الحكومة تعلنها رسميا.. اتفقنا على خفض أسعار السلع بنسبة 30%    «ستاندرد أند بورز»: خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    التلفزيون الرسمي الإيراني: وقوع انفجارات قوية قرب أصفهان وسط البلاد    مندوب اليابان لدى مجلس الأمن: قطاع غزة يعاني مأساة إنسانية جراء الحرب المتواصلة    وزير الخارجية الإيراني: إسرائيل «ستندم» على أي هجوم ضدنا    تقارير أمريكية تكشف موعد اجتياح رفح الفلسطينية    محمد بركات: أطمئن جماهير الأهلي لهذا السبب.. وتفكير كولر سيتغير أمام مازيمبي    أصعب أيام الصيف.. 7 نصائح للتعامل مع الحرارة الشديدة    حظك اليوم برج العذراء الجمعة 19-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سوزان نجم الدين تتصدر تريند إكس بعد ظهورها مع «مساء dmc»    خالد حسين محمود: مسلسل الحشاشين كان يحمل هدفين الأول تنويري والآخر معرفي    فاروق جويدة يحذر من «فوضى الفتاوى» وينتقد توزيع الجنة والنار: ليست اختصاص البشر    ملف رياضة مصراوي.. ليفربول يودع الدوري الأوروبي.. أزمة شوبير وأحمد سليمان.. وإصابة محمد شكري    هدي الإتربي: أحمد السقا وشه حلو على كل اللى بيشتغل معاه    "ليست أول فرصة يهدرها في حياته".. كلوب يعلق على الانتقادات ضد صلاح    صدمة .. إصابة أحد صفقات الأهلي في الميركاتو الصيفي    هدف قاتل يحقق رقما تاريخيا جديدا في سجل باير ليفركوزن    مواعيد أهم مباريات اليوم الجمعة 19- 4- 2024 في جميع البطولات    وعد وهنوفي بيه، الحكومة تحدد موعد إنهاء تخفيف أحمال الكهرباء (فيديو)    3 ليال .. تحويلات مرورية بشارع التسعين الجنوبي بالقاهرة الجديدة    الجامعة العربية تطالب مجلس الأمن بالاعتراف بالدولة الفلسطينية باعتبار ذلك سبيلاً للسلام    الهلال الأحمر الفلسطيني: نقل إصابة ثانية من مخيم نور شمس جراء اعتداء قوات الاحتلال    محمود التهامي يحيي الليلة الختامية لمولد أبو الإخلاص الزرقاني بالإسكندرية (فيديو وصور)    أسعار العملات الأجنبية اليوم الجمعة.. آخر تحديث لسعر الدولار عند هذا الرقم    عز بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 19 إبريل بالمصانع والأسواق    شاهد.. نجوم الفن في افتتاح الدورة الثالثة ل مهرجان هوليود للفيلم العربي    منهم شم النسيم وعيد العمال.. 13 يوم إجازة مدفوعة الأجر في مايو 2024 للموظفين (تفاصيل)    تعديل ترتيب الأب.. محامية بالنقض تكشف مقترحات تعديلات قانون الرؤية الجديد    متحدث الحكومة: دعم إضافي للصناعات ذات المكون المحلي.. ونستهدف زيادة الصادرات 17% سنويا    محمود عاشور يفتح النار على رئيس لجنة الحكام.. ويكشف كواليس إيقافه    #شاطئ_غزة يتصدر على (اكس) .. ومغردون: فرحة فلسطينية بدير البلح وحسرة صهيونية في "زيكيم"    البابا تواضروس خلال إطلاق وثيقة «مخاطر زواج الأقارب»: 10 آلاف مرض يسببه زواج الأقارب    انهيار منزل من طابقين بالطوب اللبن بقنا    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    انطلاق برنامج لقاء الجمعة للأطفال بالمساجد الكبرى الجمعة    الإفتاء تحسم الجدل بشأن الاحتفال ب شم النسيم    ظهور أسماك حية في مياه السيول بشوارع دبي (فيديو)    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    فيوتشر يرتقي للمركز الثامن في الدوري بالفوز على فاركو    خبير عسكري: هجوم إسرائيل على إيران في لبنان أو العراق لا يعتبر ردًا على طهران    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    تخفيض سعر الخبز السياحي بجنوب سيناء    بسبب معاكسة شقيقته.. المشدد 10 سنوات لمتهم شرع في قتل آخر بالمرج    أحمد الطاهري يروي كواليس لقاءه مع عبد الله كمال في مؤسسة روز اليوسف    جريمة ثاني أيام العيد.. حكاية مقتل بائع كبدة بسبب 10 جنيهات في السلام    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    النشرة الدينية.. هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟.. وما هي أدعية شهر شوال المستحبة؟    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب سيارة على الطريق الإقليمى بالمنوفية    طريقة عمل الدجاج سويت اند ساور    طريقة عمل الكب كيك بالريد فيلفت، حلوى لذيذة لأطفالك بأقل التكاليف    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    بسبب أزمة نفسية.. فتاة تنهي حياتها بالحبة السامة بأوسيم    محافظ الإسكندرية يفتتح أعمال تطوير "حديقة مسجد سيدى بشر"    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال الشوارع .. وقود العنف
نشر في أكتوبر يوم 11 - 08 - 2013

نمر عليهم كل يوم.. تعودنا على رؤيتهم بملابسهم الرثة الممزقة التى لا تحمى من برد ولا حر ولا مطر وأجسادهم النحيلة جوعا وبؤسا وعيونهم الزائغة بحثا عن الأمان المفقود وخوفا ورعبا من مستقبل مظلم مرعب.. «جعان يابيه».. «والنبى ادينى اشترى أكل».. «مناديل يامدام».. «فل وورد يا آنسة»، قد نرى البعض منهم يبحث عن بقايا طعام فاسد كحياته الفاسدة فى صناديق القمامة أو مستغرقا فى نومه على الرصيف.. نتأفف منهم ومن إلحاحهم.. أو نمصمص شفاهنا شفقة عليهم ثم نمضى ونعود إلى منازلنا نأكل ونحتضن أبناءنا نسمع نشرات الأخبار.. نقرأ الصحف.. نشاهد برامج التليفزيون.. أحاديث لا تنتهى عن مؤتمرات حماية أطفال الشوارع وعقد حماية الطفل المصرى ورعاية الأطفال بلا مأوى.
