كانت الأضرار التى لحقت بمتحف الفن الإسلامى بباب الخلق، خير شاهد على ما تعانى منه مصر جراء حوادث الإرهاب الأسود خلال الأيام الماضية.. إلا أن الأضرار هذه المرة كانت بشكل مباشر للتاريخ، بعد أن تسببت محاولة تفجير مديرية أمن القاهرة فى تدمير جزء من المتحف الواقع فى مواجهة المديرية، وإتلاف الكثير من مقتنياته الأثرية. فى السطور القادمة تستعرض «أكتوبر» ، أثار الانفجار على المتحف. بداية قال د. محمد إبراهيم وزير الآثار: تم تشكيل لجنة تقوم حاليًا بحصر التلفيات والخسائر التى أصابت المتحف وعدد القطع التى تضررت، موضحًا أن القطع الزجاجية والقيشانى من أكثر القطع الأثرية تأثيرًا حيث تم تدمير ثلاث مشكاوات من إجمالى 12 مشكاه من مجموعة السلطان حسن، كما تأثرت بعض المقتنيات الخشبية مثل محراب السيدة رقيه ومنبر تتر الحجازية وغيرها. وأضاف تم تجميع الآثار ووضعها فى أحد المخازن حيث ستتم أعمال الترميم داخل المتحف مؤكدًا أن حالة المبنى جيدة رغم أن عمره يزيد على 110 أعوام. وأضاف الوزير أنه سيتم تجميع أكثر القطع الأثرية تأثرًا بالانفجار لعرضها بقسم خاص داخل المتحف لتكون شاهدًا على هذا العمل الإرهابى وعلى إصرار الشعب المصرى على مواجهة الإرهاب. من جانبه أكد أحمد شرف رئيس قطاع المتاحف أن الآثار المعروضة فى 14 قسمًا معظمها سليمة فيما عدا 4 أقسام تضم آثارًا من الخزف والزجاج والأخشاب حيث يقدر عدد القطع التى تم تدميرها بحوالى 50 قطعة منها محراب السيدة رقية مشيرًا إلى أن منظمة اليونسكو أعلنت عن حملة تبرعات دولية وسترسل مساعدة عاجلة تقدر بحوالى 100 ألف دولار ولكن هذا الرقم لا يكفى لإعادة تأهيل المتحف مرة أخرى. وقال مصطفى خالد مدير عام المتحف إن قوة الانفجار حطمت الباب الخارجى وإندفع إلى داخل المتحف مدمرًا ما يقابله من فاترينات مؤكدًا أن إغلاق المتحف جنبه خسائر كبيرة، خاصة أن المعروضات كانت تتضمن قطعًا ذهبية كثيرة. وأشار حمدى عبد المنعم مدير عام الترميم إلى أن نوعية الزجاج الذى صنعت منه الفتارين أثناء التطوير أنقذ الكثير من التحف الأثرية. وأكد عبد المنعم أن قسم الترميم يضم فريقًا من المرممين ممن لهم خبرة ومهارة كبيرة قاموا بتطوير وترميم المتحف من قبل وسيقومون بترميم ما أفسدته يد الإرهاب. ورأى د. رأفت النبراوى عميد كلية الآثار الأسبق أن هذا المتحف هو أعظم متحف للفن الإسلامى ليس على مستوى مصر بل على مستوى العالم كله لأنه يضم تحفًا ليس لها مثيل منها أكبر مجموعة من المشكاوات الزجاجية التى ترجع للعصر المملوكى، وكذلك مجموعة من الأوانى الخزفية ذات البريق المعدنى من العصر الفاطمى.. كان المتحف الإسلامى قد تأثر بالانفجار الذى حدث يوم الجمعة الموافق 24 يناير أمام مديرية أمن القاهرة الذى أدى إلى تفتت الباب الخشبى الرئيسى للمتحف وتدمير الفتارين والنوافذ الحديدية وتسببت قوة الانفجار فى إقتلاع أحد أعمدة الإنارة الموجودة فى الشارع ودفعت به إلى داخل المتحف محطمًا عدد من الفتارين، كما تسبب الانفجار فى كسر ماسورة مياه فى دار الكتب التى تعلو المتحف مما أدى إلى تسرب المياه إلى داخل المتحف لمدة 15 ساعة مما أتلف المقتنيات الجصّة والرخامية. وأوضح النبراوى أن أكثر المقتنيات التى أضيرت بعض الأوانى الزجاجية ومنها كأس الأمير عبد الصمد والى مصر عام 155 ه وهو قطعة فنية رائعة مطعمة بنقوش البريق المعدنى فقد تحطم إلى نصفين، وهذه الكأس لها أهمية كبيرة فى إثبات أن مصر كانت تعرف مادة البريق المعدنى منذ منتصف القرن الثانى الهجرى وليس كما زعم العلماء بأنها ظهرت فى منتصف القرن الثالث الهجرى. وأكد د. رأفت أن المتحف يضم 1474 قطعة تأثر منها حوالى 5% فقط أى 50 قطعة ونتمنى من الله أن يقوم فريق الترميم بإعادتها إلى حالتها الأصلية خاصة أنه فريق مشهود له بالكفاءة العالية. والمعروف أن متحف الفن الإسلامى بباب الخلق بالقاهرة تم افتتاحه لأول مرة عام 1903 م فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى تحت مسمى «دار الآثار العربية» وترجع أهميته إلى المجموعات المتكاملة التى يضمها والتى تبرز عظمة الفنون والحضارة الإسلامية مما يجعله منارة يهتدى بها الدارسون والباحثون عن عظمة الفن الإسلامى.