مع حلول شهر رمضان المبارك تكتسى البلدان الإسلامية طابعاً خاصاً يميز الأجواء فيها عن باقى شهور السنة، وهى أجواء تختلف من بلد إلى آخر تبعاً للتقاليد والعادات الموروثة وهو مايجعل رمضان فى كل بلد بطعم مميز ورونق خاص. وتتشابه البلدان المسلمة فى العبادات برمضان مثل الاعتكاف وتلاوة القرآن ولكنها تختلف فى العادات والتقاليد..لذا نتجول خلال الشهر الفضيل عبر سلسلة من الحلقات فى عدد من البلدان الإسلامية إضافة لرصد معالم رمضان فى بعض الدول الأوروبية. السنغال وأهم مظاهر الاحتفال بشهر رمضان فى دولة السنغال هو حرص كل مسلم هناك على مصالحة أى شخص كان بينه وبينه أى سوء تفاهم أو خصام، ويطلبون من بعضهم البعض الغفران والسماح مع بداية الشهر الكريم، وهكذا يبدأ مسلمو السنغال الشهر الكريم كصفحة بيضاء، كما يمتاز هذا الشهر عند مسلمى السنغال بفرط عنايتهم واهتمامهم بفقراء المسلمين، وتأخذ كل عائلة مسلمة على عاتقها مهمة إطعام أسرة مسلمة فقيرة وإمدادها بكل ما تحتاج إليه من غذاء وكساء عدا ما تقدمه لها من صدقة أو زكاة فطر. ويحرص مسلمو السنغال فى إفطارهم فى رمضان على تناول التمر والماء فى بداية الإفطار، ثم يتناولون وجبة الإفطار الأولى بعد صلاة المغرب، وتسمى (اللاخ) وهى عبارة عن نوع من الحلوى المصنوعة من الدقيق المطبوخ من اللبن والسمن والسكر، وهى تشبه إلى حد كبير (سد الحنك) وبعد صلاة العشاء يتناولون الوجبة الرئيسية من طعامهم والمكونة من الأرز والسمك، وهم ينوعون فى طبخ الأسماك باعتبارها عماد الأطباق التى يتناولونها على مدار العام. وللناس فى رمضان مذاهب، فمنهم من يعشق السهر والسمر.. ومنهم من يهتم بالطعام والشراب فقط. البرازيل تعتبر دولة البرازيل من الدول النائية والبعيدة عن المجتمعاتِ الإسلامية الرئيسة، سواءٌ تلك التى تحيا فى بلادٍ إسلامية، أو تلك التى تعيش فى دولٍ غير إسلامية، ولكنها نجحت فى تثبيت أنفسها داخل المجتمع الذى تعيش فيه، وأوجدت لنفسها كيانًا كبيرًا يرتبط بالشعوب الإسلامية الأخرى، وبالتالى يحرص المسلمون فى البرازيل على استقبالِ شهر رمضان، باعتبارهِ وسيلةً لتأكيد الهوية الإسلامية، وتذكيرًا بالمجتمعات التى جاءوا منها بالنظر إلى أنَّ أغلب المسلمين البرازيليين من أصولٍ عربية وبخاصة شامية. دخل الإسلام فى البرازيل مع المهاجرين العرب والمسلمين الذين هاجروا من البلاد العربية وبخاصة بلاد الشام إلى أمريكا اللاتينية والشمالية فى أواخر القرن ال19 وأوائل القرن ال20، لكنَّ الإسلام كان موجودًا قبل ذلك فى هذه البلاد، وإن كانت هذه الفترة التاريخية بين القرنين ال19 وال20 هى التى تعتبر بداية إقامة المجتمع الإسلامى فى البرازيل. وشهر رمضان فى البرازيل يُعتبر من المناسبات عظيمة القيمة لدى المسلمين، حيث ينتظرونه من أجل تجديد انتمائهم الدين،شأنهم فى ذلك شأن جميع المسلمين الذين يعيشون فى بلاد المهجر غير الإسلامية، ويعلنون قدوم الشهر وفق تقويم مكةالمكرمة، إلا أن البعض قد يختار بلدًا آخر فيصوم على أساس إعلانها، وتعلن جميع المحطات الإعلامية البرازيلية المقروءة والمسموعة والمشاهَدة خبر حلول شهر رمضان الكريم مهنِّئين المسلمين، وتختلف عاداتُ المسلمين فى الشهر الكريم عنها فى باقى أيام السنة، فالسيدات المسلمات يرتدين الحجاب حتى ولو كنَّ لا يرتدينه خارج الشهر الفضيل، ومنهن من تستمر فى ارتدائه بعد انتهاء الشهر، وذلك تأثرًا بالدفعة الروحانية التى حصلت عليها فيه. وبعد الإفطار يتوجه الرجال والصبية وبعض النساء لأداء صلاة المغرب، وقد يتناول البعض الفطور فى المسجد، ويهتم المسلمون البرازيليون بأداءِ صلاة التراويح، باعتبارها المنسك البارز فى شهر رمضان، ومن أبرز المساجد فى البرازيل مسجد عمر بن الخطاب فى مدينة فوز دى كواسو ومسجد أبى بكر