بعد هروب دام لأكثر من 13 عاما، تمكنت السلطات المكسيكية بالتعاون مع قوات مكافحة المخدرات الأمريكية من القبض على «جواكين جوزمان» المعروف ب «إل شابو» أو القصير، الرجل الأقوى، وأحد أشد أمراء المخدرات وحشية فى العالم، الرجل الذى يأتى اسمه على رأس قائمة أبرز المطلوبين من تجار المخدرات فى العالم. جوزمان الذى تم اعتقاله عام 1993 فى جواتيمالا، هرب من سجن مشدد الحراسة فى المكسيك عام 2001، وتم اتهامه عام 2009 فى بروكلين الأمريكية لإدانته بالابتزاز وتهريب الكوكايين للولايات المتحدة حيث عرضت أمريكا مكافأة 5 ملايين دولار لمن يدلى بمعلومات تؤدى لاعتقاله. وبدأت عملية مطاردته قبل أشهر بالتعاون بين السلطات المكسيكية ووكالات الاستخبارات الأمريكية التى تمكنت من إلقاء القبض عليه فى ولاية سينالوا المكسيكية. ويرى بعض المحللين أن القبض على «إل شابو» سيكون له بعد سياسى لأنه من الطبيعى أن يكون هناك انعكاس سياسى لسقوطه فى أيدى السلطات المكسيكية خاصة أنه يعد أكبر تجار المخدرات فى العالم، ومن المتوقع أن يرفع الإيقاع به أسهم إدارة الرئيس المكسيكى الجديد إنريكى بينا نييتو ويزيد من شعبيته فى الوقت الذى لم يفلح فيه أحد فى القبض على هذا الرجل منذ هروبه الأخير من السجن عام 2001. وفى هذا السياق، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن القبض على جوزمان يعد انتصارا سياسيا كبيرا للرئيس المكسيكى بعد أن واجه انتقادات كثيرة بسبب فشل التعاون الأمنى مع الولاياتالمتحدة فى القبض عليه. ومن جهة أخرى، يتخوف البعض من أن يتحول القبض على إل شابو من إنجاز سياسى إلى حدث دموى بالمكسيك لأنه من الممكن أن يتكرر النموذج الذى يدفع بسقوط الأب الروحى لعصابة ما إلى الاقتتال بين أتباعها بغرض السيطرة عليها، ومن الممكن أيضا أن يؤدى ذلك إلى زلزال يضرب نشاط المخدرات وربما يؤدى إلى بركان ثائر من العنف مع غيابه عن الساحة، حيث تواجه المكسيك سبعة كارتيلات للمخدرات فى البلاد، أبرزها عصابة جوزمان الخاصة التى كونها والمعروفة بعصابة سينالوا والتى اتسع نطاق نفوذها ليمتد إلى أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية ، حيث وصلت شهرة هذه العصابة وصورتها الأسطورية الى الحد الذى جعل العصابات فى دول أخرى لربط أسماء منظماتها الإجرامية باسم سينالوا. وتسيطر عصابة سينالوا على حصة الأسد من تجارة الكوكايين والماريجوانا والميتانفيتامين المتوجهة إلى الولاياتالمتحدة حيث ترجع شهرة سينالوا وزعيمها جوزمان لقيادتها لامبراطورية ضخمة تعمل فى تجارة وتهريب المخدرات عبر أمريكاوالمكسيك، وقد جنت هذه المنظمة أموالا طائلة جعلتها متحكمة فى السياسة المكسيكية، فكان كارتيل سينالوا سيد الساحة بين جماعات الجريمة المنظمة المكسيكية السبع التى تدخل المخدرات إلى الولاياتالمتحدة عبر الحدود وهى التى تبيع معظم الهيروين والكوكايين، ويقدر أحد خبراء الأمن الوطنى المكسيكى أن هذا الكارتيل وحده يمرر عبر الحدود مع الولاياتالمتحدة ما يقدر بكيلو جرام من الكوكايين كل عشر دقائق. وقد تسببت هذه العصابة فى مقتل مالا يقل عن 80 ألف شخص إثر العنف الدموى بينها وبين عصابات المخدرات فى المكسيك خلال السنوات الأخيرة، إذ تخوض عصابة سينالوا حربا عنيفة ضد عصابات أخرى على النفوذ وطرق تهريب المخدرات، وقد شهدت المكسيك تصعيدا فى أعمال العنف المتصلة بالمخدرات لتصل إلى مستويات كارثية. وتعتبر المكسيك الطريق الرئيسية لتهريب المخدرات من أمريكا اللاتينية باتجاه الولاياتالمتحدة، حيث تقدر وزارة الخارجية الأمريكية أن 90% من الكوكايين الذى يتم استهلاكه فى السوق الأمريكية يعبر عبر الأراضى المكسيكية، وتقدر إدارة مكافحة المخدرات أن منظمات تهريب المخدرات المكسيكية تنشط الآن فى 1287 مدينة أمريكية. وكانت الولاياتالمتحدة قد رصدت أكثر من مليار دولار كمعونة للحكومة المكسيكية بموجب مبادرة ميريدا التى بدأت منذ عام 2007 للقضاء على هذه التجارة.