وهناك 3 ملايين فى مصر هم بلا حياة وليس مأوى فقط.. يجدون أنفسهم فى الشارع.. يأكلون الفتات يشربون ما يجدونه أمامهم.. مدمنون.. شواذ.. مصابون بالإيدز. ويستغلون أسوأ استغلال فى أحداث العنف التى دارت وتدور كل يوم منذ ثورة 25 يناير كل ذلك هم ليسوا مسئولين عنه، سنعرض فى هذا الملف المشكلة بجوانبها المختلفة وأسباب وجودها ورأى الخبراء التربويين وعلماء النفس والاجتماع وغيرهم فى مشكلة أطفال الشوارع، وسنعرض أيضًا عددًا من الحلول والمقترحات لحل المشكلة، كما سنعرض بعض الدراسات العلمية التى ناقشت ظاهرة أطفال الشوارع والنتائج والتوصيات التى خرجت بها تلك الدراسات كما ولن نغفل المبادرات الشبابية التى قام بها عدد من الشباب الجامعى مساهمة منهم فى حل الأزمة.
فى البداية يقول د.محمود متولى عميد كلية التربية جامعة بورسعيد الأسبق تعتبر ظاهرة الأطفال بلا مأوى من أهم المشكلات الاجتماعية التى ظهرت فى المجتمع المصرى وهى تعتبر انعكاسًا سلبيًا للتغيرات الاجتماعية التى يتعرض لها المجتمع فلقد كان من أهم التأثيرات السلبية للتغيرات الاجتماعية فى الآونة الأخيرة تزايد معدلات التشرد والانحراف وارتكاب الجرائم بين الأطفال فهى تعد مشكلة اجتماعية أكثر من كونها مشكلة فردية لطفل يعانى من تواجده بالشارع بعيدا عن أسرته وتواجده بالشارع ساعده على اكتساب وممارسة أنماط السلوك الجماعى السلبى مع هؤلاء الأطفال. ويستكمل متولى حديثه والحقيقة أنه حتى الآن لا توجد بيانات متاحة عن أعداد هؤلاء الأطفال الذين يشكلون جماعات يهيمون على وجوههم فى الشوارع ولكن من الواضح أن أعدادهم فى زيادة مستمرة بالرغم من أن البيانات الإحصائية كثيراً ما يكون لها فائدة فى تحديد حجم المشكلة ومدى شدتها فى المجتمع فقضية أطفال الشوارع أصبحت مأساة بعد إهمال وزارة التضامن الاجتماعى ثم المؤسسات القائمة على رعاية هذه الفئة إلى جانب الإحساس بالمسئولية من الطبقة الرأسمالية أو الارستقراطية تجاه أبناء المجتمع. وأوضح متولى أن السبب فى تفاقم هذه المشكلة هو نظم التعليم الفاسدة والتى قسمت المجتمع ما بين (القادرين والعاجزين) أى الأغنياء والفقراء وأصبح هناك ضياعاً لمجموعة كبيرة ليست قادرة على توفير لقمة العيش (فكيف تستطيع أن توفر لأبنائها ما يمكن أن يقيها من عوز الحياة من ناحية ومواجهة الجهل من ناحية أخرى) هذا بالإضافة إلى انعدام الأخلاقيات والقيم فكل ذلك يؤدى إلى مزيد من أطفال الشوارع فالمجتمع عندما يفقد أخلاقياته يزداد أولاده وأبناؤه المشردون فالأخلاقيات هى الأساس الحفظ لكيان المجتمع.
وأشار متولى لكى نستطيع أن نتجنب هذه الظاهرة ونحكمها ونسيطر عليها من خلال مجموعة رسائل أهمها دور الدولة التى يقع على عاتقها المسئولية الكاملة فى انتشار هذه الظاهرة، فالمدارس أيضا مصدر مهم للطفل من الممكن أن يهرب الأطفال منها فلابد من توافر أخصائيين اجتماعيين ونفسيين فى المدارس يتعقبون هروب الأطفال للشارع ويتعرفون على ظروفهم ويبحثون عن مشكلاتهم وإيجاد الحلول لها.
عوامل متداخلة
وأضاف متولى إن مشكلة أطفال الشوارع ترجع إلى عوامل متداخلة منها عوامل طرد مثل ارتفاع نسبة التسرب من التعليم وارتفاع تكاليف تعلم الطفل وعوامل طرد من جانب الأسرة وكذلك المؤسسات التى تتولى رعاية الأطفال والأخرى عوامل جذب مثل الشارع والأصدقاء وعوامل ذاتية مثل حب الاستطلاع وحب المغامرة والهروب من سلطة الوالدين. وأشار إلى أننا فى أمس الحاجة إلى أن نفهم كيف يدار المجتمع فإحدى وظائف الأحزاب فى الفترات القادمة من المفترض أن تعتنى بأطفال الشوارع لأن السياسة ليست منصبًا وإنما البحث عن مشكلات المجتمع وإيجاد حلول لها والدفاع عن حقوق الفقراء وبناء كرامة المواطن المصرى هذا هو ما يجب أن يكون. بالإضافة إلى دور الإعلام فى تناول مشكلة الطفولة المشردة فى مصر ومدى تعبيره عن الواقع الفعلى لهذه القضية فى المجتمع المصرى فلابد من الحرص على زيادة حجم عمليات للتثقيف الإعلامى الخاصة بقضايا الطفل المصرى وكذلك ضرورة اهتمام الباحثين والعاملين فى مجال الطفولة بقضايا هؤلاء الأطفال. وأكد متولى على أن فئة الأطفال بلا مأوى من الفئات التى تمثل شريحة من شرائح المجتمع التى تحتاج إلى الرعاية والاهتمام والتى تعتبر بمثابة قوة مفقودة فى التنمية لذا يقتضى ضرورة مراقبة المؤسسات القائمة على رعايتهم من خلال وضع قواعد صارمة لهم لكى يلتزموا بها ولو نجحنا فى محاربة هذه الظاهرة لاستطعنا بالفعل اكتساب قوة جديدة تدعم التنمية فى حركة المجتمع. فهم طاقة يمكن أن يستفاد منها وأنهم ليسوا أطفالا منحرفين بطبيعتهم ولكنهم نتاج مشكلة الفقر أو الإهمال من أسرهم أو الهروب من العقاب وأن هؤلاء لهم نفس حقوق الطفل من حيث كرامته وحقه فى الحياة الكريمة وأن عدم رعاية وحماية الطفل بلا مأوى يعد ذلك مشروعا لإعداد مجرم كبير حيث يلجأ هذا الطفل للشارع ويتعلم لغته وسلوكه ويصبح فريسة سهلة لدخول احتراف عالم الجريمة.
