زيهم المميز هو جواز مرورهم بين الاشتباكات والطلقات النارية والقنابل المسيلة للدموع هم فقط من يستطيعون التنقل بين صفوف المتظاهرين ورجال الشرطة دون أن يمنعهم أحد..إنهم رجال الإسعاف الذين يحملون أرواحهم على كفوفهم من أجل تأدية واجبهم الوطنى وعملهم المقدس على خطوط النار المستمرة منذ اندلاع الثورة. أكتوبر التقت ببعض من فرسان هذا العمل النبيل، تحدثت إلى رجال الاسعاف واستمعت منهم تفاصيل تجارب مثيرة وخطرة عاشوها ويعيشونها كل يوم مع تجدد الاشتباكات فى المظاهرات. عادل أحد المسعفين المتواجدين أمام قصر الاتحادية ومنطقة مصر الجديدة يقول إنه فى إحدى المظاهرات أمام قصر الاتحادية كنت فى سيارة الاسعاف على بعد 100متر من القصر بدأت وقتها المظاهرات سلمية ولم تحدث أية إصابات أو مشكلات. توافد المتظاهرون السلميون فى شكل حضارى وتمنينا من الله أن تكتمل المظاهرات حتى آخر اليوم بهذا الشكل..ولكن بعد فترة قصيرة وجدنا مجموعة من الألتراس يلقون المولوتوف وبدأ إطلاق الخرطوش من الجانبين.. فتحركنا لإسعاف المصابين ولكننا وجدنا معاملة سيئة من البلطجية الذين ما إن وصلنا إلى جانبهم حتى أخذوا فى التخبيط على السيارة وكسر الزجاج ورفضوا السماح لنا بالذهاب بالحالة للمستشفى مع أنها تحتاج إلى عملية جراحية نتيجة انتشار الخرطوش فى وجهه وظهره رفضوا لأنهم خافوا من إلقاء القبض عليهم.كما أن بعض المتظاهرين يمنعونا من الوصول لإسعاف أفراد الشرطة المصابين بالرغم من أننى كمسعف لا أفرّق بين شرطى ومتظاهر عادى هذا عملى وسيارة الاسعاف مخصصة لعلاج الناس مهما كان فنحن فى عملنا نحاول امتصاص غضب الأشخاص فى سبيل الحفاظ على المصاب وعلى انفسنا أيضًا مع السيارة. ويضيف عادل قائلًا: فى إحدى المرات كنا فى السيارة وجاءت الاشارة بالتحرك إلى المكان فى مصر الجديدة ووجدنا هناك متظاهر مصاب بسكتة قلبية على الفور بدأنا فى نقله لأقرب مستشفى.. وأثناء الطريق بدأت تتضاعف السكتة القلبية فتعاملت معها وحاولت إنعاش الحالة إلى أن فاق حتى وصلنا المستشفى.. وتابعوا الاجراءات معى فكنت فى منتهى السعادة لأننا استطعنا أن نحافظ على حياة إنسان. ويشير عادل أيضاً إلى موقف غريب تعرض له أثناء العمل يقول فى إحدى المهمات توقفنا فى إشارة روكسى..والشرطة رفضت السماح لنا بكسر الإشارة..ووقتها توقف أمام السيارة أحد راكبى السيارات الملاكى وسألنا لماذا تستغلوا الإنذار وسيارة الاسعاف فارغة فما كان إلا أن نزلت من السيارة وفتحت له الباب ليشاهد الحالة الراقدة فى السيارة..ونتيجة لذلك تأخرت حالة المريض لأن الثانية تفرق فى عملنا وحتى إن كانت السيارة فارغة فنحن نكون متحمسين لإسعاف حالة..نحن لا نتحرك بالسيارة من مكان تمركزها إلا بعد سماع إشارة..والسيارات مجهزة بأجهزة gps التى تحدد المواقع..ومراقبة من قبل الهيئة وأماكن معلومة تمامًَا، ويتمنى عادل من المواطنين أن يغيروا من ثقافتهم تجاه سيارات الإسعاف.. وأن يتعلموا لغة الإسعاف حتى يتعاونوا معًا ويساعدونا لتأدية عملنا على أكمل وجه..لأنها أمانة فى أعناقنا ويقول محمد عبدالسلام مشرف عام بالإسعاف على مستوى الجمهورية أن هناك مشاكل عديدة تواجهنا أثناء قيامنا بعملنا رغم أننا نقوم بإنقاذ الحالات وعلاجها إلا أنه خلال الذكرى الثانية للثورة تعرضنا للكثير من الإهانات والضرب وتكسير السيارات وبلغ عدد السيارات التى تم تكسيرها أكثر من 500 سيارة إسعاف وذلك منذ قيام الثورة حتى الآن هذا بخلاف عدم مساعدة الجماهير لنا معتقدين خطئًا أننا نقوم بتسليمهم للشرطة وهذا يخالف الحقيقة. أما نعيم مشرف عام بالإسعاف فيقول ذات مرة تلقينا بلاغاً بوجود حالة خطيرة فى أحد شوارع مصر الجديدة أثناء الاشتباكات وفى خلال ثمانى دقائق كنا فى المكان المحدد ولم نجد شيئاً تم إبلاغ القيادة وبدأنا فى العودة إلى مكان تمركزنا..وأثناء العودة جاءت إشارة بالعودة إلى نفس الشارع لنفس الحالة..فاتجهنا إلى مكان البلاغ ولم نجد شيئاً أيضًا..فرجعنا إلى تمركزنا مرة أخرى ولم نمل من العودة إلى مكان البلاغ مرة ثالثة أو رابعة أو أكثر فى كل مرة نفترض أن المبلغ لم يعطنا البيانات الدقيقة..قد يكون بلّغ عن منزل رقم 5 وهو يقف أمام رقم 50 فهذا فى أول الشارع وهذا فى آخره، ولكننا لم نتخاذل من المستحيل التخاذل عن الذهاب لمكان البلاغ لأننا نبلّغ بالوصول والعودة.. والمسافة بالكيلو متر وعدد الأفراد الخارجين للحالة.. ولا نتردد أبداً مهما كانت الاشتباكات أو الظروف هذا دورنا ونحن سعداء بأدائنا. ويروى نعيم موقفاً تعرض له مع القنابل المسيلة للدموع فيقول : فى يوم الجمعة 1 فبراير 2013 دخلت لأخذ شخص فقد وعيه من آثار الغاز ففقدت وعيىّ أيضاً وسقطت بجواره فدخل السائق لإنقاذنا وأوصلنا للسيارة وعمل لنا إفاقة بأنابيب الأكسجين.