أعداء الأسرة والحياة l «الإرهابية» من تهديد الأوطان إلى السعى لتدمير الأسرة    عيار 21 يتراجع لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة 10 مايو 2024 بالصاغة    21.3 مليار.. قيمة التداول بالبورصة خلال جلسات نهاية الأسبوع    المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف قاعدة عوبدا الجوية الإسرائيلية بالمُسيرات (فيديو)    الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية عسكرية ل"حزب الله" بجنوب لبنان    حركة حماس توجه رسالة إلى المقاومة الفلسطينية    كاف يوافق على تعديل موعد مباراة مصر وبوركينا فاسو    محمد عبد الجليل: أتمنى أن تظهر شخصية الزمالك أمام نهضة بركان    شبانة يكشف مفاجأة في تقرير مراقب مباراة بيراميدز والأهلي بشأن واقعة الشيبي    أشرف صبحي يكشف ل«أخبار اليوم» تحديات وزارة الرياضة منذ توليه المهمة    مصرع عقيد شرطة في تصادم سيارة ملاكي بجمل بطريق الزعفرانة ببني سويف    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    هدية السكة الحديد للمصيفين.. قطارات نوم مكيفة لمحافظتي الإسكندرية ومرسى مطروح    مؤثر.. باسم سمرة يتحدث عن دوره بفيلم "عمارة يعقوبيان"    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    مسؤول أوروبي كبير يدين هجوم مستوطنين على "الأونروا" بالقدس الشرقية    البابا تواضروس يستقبل رئيسي الكنيستين السريانية والأرمينية    بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 10 مايو بالبورصة والأسواق    لتقديم طلبات التصالح.. إقبال ملحوظ للمواطنين على المركز التكنولوجي بحي شرق الإسكندرية    بمناسبة يوم أوروبا.. سفير الاتحاد الأوروبي ينظم احتفالية ويشيد باتفاقية الشراكة مع مصر    الدوري الأوروبي - أتالانتا لأول مرة في تاريخه إلى نهائي قاري بثلاثية ضد مارسيليا    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    رد فعل صادم من محامي الشحات بسبب بيان بيراميدز في قضية الشيبي    الافضل | جائزة جديدة ل بيرسي تاو قبل نهائي دوري أبطال أفريقيا    اللواء هشام الحلبي: استهداف القطاع المدني للدولة يغير منظومة القيم للأسوأ باستمرار    لمناقشة الموازنة.. مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الإجتماعي بمجلس النواب    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    تصل ل40 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم ودرجات الحرارة المتوقعة باكر    ضبط المتهم بالشروع في قتل زوجته طعنًا بالعمرانية    إصابة رجليْ أمن جرّاء هجوم على مركز للشرطة في باريس    بالأغاني الروسية وتكريم فلسطين.. مهرجان بردية للسينما يختتم أعماله    فريدة سيف النصر تكشف عن الهجوم التي تعرضت له بعد خلعها الحجاب وهل تعرضت للسحر    الاحتلال يسلم إخطارات هدم لمنزلين على أطراف حي الغناوي في بلدة عزون شرق قلقيلية    خالد الجندي: مفيش حاجة اسمها الأعمال بالنيات بين البشر (فيديو)    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُني على خمس فقط (فيديو)    عادل خطاب: فيروس كورونا أصبح مثل الأنفلونزا خلاص ده موجود معانا    الفوائد الصحية للشاي الأسود والأخضر في مواجهة السكري    مزاجه عالي، ضبط نصف فرش حشيش بحوزة راكب بمطار الغردقة (صور)    محافظ مطروح يشارك في المؤتمر السنوي لإحدى مؤسسات المجتمع المدني    4 شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزل في محيط مسجد التوبة بمخيم جباليا    مجلس جامعة مصر التكنولوجية يقترح إنشاء ثلاث برامج جديدة    آية عاطف ترسم بصمتها في مجال الكيمياء الصيدلانية وتحصد إنجازات علمية وجوائز دولية    لمواليد برج العذراء والثور والجدي.. تأثير الحالة الفلكية على الأبراج الترابية في الأسبوع الثاني من مايو    مرادف «قوامين» و«اقترف».. سؤال محير للصف الثاني الثانوي    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية كيان وطني موجود ومشهر وحاصل على ترخيص    تعرف على سعر الخوخ والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 10 مايو 2024    اليوم.. قطع المياه لمدة 8 ساعات عن عدد من مناطق الجيزة اليوم    بشرى للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر للقطاعين العام والخاص    «الكفتة الكدابة» وجبة اقتصادية خالية من اللحمة.. تعرف على أغرب أطباق أهل دمياط    «أنهى حياة عائلته وانتح ر».. أب يقتل 12 شخصًا في العراق (فيديو)    هيئة الدواء تعلن انتهاء تدريب دراسة الملف الفني للمستلزمات الطبية والكواشف المعمليّة    الدفاع الأمريكية: نريد إزالة حماس من رفح بشكل ملائم.. وقدمنا أفكارنا لإسرائيل    حدث بالفن| فنانة تكشف عودة العوضي وياسمين ووفاة والدة نجمة وانهيار كريم عبد العزيز    فيديو.. ريهام سعيد: "مفيش أي دكتور عنده علاج يرجعني بني آدمه"    سعود أبو سلطان يطرح أغنيته الجديدة الثوب الأبيض    مذكرة تفاهم بين جامعة عين شمس ونظيرتها الشارقة الإماراتية لتعزيز التعاون    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُنى على خمس فقط    بالفيديو.. خالد الجندي: أركان الإسلام ليست خمس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قتل وحرق وإبادة للمسلمين .. شلالات الدم
نشر في أكتوبر يوم 26 - 08 - 2012

لم تكن المجازر التى ترتكب فى حق مسلمى بورما هى الأولى ولن تكون الأخيرة فى ظل الصمت المطبق من أغلب الدول الإسلامية تجاه عمليات الاضطهاد والتطهير العرقى والإبادة التى تتعرض لها الأقليات المسلمة فى أغلب دول العالم، والتى تمتد بجذورها إلى عهود قديمة.
