مع حلول شهر رمضان المبارك تكتسى البلدان الإسلامية طابعا خاصا يميز الأجواء فيها عن باقى شهور السنة، وهى أجواء تختلف من بلد إلى آخر تبعا للتقاليد والعادات الموروثة وهو ما يجعل رمضان فى كل بلد بطعم مميز ورونق خاص. وتتشابه البلدان المسلمة فى العبادات برمضان مثل الاعتكاف وتلاوة القرآن ولكنها تختلف فى العادات والتقاليد.. لذا نتجول خلال الشهر الفضيل عبر سلسلة من الحلقات فى عدد من البلدان الإسلامية، إضافة لرصد معالم رمضان فى بعض الدول الأوروبية. بلغاريا المسلمون فى بلغاريا يمثلون ربع سكان البلاد ويقدر عددهم بمليونين ونصف مليون نسمة ورغم ذلك فأوضاعهم سيئة، فالعاصمة ( صوفيا ) لا تحتوى إلا على ثلاثة مساجد فقط ، تحول أحدها إلى كنيسة والآخر إلى متحف ! والثالث تم إغلاقه ! والكتب الدينية تكاد تكون نادرة، أما الوعاظ المسلمون الذين أتوا من الدول العربية، فأغلبهم لا يتقنون اللغة المحلية للبلغار. ورغم هذه الأوضاع، فإن المسلمين يحرصون خلال شهر رمضان على إقامة صلاة التراويح فى الهواء الطلق، حيث يفترشون الأراضى بالسجاجيد، ويصلون عليها كما يقرأون القرآن فى جماعة ، وتتم إقامة موائد الرحمن لغير القادرين من مسلمى بلغاريا فى مظهر للتكافل والتآلف يعد غريباً لدى غير المسلمين الذين انقطعت صلتهم بالدين. والمسلمون يعانون فقرًا فى العلوم الدينية ولا توجد منح لراغبى الدراسة الشرعية من قبل الدول الإسلامية ويعانون كذلك من نقص الكتب الدينية، ونقص المصاحف ( القرآن الكريم)، خاصة أنهم فى أمس الحاجة إلى قرآن كريم مترجم إلى اللغة المحلية فى بلغاريا، كما أن الأطفال البلغاريين يحتاجون إلى القرآن ، وكتب الحديث مترجمة إلى اللغة المحلية ، ويحتاجون إلى المتخصصين المؤهلين. فرنسا المسلمون فى فرنسا أكبر جاليات فى أوروبا حتى إنهم يقدرون بعشرة ملايين مسلم – حسب إحصائية غير رسمية – أكثر من مليون ونصف مسلم ينتمون إلى الجنسية الفرنسية ، كما يبلغ عدد المساجد الفرنسية حوالى ألف، طاقة المسجد تستوعب 40 مصليا ، غير أن ثمانية منها تستوعب أكثر من ألف مسلم. وشهر رمضان الكريم يعد فرصة لدى المسلمين الفرنسيين والمهاجرين للاجتماع على رأى واحد. يبدأ المسلمون فى فرنسا أول أيام صومهم فى شهر رمضان، متفقين بذلك مع العديد من الدول العربية، حسب ما يعلنه المعهد الإسلامى فى مسجد باريس. ويشهد شهر رمضان فى فرنسا تواؤما بين الجماعات المهاجرة المقيمة هناك ، ويقومون فى المساجد والمراكز الإسلامية بأداء الصلاة ، ورغم برودة الجو فإن أطفال المسلمين يجدون فى السهر واللعب فى بهو المسجد والحدائق متنفسا، بينما يتواصل الكبار من خلال التقاء الأسر، ويلاحظ وجود الإفطار الجماعى فى المركز الإسلامى فى باريس والمدن الأخرى فى فرنسا، مرسيليا ، ونيس، وكان. ( موائد الرحمن ) من أهم ما يميز شهر رمضان فى فرنسا، حيث يقوم (المركز الثقافى الإسلامى لخدمة المجتمع ) الذى تشارك فيه كل المساجد الإسلامية فى فرنسا بتقديم أكثر من 700 وجبة للمسلمين ، كما يتولى جامع ( باريس ) حملة تحت عنوان : ( من