وزير الأوقاف من مسجد السيدة زينب: أئمتنا على قدر المسئولية في بناء خطاب ديني رشيد    مساندة الخطيب تمنح الثقة    الإنتهاء من المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلى لمبنى المفاعل بمحطة الضبعة النووية    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    شراكة جديدة بين وزارة التضامن وأحد المستثمرين بجنوب سيناء    5723 طلبًا للتصالح في مخالفات البناء بالشرقية    سعر الذهب اليوم الجمعة في مصر يرتفع بحلول تعاملات المساء    أوقاف البحيرة تفتتح 3 مساجد جديدة    دول مجلس أوروبا تعتمد اتفاقية بشأن الذكاء الاصطناعي    رئيس جهاز دمياط الجديدة يستقبل لجنة تقييم مسابقة أفضل مدينة بالهيئة للعام الحالي    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    عضو «حقوق الإنسان»: دعم مصر لجنوب إفريقيا أمام «العدل الدولية» جاء في توقيت مهم    القسام: قنصنا جنديًا إسرائيليًا شرق جباليا    وزير الأوقاف: كلمة الرئيس بالقمة العربية تأكيد بأن مصر لن تفرط في ذرة من ترابها    إعلام فلسطيني: شهيدان ومصاب في قصف إسرائيلي استهدف مواطنين بحي الزهور    "7 لاعبين و3 ألقاب".. ماذا تغير في النادي الأهلي منذ نهائي دوري الأبطال 2018؟    مؤتمر أرتيتا عن – حقيقة رسالته إلى مويس لإيقاف سيتي.. وهل يؤمن بفرصة الفوز بالدوري؟    رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم : نطالب بتطبيق قوانين الفيفا على الاحتلال الإسرائيلي بشأن المباريات الدولية    "يمنح الطلاب شهادات مزورة".. ضبط سيدة تُدير كيان تعليمي وهمي في الغربية    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    «جمارك القاهرة» تحبط محاولة تهريب 4 آلاف قرص مخدر    جوري بكر تعلن انفصالها بعد عام من الزواج: استحملت اللي مفيش جبل يستحمله    الهرم الرابع وطاغية وبطل جماهيري.. ماذا قال النجوم عن عادل إمام؟    ليلي علوي: عادل إمام قيمة فنية كبيرة يعكس ثقافة مصر    أحمد السقا: يوم ما أموت هموت قدام الكاميرا    هشام ماجد ينشر فيديو من كواليس "فاصل من اللحظات اللذيذة".. والجمهور: انت بتتحول؟    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم: قد نتوجه لكونجرس الكاف بشأن مشاركة إسرائيل في المباريات الدولية    بعد إعادة افتتاحه.. تاريخ متحف «كفافيس» بالإسكندرية ومواعيد دخوله «صور»    دعاء يوم الجمعة وساعة الاستجابة.. اغتنم تلك الفترة    فريق قسطرة القلب ب«الإسماعيلية الطبي» يحصد المركز الأول في مؤتمر بألمانيا    تناولها أثناء الامتحانات.. 4 مشروبات تساعدك على الحفظ والتركيز    كيف ينظر المسئولون الأمريكيون إلى موقف إسرائيل من رفح الفلسطينية؟    اندلاع حريق هائل داخل مخزن مراتب بالبدرشين    توخيل يعلن نهاية مشواره مع بايرن ميونخ    كولر: الترجي فريق كبير.. وهذا ردي على أن الأهلي المرشح الأكبر    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    ضبط سائق بالدقهلية استولى على 3 ملايين جنيه من مواطنين بدعوى توظيفها    ما هو الدين الذي تعهد طارق الشناوي بسداده عندما شعر بقرب نهايته؟    