جددت حوادث العنف التى تشهدها الولاياتالمتحدةالأمريكية من وقت لآخر الجدل حول قوانين حيازة السلاح حيث أثارها مجددا الهجوم الذى شهده مطار لوس انجلوس خلال الأيام الماضية بعد أن قام مسلح بإطلاق النار داخل المطار وهو ما تسبب فى مقتل أحد عناصر الأمن وإصابة سبعة آخرين. وقد أدى الحادث إلى اضطرابات فى ثالث أكبر المطارات الأمريكية من حيث عدد الركاب مما أثر على حوالى 750 رحلة منها 50 رحلة جوية تم تحويلها إلى مطارات مجاورة وتأخير مواعيد إقلاع وهبوط طائرات الرحلات الباقية. وتحقق الشرطة حاليا فى دوافع الشاب الذى تمكنت السلطات من تحديد هويته وهو أمريكى يدعى نول انتونى سيانسيا ويقيم فى لوس انجلوس حيث عثر مكتب التحقيقات الفيدرالى على رسالة صوتية مسجلة للجانى يتحدث فيها عن احتقاره للحكومة ووكالة أمن النقل الأمريكية، وقالت الشرطة إن المتهم أطلق النار من رشاش داخل المطار عند نقطة للمراقبة الأمنية ثم قام بعد ذلك بمتابعة سيره إلى مبنى للركاب بحثا عن ضحايا جدد قبل أن تتمكن الشرطة من توقيفه بعد إطلاق النار عليه وجرحه. وأعلن ال «أف بى آى» أن سيانسيا استهدف عناصر إدارة أمن النقل فقط لأنه خلال إطلاقه النار اقترب من عدد من الأشخاص وسألهم وهو يوجه رشاشه إليهم ما إذا كانوا من موظفى هذه الإدارة وعندما يجيبونه بلا كان يبتعد عنهم. ويعد هجوم مطار لوس انجلوس واحدا ضمن سلسلة هجمات شهدتها الولاياتالمتحدة الأشهر القليلة الماضية، فخلال سبتمبر الماضى شن شاب أمريكى يدعى ارون الكسيس هجوما على مقر قيادة الأنظمة البحرية فى العاصمة واشنطن مخلفا 12 قتيلا ، وفى نفس الشهر أصيب مالا يقل عن 13 شخصا بينهم طفل جراء إطلاق نار فى ملعب لكرة السلة بشيكاغو. وفى أحد الحوادث الأخرى أطلق رجل يحمل مسدسا وبندقية رش و600 طلقة الرصاص على عشر فتيات فى مدرسة تابعة لطائفة الاميش فى بنسلفانيا مما أدى إلى مقتل خمسة منهم ثم قتل نفسه وفى حادثة أخرى حمل صبى عمره 13 عاما بندقية كلاشينكوف إلى مدرسته فى ميسورى وصوبها نحو المسئولين الإداريين والطلبة وأطلق الرصاص على السقف، وفى يونيو الماضى قتل ستة أشخاص فى كلية بمدينة سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا. كما شهدت مدينة نيوتاون الصغيرة فى ولاية كونتيكيت أسوأ مذبحة فى تاريخ الولاياتالمتحدة من حيث عدد القتلى وأعمارهم عندما توجه شخص ويدعى ادم لانزا (20 عاما) إلى مدرسة ساندى هوك الابتدائية وقام بإطلاق نحو 100 رصاصة على الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين خمسة وعشرة أعوام وأسفر الحادث عن مقتل 20 طفلا وستة معلمين. وتثير حوادث القتل التى شهدتها الولاياتالمتحدة خلال الأشهر القليلة الماضية قضية الأسلحة النارية المنتشرة والتى ازدهرت برغم تكرار الحوادث المأساوية التى يستخدم فيها مدنيون السلاح لقتل الناس، حيث أشارت مراكز بحثية إلى أن المجتمع الأمريكى يشهد جريمة كل 22 دقيقة فى المتوسط إضافة للجرائم الهجومية، وتقول أحدث الاستطلاعات إن هناك 84 بندقية أو مسدسا لدى كل 100 شخص فى الولاياتالمتحدة وإن عدد الأسلحة النارية فى أيدى الأفراد العاديين تبلغ أكثر من 200 مليون قطعة سلاح، وهو ما دفع الرئيس الأمريكى باراك أوباما لسن قوانين أكثر صرامة على حيازة السلاح إلا أن هذا الاقتراح فشل فى الكونجرس حيث رفض مجلس الشيوخ الأمريكى الأشهر الماضية تعديل قوانين حيازة الأسلحة فى البلاد حيث يعارض فريق بشدة وضع أى تشريعات من شأنها منع حق امتلاك الأسلحة ويقود هذا التيار قيادات فى الحزب الجمهورى المحافظ ولوبى شركات تصنيع الأسلحة أو ما يعرف بجماعات الضغط التى تتزعمها الجمعية الوطنية للأسلحة والتى تطالب بنشر المزيد من الأسلحة للدفاع عن النفس ولهذه الجمعية تأثير فعلى على المشرعين الأمريكيين فى الكونجرس، وقوبلت دعوة أوباما بخروج لوبى السلاح عن صمته ليكشر عن أنيابه فى وجه كل من تسول له نفسه المساس بمصالحهم ولم تفلح الجهود فى إقناع منظمة السلاح الأمريكية التى تعتبر أقوى المنظمات فى أمريكا وتضم ملايين الأعضاء بضرورة تعديل المادة الثانية من الدستور تمهيدا لوضع قيود على اقتناء وتملك السلاح الشخصى وأقر أوباما أن التغيير لن يأتى من المشرعين ولكن على الأمريكيين أن يضغطوا من أجل التغيير.