حينما نتحدث عن سيناء وما يدور على أرضها يجب الرجوع إلى اللواء أركان حرب على حفظى محافظ شمال سيناء وأحد أبطال مجموعات المخابرات والاستطلاع فى حرب أكتوبر، فهو عاشق لها، يرى أن الإنسان المصرى أعظم إنسان فى التاريخ البشرى، سنوات عديدة قضاها اللواء على حفظى فى خدمة مصر ضابطاً فى القوات المسلحة. إيمانه لايتزعزع بالإنسان المصرى، يثق فى قدرات المصريين وإمكانياتهم، خاصة جيل الشباب الذى يرى أنه فتح باب الثورة، ودخل منه بقية الشعب. مصر هى معشوقته الكبرى وهبها الله خير أجناد الأرض ، أكتوبر التقت به فى ذكرى مرور 40 عاما على حرب اكتوبر. فى البداية قال : يجب أن نؤكد أولا على المناسبة وهو مرور 40 عاما على حرب أكتوبر 1973 والتى من الممكن أن تحرك مشاعرنا مرة أخرى لنتذكر الملحمة العظيمة التى قام بها جيل من أبناء مصر لكى نعيد مرة أخرى الثقة فى قدراتنا وبطولاتنا لكى نستطيع مواجهة التحديات الكثيرة التى تحيط بنا والتى لن تنتهى . مفاجأة استراتيجية وهنا أقو ل والحديث للواء على حفظى إن ما حدث فى 30 يونيو جعلنى أتذكر أن الإنسان المصرى إنسان عظيم فقد كان هو البطل فى ملحمة أكتوبر 1973والذى استطاع أن يحقق المفاجأة الاستراتيجية التى أذهلت العالم، وتجده بعد أربعين عاما يحقق مفاجأة استراتيجية جديدة وهى ثورة 30 يونيو 2013، وهو ما يجعلنى لدى قناعة كاملة بأن هذا الإنسان المصرى يمتلك الكثير من الطاقات الكامنة والتى يستطيع بمجرد أن يحصل على فرصة أن يحقق المعجزات. وحول نصر أكتوبر 1973 قال: هذه الملحمة كان الهدف منها هو استعادة الأرض واستعادة الكرامة المصرية مرة أخرى لأنه لم يتح لأبناء مصر وجنود مصر الحرب فى5 يونيو 67 لأنه تم إخراج الطيران المصرى من المعركة ، ومن المعروف أنك لكى تدير معركة فى مسرح عمليات مفتوح لابد أن تتوافر لديك الحماية الجوية، فكانت معركة لم تتح الفرصة للمقاتل المصرى مواجهة المقاتل الإسرائيلى، ولكن عندما أتيحت الفرصة للإنسان المصرى ( المقاتل المصرى) كانت المعجزة، خاصة أن إسرائيل كانت تتحدث عن أن مصر لن تقوم لها قائمة بعد النكسة قبل 30 سنة. استعادة القوة ويواصل اللواء على حفظى حديثه قائلا: وهنا يمكن أن نتساءل كيف استطاع الإنسان المصرى خلال 3 الى 4 سنوات إعادة بناء جيشه واستعد للمعركة الكبرى ( معركة التحرير ) وقام بمعارك عديدة خلال تلك المرحلة لينتقل إلى مرحلة النجاح، فقد استعاد بناء الجيش خلال 1000 يوم منها 500 يوم قتال حقيقى، والتى وصفها عيزرويزمان بأنها الحرب الاولى التى هزمت فيها إسرائيل، وطلبت الأخيرة من الولاياتالمتحدة التدخل لإنقاذها، بالاضافة إلى المعركة العظيمة التى قام بها الدفاع الجوى عندما أنشأ حائط الصواريخ، الذى بدونه كان من الممكن تكرار ما حدث فى 67، الملحمة العظيمة التى نجح فيها الذكاء المصرى فى خداع كل أجهزة مخابرات العالم. ويستكمل حفظى حديثه : أود أن أوضح أمرًا مهمًا، أنه من المعروف أننا كمصريين نتمتع بمستوى ذكاء عال جدا، بل إن فى أحد تقارير الأممالمتحدة الذى تحددت فيه نسبة الذكاء فى دول العالم، تجد الشعب المصرى ضمن المجموعة (أ) والتى تصل نسبة الذكاء فيها إلى فوق 80 % ولكنك تجد أن مصر هى الدولة الوحيدة فى تلك المجموعة التى تجد بجوارها ملحوظة وهى « أن مستوى الذكاء المصرى عالٍ جدا ولكن ما يعيبه أنه ذكاء فردى غير موجه لصالح المجموع، لذلك عندما تم إعداد المعركة الفكرية بشكل جماعى كان الناتج معركة أذهلت