إن أردنا الحديث عن العلاقات المصرية الكويتية فيجب أن نبحر عبر الزمان حتى نرصد تاريخ العلاقات الثنائية فمنذ الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضى عندما كانت الكويت بلا موارد وتعتمد فقط على الجمارك وما شابه ذلك قبيل اكتشاف النفط ولم تكن هناك مدارس أو مستشفيات بالمعنى المعروف حاليًا. قامت الحكومة المصرية بتقديم بعثة علمية للتدريس للطلبة الكويتيين، ثم انتقل الطلبة والدارسون الكويتيون فى الخمسينيات للدراسة فى المدارس والجامعات المصرية، وهو ما يؤكد أن العلاقة الاقتصادية بين البلدين بدأت بالجانب التعليمى. ومنذ ظهور النفط بدأت العلاقات المصرية الكويتية فى مجال الاقتصاد خصوصا وأن الكويت أصبحت وقتها قادرة على رد الجميل لمصر خصوصا فى فترتى الخمسينيات والستينيات حينما وقفت الكويت بجانب المصريين . المساعدات الكويتية وقتها كانت لها ثلاثة روافد أولها الرافد الحكومى فيما حاز الصندوق الكويتى على الجزء الآخر الذى بدأ نشاطه فى أوائل الستينيات، أما الجزء الثالث فهو العون الشعبى من خلال مواطنى الكويت. ومن المعروف أن العلاقات المصرية الكويتية علاقات بين شعبين بالأساس، فعندما وقعت اتفاقية كامب ديفيد قطعت كثير من الدول العلاقات مع مصر فى حين استمر الصندوق الكويتى فى تقديم الدعم لمصر، وفى عام 67 كانت الكويت حاضرة، وكذلك فى عام 73 أيضًا، وأيضا بعد 30 يونيو. فى المقابل لم تتخل مصر عن الكويت وقدم الشعب المصرى للكويتيين الكثير ففى عام 1990 عندما حدث الغزو الصدامى على الكويت احتضن الشعب المصرى شقيقه الكويتى. تاريخيا لا يمكن لأى متابع لعلاقات البلدين أن ينسى أول اتفاق تم توقيعه بين الطرفين فى إبريل عام 1964 تلاه عدة اتفاقات أخرى منها الاتفاق الموقع بين غرفتى التجارة فى يونيو 1977 واتفاق التعاون الاقتصادى والفنى عام 1998 واتفاق التعاون الفنى فى مجال المواصفات والمقاييس ومراقبة الجودة فى نفس العام وأصبحت الاستثمارات الكويتية فى مصر تحتل المركزالأول.. كما تعتبر دولة الكويت سوقًا كبيرة للعمالة المصرية، والكويت بفوائضها المالية يمكن أن تكون مصدرًا للاستثمار فى مصر، كما أنها تعتبر سوقًا تجارية تشكل منفذًا مهمًا للصادرات المصرية. وفى عام 1998 تأسست اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، لتحقيق القدر الأكبر من التنسيق والتعاون المشترك فى مجالات التعاون المختلفة،كما ترتبط الدولتان بالعديد من بروتوكولات التعاون بين المؤسسات (السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتعليمية والفنية والإعلامية والقضائية والأوقاف والشئون الإسلامية..) والمؤسسات المناظرة فى كلا البلدين. وخلال السنوات الثلاث التالية لثورة يناير تأثر الاقتصاد المصرى بعوامل كادت أن تقضى عليه وهو ما ظهر فى عدة مؤشرات من بينها تراجع احتياطى البنك المركزى من النقد الأجنبى من 34 مليار دولار إلى نحو 13 مليار دولار، ثم ارتفاعه بعد مساعدات الدول العربية ومنها الكويت إلى أكثر من 19 مليار دولار. ودائما ما تقول الكويت إن مصر لديها نسبة عالية من الخبرات والكفاءات وقادرة على تجاوز أزمتها، وتنصحها بضرورة تحقيق الاستقرار وتوفير