إن كان فى تصور أحد أنه يملك القدرة على محو أحداث محمد محمود من ذاكرتنا أو أن يمحو ولو مشهدًا واحدًا من مشاهد ثورة يناير العظيمة التى صنعناها، فإنه بالفعل مخطئ، لأن ما حدث محفور فى الوجدان وليس على جدران خرسانية فقط، وكون البعض تجرأ على جداريات الجرافيتى فى شارع محمد محمود بهذا الشكل إنما هى جريمة ليست فى حق من رسم هذه الجداريات فقط وإنما فى حق مصر كلها وبالأخص شهداء الثورة الخالدين، لذلك كان تصميم الجرافيتى أن يرجع ويعد الحياة للجداريات بعد أن محتها فرشاة جهل وغدر. «أكتوبر» شاركت فنانى الجرافيتى عودتهم وما تعرضوا له من اعتداءات.. جداريات محمد محمود والتى يعرفها الجميع ب « جداريات جرافيتى» ظهرت عقب اندلاع أحداث محمد محمود فى الفترة من 19 إلى 24 نوفمبر 2011 وانتشرت على أسوار الجامعة الأمريكيةبالقاهرة وجدران بعض العمارات وأسوار المدارس الملاصقة لها، كما ظهرت الجداريات على الحاجز الخرسانى الذى وضعه الأمن فى شارع محمد محمود لمنع تقدم الثوار إلى وزارة الداخلية و كانت بداية الجداريات تللك المبادرة التى حملت اسم «مفيش جدران» فى منتصف مارس 2012، رسم خلالها الفنانون لوحات جدارية على كتل الخرسانة التى سدت بها السلطات الأمنية شوارع رئيسية قريبة من وزارة الداخلية ومقر البرلمان وتحت هذا الشعار رُسمت على الكتل الخرسانية لوحة توحى للناظر إليها أن الشارع لا يزال مفتوحًا وفى وسطها مشهد لقوات الأمن تعتدى على المحتجين وحرص المترددون على الشارع على التقاط الصور التذكارية بجوار هذه الجداريات ورغم أن الجامعة الأمريكية أعلنت فى مارس 2012 عن مبادرة لحفظ جداريات محمد محمود عن طريق نسخها بالحجم الطبيعى لعرضها فى حرم الجامعة بميدان التحرير إلا أن محافظة القاهرة قامت بإزالة هذه الجداريات عدة مرات، وقيل وقتها إن عناصر من الأمن وعمالا تابعين لإدارة الجامعة الأمريكية شاركوا عملية المحو غير أن الفنانين كانوا يعيدون رسمها بعد طمسها أو تشويهها كما حرصوا على توثيق ما رسموه فوتوغرافيًا. صور جديدة وتضمنت الجداريات الجديدة التى رسمها شباب الجرافيتى قبل الطمس والمسح وبعد رسمها من جديد العديد من شعارات الثورة المصرية وأهم رموزها سواء كانوا من أبطالها مثل مينا دانيال وأحمد حرارة والشيخ عماد عفت، أو ممن اعتبرهم الفنان من أعدائها مثل المشير طنطاوى والملازم محمود الشناوى الشهير بقناص العيون، وقد أضيفت لاحقًا إلى صور شهداء الثورة ومصابيها وضحاياها فى أحداثها المتوالية، صور لوجوه جديدة من شباب ألتراس النادى الأهلى الذين شكلوا معظم ضحايا أحداث استاد بورسعيد كما ضمت الجدران شعارات تطالب بتسليم السلطة للمدنيين وإسقاط حكم العسكر وبعد إزالة جرافيتى شارع محمد محمود وإزالة آثار الثورة التى شهدتها البلاد فى غضون السنة الماضية، وأصبحت حوائط «محمد محمود» بيضاء؛ جاء الإبداع ليعبر عن إصرار الشباب ويصف البركان الثائر بداخلهم، ويعيد مرة ثانية إلى شارع «محمد محمود» الجرافيتى ولكن بصورة جديدة، والجدير بالذكر أن المشاركين فى رسم الجرافيتى ليسوا شبابًا فقط، ولكن شارك أيضًا أطفال فى عمر العاشرة فيما أكثر، الأمر الذى لفت أنظار المارة وتجمع الناس حول من يرسموا وحول الرسومات نفسها، وبدأ البعض فى أخذ صور تذكارية مع الجرافيتى واهتم بعض المصورين الفوتوغرافيين بتصوير الجداريات التى ظهرت منذ اندلاع ثورة يناير فى مصر وبذلك تم توثيق بعضها وأصبحت مادة بحثية ونشر عنها مؤلفات، منها على سبيل المثال الكتاب التوثيقى «أرض أرض.. حكاية ثورة الجرافيتى» للقصاص والمصور الفوتوغرافى شريف عبد المجيد. ضرب وإساءة وعن آراء فنانى الجرافيتى المتواجدين بشارع محمد محمود يقول أحمد الشاعر أحد فنانى الجرافيتى طالب جامعى: من حقنا أن نرسم ما نريد وما رسمناه ليس إلا تعبيرا عن غضبنا واستيائنا من تعمد مسح الجرافيتى الذى يحكى تاريخ أهم أيام مرت بها مصر ويخلد شهداءها فمن مسحه مخطئ، وأشار أحمد إلى أنه وزملاءه يتعرضون للإساءة والتجريح والسب لحد العراك ومحاولة البعض منعهم إلا أنهم مصرون على الرسم حتى يشعرالجميع بهم ويحترموا فنهم وإرادتهم، واستنكرت هند وهدان إحدى فنانات الجرافيتى وهى مهندسة ديكور بدار الأوبرا التى كانت ترسم بورتريه- قالت إنه لأحد مصابى الثورة يدعى معوض عادل الذى لازال فى غيبوبة حتى الآن- التعديات قائلة أرفض تماما أى تعد لفظى لأن الرسم حق لنا لذلك جئت للتعبير عن الثورة وشهدائها ومصابيها من جديد وكلما مسحوها كلما رسمنا من جديد أما عن تلك العبارات العدائية الموجودةعلى الجدران فتقول هند: أغلبها وجدناها عندما عدنا وقد شاهدت بنفسى أغلب تلك الرسومات وهى ترسم ولم يكن عليها أى عبارات من التى وجدناها بعد.