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    المفتي: "حياة كريمة" من خصوصيات مصر.. ويجوز التبرع لكل مؤسسة معتمدة من الدولة    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    آخر موعد لتلقي طلبات المنح دراسية لطلاب الثانوية العامة    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    كوريا الشمالية ترد على تدريبات جارتها الجنوبية بصاروخ بالستي.. تجاه البحر الشرقي    كيف يمكنك حفظ اللحوم بشكل صحي مع اقتراب عيد الأضحى 2024؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    حركة فتح: نخشى أن يكون الميناء الأمريكي العائم منفذ لتهجير الفلسطينيين قسريا    تفاصيل حادث الفنان جلال الزكي وسبب انقلاب سيارته    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    محمد عبد الجليل: مباراة الأهلي والترجي ستكون مثل لعبة الشطرنج    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف بسمة الفيومي.. طريقة عمل الكرواسون المقلي    لا داع للقلق.. "المصل واللقاح" توجه رسالة عاجلة للمواطنين بشأن متحور FLiRT    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العبور الجديد
نشر في أكتوبر يوم 07 - 10 - 2012

« ربما جاء يوم نجلس فيه معاً لا لكي نتفاخر ونتباهى ولكن لكي نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلاً بعد جيل ، قصة الكفاح ومشاقه ومرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله ، نعم سوف يجيء يوم نجلس فيه لنقص ونروي ماذا فعل كل منا في موقعه ، وكيف حمل كل منا الأمانة وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة في فترة حالكة ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى نستطيع أن نعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء»
تلك الكلمات التى قالها الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى افتتاح الدورة الاستثنائية لمجلس الشعب يوم السادس عشر من أكتوبر 1973، ونحن نحتفل بالذكرى ال 39 لحرب اكتوبر لم نر كلمات أكثر تعبيرا ، وواقعية عن الحدث من تلك الكلمات التى نطق بها ، لتظل سيناء فى القلب وتظل ذكرى اكتوبر نقطة تحول فى تاريخ الشعب المصرى، والشعوب العربية، ويواكب الاحتفالات هذا العام قيام القوات المسلحة والاجهزة الامنية بحرب تطهير واسعة ضد العناصر الاجرامية .
كما تستعد الدولة لتفعيل خطة التنمية الحقيقية على أرض سيناء ، التى رويت بدماء الأبطال من أبناء القوات المسلحة لنبدأ عبورا جديدا يعيد ذكريات نصر أكتوبر 1973.
الصمود والتحدى.. الدفاع النشط.. الاستنزاف
ثلاث مراحل أجبرت إسرائيل على قبول مبادرة روجرز
ستظل حرب أكتوبر 73 أحد أهم الاحداث التى شهدتها منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص خلال القرن العشرين، والتى غيرت الخريطة العسكرية للمنطقة وأعادت النظر فى العديد من النظريات التى تدرسها المعاهد والكليات العسكرية على مستوى العالم، بعد أن حطم الجندى المصرى أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر، ولتظل حرب أكتوبر نقطة مضيئة تضاف إلى التاريخ العسكرى الحافل للجيش المصرى.
***أكتوبر التقت اللواء دكتور طلعت موسى أحد أبطال حرب أكتوبر ليفتح خزانة أسراره ويروى حديث الذكريات حول أحداث الهزيمة .. وكيف استعدت مصر لحرب الكرامة ثم حرب أكتوبر و الدروس المستفادة منها.
معركة الصمود والتحدى
*فى البداية نعود معك إلى أحداث النكسة وكيف استطاعت مصر التغلب عليها فما هى الإجراءات التى قامت بها مصر فى الأيام الأولى بعد نكسة 67؟
**بدأت مصر وقيادتها السياسية بدراسة الأخطاء التى أدت إلى حدوث النكسة فى كافة المجالات وأخذ العبرة والدروس المستفادة منها والبدء فى عملية الإصلاح والاستعداد لإزالة أثار العدوان واستعادة الأرض فى معركة التحرير القادمة لاستعادة الكرامة.
