فجرت حادثة قطار أسيوط الذى أودى بحياة 51طفلاً وإصابة آخرين، حالة من الغضب الشعبى ورفضاً لسياسة إبقاء الحال كما هو عليه فى المرافق والخدمات العامة التى عانت طوال سنين مضت من الإهمال وتراجع الصيانة والتطوير . وخرج العديد من الأصوات السياسية والشعبية تطالب بإعادة هيكلة السكة الحديد وتطوير العمل بالمزلقانات وتدريب العنصر البشرى حتى نتجنب وقوع الحوادث المأساوية التى اعتاد المواطن عليها فى النظام السابق، ودفع هذا الحادث الأليم الخبراء والمتخصصين لإعادة التفكير فى منظومة عمل السكة الحديد وتقديم وطرح عدد من الأفكار المهمة التى تساعد فى توفير عنصر الأمان لتسيير حركة القطارات خاصة بعد السلبيات التى ظهرت بشكل كبير من ضعف نظم الاتصالات والاعتماد على التوجيه الأرضى من عامل البلوك أو «التحويلة» لتجعل من الخطأ البشرى المحدود كارثة كبرى، خاصة أن شبكة السكة الحديد فى مصر تصل إلى 6آلاف كيلو متر وتمتد من أسوان إلى مطروح وبها حوالى 75ألف مهندس وفنى فى حاجة إلى تدريب وتأهيل مستمر لوسائل التأمين الحديثة ونظم التشغيل المتطورة. وطالب الخبراء بتعميم نظام الالكتروميكانيكى وعدم الاعتماد الكلى على العنصر البشرى لارتباطه بدائرة كهربائية معينة ومعرفة القطارات الموجودة فى المحطات بواسطة محطة التحكم المركزى. كما يحقق معدل أمان كبير وكذلك يتم التقريب بين المسافات بين القطارات وبالتالى زيادة سعة الشبكة وتحقيق تشغيل اقتصادى للقطارات. كما طرح بعض الخبراء نظام الفول أتوماتيك وهذا النظام معمول به فى الدول المتقدمة ولكن تكلفته عالية ويعتمد هذا النظام على عناصر محددة ومحطة تحكم مركزية على مستوى قطاع كبير من الشبكة وكذلك أنظمة الكترونية لحماية الحركة على القضبان، فضلاً عن توفير نظام اتصالات وأجهزة تحكم لعمل اختبارات سرعة القطارات أثناء سيرها ومرورها بالمحطات ،ولكن بعضهم أكد صعوبة الأخذ بهذا النظام لأن تكلفته عالية والقطارات نفسها غير مجهزة فنياً لاستخدامه . ويقول الدكتور محمد حافظ فهمى استاذ السكة الحديد بكلية هندسة الاسكندرية إن هيئة السكة الحديد تعتمد على نظام تشغيل البلوك الميكانيكى بمعدل 95% وعلى نظام التشغيل الالكتروميكانيكى بمعدل 5%فقط، موضحاً أنه فى ثمانينات القرن الماضى تم تطوير نظام التشغيل الالكتروميكانيكى مع الجانب الألمانى لتوفير عنصر الأمان فى التشغيل بصورة أكثر فاعلية فضلاً عن زيادة عدد القطارات على نفس الشبكة وخطوط الهيئة. ويرى حافظ أن نظام المزلقانات الميكانيكى أفضل نظام تأمينى للقطارات وعبور المشاة حيث يتم إغلاق المزلقان بإحكام جيد عن طريق وجود ذراعين للمزلقان خلاف المزلقانات الالكترونية الكهربائية.ولكن نظام المزلقان الميكانيكى يعتمد على العنصر البشرى لعامل المزلقان وكذلك على عامل البلوك «المحولجى». ويؤكد أنه توجد مزلقانات تم تحديثها بالخطأ دون اتخاذ التدابير الفنية والتأمينية اللازمة وهى من الأسباب الجوهرية لحوادث القطارات كما أن هناك مزلقانات بذراع واحدة يسهل كسرها أو سرقتها. فضلاً عن أن الذراع الواحد لا يكفى لتأمين المزلقانات كما أن بعض المزلقانات التى تم تحديثها تم عمل خرسانة ناعمة أمام المزلقان مما يشجع قائدى السيارات غير الملتزمين والمخالفين الى محاولة عبور المزلقان بسرعة خاطفة وذلك على عكس المزلقانات ذات النظام الميكانيكى الأصلى، حيث كان يتم عمل خرسانة أرضية خشنة أو صورة مطب صناعى خفيف يجعل السائق لا يغامر بخطف عبور المزلقان حيث تجبر البلوكات الأسمنتية السائق على تخفيض سرعته وبطء حركته. ويطالب الدكتور محمد حافظ أستاذ هندسة السكة الحديد بإنشاء كليات متخصصة للسكة الحديد على غرار كليات البترول ومعاهده، مؤكدا ضرورة أن يكون هناك مهندسون متخصصون فى هذا المجال خاصة بعد وجود مترو الأنفاق فى القاهرة الكبرى لأن المترو يعمل بنفس نظام القطارات.