطرّف والإرهاب، كما ندعو دول العالم الحر إلى التكاتف لتنفيذ الاتفاقيات الدولية ومكافحة جرائم الإرهاب والتطرّف التى تغزو دول العالم. وسوف نتناول فى مقالات لاحقة باقى مساهمات مجلة أكتوبر فى صياغة الدستور الجديد ومنها مطالبتنا بوضع نص دستورى ينظم العدالة الانتقالية طبقاً للمعايير الدولية والتى استجاب إليها دستور 2013.