ضحايا الأسرة والدولة
ومن جانبه يقول د. محمد سكران أستاذ بكلية التربية بجامعة الفيوم إن أطفال الشوارع هم ليسوا أطفال شوارع بل هم ضحايا تربية أسرية ليس لها مقومات أو أى أساس من التنشئة الاجتماعية وهم أيضا ضحايا الفقر والإهمال والتفكك الأسرى وضحايا إهمال الدولة منذ فترة طويلة.وأوضح سكران أن انتشار هذه الظاهرة له أسباب متعددة مجتمعية وأسرية وثقافية وسياسية والحل هو أن تكون هناك مؤسسات جادة فى تبنى هؤلاء الأطفال والقيام بهذه المهمة الإنسانية بالدرجة الأولى بحيث يتوافر فى هذه المؤسسات أخصائيون اجتماعيون وتربويون مؤهلون للتعامل مع هؤلاء الأطفال بأسلوب تربوى وعلى الدولة ان توفر لهم الإمكانيات اللازمة بالإضافة إلى سبل تشغيل هؤلاء الأطفال ولكن هذه المؤسسات شأنها شأن المؤسسات الأخرى فى المجتمع تعانى من قصور بشرى وفكرى يتمثل فى عدم القدرة على التعامل مع هذه الشريحة من الأطفال وأيضا تعانى من القصور المادى من حيث الإمكانيات المتاحة لديها فى الإنفاق على هؤلاء الأطفال.
تغير فى الجذور
ومن ناحية أخرى تقول د. نادية جمال الدين أستاذ بمعهد الدراسات التربوية جامعة القاهرة إن أساس هذه المشكلة انخفاض المستوى المعيشى وانتشار الفقر الذى يقتل كل المشاعر ويدفع الأهل أن يتخلوا عن أبنائهم ويدفع الأبناء ليهربوا من قسوة أسرهم فنحن نحتاج إلى تغيير من الجذور مع احترام دور كل المؤسسات والجهات المعنية برعاية هذه الفئة إلا أن الأصل ليس كذلك وإنما دور التوجه نحو توفير فرص عمل وتوفير حياه كريمة ومسكن لائق وغذاء كافٍ لأن ذلك أكبر من دور وأماكن للإيواء هذه مسكنات لن تجدى ولن تحل المشكلة. وتؤكد نادية نحن نحتاج إلى نظرة أخرى من تغيير الجوانب الاقتصادية فى الوطن ونحتاج أيضا سياسة اجتماعية أكثر كرما مع الأسر الفقيرة لحماية هذه الأسر من أنها تتخلى عن أولادها بالإضافة إلى توفير فرص العمل وتقديم المساعدات للأسر نفسها.
مؤكدة أن المجتمع يحتاج لرؤية إنسانية لهؤلاء الأطفال لرعايتهم والاهتمام بهم وذلك من خلال أن يظل الأطفال مع أسرهم ويقدم لهم الرعاية من المؤسسات الاجتماعية المختلفة وهنا تبنى الأسرة ككل حيث يظل الطفل فى كنف الأسرة موضحة أن عملية فصل الطفل عن أسرته ورعايته بدونها فى حد ذاته لا يساعد على النمو السليم فلابد من أن نهتم بالطفل داخل الأسرة وإعادة تنمية وضعها الاجتماعى والاقتصادى أى رعاية أسرية متكاملة. وأشارت إلى أن الوطن الآن يمر بظروف قاسية لكن هذا لا يؤجل أن نهتم بمشكلة الفقر كمشكلة أساسية لمشكلة أطفال الشوارع والعمل على القضاء عليها إلى جانب توفير التعليم بصورة جيدة للجميع وخاصة الصغار حتى لا نتيح الفرصة لتواجدهم فى الشارع وهذا يتطلب من الدولة أن توفر لهم ما يحتاجونه من متطلبات أساسية فى الحياة.
مقومات الحياة
ويقول د. محمود كامل رئيس الجمعية المصرية للمناهج والتدريس هذه ليست ظاهرة بقدر ما هى مشكلة اجتماعية خطيرة وناتجة عن مشكلة اجتماعية سابقة ومسببة لها هى الفقر وانتشار البطالة حيث ينتمى هؤلاء الأطفال إلى أسر منخفضة الدخل أو الأسر التى تعيش على خط الفقر وانتشار المناطق العشوائية وكذلك وفاة أحد الوالدين أو دخول أحد الوالدين السجن أو بسبب زوجة الأب أو زوج الأم أو الإدمان الشديد لرب الأسرة أو أكبر حجم الأسرة وانخفاض المستوى التعليمى لأفرادها ومهنة الوالدين أو القسوة والعنف فى المعاملة كما أن هناك أسبابًا تعليمية مثل التسرب من التعليم وبذلك يتضح لنا أن هناك مجموعة من العوامل المتنوعة التى تتضافر معا وفيما بينها لأحداث مشكلة أطفال بلا مأوى كل هذا أدى إلى وجود هؤلاء الأطفال دون مأوى ورعاية وحرمان من مقومات الحياة فالإحساس بالحرمان وعدم الرضا بل السخط على المجتمع يؤدى بهؤلاء الفئة بأن يكونوا وباء المجتمع من هنا تشكل الخطورة على المجتمع وعلى هؤلاء الأطفال لذا على الدولة بمؤسساتها الحكومية الرسمية والأهلية والنقابات ورجال الأعمال أن يأخذوا فى اعتبارهم هذه الفئة من أبنائهم وأفراد أسرهم وهذا يقتضى أن تهب الدولة فى القيام بمبادرة مخطط لها لرعاية هؤلاء الأطفال بلا مأوى فهم بالفعل يستحقون هذه الحملات والمبادرات حتى لا تزداد المشكلة ويحتاجوا بالفعل إلى مؤسسات رعاية تتحول إلى مؤسسات تربية وتتطور مؤسسات التربية إلى مؤسسات تعليم وتدريب والعمل على أن يشعر هؤلاء الأطفال أنهم أصبحوا مواطنين صالحين.