أجل مواجهة الجوع ) حيث يتم توزيع أكثر من 300 وجبة يوميا توضع على ( مائدة الرحمن) بشارع (فلندر) ، وفى ليلة القدر يجتمع المسلمون كى يدعوا فى هذه الليلة المباركة. إريتريا لم تتعاف حتى بعد الاستقلال ، بل يعانى مسلموها – وهم أغلبية – من تعنت شديد وضيق عيش رغم أن إريتريا تتمتع بموقع جغرافى مهم، وتعانى إريتريا من قلة المساجد حيث لا يوجد بها سوى 200 مسجد ، وهو عدد ضئيل مقارنة بحجم المسلمين فى البلاد ، الذى تتجاوز نسبتهم نصف عدد السكان البالغين – ستة ملايين – حسب بعض الإحصاءات. وتعود قلة المساجد إلى أن مسلمى إريتريا من البدو الرحل حيث ينتقلون وراء المياه والكلأ لرعى الأغنام ، لم يكن هناك استقرار ، وغالبية الشعب الإريترى من الفقراء وينتظرون شهر رمضان بلهفة وشوق ، خاصة أن إخوانهم الأغنياء يقيمون الموائد فى الشوارع كما يقوم معظم الناس بتناول طعام الإفطار الجماعى فى المساجد بمناطق إقامتهم حيث يتم تقديم ما يتيسر من الطعام وبعد صلاة المغرب يعودون للمنازل قبل عودتهم للمساجد لصلاة العشاء ثم التراويح ، حيث تختتم هذه الصلاة بالدروس الدينية من الأئمة والوعاظ ، وغالبيتهم من علماء الأزهر فى مصر. تايلاند المسلمون فى تايلاند ثلث المجتمع التايلاندى ، لكن المواطن أيا كان دينه يشعر فى شهر رمضان بأن عدد المسلمين يتضاعف كل يوم بسبب مظاهر الاحتفال بهذا الشهر وتلحظ خلال رمضان أنه فى كل مدينة وكل قرية لا بد أن يفتتح مسجد جديد فى شهر رمضان ، حتى لو كان المسجد صغيرا ومتواضع البناء. كما أن الذين يحفظون القرآن بأكمله لهم احتفالية خاصة فى شهر رمضان فالناس يحملونهم على الأكتاف فى مظاهرات فرحة ، ويطاف بهم فى الشوارع كقدوة لبقية المسلمين وتشجع الشباب على حفظ القرآن ، وعندما يبدأ شهر شعبان يتقدم المسلمون الذين حفظوا القرآن الكريم لمجلس حفظ القرآن الذى ينعقد طوال شهر شعبان ، لاختبار حفظه القرآن. يحافظ المسلم التايلاندى على صلاة الجماعة فى رمضان ، وصلاة التراويح لها قدرها إذ يعتكف الكثيرون فى المسجد خلال الليل حتى مطلع الفجر ، مع بداية رمضان تذبح كل أسرة تايلاندية مسلمة ذبيحة احتفالا ً بشهر رمضان لإطعام الفقير ، وإهداء الجار ، حتى الأسر الفقيرة تكتفى بذبح الطيور .. المهم أن الذبح فى اليوم الأول للصوم عادة تايلاندية منذ سنوات طويلة تحرص عليها كل أسرة. وقبيل موعد الإفطار تخرج السيدات من المنازل فى جماعات ويجلسن أمام أحد المنازل ويتناولن الإفطار جماعة. البوسنة يهتم البوسنيون بتلاوة ورد قرآنى يومياً وفى كل مناسباتهم وفى رمضان بالأخص. وشهر رمضان فى البوسنة كما هو فى بقية العالم الإسلامى، هو شهر القرآن، يصومون نهاره، ويقيمون ليله. ويقرأ البوسنيون فى شهر رمضان جزءاً واحداً كل يوم حتى يختم القرآن فى آخر الشهر المبارك، ويقضى البوسنيون مدة الاعتكاف فى المساجد فى الذكر وقراءة القرآن. وفى بعض وسائل الإعلام المسموعة والمرئية التى يملكها بعض المسلمين، يتم بث القرآن الكريم كاملاً فى رمضان ويتم استضافة العلماء والدعاة لشرح وتفسير القرآن الكريم.