حيث تم تعيين قيادات جديدة للقوات المسلحة تتصف بالكفاءة العلمية والقدرة العالية، وذلك عندما عين الرئيس جمال عبد الناصر الفريق محمد فوزى وزيرا للحربية، والفريق عبد المنعم رياض رئيساً للأركان يوم 12 يونيو 1967، إضافة إلى قيادات الأفرع الرئيسية وهيئات وإدارات القوات المسلحة وكانت تلك هى بداية عمليات إعداد الدولة للحرب فى كافة المجالات على أسس علمية صحيحة، حيث لم يراع هذا الموضوع عند التخطيط والأداء قبل عام 1967 وتم العمل بجدية كاملة ، وبأقصى طاقات ممكنة لكل أجهزة الدولة.
*وهل توقفت القوات المسلحة منذ النكسة وحتى حرب أكتوبر 73 عن القيام بعمليات ضد قوات العدو فى سيناء؟
**عقب النكسة تملك العدو الغطرسة والغرور بعد احتلاله سيناء ورفض كل الوسائل والمبادرات للحل السياسى، وقام بأعمال عدائية ضد قواتنا المسلحة فى الجبهة وفى وواصل ضرب المدنيين العمق العزل مثل قصفه لمدرسة بحر البقر الابتدائية وقصفه مصنع أبو زعبل، ومحطات الكهرباء بنجع حمادى، وفى المقابل قامت قواتنا المسلحة باستعادة كفاءتها وتنظيمها ورفع كفاءتها القتالية وتدريبها فى زمن قياسى، ووجهت للعدو ضربات نيرانية قوية ومؤثرة على قواته فى سيناء وقامت بأعمال بطولية خارقة من إغارات وكمائن على الضفة الشرقية عقب النكسة مباشرة وفى العمق، كما قامت القوات البحرية بأعمال مجيدة لحماية الشواطئ المصرية.. امتدت إلى مهاجمة العدو فى عقر داره فى ميناء إيلات، وقامت القوات الجوية بإسقاط العديد والعديد من طائراته المتفوقة فى التسليح والقدرة على البقاء فى الجو لفترة أطول، والقدرة على المناورة الأفقية والرأسية إلى أن تم إسقاط 24 طائرة فانتوم فى شهر واحد، مما اضطره لقبول مبادرة روجرز لإيقاف إطلاق النيران.
لقد كان أحد أهداف حرب الاستنزاف هو إقناع العدو بأنه لا جدوى من احتلاله لأرض سيناء، وأنه لن يحصل على الأمن الذى ينشده باحتلاله لها.
وعلى ضوء ما سبق من أحداث توالت فإنه يمكن تقسيم تلك الفترة إلى أربع مراحل: مرحلة الصمود والتحدى،ومرحلة الدفاع النشط، ومرحلة الاستنزاف ومرحلة إيقاف إطلاق النيران ولكل مرحلة منها صفاتها الخاصة طبقا لطبيعة ونوعية الأعمال القتالية التى دارت فى كل منها.
*نود التعرف على أهم الأعمال القتالية التى حدثت فى مرحلة الصمود والتحدى؟
**لقد بدأت هذه المرحلة فى نفس الشهر الذى حدثت فيه النكسة واستمرت لمدة 14 شهراً حتى شهر أغسطس 1968 وكان الهدف منها الالتزام بالهدوء لإتاحة الفرصة لإعادة البناء وإعداد القوات المسلحة، والخطوط الدفاعية غرب القناة ولقد شهدت تلك الفترة العديد من البطولات والأعمال القتالية لأبناء القوات المسلحة التى تعبر عن حقيقة ونوعية المقاتل المصرى وما يتصف به من شجاعة وإقدام ورفض للهزيمة، منها: معركة رأس العش وقعت فى الأول من يوليو 1967 وبعد ثلاثة أسابيع فقط من بداية الحرب، حيث تقدمت قوة مدرعة إسرائيلية من اتجاه الجنوب إلى اتجاه الشمال لاحتلال بور فؤاد شرق بورسعيد وعلى الضفة الشرقية للقناة وذلك لاستكمال احتلال سيناء والضفة الشرقية بالكامل على قناة السويس ولكنهم فوجئوا بنيران قوية من مجموعة من أفراد الصاعقة تحتل موقع رأس العش لا يتجاوز عددهم ثلاثين فرداً ليتمسكوا بالموقع فى إصرار وعناد، مضحين بأرواحهم رافضين الاستسلام وقاموا بتدمير عدد كبير من الدبابات المهاجمة للموقع، مما أجبر العدو على سحب دباباته المدمرة والانسحاب فى اتجاه الجنوب وعدم تكرار هذه المحاولة مرة أخرى ليظل موقع رأس العش هو الموقع الوحيد الذى به قوات مصرية شرق القناة حتى بداية حرب 1973.