وأوضح كامل أنه (حرام) ما نراه من أطفال أبرياء تحت الكبارى والأرصفة وفى الشوارع (حرام) إنسانيا على دولة مسلمة أو علمانية.
وأشار أن هذه المشكلة تراكمية كالشجرة ذات الفروع الكثيرة والمجتمع يعمل على زيادتها واستغلال الأطفال (الصبية) فى الأجواء السياسية التى نعيشها ويتمنى ان تكون هذه المشكلة من أولويات الحكومة فى الفترة القادمة وتعتبرها أكثر من محو الأمية التى هى جزء منها. وأكد كامل لابد على هذه المؤسسات تسعى جاهدة لاحتواء هذه القضية وأن تقدم الرعاية والحماية للأطفال بلا مأوى من خلال التربية التحويلية لتعديل سلوكهم حتى لا يستيقظ المجتمع بهؤلاء الأطفال (اللحم المرمى) فى الشوارع والأرواح الهائمة فى الميادين والمحرومة من كل متطلبات الحياة الأساسية لهذا تعد ظاهرة أطفال بلا مأوى مشكلة عالمية واجتماعية عاشت مع الزمن وأصابت المجتمع كله مما جعل المجتمع يدرك أنها تعالج بالتقويم لشخصية الطفل لا بالعقاب والزجر وذلك ليصبح عضواً نافعاً فى المجتمع.
الجيل الثانى
ويقول د. محمود سليمان كبير الباحثين بالمجلس القومى للأمومة والطفولة أنه يأسف لتزايد الظاهرة ووجود الجيل الثانى وهو جيل أمهات أطفال الشوارع وأكد أن طفل الشارع يخضع لبلطجى والذى يكون أكبر منهم سنا أو أكثر منهم ضخامة بسبب أنه يوفر الحماية والأمان واللذات أو لأنه يكسر عينه بالاعتداء الجنسى وأوضح د. محمود أنه لا توجد قاعدة بيانات خاصة بأطفال الشوارع لأنه لا يوجد تعريف محدد لطفل الشارع فالمجتمع يرى أن الطفل الذى يعمل فى إشارة المرور طفل شارع ولكن هذا يندرج تحت بند عمالة أطفال مؤكدا على تركز الظاهرة فى عواصم المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية وأكد أنه كلما زادت فترة تواجد الطفل فى الشارع كلما صعب التعامل معة لأنه تشرب سلوكيات الشارع ويرى د. محمود أن الحل لهذه المشكلة ليس وضعهم فى السجون لأن السجن جزاء قرين فعل أو سلوك مادى أو معنوى وأشار أنهم ضحايا للمجتمع ومجنى عليهم وليسوا جناة ولحل هذه المشكلة قدم د. محمود فكرة إنشاء قرية الطفل السعيد والتى يتوافر فيها كل شىء من مدرسة ومشفى وسينما ومسرح ووحدة شرطة ومسجد وكنيسة على أن يتم نقل الأطفال إليها لعزلهم وتقويم سلوكهم وبذلك يصبحون مواطنين أسوياء ولكنه استبعد تحقيق ذلك لوجود جمعيات فى صالحها عدم حل المشكلة لأنها تستفيد من وجودهم مثل اليونيسيف وبعض الجمعيات المحلية فتعمل على إبقاء الوضع كما هو عليه.
الاستغلال الأسوأ
وتقول د. عزة كريم أستاذ علم الاجتماع والمستشار بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إن أطفال الشوارع هم الذين خرجوا من بيوتهم فى سن صغيرة رافضين الحياة مع الأسرة بسبب العنف من الأب أو زوجة الأب ورافضين الفقر الشديد ومتسربين من المدراس تعرفوا على أطفال فى الشارع زينوا لهم الحياة فية، وأضافت أن الأطفال وجدوا فى الشارع حياة مختلفة بها كل الاحتياجات من الأكل والشرب والنوم وإشباع الغرائز كما تنفسوا عبير الحرية المطلقة فرأوا أن الحياة فى الشارع أفضل منها فى المنزل وخصوصا لو أن عدد أفراد الأسرة كبير ويعانون من الفقر وأوضحت د. عزة أن الشارع كسر حدة الفقر بالنسبة للطفل لأن بإمكانه الحصول على أكثر من 40 جنيها فى اليوم وأكدت أن علاقة أطفال الشوارع مع بعضهم البعض تتسم بالحنية فيرى الطفل أن الشارع أحن عليه من أهله، وأوضحت أن قوتهم تكمن فى تضامنهم، وأكدت أن طفل الشارع يفعل أى شىء فى سبيل الحصول على أموال، فهناك العديد من الأعمال يزاولها أطفال الشوارع لجنى الأموال، منها التسول ومسح السيارات والسرقة وتجارة المخدرات والعلاقات الجنسية بالنسبة للإناث والقليل منهم يتاجر فى أعضائه، وأشارت د. عزة أن المشكلة الكبرى لديهم هى انعدام القيم والضوابط الأخلاقية، فهذا الوضع جعل بإمكان أى جماعة أن تستغلهم بالأموال، فعندما قامت الثورة استغل البلطجية أطفال الشوارع فى العنف والضرب فتم إلقاء القبض عليهم ووجدوا أنهم بلا هويات شخصية وبخصوص جمعيات أطفال الشوارع ترى د. عزة أن أطفال الشوارع يعتبرونها كالنادى، فيذهب إليها الطفل بنفسه طوال اليوم للترفيه عن نفسه والاستحمام وتغيير ثيابه ثم يعود إلى الشارع ليلا، وترى د.عزة أن الحل هو القبض على هؤلاء الأطفال ثم عمل تحقيقات سريعة ووضعهم فى الأحداث مع أهمية إعادة تأهيل العاملين فى هذه المؤسسات لكى يستطيعوا التعامل مع الأطفال وإعادة تأهيلهم سلوكيا.
