ساكنة بك هى مطربة نهاية القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر لمع أسمها فى عصر محمد على وامتدت شهرتها حتى عصر عباس الأول ثم سعيد باشا وتوفيت بعد أن بلغت سن الشيخوخة فى عهد الخديو اسماعيل هى أقدم المغنيات فى العصر الحديث بعد مجموعة مغنيات العصر المملوكى لقبت بساكنة بك وهى أول سيدة مصرية تحصل على البكوية. استمعت ساكنة بك إلى المطربة الصاعدة الواعدة ألمظ وظلت تتجاهل نجوميتها فى المجتمع المصرى حتى وصلت لدرجة يستحيل معها التجاهل وتفاديا للمنافسة معها نجحت فى أن تضمها إلى فرقتها حتى تكون تحت رقابتها ولا تصيب نجوميتها بسوء. تدربت ألمظ على الغناء فى فرقة ساكنة بك لكن الأخيرة لم تستطع أن تمنع نفسها من الحقد عليها لتفاعل الجماهير مع صوتها. وخرجت ألمظ من فرقة ساكنة بك لتكون فرقة خاصة تحمل اسمها استطاعت أن تقضى على نجومية ساكنة بك تماما. الاسم الأصلى لألمظ هو سكينة سليمان الحلبى، هاجر والدها من لبنان ليعيش فى الإسكندرية، وقيل أنه كان يعمل فى مجال البناء وكانت ابنته ألمظ تساعده بحمل «قصعة المونة» مع الغناء أثناء ذلك مع زميلاتها الفتيات وقيل أن والدها كان صائغا بدليل أنه أسمى ابنته ألمظ من الماس. كانت ألمظ قمحية اللون واسعة العينين كثيفة الحاجبين عذبة المنطق. تخصصت ساكنة بك فى غناء أشعار ابن الفارض، أما سكينة (ألمظ) فقد اختارت اللون الفلكلورى الشعبى واشهر أغانيها «والنبى لهشه يالعصفور» . كانت ألمظ خفيفة الظل لا تتوقف عن مداعبة الجمهور أثناء غنائها حازت ألمظ على رضا الخديو اسماعيل وأمر بأن تعيش فى السراية الخديوية مما أكسبها مكانة رفيعة حتى أنها كانت تذهب إلى حفلاتها فى موكب رسمى. فاقت ألمظ نجومية مطرب عصر عبد الحامولى ونافسته بقوة وكثيرا ما نشأ بينهما مداعبات فنية خلال الحفلات والأفراح وكثيرا ما كان أثرياء مصر يجمعون بينهما فى الأفراح والليالى الملاح، منها على سبيل المثال أغنيتها «عدى ياالمحبوب وتعالى وان مجتش اجيلك أنا» التى غازلت فيها الحامولى عندما اضطر لركوب معدية ليعبر بها النيل من شاطئه فى القاهرة إلى شاطئه بالجيزة. وفى حفل آخر غنت ألمظ «ياللى تروم الوصال وتحسبه أمر ساهل .. ده شىء صعب المنال وبعيد عن كل جاهل» فرد عليها الحامولى بدور مطلعه «روحى وروحك حبايب من قبل دا العالم والله» وقد أثرت هذه المداعبات بين ألمظ وعبد الحامولى إلى أن نشأ الحب بينهما فتزوجا وكانت ليلة زفافهما من الليالى المبهرة تجمع فيها كل أهل الفن فىعصرهما. توفيت سكينة (ألمظ) وهى زوجة الحامولى. ولم يرزقا بأطفال وتألم الحامولى لفراقها وغنى «شربت الصبر من بعد مر الحال ما عرفت أصافى» أما الخديو إسماعيل فقد أمر بأن يمر جثمانها من ميدان عابدين مقر قصره وكان ذلك ممنوعا، وأثناء مرورها أطل الخديو من القصر وترحم عليها. وانتقل فن الغناء بعد ساكنة وسكينة إلى شارع محمد على وظهرت أسماء العوالم (جمع عالمة) نعيمة شخلع و زوبة الكمسارية وأنوس المصرية وعزيزة كهربة. وكانت الغوازى يأتين إلى القاهرة من أقاليم الصعيد ووجه بحرى كل واحدة يصاحبها طبال وزمار من أجل إحياء الأفراح والزفة. والغازية فنانة تجمع بين الغناء والرقص ومنهن شفيقة القبطية التى رقصت 1891 مرتدية حذاء كعبه من الذهب الخالص فى باريس ولما عادت لمصر تربعت على عرش العوالم وتزوجت شابا منحرفا قضى على كل أموالها حتى وصلت إلى التسول. أما بمبة كشر فكان المطرب الشهير سيد الصفطى واحدا من أزواجها وهم كثر. وانتشرت أغنيات «الهئ والمئ» فى أعقاب الحرب العالمية، وكثرت الملاهى وعلب الليل لكشكش بك. وكسرت الدنيا طقطوقة «عصفورى يا أمه عصفورى لا رقص وأورليه أمورى» غناء المطربتين اليهوديتين ليلى و قمر. كانت المغنيات فى هذه الفترة غالبا من البدينات من أصحاب حزب شجر الجميز وأثوابهن تبرق بالترتر. ومن نشاطهن العادى الجلوس إلى الزبائن لتقديم الخمور لهم بأثمان مرتفعة «تفتح للزبائن يعنى». وظهرت مقاهى القاهرة كمكان للغناء ومن أشهر مطربات المقاهى سيدة السولية جدة المطرب محمد قنديل وكانت ترتدى الحجاب وتمسك بالرق أثناء الغناء ولا تسمح لأحد السميعة أن يتطاول عليها وياويله من يضايقها ثم انتشرت فرق الغناء فى شارع عماد الدين مثل فرقة رتيبة وأنصاف رشدى وسعاد محاسن وعلية فوزى ونعيمه المصرية وفاطمة سرى وملك إنها فترة طويلة من الغناء الهزلى أو الباهت صنعتها الظروف السياسية والاجتماعية نجت منها ساكنة وسكينة ووقع فيها معظم من جئن بعدهما من مغنيات الثلث الأول من القرن العشرين.