وبعدأسبوعين من معركة رأس العش وفى 14 يوليو 1967، قامت مجموعة من الطائرات المصرية بشن هجمات خاطفة ومركزة على قوات العدو والمدرعة والميكانيكية فى سيناء فرّت على إثرها القوات الإسرائيلية مذعورة هاربة إلى الخلف تاركين أسلحتهم ومعداتهم.. وذلك بعد خمسة أسابيع فقط من بداية النكسة وكان ذلك مفاجأة تامة غير متوقعة من جانب العدو الذى تملكه الغرور والصلف واعتقد أننا أصبحنا جثة هامدة لن تقوم لنا قائمة بعد ما حدث فى الخامس من يونيو.
جاء إغراق المدمرة إيلات فى 21 أكتوبر 1967 أيضاً وبعد حوالى ثلاثة أشهر ونصف من نكسة يونيو 1967 بمثابة صدمة جديدة حيث قام أحد لنشات الصواريخ المصرية بتدمير المدمرة إيلات التىاجتازت المياه الاقليمية المصرية شمال شرق بورسعيد كما تم إغراق الغواصة الإسرائيلية وكان بواسطة كاسحة الألغام المصرية فى 23 يناير 1968، حيث كان العدو يعتقد أن انتهاك المياه الإقليمية أمر سهل وأننا من الضعف بحيث لا نستطيع حماية شواطئنا، أو الرد عليه فإذا به يفاجأ بهذه القدرة العالية، والمهارة الفائقة، ودقة التصويب التى تميز بها أطقم القطع البحرية المصرية مما تسبب فى ارتفاع الخسائر المادية والبشرية بين قواته البحرية.
مرحلة الدفاع النشط
*وماذا عن مرحلة الدفاع النشط؟
**استمرت تلك المرحلة ستة أشهر بدأت من سبتمبر 68 حتى فبراير 1969حسث استمر العدو فى تكثيف إعداده للنقط الحصينة واستكمال خط بارليف وإزاحة الساتر الترابى شرق القناة على حافتها، وإعداد مرابض نيران المدفعية، والاحتياطيات ومراكز قياداته، ومرابض الدفاع الجوى فى سيناء، كما قام بقصف مدن القناة الثلاث بالمدفعية، وكانت قواتنا قد استكملت بناء الخطوط الدفاعيةورفع الكفاءة القتالية والروح المعنوية للمقاتلين فى الجبهة وكان الهدف من هذه المرحلة حرمان العدو من العمل بحرية وأمان، أو استكمال التجهيزات الهندسية على الضفة الشرقية للقناة وتكبيده أكبر خسائر ممكنة فى الأسلحة والمعدات وكانت أبرز معالم تلك المرحلة التراشق بنيران المدفعية والهاونات وأسلحة الضرب المباشرة بين الطرفين.
مرحلة الاستنزاف
*وماذا عن المرحلة الثالثة وأبرز الأعمال القتالية؟
**بدأت مرحلة الاستنزاف «المرحلة الثالثة» من مارس 1969 حتى 8 أغسطس 1970 ولمدة خمسة عشر شهراً حيث توقف القتال نتيجة لقبول مبادرة روجرز التى تشتمل وقف إطلاق النار بين الجانبين ولقد شهدت الكثير من أعمال القتال التى أجبرت إسرائيل على قبول وقف إطلاق النار نتيجة للخسائر الشديدة التى أصابتها وقناعتها بأن الكفاءة القتالية للجيش المصرى أصبحت على درجة عالية وأنه رافض للهزيمة أو الاستسلام مهما كلفه ذلك من تضحيات.