773 طفلاً فى المؤسسة العقابية
أكد اللواء مدحت جمال الدين مدير الإدارة العامة لرعاية الأحداث أنه فى حالة القبض على أى طفل من أطفال الشوارع من سن السابعة إلى 18 سنة من خلال الأجهزة الأمنية المختصة يتم حجزه داخل قسم الشرطة فى مكان مخصص للأطفال بعيدا عن باقى المسجونين وبعد عرضه على النيابة وصدور قرار بحبسه احتياطيا أو صدور حكم من المحكمة ضده يتم وضعه فى المؤسسة العقابية بالمرج للذكور فقط والتى تحتوى على 773 طفلًا مبينا أن أكثر الجرائم شيوعا بينهم هى القتل والسرقة والاغتصاب، حيث يوجد 202 منهم ما بين محكوم عليه أو محبوس احتياطى فى جرائم سرقة بالاكراه و195 فى جرائم القتل و107 فى جرائم السرقة و34 فى جرائم هتك عرض و31 فى جرائم خطف واغتصاب و22 فى جرائم ضرب أفضى إلى الموت، وأوضح أن هروب الأطفال من دور الرعاية التى لا يوجد عليها حراسات أمنية مشددة غير التابعة لوزارة الداخلية ليس له علاقة بسوء المعاملة ولكن بسبب كبت الحرية المطلقة التى تعود عليها الطفل فى الشارع، مؤكدا على أن إدارة الأحداث تتعامل مع الطفل على أنه مجنى عليه وضحية مجتمع، مبينا أنه يتم العمل على إعادة تأهيلهم لكى يصبحوا أعضاء صالحين فى المجتمع من خلال عمل ورش عمل مثل ورش النجارة والورش الفنية وكذلك إتاحة الفرصة لممارسة الأنشطة الرياضية.
وأكد أنه فى حال وجود أطفال لديهم أمراض خطيرة أو حالات إدمان تتم معالجتهم على نفقة الدولة، وأشار مدير إدارة الأحداث إلى وجود تعاون بين الإدارة والمجلس القومى للأمومة والطفولة والمجالس القومية المتخصصة، موضحا وجود تعاون مع بعض المنظمات الدولية مثل هيئة اليونيسيف والمنظمة الدولية للإصلاح الجنائى ومكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة والانتربول الدولى لكشف العصابات الدولية التى تستغلهم، موضحا أنه تم الاستعانة به مؤخرًا فى قضية تعامل مواطنين أمريكين مع تشكيل عصابى داخل مصر من أجل شراء أطفال السفاح.
التسرب من التعليم والبطالة والفقر
قد يرجع التفاوت فى العدد إلى صعوبة حصر وتسجيل هؤلاء الأطفال فهم خارج نطاق أى مؤسسة سواء كانت مؤسسة الأسرة أو تعليمية أو عمل، والذى زاد الصعوبة تعقيدا هو عدم القدرة على تحديد أماكن وجودهم بدقة فهم فى حالة مطاردة وفرار دائم من التعامل من أية جهة أو مؤسسة لتجربتهم المريرة وعدم تحديد مفهوم دقيق لتعريف الطفل بلا مأوى. وهذا أمر يثير القلق على المستوى الأكاديمى ويحفز الباحثين والدارسين إلى تقديم تصورات بحثية وأكاديمية للمساهمة فى حل المشكلة أو التقليل من حدتها، ويعانى أطفال الشوارع من المشكلات السلوكية فى مؤسسات رعايتهم، وتعتبر هذه المشكلات من أكثر المشكلات انتشاراً بين الأطفال بلا مأوى، وتتعدد مشكلات وأنماط المشكلات السلوكية، فمنها السلوك المتمرد والعدوانى بأشكاله المختلفة، والنشاط الزائد، والسلوك الانسحابى والاضطرابات النفسية والانفعالية، والسلوك المضاد للمجتمع.
والمشكلات السلوكية التى يعانى منها الأطفال بلا مأوى تعوقهم عن السلوك القويم والمتوازن الذى بدوره يؤثر فى التوافق العام والاجتماعى للفرد وتظهر هذه الاضطرابات فى مدى واسع من اضطرابات سوء السلوك كالعدوان والعصيان والتمرد والكذب والسرقة، والتزييف، والتخريب والنشاط الزائد كما أوضحت نظرية التعليم الاجتماعى أن الأطفال يمكنهم تعلم سلوكيات معينة ليس من خلال ملاحظة الكبار والصغار الذين يمارسونها مباشرة فحسب وإنما أيضاً من خلال مشاهدة نماذج من تلك السلوكيات إلى أنهم سيتعلمون السلوكيات عن طريق المحاكاة وتفترض نظرية التعلم الاجتماعى أن السلوك اللاتوافقى لا يتشكل فقط بواسطة التقليد والملاحظة ولكن أيضاً عن طريق التعزيز والتدعيم، وأن تعديل هذا السلوك يتم بواسطة تفسير النتائج التى تؤدى. إليها مثل هذا السلوك وذلك باستبعاد الاستجابات والعادات السلوكية غير المرغوبة وتكون استجابات وعادات سلوكية ومهارات جديدة. فهناك العديد من الدراسات التى أجريت فى سياق هذه المشكله وسنعرض بعض الدراسات والتوصيات والحلول والنتائج التى خرجت بها من اجل الاستفادة من تلك الدراسات فى حل للمشكلة، وسنبدأ بدراسة للدكتور مدحت محمد أبو النصر تحت عنوان «مشكلة أطفال الشوارع فى مدينتى القاهرة والجيزة» وكان من نتائج الدراسة أنه ترجع مشكلة أطفال الشوارع إلى عوامل متداخلة هى عوامل طرد مثل ارتفاع نسبة التسرب من التعليم، ارتفاع تكاليف تعلم الطفل وعوامل طرد من جانب الأسرة وكذلك المؤسسات التى تتولى رعاية الأطفال وعوامل جذب مثل الشارع والأصدقاء وعوامل ذاتية مثل حب الاستطلاع وحب المغامرة والهروب من سلطة الوالدين .
