-الظلم والاستكبار وقتل البرىء وتبديد المال الحرام وأكل مال اليتيم والفقير والكذب والخديعة والضلال.. معاصٍ وكبائر تجرأ بها العصاة على المولى سبحانه وتعالى.. ومشكلة ترتفع نسبتها يوما بعد يوم وتعود إلى الجهل وتعمد البعض فى تغييب فطرته السوية التى أقرها الله فيه مع إغفال تذكير نفسه بخشية الله وتعظيمه فى القلوب، فهم كما وصفهم الله تعالى فى قوله (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ).. فحينما تعرف وتتأكد من عظمة الله وقدرته وكبرياءه.. فكيف إذن تبارزه بالذنوب والمعاصى وتتكبر على أحكامه وآياته.. فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه «الكبرياء ردائى والعظمة إزارى فمن نازعنى شيئا منهما عذبته». فالمؤمن الحق يعظم حرمات الله ويستشعر هيبته وينحنى لجلاله ويغار على حرماته.. وهنا قال بن مسعود رضى الله عنه «إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه».. فتعظيم حرمات الله برهان على الإحسان وسبب للغفران. فما أحوجنا أن نتعرف على الله وقدرته وأسمائه وصفاته.. فعلى قدر المعرفة يكون التعظيم فى القلب كما أمرنا المولى عز وجل ورسوله بفريضة العلم والمعرفة، كما قال تعالى(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) .. ومن خلال العلم بكتابه ومخلوقاته نصل إلى عظمته وسرعان ما تخشع القلوب.. ولهذا يقول رب العزة (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً (14)).. فمثلا العلم أثبت أن الطفل المولود حديثا لديه فى دماغه مئة وأربعون مليار خلية وفى شبكية العين مئة وثلاثون عصبًا ولحاسة الشم عشرون مليون عصب. وثبت أيضا أن بصمة الأصبع يستحيل أن تتطابق فى شخصين فى العالم حتى فى التوأم المتماثل من بويضة واحدة.. وأكد العلماء أيضا أن للعين بصمة تتضح عند النظر فى عدسة جهاز معين ولا تتماثل مع إنسان آخر.. وانظر إلى الخفاش الأعمى لا يرتطم بأى جدار بسبب الذبذبات التى تصدر منه وتنعكس إليه، ومن خلال هذا الجهاز يلتقط الأصوات من حوله.. واكتشف أن للنباتات ذاكرة ومراكز إحساس تشعر بالألم ولها عاطفة فتسعد وتحزن.. وكذلك تتفاعل وتتحرك مع الضوء، بالإضافة إلى نباتات مفترسة مثل نبات «الديونيا» قد تفترس ضفدعًا كبيرًا من خلال إنزيمات ق?تلة تفرزها وتم رصد ذبذبات تصدرها بعض النباتات. فسبحان الله عما يشركون.. فالكافرين والعصاه أرادوا الذل والخضوع لغير رب العالمين فكان جحودهم للخالق بسبب ما ران على قلوبهم من ذنوب عظيمة، فألقى الله فيهم الرعب والخوف والطمع من مخلوقات ضعيفة وإنسان مثلهم ذليل لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا يستطيع أن يقيم العدل أو ينشر الرحمة، فالخالق وحده المستحق للتعظيم والإجلال والخضوع ولا يشرك معه أحد.. فإذا تأملت معى عظمته أيضا فى هذه الآية (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ)وقال هنا بن كثير عرش الرحمن هو كالقبة على العالم وهو سقف المخلوقات. وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (العرش سقف الجنة)، ووصف نبينا أحد ملائكة حملة العرش «إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام» فتخيل معى المسافة بين نهاية أذن وكتف هذا الملك مسيرة خمسمائة عام.. ونسأل: هل العام بمقدار زمن الدنيا أو زمن الآخرة.. وثانيا يقول أهل العلم إن قوة قدرة ملائكة حملة عرش رب العالمين مع عظمة بنيانهم الذى فاق الخيال لا يحملونه إلا بقولهم سبحان الله وبحمده.. فبالله عليك كيف يكون حجم عظمة الخالق؟.. فوجب علي?ا كما أمرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن نذكر فى سجودنا سبح اسم ربك الأعلى وفى ركوعنا سبح اسم ربك العظيم وأن نعظمه فى جميع شعائره، كما قال تعالى (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).. ففى تعظيم الله أساس العبادة وروحها وتهذيب للنفس.. وحتى نصل إلى محبة الله والإيمان واليقين به. فقد نعظم فى الدنيا مثلا ذا سلطان أو عالم بسبب تفوقه فى علمه ولكنه إنسان بغيض مستعل.. أما عبادة الله غاية فى الخضوع وغاية فى الحب.. ولنا فى النموذج التالى من السيرة السلوك الأمثل والخلق الكريم فى أصحاب المال والسلطان عندما يعمر قلوبهم الإيمان فسيدنا أبا بكر عندما اشترى بلال العبد قال هذا أخى.. وكان يخرج سيدنا عمر وهو أمير المؤمنين فى استقبال بلال، فذلك الدين الذى غرس فى القلوب وجعل العظمة لله والمحبة له ولعباده.