ففى الثامن من مارس 1969 قامت مدفعيتنا بقصف مركز شديد لمدة خمس ساعات متصلة لمواقع العدو على طول الجبهة شرق القناة واستؤنف ذلك القصف فى اليوم التالى 9 مارس 1969، حيث توجه الفريق أول عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة ليراقب عن كثب وعن قرب نتائج هذا القصف من إحدى نقاط الملاحظة الأمامية علىخط قناة السويس، وسقط بجواره إحدى دانات المدفعية المعادية، فأصيب وسقط شهيداً على الحد الأمامى للدفاعات عن قناة السويس، ضاربا بذلك أروع الأمثلة للبطولة والفداء.
بالإضافة إلى العمليات خلف خطوط العدو لإحداث الخسائر المستمرة فى أفراد ومعدات العدو ولرفع الروح المعنوية الهجومية بين أفراد قواتنا، وتدريبهم على الاحتكاك بالعدو واستمرار التأثير عليه، وألا تدعه يهدأ وينعم بالاستقرار خلال وجوده على الضفة الشرقية بالقناة فقد قامت قواتنا بعمل الكائن على الطرق والمدقات لحرمانه من حرية الحركة، والقيام بعمليات الإغارات على نقط الملاحظة والنقط الحصينة بدأت بمستوى مجموعة من الأفراد وتدرجت إلى مستوى الفصيلة ثم السرية ثم الكتيبة فى وضح النهار واستمرت الأنشطة القتالية فى تصاعد ليلاً ونهاراً، فتزايدت خسائر العدو فى الأفراد والمعدات، وتميزت تلك الفترة بالاستنزاف المستمر، وارتفعت معنويات المصريين والعرب لنجاح تلك الأعمال البطولية لقواتنا.
وقد جن جنون العدو من نجاح تلك الأعمال، فقام بمهاجمة قواتنا المنعزلة فى عدة مناطق منها الجزيرة الخضراء وخليج السويس، وجزيرة شدوان فكبدته خسائر جسيمة وأظهرت بطولات فائقة جعلته لا يحاول تكرار تلك المحاولات مرة ثانية وكان العدو يقوم بتنفيذ تلك الأعمال تحت ستر وغطاء قواته الجوية الذراع الطولى من طائرات الفانتوم التى قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإمداده بها بأعداد كبيرة، ولكن فى 9 ديسمبر 1969 كانت بداية تحطيم تلك الأسطورة فقد اسقطت طائرات الميج 21 إحدى طائرات الفانتوم فى معركة جوية بواسطة أحد طيارى مصر الأبطال وتوالى سقوطها فى المعارك بعد ذلك مؤكدين ارتفاع المستوى العلمى والتكنولوجى والفنى والروح المعنوية والاصرار بعزيمة على القتال لاسترجاع الأرض.
فى 8 أغسطس لجأ العدو إلى قصف الأهداف المدنية والمنعزلة فى العمق فى محاولة منه لبث الرعب والخوف بين أبناء الشعب ولخفض الروح المعنوية ومحاولة لفصل التفاف الشعب حول قيادته السياسية وهز ثقته بأبنائه من القوت المسلحة، غير مكترث بإحداث الخسائر فى الأطفال أو النساء أو الشيوخ العزل من السلاح فاختار مدرسة بحر البقر للأطفال الصغار لتكون له هدفاً يسعى إلى تدميره فقام بالاغارة عليها فى الثامن من أغسطس بطائراته الفانتوم.. حيث قتل ما يزيد على 20 طفلاً وطفلة وأصيب عددآخر لم تأخذه رحمة ولا شقة لهؤلاء الصغار، معتقداً أنه بذلك سيحقق أهدافه التى يسعى إليها.. ولكن ذلك لن يزودنا إلا إصراراً وعزيمة نحو الأخذ بالثأر لهؤلاء الأطفال الشهداء.
