هل أخطأ الرئيس السادات عندما سمح للإخوان المسلمين والتيارات الداعمة لهما فى ممارسة ما كانوا يطلقون عليه العمل الدعوى وهو فى الاساس عمل سياسى بحت تحت شعارات دينية ؟! فى الحقيقة إن الرئيس السادات كان يعتقد أن جماعة الاخوان فى وضعية لا تسمح لهم أن يغدروا به بل أنه – أى السادات - ذهب فى اعتقاده الى ابعد من ذلك بأن الجماعة سوف تحسب له ذلك الموقف وربما تدعمه سياسيًا. وكان السادات صادقًا فى اعتقاده الى حد ما .. فلم يكن هناك ما يدل على أى خطر من الاخوان على نظام السادات إذا ما قارنا ذلك بالأخطار التى كانت تزعج النظام الساداتى خاصة التنظيمات الشيوعية واليسارية فى الجامعة اضافة الى ظهور التيار الناصرى بقوة هذا الوضع السياسى بمعطياته فى الحقبة الأولى من حكم السادات ما جعله يطلق العنان للجماعات المنبثقة عن الاخوان لتمارس نشاطها فى الجامعات والنقابات – وقد اقلق ذلك جهاز الأمن وعلى رأسه اللواء النبوى اسماعيل آخر وزير داخلية فى عهد السادات حيث قال فى احد لقاءاته التيلفزيونية منذ عشر سنوات أنه نصح السادات بأن يحد من توغل تيارات الاسلام السياسى خاصة فى الجامعات وبعض النقابات مثل نقابة المحامين ونقابة الأطباء وكان رد الرئيس السادات على حد شهادة النبوى اسماعيل – خليهم يعبروا عن رأيهم يانبوى دول شوية شباب متحمسين. لقد كان رهان الرئيس السادات على دعم تيارات الإسلام السياسى له فى موقفه المناهض للتيارات الشيوعية والاشتراكية والناصرية رهان محفوف بالمخاطر. وعندما عقد السادات العزم على تغيير اتجاهات الدعم الدولى له من الشرق الى الغرب بعد طرد الخبراء السوفيت وهى رسالة كانت مقصودة فى اتجاه خلق جو سياسى جديد مع الولاياتالمتحدة. أما موقف جماعات الاسلام السياسى والتى كانت قد توغلت بشدة فى المحافل السياسية الشبابية إذا صح التعبير قد تغير تغيرًا دراماتيكيًا بعد إعلان السادات مبادرته للسلام مع اسرائيل وحل مشكلة الصراع العربى الاسرائيلى بالمفاوضات السلمية واستبعاد خيارات الحرب. وقد واكب ذلك نشاط معارض وعنيف لما يسمى بالجماعة الاسلامية فى اتحادات الطلبة فى الجامعات المصرية ولعل بعضنا يذكر الطالب عبد المنعم أبو الفتوح وكان رئيسًا لاتحاد الطلبة عندما وقف امام الرئيس السادات فى احد احتفالات جامعة القاهرة وخاطب الرئيس بأسلوب غير لائق متهمًا اياه بالفساد والعمالة وكان رد السادات الشهير – قف مكانك يا ولد. بعدها ظهرت الجماعة الاسلامية بصورة التنظيم السياسى الذى يناطح السلطان وبزغ نجم أبو الفتوح كزعيم للطلبة وقائد للجماعة الاسلامية .. وحقيقة القول أن الجماعة الاسلامية ما هى إلا ذراع من اذرع الاخوان المسلمين والدليل على ذلك أن أبو الفتوح نفسه وهو القيادى الاشهر والأكبر للجماعة الاسلامية انه اعلن انضمامه لجماعة الاخوان المسلمين عندما شعر أن الاحوال قد استقرت سياسًيا ما بين الإخوان والنظام الحاكم. أما الدليل الأكبر على أن الجماعة الاسلامية ما هى إلا مفرخة لشباب الإخوان والعشرات من قيادات الجماعة والذين انضموا الى الاخوان المسلمين بعدما كان يسمى بالمراجعات الفكرية والتى كانت خدعة كبرى فلم تكن ابدًا مراجعات فكرية لنبذ العنف بقدر ما كانت هدنة لتوفيق الأوضاع حتى تحين الفرصة للانقضاض من جديد ورغم كل ذلك لا يزال بعض فلول الجماعة الاسلامية ينفون تمامًا علاقتهم بالاخوان ؟؟ وهناك من الأدلة القاطعة على أن الجماعة الاسلامية ما هى إلا أحد أذرع الإخوان - ولنرجع الى ما كتبه عمر التلمسانى ومن بعده مأمون الهضيبى وهم من أكبر قيادات الاخوان أن الجماعة الاسلامية تسير على النهج الاخوانى. وخلاصة القول أن جماعة الاخوان فى عهد السادات ارادت أن تنفذ مخططاتها للاستحواذ على اتحادات الطلبة فى الجامعات ولكن بنسخة جديدة واسم جديد هو الجماعة الاسلامية. أما الخدعة الكبرى التى وقع فيها نظاما السادات ومبارك هى أنهم كانوا يفرقون بين الاخوان كجماعة اسلامية سياسية وجماعات الارهاب المتأسلم وخاصة جماعتى الجهاد والجماعة الاسلامية وقد تم تكريس هذا الاعتقاد خاصة بعد البيانات التى كانت تصدرها جماعة الاخوان من ادانة وشجب لأعمال العنف والإرهاب والتى وصلت الى حد التبرؤ من الاعمال الاجرامية التى تمت بمعرفة الجماعة الاسلامية وجماعة الجهاد . وقد استغل الاخوان المسلمين فترة النشاط الارهابى للجماعة الاسلامية فى التسعينيات للتقرب من النظام السياسى على اعتبارهم أى الاخوان يمثلون الوسطية المعتدلة وبأنهم قادرون على احتواء الموقف المتأزم بفعل النشاط الارهابى خاصة فى صعيد مصر بشرط غير معلن وهو السماح لهم – أى الاخوان – فى العمل السياسى من خلال شرعية الدولة « دخول الانتخابات تحت مظلة اى حزب سياسى يقبلهم « حيث إن الجماعة كانت تخشى دائمًا من اعلان رغبتهم فى انشاء حزب سياسى مخافة إغضاب النظام الحاكم. والحقيقة أن جماعة الاخوان لم تكن ترى اى ضرورة فى انشاء حزب سياسى لهم .. لأنهم كانوا مستفيدين من العمل السياسى مرة تحت مظلة حزب الوفد ومرات تحت مظلة حزب العمل المنحل – وهكذا تسرب الفكر الاخوانى الى الاحزاب الاخرى سواء الليبرالية أو الاشتراكية أو حتى الاحزاب المحافظة. والحقيقة التاريخية الثابتة أن الاخوان وكل الجماعات التى خرجت من العباءة الاخوانية بغض النظر عن المسميات سواء كانوا جماعة اسلامية أو جماعة الجهاد أو الجماعات التكفيرية بكل تصنيفها ما هى إلا محاولات مستمرة من أجل أضعاف الأنظمة الحاكمة والوصول إلى سدة الحكم دون أى محاذير سواء سلمًا أو عنفًا وإرهابا.