مانعيش فى زماننا هذا من تفكك أخلاقى ومجتمعى وسلوكى بعيد كل البعد عن الإسلام حتى لو اتخذ اسم التمدن وعدم الرجعية.. والتحضر.. والإتيكيت كل ذلك يحدث تقليدًا.. أو جهلاً.. أو كبرًا.. أو غير ذلك من التوجيهات.. ولكن كيف الرجوع إلى السلوك الإسلامى الذى يعيدنا إلى روح الإسلام.. ومبادئه.. وأخلاقه ومعاملاته وسلوكياته. فكان هذا التحقيق. يقول أحمد على أحمد المدرس بالأزهر الشريف وإمام مسجد الصحابة بالمقطم: لابد أن يحسن المسلم سلوكه مع الله بأن يكون عبدًا لله فى كل شىء، ولا يشرك مع الله أحدًا بأن يجعل صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين. ويعرف سبب وجوده فالله عز وجل يقول فى كتابه (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ((56) أن يتجنب ما حرم الله من الفواحش عملا بقوله( وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) وعملا بقول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) « اتق المحارم تكن أعبد الناس». أن يعبد الله بإخلاص كأنه يراه وإن لم يكن يراه فإن الله يراه فالله يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور فالله تعالى يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار وأن يحب الله عز وجل ولا يشرك فى حبه أحدا عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم « لا يؤمن أحد حتى يكون الله ورسول أحب إليه مما سهما".. وإذا أحب أن يحب لله إذا أبغض أن يبغض لله» أن يكون حيث أمره الله فلابد أن يجدك الله حيث أمرك ويفتقدك حيث نهاك. طاعة الله واجبة فقيها النجاة كل النجاة (وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً)فقرن الله طاعته مع طاعة رسوله فهل جعل طاعة الرسول طاعة لله )مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) . أن يكون المسلم وفيًا بعهد الله الذى فطره الله عليه وغرسه فى عقله وجبله الله عليه والعهد هو منذ خلق آدم (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى). (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا( تسليم الأمر لله بعد الأخذ بالأسباب وعدم الاشتراط على الله حقولنا إن تم كذا سأتبرع بكذا، وإن نذر لابد أن يوفى بنذره ليكون من الأبرار ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً). أن نقدر الله حق قدره من لا يقدر الله حق قدره يشرك مع الله (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) فإذا صلح السلوك مع الله كامن بداية العودة إلى السلوك الإسلامى. يقول د. ياسر مرزوق دكتور الحديث فى جامعة الأزهر إن من المتقرر لدى كل مؤمن أن الله - سبحانه لم يخلق خلقه عبثًا، ولم يوجدهم سدًى، فهو - عز وجل، منزه عن العبث واللهو واللعب تعالى وتقدَّس وتنزه عن ذلك، بل خلقهم لغاية عظيمة، وحكمة جليلة، خلقهم تبارك وتعالى بالحق وللحق، قال عز وجل( خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ): وذكر - جل وعلا - عند أولى الألباب أنهم يقولون فى تنزيههم لله:( رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار )ِ وقال - جل وعلا )وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ( ؛ أى إنه - تعالى - منزه عن ذلك - عز وجل - وقال تبارك وتعالى :- (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17)( ويوم القيامة - عباد الله - يقول الله - تبارك وتعالى - لأهل النار مقّرعًا وموبِخًا: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)( ِ، ولما ذكر - جل وعلا - خلقه للإنسان من نطفة إلى مضغة إلى أن أصبح إنسانًا سويًّا، قال - جل وعلا - فى ذلكم السياق )أيحسب الإنسان أن يترك سدى) ؛ أي: لا يبعث ويحاسب ويعاقب، أو {أيحسب الإنسان أن يترك سدى}، أي: لا يؤمر ولا ينهى، وكلا المعنيين مراد فى هذه الآية. وإذا تأمل المسلم هذه الحقيقة العظيمة الجلية، يأتى فى هذا المقام سؤال من الأهمية بمكان، ألا وهو يا عباد الله: ما واجبنا نحو الله؟ ذكر أهل العلم - رحمهم الله - أنَّ سلوك المسلم تجاه الله ينبغى أن يتمثل فى الآتى : تعلم الدين لمعرفة ما ينبغى علينا من عبادات تجاه الله جل وعلا وقد حث نبينا على هذا فقال فى الحديث الصحيح -: (مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله به طريقًا إلى الجنة). أن نملأ قلوبنا بمحبة الله عز وجل وحب العمل الذى يقرّبنا إليه، وفى الدعاء المأثور عن نبيِّنا - عليه الصلاة والسلام -: (اللهم إنى أسألك حبك، وحب من يحبك، وحب العمل الذى يقربنى إلى حبك)الحذرمن الكراهية والبغض لأوامر الله أو أوامر رسوله - عليه الصلاة والسلام - قال الله - تعالى -: )ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) العزيمة على العمل بما تعلمناه مما يقربنا وفى الدعاء المأثور: (اللهم إنى أسألك العزيمة على الرشد) فإذا علمت أمرًا رشدًا، أمرًا خيرًا، أمرًا فيه صلاحُك فى دينك ودنياك، فاعزم على فعله، وحرك قلبك للقيام به، فهذا هو الأمر الثالث - عباد الله. مجاهدة النفس على الثبات على هذه المحبة ، وسؤال الله - جل وعلا - أن الثبات على دينه؛ (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) الدعوة إلى هذا السلوك الذى وفقنا الله إليه.