وفى إطار هجوم العدو على الأهداف المدنية والمنعزلة.. قام بالهجوم على مصنع أبو زعبل واختار توقيت الهجوم بحيث يحقق أكبر خسائر ممكنة بين الأفراد العاملين بالمصنع وهو توقيت تبديل ورديتين من العمال.
ذكريات سرية المشاه مع الفانتوم
*قلت لى قبل ذلك إنك كنت فى الجبهة فى ذلك الوقت فما الذى تذكره عن تلك المعارك؟
**نعم أذكر اشتباك قوات سريتى المشاه مع الطائرة الفانتوم التى قصفت مدرسة بحر البقر بطريقة «السد النارى» وإجبارها على الفرار، حيث كان موقع السرية على النطاق الدفاعى الثانى، الذى يبعد حوالى عشرين كيلو متراغرب القناة.. ويتقاطع وادى اسمه وادى العشرة.. ويبدأ هذا الوادى من غرب البحيرات المرة وينتهى عند غرود الخانكة فى مدخل القاهرة من الاتجاه الشمالى الشرقى، واستغله الطيار الاسرائيلى فى الاقتراب على ارتفاع منخفض حتى لا يظهر على شاشات الرادار وتكتشفه وسائل وعناصر الإنذار، ونتيجة لذلك فقد أمرت جنودى بالانتشار واحتلال الحفر البرميلية لتحقيق الوقاية لتقليل الخسائر، حيث توقعت عودة الطائرة لقصف قواتنا وخاصة موقع كتيبة الصواريخ المضادة للطائرات والذى كان يتم بناؤه وإعداده وعلى مسافة حوالى 500 متر من موقع سريتى، والذى كانت تتوالى عليه الغارات يوميا لتدمير ماكان يتم بناؤه فى اليوم السابق، والذى استكمل وتم احتلاله عنوة وتحت تأثير قصفات وقنابل الطائرات الاسرائيلية، ولقد صح ما توقعت فبعد حوالى عشر دقائق فوجئنا بعودة نفس الطائرة الفانتوم وعلى نفس الارتفاع حوالى 10 أمتار فى طريقة عودتها فى اتجاه القناة، ونتيجة للتدريب العالى فقد فتح أفراد السرية نيران بندقهم الآلية التسليح الشخصى الفردى بأقصى معدل من النيران ليصدر مخروطاً من نيران الأسلحة الصغيرة على الطائرة، مما أجبر الطيار على الاتفاع وزيادة سرعته والقيام بأعمال المناورة الأفقية والرأسية ويفر هارباً فى اتجاه الشرق و يظهر على شاشات الرادار وليتعامل معه نوع آخر من الصواريخ التى يدخل فى مداها وهذه إحدى طرق التعامل مع الطائرات المغيرة على ارتفاع منخفض نفس طريقة السد النادى والتى يتم التدريب عليها والتعود على استخدامها بواسطة قوات لمشاه حيث اكتسب الجنود شجاعة مواجهة الطائرة بالبندقية نتيجة الاشتباك اليومى مع طائرات العدو، والخبرات المكتسبة من التعامل معه خلال حرب الاستنزاف.
إعداد أجهزة الدولة للحرب
*كيف تم إعداد باقى أجهزة الدولة للحرب؟
**بعد حدوث النكسة مباشرة، ارتفع شعار لاصوت يعلو فوق صوت المعركة واتجهت جهود جميع الوزارت ومؤسسات الدولة لتحقيق هذا الشعار وظهر التعاون والتنسيق بين كل تلك الجهات فى أسمى صورة ومعانيه وظهر التفاف الشعب بكل طوائفه وألوانه حول قيادته السياسية وقواته المسلحة وقامت الكل بالإعداد للمعركة القادمة.
