«لأننا نخشى أن تمرر جماعة الإخوان المسلمين وثيقة ذات طابع إسلامى، تعمل على تهميش حقوق المرأة والأقليات الدينية.. وممن يشارك فى هذه العملية التأسيسية التى تضع الوثيقة شخص حظر الموسيقى، بزعم أنها ضد الشريعة الإسلامية وآخر ينكر الهولوكوست، وآخر يدين الديمقراطية علنًا» هذه هى الإجابة التى كشف بها د. محمد البرادعى موقفه من الجمعية التأسيسية التى تضع الدستور ردًا على سؤال ورد فى الحوار الذى أجرته معه مجلة «ديرشبيجل» الألمانية.. وربما لم يتوقع أن تثير إجابته كل هذا الجدل والغضب، فالعبارة التى ذكرها البرادعى حول إنكار أحد أعضاء الجمعية التأسيسية للهولوكوست، والتى جاءت ردا على سؤال المجلة له عن أسباب انسحاب الأعضاء الليبراليين والمسيحيين من اللجنة التأسيسية للدستور، أصبحت حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعى مثل فيس بوك وتويتر، كما شهدت ردود فعل من العديد من السياسيين والنشطاء، ولم تمنع الأحداث السياسية المشتعلة فى البلاد، ومليونية التحرير التى طالبت برفض الإعلان الدستورى أن يكون هناك اهتمام بتلك التصريحات. الانتقادات أبرز الانتقادات الموجهة للبرادعى كانت من عضو فى الحكومة وهو د. محمد محسوب وزير الدولة للمجالس النيابية، والذى عبر عن صدمته من هذا الكلام، وقال فى مقابلة تليفزيونية (أنا فى الحقيقة من صدمتى بهذا الكلام أرجو ألا يكون كلام البرادعى صحيحا، وأرجو أن يخرج على المصريين حالا وينكر هذا الكلام، ويطلب من الصحيفة أن تنفيه حالا) ووصف محسوب الحديث بأنه خطير، متهما البرادعى بالسعى لتسويق ما يشوه سمعة القوى الإسلامية فى الخارج، من خلال التطرق إلى موضوع الهولوكوست، مؤكدا أن مصر لا تقبل أن يكون إنكار تلك الواقعة جريمة دولية. أما د. عصام سلطان – وهو من أبرز معارضى البرادعى - فقد علق على تلك التصريحات على صفحته فى فيس بوك قائلا: إنه عقب تصريح البرادعى لمجلة ديرشبيجل، أجرى حوارا مع عدد كبير من أعضاء الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وأنه وجدهم جميعا لا يؤمنون بالهولوكوست فعلا، مضيفا: « وبالتالى فنحن أمام جمعية تأسيسية كافرة بالهولوكوست أو كافرة بما يؤمن به البرادعى، والسؤال الآن بحسب عصام سلطان، هل يجوز فى رأى البرادعى أن تستكمل الجمعية عملها، أم يجب عليها أن تتوقف؟ وهل هذا الكفر هو السبب الرئيسى الذى جعل البرادعى ضد الجمعية من اليوم الأول، لكن لم يظهره إلا أمس بطريقة عفوية خارجة عن إرادته لمحرر دير شبيجل»، وتابع سلطان قوله متهكما «إننى أنصح إخوانى وزملاءى المتجهين لميدان التحرير مع د.البرادعى، أن يراجعوا أنفسهم فى موضوع الهولوكوست قبل الذهاب، وأن يعترفوا صراحةً بالمحارق اليهودية على يد النازية وفقاً لرؤية اليهود، وما ترتب عليها من آثار، أهمها العيش فى وطنهم فلسطين آمنين مطمئنين باعتبارهم كانوا ضحايا ذاقوا الويلات عبر تاريخهم الطويل، أنصح إخوانى بتصحيح النية، لأنه يوجد على بوابات ميدان التحرير من لديه القدرة الفائقة على الاطلاع على النيات ومنع دخول منكرى الهولوكوست». وفى ذات السياق ندد د. علاء صادق الناقد الرياضى بتصريحات البرادعى قائلا فى تغريدة له على تويتر:«ما قاله البرادعى لمجلة ديرشبيجل الألمانية كان واضحا وفاصلا، علاقة ذلك الرجل بالدين أساسا وبالإسلام ثانية علاقة هامشية جدا.. العلمانية هى حياته». هدف فى مرماه من جهته اعتبر د. معتز عبد الفتاح تلك