وهناك دراسة أخرى للدكتور أحمد صديق تحت عنوان خبرات مع أطفال الشوارع فى مصر أظهرت عدة نتائج مهمة أن أطفال الشوارع نتاج لعدة عوامل أهمها «العوامل الاجتماعية» والمرتبطة بالظاهرة مثل: (التسرب من التعليم – البطالة – الفقر – هجرة الأسرة الفقيرة إلى المدن ) وأشارت الدراسة إلى مجموعة من السمات الشخصية لدى طفل الشارع فهى «حب التملك – الشغب – العناد – الميول إلى العدوانية – الانفعال الشديد – التشتت العاطفى – عدم وجود معايير الخطأ والصواب» كما أن قيم أطفال الشوارع الإيجابية والسلبية يتم اكتسابها من خلال تواجدهم فى الشارع وتتشكل من خلال عمليات تفاعلية. ودراسة أخرى للدكتور محمد محمود مصطفى تحت عنوان أطفال الشوارع نحو برنامج مقترح للتدخل المهنى للخدمة الاجتماعية.
كان من نتائجها أن معظم أطفال الشوارع يجهلون القراءة والكتابة نتيجة الظروف الأسرية غير الملائمة مثل (إهمال الوالدين – انفصال الوالدين – الإساءة للوالدين – انعدام الرقابة على الأطفال)، وهناك دراسة أخرى للدكتور نشأت حسن تحت عنوان «ظاهرة أطفال الشوارع دراسة ميدانية فى نطاق القاهرة الكبرى» وأشارت الدراسة إلى أن تعد ظاهرة أطفال الشوارع تعد مشكلة اجتماعية أكثر من كونها مشكلة فردية لطفل يعانى من تواجده بالشارع بعيدا عن أسرته، وتواجده بالشارع ساعده على اكتساب وممارسة أنماط السلوك الجماعى السلبى مع هؤلاء الأطفال. واكتساب الطفل لمجموعة من المهارات والخبرات والمفاهيم التى تساعده على التكيف مع طبيعة وظروف البقاء بالشارع. كما تسعى الدراسة الحالية للتعامل مع فئة الأطفال بلا مأوى ودراسة السلوكيات اللاتوافقية والتى تعانى منها هذه الفئة، والتى قد تمثل أحد العوامل التى تدفعهم إلى الانحراف. ومن هنا نجد أن الدراسة ركزت على أنماط من هذه السلوكيات باعتبارها أكثر الأنماط السلوكية غير المرغوبة والشائعة وهى السلوك العدوانى، التمردى والسلوك الانسحابى .
ظاهرة الأطفال بلا مأوى
لقد قامت الأمم المتحدة عام 1986 لتعريف «طفل بلا مأوى» بأنه طفل ذكرًا كان أم أنثى قد اتخذ من الشارع محلاً للحياة والإقامة دون رعاية أو حماية أو إشراف من جانب أشخاص راشدين مسئولين .كما تعرف منظمة اليونيسيف عام 1986 أطفال بلا مأوى بأنهم الأطفال الذين يقيمون بالشارع ويعيشون فى حياة الشارع دون اتصال مباشر أو منتظم بأسرهم.
ويعرف أطفال بلا مأوى.. بأنهم الأطفال الذين يعملون ويقيمون فى الشوارع كل أو بعض الوقت دون رعاية من أسرهم كما يعرفون بأنهم الأطفال المهضومة حقوقهم والمظلومون الذين يقيمون فى الشوارع ويعملون بها كما يعرف المجلس القومى للطفولة والأمومة: بأنه هو ذلك الطفل الذى دفعت به الظروف الاجتماعية والاقتصادية إلى الشارع الذى يعتبر المأوى البديل له معظم أو كل الوقت حيث يظل محروماً من الرعاية الأسرية حيث يمارس أنواعاً مختلفة من الأنشطة الخطرة لإشباع حاجاته الأساسية مما يعرضه للمساءلة القانونية.
ويعرف بأنه الطفل الذى يلقى الرعاية والحماية من الكبار، ولا مأوى له ولا عائل ولم يرتكب جرائم يعاقب عليها القانون فهو طفل ترك أسرته كراهية أو طواعية وفى البقاء فى الشارع للأسباب الاجتماعية والنفسية المختلفة. ولا شك أن الطفل يمثل فى هذا القرن مركز اهتمام فى مختلف دول العلم المتقدمة والتى فى طريقها إلى التقدم والنمو حيث يتوقف مستقبل المجتمع الدولى على المناخ الصحى الذى يخلقه الأطفال اليوم، والذين يشكلون أكثر من ثلث سكان العالم، وعلى اعتبار أن كل شئ يبدأ من مرحلة الطفولة إذ إن 90% من المهارات والخبرات التى نعرفها ونتعلمها فى فترة الطفولة تستمر معنا فى رحلة العمر كله، وتؤثر على سلوكياتنا. تعتبر الطفولة هى «المرحلة الأولى من العمر» وتبدأ من الميلاد حتى الثامنة عشرة وتتميز بخصائص جسمية ونفسية وعقلية واجتماعية، ومما يجعلها أهم مراحل العمر لما تتميز به من قابلية للاستجابة لكل المؤثرات الخارجية.ولذلك فإن قضايا الطفولة مرتبة متميزة على المستوى العالمى والمحلى، نظراً لأهمية هذه المرحلة، حيث تنمو فيها قدرات الطفل ومواهبه ويكون قابلا للتأثير والتوجيه، ولذا فإن الاهتمام بمستقبل الطفل يعد من أهم الأهداف التى تسعى الدولة إلى تحقيقها، حيث تعتبر الطفولة صانعة المستقبل لأن أطفال اليوم هم رجال الغد. بدأ الاهتمام بالطفولة منذ إعلان جنيف لحماية الأطفال عام 1924 ثم تطور ليصبح نواة لإعلان الطفل عام 1959، والعهود الدولية التى تمثلت بوضوح فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان عام 1948 التى تسعى إلى تحسين أوضاع الطفل. فوضع الأطفال مرتبط بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية العامة السائدة، والأوضاع الخاصة بأسرهم، وأن هؤلاء الأطفال يعتبرون ضحايا لتلك الأوضاع، التى لا يد لهم فيها، فإذا لم تكتشف المشكلات التى تواجههم مبكراً فقد ينتهى بهم الأمر إلى الانحراف والجريمة.