المناخ الملائم لجذب استثمارات جديدة، كما أن منظومة الدعم يجب أن يعاد تخطيطها بما ينهض بالاقتصاد، ويحقق الغرض الأساسى من الدعم، وهو مساعدة الطبقات الفقيرة، كما أن بعض الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة يتم دعمها ولا يصل ذلك الدعم إلى محدودى الدخل. كما أن هناك حاجة ماسة لتنفيذ الحكومة للبنية التحتية اللازمة لتهيئة المناخ مثل مد الطرق وإقامة محطات الكهرباء، ولذلك يساهم الصندوق الكويتى للتنمية فى تلك المشروعات بالقروض والمنح، كما أن المستثمرين الكويتيين يركزون مشاريعهم فى هذا الجانب التنموى . لكن هناك تساؤلا لاح فى مخيلة الكثير من المتابعين للمشهد المصرى الكويتى، وهو المقابل الذى تطلبه الكويت من مصر جراء مساعداتها غير المحدودة، لكن الرد الكويتى الدائم هو أن الكويت لا يمكن أن تعيش بعيدا عما يحدث فى مصر. كما أن الكويت دولة صغيرة سكانا ومساحة وقوتها متمثلة فى بنيتها الاقتصادية، وواجب الحكومة أن تكون الدولة حاضرة سياسيًا، وهو ما تفعله حاليا باعتبار أنه من واجبها السياسى أن تستمر فى مساندة مصر حتى تتجاوز المحنة التى تواجهها لأن ذلك. تجاريا بلغ حجم التبادل بين البلدين عام 2008 نحو1772.6 مليون دولار ، مقابل 1298 مليونا عام 2007، ويوجد بالكويت ما يزيد على 500 ألف مواطن مصر يعمل منهم حوالى 36 ألفًا فى القطاع الحكومى، بالإضافة إلى 220 ألفًا يعملون فى القطاع الأهلى. أما عن الصادرات المصرية للكويت فهى تتمثل فى الخضراوات والفواكة الطازجة، والأجبان، والأرز، والمشروبات الغازية، وسيارات النقل، وأهم الواردات المصرية البروبولين- والسيارات، والأوناش والروافع، والفحم. ووفقًا لإحصاءات وزارة التجارة والصناعة فقد بلغ حجم الميزان التجارى مع الكويت خلال عام 2007 حوالى 240 مليون دولارأمريكى، حيث بلغت الصادرات المصرية للكويت نحو 168 مليون دولار فيما بلغت الواردات المصرية 71 مليون دولار. وتُعد دولةالكويت ثانى أكبر مستثمر عربى والخامس على مستوى العالم فى مصر، وفقا لإحصاءات وزارة الاستثمار لعام 2007حيث تجاوزت قيمة رأس المال الكويتى المدفوع فى عام 2007 نحو 11.5 مليار جنيه مصرى فى 532 شركة تبلغ قيمة رأس المال المعلنبهاحوالى 28.5 مليار جنيه. وتستثمر الكويت بالدرجة الأولى فى المجال الصناعى يليه المجال السياحى ثم مجال التمويل والاتصالات والمعلومات والمجالات الإنشائية وأخيرًا المجالات الخدمية. وفيما يخص الصندوق الكويتى للتنمية، والذى يعتبر الرافد الثانى فى روافد الدعم الكويتى لمصر حيث وقعت مصرمع الصندوق فى 19/3/2009 على اتفاقية القرض الثانى لإنشاء محطة أبوقير الجديدة لتوليد الكهرباء بقيمة 30 مليون دينار؛ وحصلت على القرض الأول فى يناير 2008. وبذلك يكون الصندوق الكويتى للتنمية قد قدم لمصر القرضال32 منذ بدء علاقاتهما فى عام 1964، بإجمالى قروض تقدرقيمتها 1.679 ملياردولارأمريكي. وقدم الصندوق لمصرمنذ عام 1964عدد 8 منح ومعونة فنية، بإجمال يقيمة تقدر ب?1724مليون دولار. كما تم مؤخرا توقيع اتفاقيتين ومشروع للإسهام فى تمويل مشروع توسيع شبكات توزيع الغاز الطبيعى فى محافظتى القاهرة والجيزة فى جمهورية مصر العربية.