منذ أكثر من عام ونصف العام، وتحديدا فى شهر ديسمبر من عام 2012، أعلنت الشركة المالكة لمجلة “نيوزويك” عن توقف إصدارها الورقى بعد 80 عاما من الصدور بانتظام، وقررت الشركة آنذاك نقل نشاطها الكلى إلى عالم الانترنت، وهى الخطوة التى قامت بها العديد من المطبوعات الورقية الدولية والإقليمية الأخرى، مما دفع الكثيرين للقول بأن عصر الصحافة الورقية ولى لصالح الصحافة الرقمية، ولكن جاء قرار عودة المجلة البارزة مرة أخرى للإصدار الورقى ليشكل سابقة من نوعها، حيث لم يحدث أن عادت صحيفة أو مجلة عن قرار وقف نسختها المطبوعة، الأمر الذى يثير مجموعة من التساؤلات حول أسباب رجوع الشركة المالكة للمجلة عن قرارها.. وهل يعنى ذلك أن الصحافة الورقية لم تخسر معركتها بشكل كامل أمام الصحافة الإلكترونية؟ وهل تؤدى هذه الخطوة إلى خطوات مماثلة من جانب الصحف والمجلات الأخرى التى توقف إصدارها الورقى؟ من المؤكد أن تلك العودة تمثل مخاطرة من جانب مالكى مجلة نيوزويك، ولكنها مخاطرة ربما تكون محسوبة العواقب، خاصة أن الاستطلاعات الأخيرة تظهر أن الصحافة الورقية لا تزال مهمة لدى القارئ، وقد كشف الاستقصاء الأخير الذى أجرته رابطة الصحف الأمريكية فى 150 سوقا إعلاميا فى أمريكا أن نصف المتابعين للأخبار لا يزالون يحصلون على وجبتهم الإخبارية من الصحافة الورقية فقط، وليس من المواقع الإخبارية. وقد أعلنت شركة IBT Media المالكة لمجلة نيوزويك أنها لن تعتمد على عوائد الإعلانات، وقال المدير التنفيذى إن شركته تأمل فى أن تحصل على 90% من دخل النسخة المطبوعة عن طريق الاشتراكات، ولضمان تحقيق الربح، قررت الشركة تسعير النسخة المطبوعة ب 8 دولارات للنسخة الواحدة فى الولاياتالمتحدة، كما قررت أيضا تحسين نوعيتها، وبخاصة الورق والطباعة. وعادت المجلة بطبعتين إحداهما لأمريكا والأخرى لأوروبا، وعدد نسخ مطبوعة لا يزيد على 70 ألفا، وفى هذا الإطار قال «ريتشارد اديس» رئيس تحرير الطبعة الأوروبية: لن يكون هدفنا جمع أخبار العالم بالطريقة ذاتها التى تعمل بها منافستنا التاريخية «تايم»، ولن نكون مثل «الايكونوميست»، باختصار سيكون لدينا كُتاب جيدون يقومون بإعداد تقارير بصورة جيدة، أما «جيم إيمبوكو» رئيس تحرير المجلة الجديد فقال «إننا نوفر مضمونا ذا نوعية مجلة شهرية فى كل أسبوع». وسعت نيوزويك إلى «خبطة صحفية» تمنحها عودة قوية فى سوق الإعلام المطبوع، فقامت فى عددها الأول بالكشف عن مؤسس عملة بيتكوين، وجاء الغلاف الخارجى يحمل رسما لقناع أبيض على خلفية سوداء، وكتبت تحته «وجه بيتكوين»، وفى الداخل تقرير مدعوم بالصور ل «ساتوشى ناكاماتو» الذى تقول المجلة إنه مؤسس العملة الإلكترونية المشفرة الأوسع انتشارا فى العالم، والذى تبلغ ثروته المليارات. وإذا كانت «نيوزويك» نجحت فى إعادة إصدار المجلة مرة أخرى، فإن المهمة الأصعب تتمثل فى الاستمرار وعدم توقف المجلة العريقة مرة أخرى، وهى التى صدرت لأول مرة فى 17 فبراير عام 1933، وأسسها «توماس مارتن» محررالسياسة الخارجية فى مجلة «تايم» آنذاك، إلى أن حصل على تمويل من مستثمرين أمريكيين أتاح له تأسيس مجلة أصبحت فى وقت لاحق من أكبر منافسى التايم، وفى عام 1961، اشترت شركة واشنطن بوست المجلة، وفى عام 2010 تم بيعها لرجل الأعمال «سيدنى هارمان» الذى تشارك فى عملية تطوير المجلة مع قطب الإعلام «بارى ديلر» الذى قام بدمجها مع موقع «ذا ديلى بيست»، وقام بتعيين نجمة الصحافة «تينا براون» رئيسة لتحريرها، وفى ديسمبر 2012، أعلنت براون أن نيوزويك ستتخلى عن طبعتها الورقية بشكل نهائى، وتتحول بعدها إلى الصحافة الرقمية بشكل كامل، وقالت إن السبب فى ذلك يعود لمشاكل مالية كبيرة تواجهها المجلة، وتم بيع المجلة لشركة IBT Media المملوكة لإتيان اوزاك (30 عاماً) وجوناثان دايفس (31 عاماً) اللذين تمكنا من مضاعفة قراء المجلة على الشبكة ثلاثة أضعاف منذ شرائها فى صيف العام الماضى، ولكن تلك الخطوة لم تكن كافية بالنسبة للشابين، حيث قاما بإعادة إصدار المجلة مرة أخرى، فى الوقت الذى تم فيه فصل المجلة مرة أخرى عن موقع «ذا دايلى بيست»، ليعودا مؤسستين مستقلتين.