فتم تحويل النظام الاقتصادى من اقتصاد السلم إلى اقتصاد الحرب، وتحويل جزء من الصناعات المدنية إلى الصناعات الحربية فيما أطلق عليه بالتعبئة الصناعية.
وأما عن إعداد وتجهيز الشعب للمعركة المقبلة فقد تم التركيز على إعداده سياسيا ومعنويا عن طريق غرس وتعميق روح الوطنية وبث الثقة فى قواته المسلحة، والوقوف خلفها ودعمه لها والاستعداد لبذل العطاء للدفاع عن الوطن وحول هذا الإطار فإن أذكر الزيارات المختلفة لفئات الشعب وطوائفه إلينا فى الجبهة لمعرفة ما تبذله القوات المسلحة للإعداد للمعركة القادمة لتحرير الأرض المحتلة ولقد تم أيضا الاهتمام بتدريب أبناء الشعب على أعمال الدفاع المدنى بتكوين مجموعات لإسعاف الجرحى ومجموعات لإطفاء الحرائق، ومجموعات لإخلاء الخسائر الناتجة عن الأعمال العدائية وبناء المخابئ إضافة إلى التدريب على حراسة وتامين الأهداف الحيوية فى عمق الدولة لتخفيف العبء على القوات المسلحة.
كما أنه نتيجة لقصف العدو لمدن القناة الثلاث لتحقيق أكبر خسائر ممكنة بين المدنيين، فقد تم إعداد وتنفيذ خطط لتهجير سكان المدن الثلاث إلى محافظات الوجه البحرى والقاهرة وتم تسكينهم فىالأحياء والمدن السكنية المعدة من قبل إضافة إلى إعداد المرافق والمستلزمات اللازمة لذلك.
وعن إعداد أجهزة الدولة للدفاع فقد تم تحديد الواجبات والمسئوليات لجميع الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية فى القطاعين العام والخاص، وإعداد الخطط اللازمة لمواجهة كافة الاحتمالات أثناء الحرب.
وأما عن تجهيز وإعداد أراضى الدولة كمسرح للعمليات فلقد تم إنشاء العديد من المطارات الرئيسية والتبادلية والهيكلية وأراضى الهبوط للطائرات فى مناطق مختلفة فى جميع أنحاء الدولة، كما تم رفع كفاءة الموانى الرئيسية وانشاء موان ومراس جديدة للسفن على شاطئ البحر المتوسط والأحمر.
*كيف تم الإعداد السياسى لحرب أكتوبر على ضوء التعنت الاسرائيلى وعدم قبول تنفيذ القرار 242 الذى يقضى بانسحابها من كافة الأراضى المحتلة؟
**أود أن أوضح فى البداية، أن استخدام القوات المسلحة هو إحدى أدوات السياسة التى يمكن استخدامها لتحقيق الأهداف القومية للدولة حين تفشل كافة الوسائل الأخرى فى تحقيقها.. وهذا ما انطبق على هذه الحالة.. فلقد امتنعت إسرائيل عن تنفيذ القرار 242 الصادر فى 22 نوفمبر 1967والذى ينص على انسحاب إسرائيل من الأراضى العربية المحتلة، وبذلت جهود سياسية مضنية سواء من جانب مصر أو الدول والمنظمات العالمية لإقناع اسرائيل بالانسحاب من الأراضى العربية المحتلة والعودة إلى خطوط ماقبل 5 يونيو 1967، وباءت كلها بالفشل.. حيث تم تعيين السفير جونار يارنج كممثل للسكرتير العام لأمم المتحدة لتنفيذ القرار.. وتم إجراء مباحثات بين الدول الأربع الكبرى الولايات المتحدة الأمريكيةوبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتى.. أطلق عليها المباحثات الرباعية، وذلك فى 3 أبريل 1969 لإقناع إسرائيل بالانسحاب وباءت بالفشل وفى نفس الشهر قامت مباحثات ثنائية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفتى لنفس الغرض ولكنها باءت بالفشل وفى اجتماع للقمة بين الرئيس الأمريكى نيكسون والرئيس السوفيتى فى موسكو عام 1970 من أجل تحسين العلاقات بينهما أعلنا فى القرار الختامى فرض حالة الاسترخاء العسكرى فى منطقة الشرق الأوسط، وبدءسياسة الوفاق بينهما»، ومعنى ذلك انتقال قضية احتلال اسرائيل للأراضى العربية إلى أسبقيات متأخرة فى أجندة العمل الدولى للقوى العظمى فى المنطقة وتقدم السادات فى 5 فبراير 1971 بمبادرة تنص بانسحاب جزئى للقوات المسلحة من الأراضى المحتلة وفتح قناة السويس للملاحة ثم استكمال المفاوضات لتحرير الأراضى.. وفشلت، وتقدمت مصر بطلب لعقد دورة طارئة لمجلس الأمن فى يونيو 1973 لاستصدار قرار يدعو إسرائيل للانسحاب.. وتحطم على صخرة الفيتو الأمريكى.. وقد قال كيسنجر للرئيس أنور السادات: «سيادة الرئيس لقد تم كل ما يمكن عمله على طريق السلام، ولم يعد هناك ما يمكن طلبه منكم من أجل السلام».
