تواجه وزارة الصحة خلال الفترة الحالية العديد من المشكلات.. المتمثلة فى إضراب الأطباء والصيادلة، وارتفاع عدد حالات الإصابة بالإنفلونزا الموسمية، وزيادة إصابات طلاب المدارس بالتسمم، وأخيرًا نقص الأدوية. «أكتوبر» فى سطور تحقيقها التالى تكشف أسباب نقص الأدوية، وأضرار هذا النقص والإجراءات التى اتخذتها وزارة الصحة لعلاج الأزمة. بداية نفت الوزارة من جانبها اختفاء بعض المستحضرات الدوائية من الصيدليات، مؤكدة أن هناك بالفعل نقصا طفيفا فى عدد قليل من المستحضرات، إلا أنه لا يتسبب فى أى أزمة حاليا. وأضافت أن النقص فى بعض المناطق والوحدات الصحية بسبب بطء الإجراءات الروتينية المطلوبة لتغطية هذا النقص، وهذا ما يتم تغييره حاليا، مؤكدا أنه لا توجد أى مشكلة فى مخزون الدواء فى مصر. كما أكدت الوزارة على أنه لا توجد أزمة فى مستحضر الأنسولين وأن حصة الصيدلية من الأنسولين المدعوم والمتوافر بأربعة أصناف أكثر من عشر عبوات شهريا، كما أكد على توافر ألبان الأطفال المدعومة فى السوق المصرى ومراكز رعاية الأمومة والطفولة أيضا وبشكل جيد. وناشدت وسائل الإعلام بتحرى الدقة والأمانة فى النشر حتى لا تكون أداة من أدوات الهدم وأدعو كل المصريين للتعاون معا فى تحريك عجلة الإنتاج والنهوض بالوطن. وقد أكد الدكتور سيف الله إمام عضو مجلس نقابة الصيادلة أن أزمة نقص الأدوية التى يمر بها سوق الدواء بشكل مستمر تمثل مشكلة كبيرة لوجود نقص فى أصناف من الأدوية الهامة لكثير من المرضى، مشيرا إلى أن نقص مجموعة من الأدوية ليس لها بدائل فى السوق المصرى، ما يتسبب فى معاناة لكثير من المرضى وتدهور الحالة الصحية لهم وقد يؤدى إستمرار هذا النقص فى وفاة بعضهم. وعن نقص الأدوية التى ليس لها بدائل بالسوق أكد أن هناك بعض الادوية المهمة والتى تعالج فئة كبيرة من المرضى غير موجودة بالسوق المصرى مثل مرضى جلطات المخ فى أول 4 أو 6 ساعات والذى يمنع حدوث شلل دائم وإعاقة أو وفاة المصاب وعلى الرغم من أنه يتم إنتاجه من خلال 3 شركات عالمية فلا يتم انتاجه أو استيراده فى مصر ما يؤدى لوفاة الكثير من مرضى الجلطات، بالإضافة إلى بعض الأدوية الحيوية مثل أدوية مرض السرطان والأزمات القلبية وأدوية لعلاج الضغط والسكر والروماتويد والأمراض الصدرية وأدوية الأطفال. وأكد على أن أزمة نقص الدواء متكررة وتظهر من وقت لآخر لكن النقص الموجود الآن فوق المعتاد وذلك لأن السوق يشمل على 4 آلاف صنف دواء ينقص منها الآن عشرات الأصناف، لافتا إلى وجود اختلاف حول عدد الأدوية غير المتوفرة بالسوق المصرى والتى قد يفوق عددها 753 صنفًا، بالاضافة إلى تزايد فترة النقص والأزمة مما يؤدى لنفاد المخزون الاستراتيجى بالصيدليات، لافتا إلى تكرار هذه الأزمة وهذا يعنى أن الأزمة لا يتم علاجها من جذورها أو التنبؤ بها لعلاجها وتفادى حدوثها أو تقليل الفترة الزمنية للأزمة وهذا يعنى وجود خلل فى الأنظمة المتبعة لعلاج مثل هذه الأزمات. وأكد إمام أن وزارة الصحة هى المسئولة دستوريا عن توفير العلاج للمرضى سواء كانت علاجية أو وقائية أو توفير الدواء بكل أنواعه وبالسعر المناسب، لافتا إلى أن هناك إدارة فى وزارة الصحة مختصة بمتابعة إنتاج الشركات للأدوية إلا أن هذه الإدارة روتينية مثل باقى الإدارات الحكومية لا يوجد لديها وسائل جيدة لمتابعة خطوط الإنتاج والاستيراد أو التوقع بهذه الأزمة قبل حدوثها أو وسائل حل وعلاج الأزمة بعد حدوثها فى فترة زمنية قصيرة. وأكد الدكتور عبد الله زين العابدين - أمين عام نقابة الصيادلة - أن السبب الأساسى فى أزمة نقص الأدوية المفتعلة الآن هو بعض الاختناقات فى إجراءات استيراد الأدوية الجاهزة وبعض المواد الخام بالإضافة إلى الأدوية الحديثة وإعادة تسجيل الأدوية، لافتا إلى أن الإجراءات التى تتخذها وزارة الصحة للرقابة على الأدوية معقدة وتحتاج إلى وقت طويل للحصول على