العالم خاصة أجهزت المخابرات، ففى يوم 6 أكتوبر صباحا كانت كافة التقارير فى إسرائيل وعدد من الدول الداعمة لها تؤكد أن الجيش المصرى لا يستطيع سوى القيام بعملية محدودة، واذا قام بذلك فسوف يكون بمثابة انتحار للقوات المصرية. والحقيقة أن هذه الملحمة كان هدفها الأساسى هو استرداد الأرض والكرامة. سيناء التى سرقت من مصر فى 67 ظللنا 22 سنة حتى تمت استعادتها إلى حضن الوطن عندما استعدنا طابا ، من خلال عمل عسكرى وعمل سياسى وعمل تفاوضى وعمل قضائى ، حتى استطعنا أن نستعيد سيناء مرة أخرى . تنمية سيناء وحول ما حدث فى سيناء بعد استعادتها يقول اللواء على حفظى عقب استكمال استعادة سيناء بدأ التفكير فى المشروع القومى لتنمية سيناء والذى بدأ تنفيذه من منتصف التسعينيات على أرض الواقع، حقيقة وللتاريخ كان هناك اهتمام بتنمية سيناء خلال عقد التسعينيات، وظل ذلك خلال فترة حكومة الدكتور كمال الجنزورى وبتغيير تلك الحكومة وكان الاهتمام ملموسًا على أرض الواقع، من شبكة طرق تم إنشاؤها، وشبكة كهرباء حيث تم توصيلها إلى كل مناطق سيناء، خط السكك الحديدة الذى وصل إلى منطقة بئر العبد وكان مخطط وصوله إلى العريش، كوبرى السلام، ترعة السلام التى أوصلت مياه نهر النيل إلى سيناء، كوبرى الفردان، المصانع التى أنشئت فى وسط سيناء، ثم بتغيير حكومة الجنزورى وتولى عاطف عبيد بدأ الاهتمام بسيناء يقل، حتى تلاشى خلال العشر سنوات الأخيرة، وتوقفت عجلة التنمية عند بعض المناطق السياحية فى جنوبسيناء ليس أكثر، وتلك كانت الخطوة الأولى من تنمية سيناء. الانسحاب الأحادى ويضيف اللواء على حفظى عندما بدأت إسرائيل فى الانسحاب الأحادى من غزة أصبحت الحدود المشتركة بيننا وبين الجانب الفلسطينى فى المسافة الواقعة بين قطاع غزة ومصر، وبدأ الجانب الفلسطينى فى هذه المرحلة عملية إنشاء الأنفاق على الحدود ، والتى أرى أنها بداية ينابيع الشر التى أوجدت حالة عدم الاستقرار فى سيناء حاليا. بجانب أن إسرائيل لديها اهتمامات رئيسية بسيناء، ترجع إلى بعد اقتصادى وبعد عسكرى وسياسى وعقائدى. بالنسبة للبعد السياسى فاسرائيل لديها مخطط منذ عشر سنوات وهو حل القضية الفلسطينية بالتهجير حيث يتم تهجير فلسطينى قطاع غزة إلى مصر والضفة إلى الأردن وتنتهى القضية الفلسطينية وتصبح إسرائيل دولة يهودية نقية بعيدًا عن قضية الفلسطينيين ، اذن اسرائيل لديها تصور أنه كلما زاد الضغط من جانبها على القطاع كلما امكن تنفيذ المخطط. البعد الاقتصادى، إسرائيل ظلت محتلة جزءًا كبيرًا من سيناء 15 سنة حتى 1982 فهم يعلمون جيدا حجم الخيرات التى أنعم بها الخالق على أرض سيناء من ثروات مختلفة من خلالها تستطيع مصر أن تنتقل إلى مستقبل واعد اقتصاديا، وهم من وجهة نظرهم، لا يتركوا مصر تنفرد بمثل هذه الخيرات، على الأقل المشاركة من خلال مشروعات مشتركة أو شركات متعددة الجنسيات ، كمدخل للوصول لهذا الهدف. البعد الثالث وهو البعد العسكرى، فمن مصلحة إسرائيل أن تظل سيناء بدون تنمية، والا يصل عدد سكانها إلى 3 ملايين نسمة، لآن الفراغ السكانى يتيح له فرصة الحرية فى استخدام القوات. أما البعد الرابع وهو البعد العقائدى فاسرائيل ما زالت حتى الأجيال الحديثة تعلم أبناءها أن سيناء جزء من أرض الوطن، وما زالوا يحلمون بالنجاح مرة أخرى فى استرداد هذه الأرض. على الجانب الآخر استغل الجانب الفلسطينى الانفاق فى تسريب عناصره والعناصر الجهادية وعناصر القاعدة لتتواجد بعيدا