أهم المبادرات الشبابية
انطلق عدد من المبادرات التى كونها مجموعة من الشباب والذين لم يكتفوا فقط بالنظر والتحسر على الواقع السياسى والاقتصادى والاجتماعى الأليم الذى تعيشه مصر بل قرروا أن يكونوا جزءًا فاعلًا فى هذا المجتمع وعندما بحثوا عن أكثر مشكلة قد تكون خطرا على المجتمع بأكمله وجدوا ضالتهم فى أطفال الشوارع الذين يعانون الجوع والجهل والفقر والتجاهل. ومن تلك المبادرات مبادرة «زيى زيك» ومبادرة «أنا إنسان».
مبادرة «زيى زيك» هى مبادرة شبابية تجمع بين طلاب عدة جامعات ومدارس مصرية تهدف لمساعدة أطفال الشوارع مما هم فيه. وتعمل المبادرة على إعادة تأهيل من 15 - 30 طفل فى خلال سنة وهو عمر المبادرة وحتى الآن لايوجد لهم أى دعم وكل المصروفات مصروفات ذاتية. ولقد شاركت المبادرة فى اليوم العالمى للتطوع ويوم اليتيم وورش عمل خاصة مع 15 جمعية ومؤسسة مهتمة بموضوع أطفال الشوارع وأيضا مؤتمر «الشارع مش بيتى» بالجامعة الأمريكية بالتعاون مع وزارة التعاون الدولى والذى التقوا فيه مع أكثر من 10 جمعيات هيئات متخصصة فى مجال التعامل مع طفل الشارع ولقد أسس المبادرة أحمد جمال طالب فى تجارة جامعة حلوان وعبد الله عماد طالب فى آداب عين شمس ومحمد أشرف فى كلية الهندسة ويبلغ عمر المبادرة عاما كاملا كون فيها الشباب عددًا من اللجان كاللجنة الطبية ولجنة الخدمة الاجتماعية وغيرها من اللجان لمساعدة أطفال الشوارع وعلاج مشاكلهم النفسية والاجتماعية، بالإضافة إلى معالجتهم من بعض الأمراض الجلدية وغيرها بسبب المبيت فى الشارع ليلا ونهارا كما يوجد أيضًا لجان للرحلات والترفيه وعن المشاكل التى تواجههم يقول أحمد جمال أن الدولة لم تقدم لهم يد المساعدة ولا تقدم لهم أى دعم يذكر ويعتمدون اعتمادا كليا على جهودهم الذاتية. وأضاف أنهم أسسوا مقرا للمبادرة فى عزبة أولاد علام ينزلون إليها يوميا لتجميع عدد من أطفال الشوارع ويجلسون معهم 6 ساعات يوميا يقدمون لهم الطعام وبعض المعلومات الدينية وتنمية بعض المهارات الحرفية لديهم ثم يتركونهم ليرجعوا إليهم فى اليوم التالى على وعد أن يلتقوا بهم مجددا وغالبا يرجع إليهم أكثر من نصف عددهم بقليل ومن هذا المنطلق يتم أخذهم إلى مقر أطفال الشوارع التابع للدولة فى وادى حوف ويقول عبد الله عماد إنه فى الفترة القادمة سيعملوا على حل مشكلة العلاقات غير الشرعية بين أطفال الشوارع من سن 18 عام. ويقول محمد أشرف المنسق الإعلامى وأحد مؤسسى مبادرة «زى زيك» أن بداية المبادرة كان منذ عام تقريبا ووجدوا أن طفل الشارع يستحق الاهتمام، خاصة أنه بشر مثلنا وضع فى ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة ونجحت الفكرة وزاد عدد المتطوعين ل 150 متطوعًا فى جميع المجالات الطبية والاجتماعية والثقافية وبدأنا نتعامل مع طفل الشارع بأسلوب علمى ولا يوجد دعم مادى بل نعمل من خلال التطوع كتطوع طلاب كلية الطب الذين يساعدوننا فى الاهتمام الطبى بهؤلاء الأطفال واللجنة الدينية معنا متطوعين من الشباب المثقفين دينيا يرشدون الأطفال ويوجهونهم ويعلمونهم الصلاة ويقربونهم من الله ولدينا لجنة اجتماعية من طلاب كليات الخدمة الاجتماعية يبدأون البحث فى حالة كل طفل ويتعرفون منه على الظروف التى أوصلته لأن يكون طفل شارع وأوضح محمد أشرف أن أطفال الشوارع هم قنابل موقوتة وحذرنا من انفجارها فى أية لحظة وها نحن نجنى سكوتنا المستمر وصمتنا على هذة الظاهرة التى انتشرت بيننا فى كل مكان فالمتابع لسرقة اتحاد الكرة سيجد أنهم أطفال الشوارع إضافة لحريق مؤمن بباب اللوق كما أن المتابع للأحداث الماضية سيجد أن بطلها الأول هو طفل الشارع الذى كفر بالمجتمع والدولة ويكافح الآن لينتقم من المجتمع الذى ظلمه واعتدى عليه.
مبادرة «أنا إنسان»
هم مجموعة من الشباب اهتموا بمشكلة أطفال الشوارع وقاموا بعمل العديد من الفعاليات من أجل الوصول إلى أطفال الشوارع الذين حرموا من الإحساس بطفولتهم وإنسانيتهم ويقول عبد الرحمن الطحاوى أحد مؤسسى مبادرة «أنا إنسان» إن أطفال الشوارع بحاجة ماسة إلى الشعور بهم والتكلم معهم أكثر بكثير من احتياجهم للمادة، فهناك بعض الأشياء البسيطة التى تسعدهم وذلك من خلال العديد من الفقرات والأنشطة. وأشار إلى أن تلك الفئة مهمشة للغاية ليس لديها أى حقوق وغير محسوبة على المجتمع يعملون طوال اليوم فى بيع المناديل أو مسح زجاج السيارات أو التسول وغيره حتى اختفت براءتهم. وأضاف أن هدف المبادرة هو محاولة إخراجهم من جو العمل إلى جو مختلف عليهم يتذكرون فيه طفولتهم من خلال اللعب حيث يقوم هو وأبناء المبادرة بالنزول إلى الشارع ومشاركة الأطفال فى التلوين والرسم والغناء وغيرها من الأنشطة.