التصريحات خطأ ارتكبه البرادعى، فقال على تويتر د. مرسى جاب جون فى نفسه بالإعلان الدستورى، وجامله د. البرادعى بجون فى نفسه بموضوع الهولوكوست وتدخل الخارج.. أنا قلق على البلد». كما اعتبر د. عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة تصريحات البرادعى سقطة كبيرة لرجل يريد تولى حكم أكبر بلد عربى، وقد طالبه العريان عبر حسابه الشخصى على موقع تويتر أن يقوم بتوضيح الأمر حيث قال «يجب عليه أن يخرج ببيان واضح من قضايا شائكة تناولها بخفة شديدة, وعلى حلفائه الجدد أن يوضحوا مواقفهم, فالشعب لن يرضى، والتاريخ لن يرحم». ولم تقتصر الانتقادات على معارضى البرادعى فقط، إذ امتدت لتشمل بعض مؤيديه، فقد انتقد الكاتب وائل قنديل عضو لجنة تسيير الأعمال بحزب الدستور، والذى شغل منصب المتحدث الرسمى للحزب حتى وقت قريب، تلك التصريحات وجاء ذلك فى مقاله بجريدة الشروق يوم الأربعاء الماضى والتى حملت عنوان «البرادعى وشفيق والهولوكوست» حيث قال على ذكر «الهولوكوست» فما ورد على لسان د. محمد البرادعى فى مجلة ديرشبيجل الألمانية أمر صادم ومهين لكل المشاعر الوطنية، ذلك أن إقحام مسألة إنكار الهولوكوست فى سياق الاعتراض على الجمعية التأسيسية لوضع الدستور لا يعنى سوى استعداء الدوائر الغربية على هذه الجمعية وأذكر أننى كتبت فى هذا المكان فى يناير الماضى «محرقة البرادعى وملعبة الدستور دفاعا عن حملات التشويه البذيئة ضد رجل اعتبره كثيرون وأنا منهم «رئيس جمهورية الضمير»، ومن أسف أننى أجدنى مضطرا لكى أعكس العنوان ليصبح «محرقة الدستور وملعبة البرادعى»، إذ إن استدعاء هذا الخطاب فى هذه اللحظة المخيفة هو لعب بالنار وإثارة لكل عوامل الاحتقان الذى يهدد بنسف ما تبقى من جسور للتعايش. كما قال د. حازم عبد العظيم – الناشط السياسى وأحد أبرز مؤيدى البرادعى- فى تغريدة له على تويتر:«البرادعى ضرب أمثلة مهمة مثل تحريم الموسيقى والديمقراطية، موضوع الهولوكوست خارج السياق، ولا علاقة له بالدستور القادم». استقالة أما الفنانة جيهان فاضل والتى قدمت استقالتها من حزب الدستور اعتراضاً على تصريحات محمد البرادعى فقد قالت: «البرادعى معترض على التأسيسية علشان مش معترفين بالهولوكوست، نجيبله أعضاء من الكنيست الصهيونى يعنى يعملوا الدستور؟!»، وقالت أيضا ساخرة:«البرادعى عايز الهولوكوست يبقى هو المصدر الرئيسى للتشريع»، مضيفة: «أيها الهولوكوستيين أتباع البرادعى الهولوكوستاوى الكبير، أنا بريئة منكم». وعلى الرغم من هذا الهجوم والانتقاد الذى تعرض له البرادعى سواء من مؤيديه أو معارضيه، إلا أنه لم يصدر توضيحا لوجهة نظره أو ما يقصده، كما لم يهتم حزب الدستور بالرد أو التعليق. أما على فيس بوك وتويتر، فقد كانت تلك التصريحات أكثر ما تداوله الشباب على تلك المواقع، بعضهم ذكر أن تلك التصريحات لم تكن مترجمة بشكل صحيح، والبعض انتقد تلك التصريحات بشدة، أما البعض الآخر فقد تناول الأمر بسخرية شديدة، ومن ضمن تلك التعليقات الساخرة «البرادعى مع أمريكا ودول أوروبا يتحدث عن الحرية والديمقراطية ومع ألمانيا يتحدث عن الهولوكوست بيتهيألى لو اتحدث مع الهند هيقولهم بندبح البقر» ومنها أيضا لو البرادعى عرف أن فيه ناس مش معترفة بإسرائيل أصلا مش بس بالهولوكوست بتاعهم ده.. هيبلغ عننا مين بقى؟. كما أنشأ أحد الناشطين صفحة على الفيسبوك تحت عنوان «أنت عيل هولوكوست» حظت بالعديد من التعليقات الساخرة.