الصديق بضاحية ساوبرناندرد دى كاميو، وهى الضاحية التى يعتبرها البعض عاصمةَ المسلمين فى البرازيل، حيث تنتشر المراكز الإسلامية مثل مكتب «هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية» و»مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامى». وفى شهر رمضان يحرص المسلمون على قراءة القرآن الكريم وتعليمه لأبنائهم، حرصًا على هويتهم الإسلامية فى تلك البلاد غير الإسلامية، كما تنظَّم المسابقات الثقافية ومسابقات حفظ القرآن الكريم طوال الشهر. وهناك بعض المشكلات التى قد تعوق أداء المسلمين لشعائرهم، وفى مقدمتها عدم رفع الأذان من المساجد، كما أن هناك مشكلة اللغة والتى تعوق تعلم المسلمين الجدد- سواء من المواليد الجدد للمسلمين أو للوافدين- حديثًا عن الإسلام، حيث لا يجيد هؤلاء اللغة العربية، وهو ما يحاول المسلمون هناك التغلب عليه بتحضير الأشرطة الدينية باللغتين العربية والبرتغالية التى تعتبر اللغة الرسمية فى البرازيل، كما يهتمون بمشاهدة البرامج الدينية من على القنوات العربية التى يصل بثُّها إلى البرازيل، كما أن ضعف الانتماء الدينى لدى بعض المسلمين البرازيليين يعتبر مشكلةً، حيث يتم استقطابهم لبعض الجماعات السياسية التى تكون فى الغالب مضادةً للتوجهات الإسلامية. إندونيسيا وتحتفل إندونيسيا باستقبال الشهر الكريم على المستويين: الرسمى والشعبي، فعلى المستوى الرسمى تتولى وزارة الشئون الدينية هناك إعلان بداية شهر رمضان بعد ثبوت رؤية هلاله، وعلى المستوى الشعبي.. بعد أن يتلقى الشعب البشرى بحلول الشهر الكريم. بعدها يبدأ الأطفال والشباب فوراً فى الطواف فى الشوارع وهم يدقون الطبول ويرددون الأناشيد ليعلنوا فرحتهم بقدوم الشهر الكريم حتى موعد السحور. ويبلغ عدد المسلمين فى إندونيسيا نحو مائتى مليون نسمة، وهم من أشد المسلمين حرصاً على صيام رمضان، وممارسة روحانياته، وهم عادة يجتمعون رجالاً ونساءً فى المساجد قبل الإفطار ليؤدوا صلاة المغرب، ثم يتناول الجميع إفطارهم فى أماكن خاصة بالمساجد أقيمت خصيصاً لهذه المآدب الجماعية. وعادة ما يبدأ مسلمو إندونسيا إفطارهم بالتمر واللبن سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم يصلون المغرب، وبعد ذلك يتناولون الطعام الذى يعدونه فى منازلهم، ثم ينقلونه إلى المساجد قبل موعد الإفطار. مدغشقر وتستقبل مدغشقر وهى إحدى الدول الافريقية التى تقع جنوب شرق افريقيا، شهر رمضان رغم أن المسلمين لا يشكلون 10% ويعتنق باقى شعبها ديانات مختلفة.. بشكل تبدو فيه الدولة كأن جميع شعبها يعتنق الإسلام حيث تحرص فئات الشعب المختلفة التى تعتنق الديانات الأخرى على الالتزام بقواعد ومبادئ الدين الإسلامى.. فالأقباط يتحرون قدسية الشهر الكريم بالامتناع عن تناول الأطعمة بالشوارع نهارا مراعاة لشعور المسلمين كما يتم إغلاق جميع محلات بيع الخمور والمقاهي.. أما أشهر الأكلات التى تتواجد على مائدة الإفطار هى أكلة «باكو باكو» المعدة من الدقيق والبيض ثم «رانونا بنجو» المصنوعة من شربة الأرز.. أما أهم أطعمة السحور فتتمثل فى طبق «جود جود» المعد من الأرز وجوز الهند والسكر والزيت. أذربيجان الشارع الأذرى لا يختلف شهر رمضان فيه عن الشهور الأخرى بتأثير الحقبة الشيوعية، ويعرف الناس قدوم شهر رمضان بتنويه من خلال التلفزيون المحلى، ثم تتواصل ساعات البث كما هى، ولا تحدث أى مظاهر تغيير فى حركة الأسواق تشير لقدوم لشهر رمضان، فيما عدا قيام بعض محلات البقالة بعرض علب كرتون صغيرة (للبلح أو الرطب )، كما تقوم بعض القنوات الناطقة بالتركية الأذرية بمتابعة فعاليات الشهر الكريم . ورغم قسوة البرد إلا أن ذلك لا يمنع الصائمين من التواجد فى مسجد ( باكو سوفيتى ) والواقع أمام مبنى البرلمان الأذربيجانى ، لأداء صلاة التراويح.