أكثر جُنح الأطفال
تشير إحصاءات الإدارة العامة للدفاع الاجتماعى إلى زيادة حجم الجنح المتصلة بتعرض الأطفال بلا مأوى لانتهاك القانون حيث كان أكثر الجنح هى السرقة بنسبة 56% والتعرض للتشرد بنسبة 16.5% والتسول بنسبة 13.9% والعنف بنسبة 12% والجنايات بنسبة 2.9% ومن أهم الإحصاءات التى أصدرتها الإدارة العامة الدفاع الاجتماعى فى محاولة رصد إعداد الأطفال المعرضين للانحراف داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية على حسب أعمارهم فقد بلغ أعدادهم عام 2002 إلى (4351) طفلًا وبلغ عددهم فى عام 2003 إلى (4581) وفى عام 2004 بلغ عددهم (5044) وفى عام 2005 م بلغ عددهم 5246 طفلًا وفى عام 2006 بلغ عددهم (5323) طفلًا، ويتضح لنا أن أعدادهم هؤلاء الأطفال فى زيادة مستمرة من الجنسين ومن جميع الأعمار.
وبناء على سجلات «قرية الأمل» وهى إحدى الجمعيات الرائدة فى هذا المجال فى مصر أنه قد تم رعاية حوالى (4383) طفلا بلا مأوى منذ عام 1990 وحتى عام 2000.
رقم «16000» لنجدة الطفل
وضع المجلس القومى للأمومة والطفولة منذ ثلاث سنوات استراتيجية حماية وتأهيل أطفال بلا مأوى وكانت إحدى توصياته إنشاء صندوق يشارك فيه رجال الأعمال والصناعة ويقام له جهاز وظيفى ليتولى ايجاد حلول جذرية لمشكلة أطفال الشوارع وحتى الآن لم يتم تشكيل هذا الصندوق.. فهل قضية الختان أهم عند المجلس من قضية أطفال الشوارع التى بحثها فى عشرات المؤتمرات فى الفنادق الفاخرة التى يقف وينام حول الشوارع المؤدية لها آلاف من أطفال الشوارع ينتظرون أن يخرج أعضاء المجلس من الفنادق ليقدموا الحلول الجذرية لهذه المشكلة المزمنة؟
وعلى الجانب الاخر أكدت سمية الالفى مدير عام وحدة التنمية والنوع بالمجلس القومى للامومة والطفولة إن ملف أطفال الشوارع يحتل الأولية الأولى للمجلس القومى للأمومة والطفولة منذ 15عاما، وكان المجلس من أولى المؤسسات التى نبهت إلى خطورة الظاهرة. وأوضحت أن المجلس على استعداد تام للتعاون مع اى منظمة للقضاء على جذور مشكلة الأطفال بلا مأوى، وأشارت إلى ان المجلس القومى منح منظمة فيس الخاصة برعاية الأطفال بلا مأوى بمناسبة مرور عشرة أعوام على افتتاحها واستمرارها فى تقديم خدماتها للأطفال بلا مأوى، دون أى تخاذل أو تباطؤ فى مساعدة أى طفل بعكس عدد كبير من المنظمات والجمعيات الأهلية, مبنى مكون من أربعة طوابق فى مدينة السلام، يزيد عن 50 طفلا بلا مأوى. وأضافت ان هناك دراسة للمجلس القومى للأمومة والطفولة أعدها، وحدد فيها الاستراتيجية القومية لحل هذه الظاهرة وتحديد الأدوار التى يجب أن تقوم بها المؤسسات المختلفة فى الدولة.
وأكدت أن الدولة هى التى تتحمل المسئولية فى حماية أطفال الشوراع وإعادة تأهيلهم، لأنه من المستحيل إلقاء هذه القضية القومية على عاتق منظمات المجتمع المدنى وحدها، خاصة أن بعد الثورة هناك خفضا للتمويل الأجنبى لهذه الجمعيات، بالإضافة إلى أن روح التبرع تراجعت بشكل كبير فى الفترة الأخيرة أما عن أعداد أطفال الشوارع فقالت الالفى انة لايمكن أن نحدد رقما دقيقا حول أعداد أطفال الشوارع، لأنها ظاهرة متحركة، لايمكن إحصائها بشكل دقيق، مشيرة إلى انه ينبغى على الدولة أن تتجاوز فكرة الأرقام ويجب البدء على الفور فى إعادة تأهيل أطفال الشوارع والقضاء على كل العوامل التى تساعد على تفاقمها كالفقر والبطالة ,واضافت ان المجلس القومى للطفولة والأمومة بالتعاون مع المجلس العربى للطفولة والتنمية،نظم أول ورشة عمل لمديرى المستشفيات الحكومية، وذلك فى اطار مشروع «بناء قدرات العاملين فى المؤسسات الحكومية المتعاملة مع أطفال الشوارع «، بهدف تغييرالنظرة السلبية تجاه أطفال الشوارع وإعادة تأهيلهم ودمجهم فى المجتمع مرة اخري.
وناشدت الالفى كل فئات المجتمع المصرى بالتكاتف ودعم الجهود من أجل حماية الأطفال من الاستغلال بكل اشكالة لان حماية الطفل المصرى بمثابة حماية للثورة المصرية لأن الأطفال هم مستقبل مصر يستلزم حمايتهم وصون كرامتهم.كما وناشدت مختلف منظمات المجتمع المدنى والأحزاب والتيارات والائتلافات فى دعم حماية الأطفال وعدم تعريضهم للمخاطر بالتدخلات الوقائية لمنع استغلال الأطفال فى أعمال عنف أو انسياقهم فى تلك الأعمال.
وناشدت كل وسائل الإعلام بتبنى التنويه عن آلية الوقاية والحماية التابعة للمجلس خط نجدة الطفل 16000 للإبلاغ عن أى انتهاكات يتعرض لها أطفال والعمل على توعية الأسر بعدم اصطحاب أطفالها فى التجمعات السياسية والتوعية بقانون الطفل المصرى الذى يجرم استغلال الأطفال، والالتزام بحقوق الأطفال المعرضين للخطر .كما نبه المجلس القومى للطفولة والأمومة إلى أن قانون الطفل المصرى رقم 12 لسنة 1996 المعدل بقانون 126لسنة 2008 يجرم ويعاقب تعريض حياة الطفل وأمنه للخطر ، يحظر كل مساس بحق الطفل فى الحماية من الاستغلال، ويعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه عن هذه الجريمة، هذا ويعد الطفل معرضًا للخطر أيضاً إذا تعرض للتحريض على العنف أو الاستغلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.