تسجيلها بمصر، وأكد زين العابدين على ضرورة تغيير نظم التسجيل للأدوية بوزارة الصحة والسماح بتداول الأدوية بصورة قانونية بعد تسجيلها بدولة المنشأ لوجود نظم تسجيل بكل دول العالم تسمح بتداول الأصناف غير المسجلة وهذا أفضل من اللجوء للطرق غير الشرعية والتى تؤدى إلى تضخم وتزايد حجم الأدوية المهربة والمغشوشة أيضا. وعن أهم الأدوية المختفية من السوق المصرى. وأشار أمين عام الصيادلة إلى عقد اجتماع مع مساعد وزير الصحة لشئون الصيدلة للتشاور وبحث هذه المشكلة وكيفية حلها. وتم التحدث أيضا عن ضرورة وضع استيراتيجية المتابعة وعمل احتياطات حتى لا تحدث هذه الاختناقات والقدرة على حلها مبكرا ومتابعة المخزون الاستراتيجى للدواء، مؤكدا على أن العبء يقع على الشركات المنتجة من ناحية ووزارة الصحة من ناحية أخرى. أما الدكتور عبد العزيز صالح - خبير صيدلى- فقال إن أحد أسباب افتعال الأزمة هو إرسال كميات كبيرة من الأدوية إلى ليبيا بعد الثورة الليبية وكثرة المصابين، بالإضافة إلى قدوم أعداد من المصابين وعلاجهم داخل مصر، والسبب الثانى هو احتمال افتعال شركات الأدوية لهذه الأزمة من أجل رفع الأسعار لافتا إلى أن هذا يحدث عند الرغبة فى زيادة أسعار الدواء. وقال الدكتور محمود فتوح - مؤسس نقابة الصيادلة الحكوميين - إن الأزمة الحالية لم تشهدها مصر من قبل، مؤكدا وجود عدة أسباب لحدوث هذه الأزمة فى سوق الدواء المصرى أهمها الجانب الأمنى، حيث تخشى الشركات على توزيع الأدوية إلا أنه لا يجد داعيا لهذا الخوف. وأضاف: الاحتجاجات التى حدثت فى بعض الشركات مثل «ايبيكو» و«فاركو» سبب إيقاف الإنتاج فضلا عن سبب ثالث وهو خوف الشركات من عملية الإنتاج بكثرة لأن دخل الصيدليات قل بعد الثورة نظرا لأن المواطنين اقتصدوا فى شراء كل شىء وبالتالى تراجعت عمليات البيع فى الصيدليات الأمر الذى أدى إلى قيام الشركات بتقليل الإنتاج وهو ما حدث مع الشركات التى تستورد. وأضاف فتوح - الذى يعد أحد كوادر الإدارة المركزية لشئون الصيدليات - أنه قد يكون هناك تأخير من جانب (الإدارة المركزية) فى الإفراج عن الشحنات المستوردة من الأدوية واقترح فتوح أن يتم تسهيل الاستيراد والتصدير والإفراج عن الشحنات الدوائية. وحذر فتوح من تلاعب الشركات بالسوق وضرب مثلا على ذلك بما حدث مع شركة «أسترا زينيكا» التى قامت قبل الثورة بمنع توزيع مستحضر «أندرال» الخاص بعلاج وتنظيم ضربات القلب. البحث عن بدائل من جانبه أكد قطاع شؤون الصيادلة التابع لوزارة الصحة أن ظاهرة نقص الدواء ظاهرة عالمية طبقا للإحصائيات التى أعلنتها منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، مؤكدا أن الإدارة المركزية للشئون الصيدلية تتبع أحدث الطرق العالمية لمواجهة هذه الظاهرة. وأضاف: الوزارة اتخذت إجراءات وقائية لمنع حدوث أزمات فى توافر الدواء، مشيرًا إلى أن تلك الإجراءات تمثلت فى إرسال خطاب للشركات المصنعة والمستوردة وشركات التوزيع لإمداد الإدارة المركزية للشئون الصيدلية بالمعلومات فور حدوث نقص فى رصيد المخزون الاستراتيجى لأى من الأدوية الحيوية لديهم وذلك حتى تستطيع الوزارة العمل على توفيرها وإيجاد حل مناسب مع التأكد من توافر المثيل وذلك قبل أن يشعر المريض بهذا النقص. وأكد فتوح أن الوزارة تقوم برغم ما تمر به البلاد من ظروف بتوفير الدواء الأمن للمواطن المصرى باعتباره سلعة استراتيجية، مشيرا إلى أنه سيتم إنشاء كيان متخصص لإدارة الأزمات من خلال متابعة نواقص الأدوية الحيوية بشكل وقائى يمنع حدوث النقص المفاجئ لأى دواء مع التعامل السريع مع حالة النقص لأى مستحضر صيدلى وهو ما حدث مع مستحضر البنسلين طويل المفعول الذى تم توفيره فى فروع الشكاوى للشركة المصرية لتجارة الأدوية كمرحلة أولى لعلاج الأزمة وتم خلال أيام تغطية السوق الدوائى بالكامل بحيث أصبح متوسط الرصيد الفعلى 20 عبوة لكل صيدلية.