وهنا تأكد السادات أن كل الجهود السلمية والوسائل الدبلوماسية قد باءت بالفشل وأنه لا بديل عن تحرير الأرض إلا بالقوة المسلحة.
مبادرة روجرز
*كانت مبادرة روجرز سببا فى توقف أعمال القتال بين الجانبين المصرى والإسرائيلى قبلها كل من الطرفين، فما هى الأساب الداعية لذلك وماذاكان تأثير ذلك على الشارع العربى والمصرى؟.
**نتيجة لحرب الاستنزاف وتصاعد أعمال القتال واشتعاله على الضفة الشرقية للقناة من أعمال إغارة وكمائن ليلا ونهاراً وقصفت نيران المدفعية والطيران على طول الجبهة مع العدو إلى تناقص وتزايد سقوط أعداد الطائرات الفانتوم الإسرائيلية فى الاشتباكات الجوية مع طائراتنا بوسائل الدفاع الجوى المصرية إلى الحد الذى أسقط له 24 طائرة فى شهر يوليو 1970 مما جعل جولدا مائير تصرح بأن خسائر إسرائيل قد زادت بشكل ملحوظ وأن كتائب الصواريخ المصرية كعش الغراب كلما دمرنا إحداها نبتت أخرى بدلاً منها، وقال أبا إيبان «وزير خارجية اسرائيل» لقد بدأ الطيران الإسرائيلى يتآكل وانخفضت الروح المعنوية للإسرائيليين نتيجة لهذه الخسائر المتتالية المتزايدة والتى لا تنقطع.. فكان قبولهم لمبادرته روجرز فخرجوا فى مظاهرات فى الشوارع يبتهجون ويرقصون فقد انتهت حرب الاستنزاف التى أرهقتهم ماديا وكبدتهم خسائر كثيرة فى الأرواح. أما على الجانب الآخر فلقد شارفت القوات المسلحة على اكتمال بناء شبكة صواريخ الدفاع الجوى على جبهة القناة والتى تم استكمالها بدماء الشهداء الأبرار من المهندسين العسكريين وأبطال الدفاع المدنى والعاملين من الشركات المدنية ولذلك فقد كانت القوات المسلحة تحتاج إلى فترة لالتقاط النفاس والانتهاء من بناء مواقع الصواريخ ودفعها إلى الجبهة لتكوين حائطا أطلق عليه بعد ذلك حائط الصواريخ وكانت قناعة الرئيس جمال عبد الناصر أيضا فى قبول المبادرة أن يحرج إسرائيل أما الرأى العام والعالمى وأمام أمريكا أيضا صاحبة المبادرة، وذكر أيضاً أنه لا يعتقد أن المبادرة لن يكون نصيبها من النجاح لأكثر من نصف فى المائة.
ويواصل حديث ذكرياته فى الحلقة القادمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.