عن أعين السكان أحيانا وأحيانا أخرى وسط السكان للاحتماء بهم . كما أن أبناء تيار الإسلام السياسى لا يؤمنون بالحدود بين الدول لأنهم يعتبرون أن دولة الخلافة ليس لها حدود ، لذا كانوا أكثر حرصا على عدم الاستقرار فى سيناء. كل ذلك أدى إلى تدهور الأوضاع الأمنية فى سيناء، ولكن المفاجأة الاستراتيجية التى تحققت فى 30 يونيو قلبت الموازين لتعيد الأوضاع إلى نصابها الصحيح. الاستقرار الداخلى ويقول اللواء على حفظى أعتقد أنه باستقرار الأوضاع داخل مصر واغلاق ينابيع الشر ( الأنفاق ) سوف تهدأ الأوضاع فى سيناء، وأكد أن الحرب الحالية فى سيناء سوف تأخذ وقتًا لأنها من الحروب غير المتماثلة، لأن القوات المسلحة تواجه مجموعات مسلحة وهو ما يجعل العملية تحتاج الى وقت طويل من أجل إنجاز تلك المهمة.خاصة أن تلك العناصر الجهادية تكون بين الأهالى مما يجعل من الصعوبة بمكان أن تنفذ المهمة دون وجود خسائر من الأبرياء وهو ما تحرص عليه القوات المسلحة ، وتلك العملية ليست من السهولة ان تتم فى وقت قصير . ولكن يتم إغلاق الأنفاق أولا حتى تتمكن القوات من تجفيف المنابع لهذه البؤر الإجرامية وحصارها، وإنشاء الله سوف تعبر مصر حقل الالغام الذى نعيش فيه الآن، وأتمنى أن يتم استكمال المشروعات فى تنمية سيناء وفق المخطط الذى قام نخبة من علماء مصر بوضعه فى مشروع تنمية سيناء، مع إضافة بعض التعديلات على المشروع وفق المتغيرات الجديدة على أرض الواقع حاليا. قرار سيادى ويضيف حفظى أن تنمية سيناء قرار سيادى وطنى، ويجب أن يكون الاستثمار فى هذه الأرض مصرى وطنى مائة بالمئة، خاصة فيما يتعلق بشريحة شمال سيناء لأنها أخطر على الأمن القومى من جنوبسيناء. وأضاف اللواء على حفظى يجب أن نركز على التنمية البشرية فى سيناء بجانب التنمية الزراعية والصناعية والاقتصادية. مجلس الأمن القومى وحول ما يحدث فى سيناء من عمليات إطلاق نار على القوات وبعض الأكمنة الأمنية بشمال سيناء، قال اللواء على حفظى: « أعتقد أن هذا عمل مؤقت، فثورة 30يونيو أوجدت المفاجأة الاستراتيجية رقم 3 فقد أفقدت الطرف الآخر كل اتزانه وكل تصوراته وأطاحت بجميع مخططاته، فهذا رد الفعل الطبيعى، والذى بدأ بالحرب النفسية وهو ما نراه يوميا من نشر شائعات، الاتجاه الثانى إثارة القلاقل، الجانب الثالث وهو ما سوف تقوم به الأطراف الخارجية وهو الإدارة بالأزمات، حيث يتم تصدير الأزمات إلى مصر ما بين الحين والآخر ، حتى تنشغل الدولة بتلك الازمات سواء كانت حدودية أو أمنية أو إعلامية أو اقتصادية، ليجعل الدولة دائما تحت ضغط الأزمة، لذلك أنا أرى أنه من الواجب الآن تشكيل مجلس الأمن القومى المصرى الذى يضم العقليات ذات الخبرة، لايجاد الرؤية والاولويات والاسبقيات خلال المرحلة القادمة حيث تقوم الحكومة بتنفيذها بعد دراستها. لأن عدم وجود مجلس للأمن القومى يجعلنا دائما نقع تحت وطأة القرار المنفرد. هذا المجلس منصوص عليه فى الدستور الماضى ولكنه لم يشكل. لا يصح أن تترك المراحل التى تحدد فيها مصائر الامم للقرارات الفردية، وإلا سنظل ندور فى الدوائر المفرغة التى نعيش فيها. كما يجب أن تكون لدينا المقدرة من خلال الاجهزة الموجودة لدينا على التنبؤ بالأزمات التى من المحتمل أن تواجهنا خلال المرحلة الحالية أو القادمة سواء كانت فى البعد الاقتصادى أو السياسى أو العسكرى أو الأمنى، حتى نكون أكثر قدرة على مواجهة تلك الأزمات , ونكون على درجة من الاستعداد لمواجهتها.