وقد كشفت المجازر وحمامات الدم فى بورما عن حجم الكراهية تجاه الإسلام والمسلمين مما كان يتطلب تدخلاً حاسماً وسريعاً من الدول والمنظمات والهيئات الإسلامية ولكن إزاء التخاذل من المسئولين فى أغلب الدول الإسلامية والإهمال من صُناع القرار ضاعت الحقوق الإسلامية، وزادت الجرائم ضد الأقليات المسلمة.. «أكتوبر» تفتح هذا الملف الشائك باستعراض الاضطهاد الذى يتعرض له أغلب الأقليات المسلمة فى أنحاء العالم.
**تزايد العداء بعد هجمات 11 سبتمبر
فى أمريكا.. المسلمون أسوأ حالا من السود
وقد شهد شهر رمضان الماضى تصاعداً غير مسبوق للهجمات على المسلمين فى أمريكا خلال شهر الصوم عند المسلمين، حيث قالت منظمة معنية بمراقبة الهجمات التى تستهدف المراكز الدينية إن سبعة مساجد، إلى جانب مقبرة واحدة على الأقل، تعرضت لاعتداءات مختلفة فى الولايات المتحدة خلال شهر رمضان، مشيرة إلى أن هذا الرقم يفوق حوادث العنف المماثلة التى وقعت خلال السنوات الماضية.
فى حين تشير تقارير بحثية إلى أن الجماعات المعادية للمسلمين ظاهرة حديثة نسبيا فى أمريكا حيث تشكل معظمها بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 ، يعتبر إبراهيم هوبر، الناطق باسم «مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية» المعنى بالحقوق المدنية وقضايا المسلمين بأمريكا، أن هناك «آلة لإنتاج رهاب الإسلام» تعمل خلف الستار.
ويتفق معه فى الرأى د. محمد رياض، الباحث فى جامعة آريزونا، حيث قال فى مقال له إن تتابع الهجمات على مراكز ومساجد المسلمين فى معظم الولايات المتحدة، خلال العامين الماضيين فقط، يوحى بأن هذه العمليات قد تكون مخططة ومتصلة المصدر بخلاف ما تزعمه الجهات الأمنية من أن هذه الهجمات ما هى إلا عمليات منفصلة فردية. فمنذ عام 2010، وحسب دراسة لدائرة مكافحة الإسلاموفوبيا فى منظمة «كيير» الأمريكية، تم تسجيل 80 هجوما على مراكز ومساجد إسلامية فى عدة ولايات، 13 منها استخدمت فيها قنابل حارقة أو أسلحة نارية أو وسائل عنف أخرى، بينما تعرضت المراكز الباقية إلى عمليات تخريب ليلية متعمدة لمنشآتها.
ويقول د. رمضان إن هذه الحوادث لم تأت من فراغ، فبعض وسائل الإعلام الأمريكية تنتهج سياسة عدوانية تحريضية ضد المسلمين فى أمريكا وتقوم بتصويرهم على أنهم بمجموعهم إرهابيون محتملون أو أنهم خلايا إرهابية نائمة وما شابه ذلك مما ساهم فى إنتاج صورة نمطية سيئة عن المسلمين بشكل عام.
وفى مقال كتبته لشبكة «سى إن إن»، قالت الناشطة ليندا صرصور، المدير التنفيذى لرابطة الأمريكيين العرب بنيويورك، إن التمييز ضد مسلمى أمريكا أصبح أسوأ مما حصل للسود، موضحة أن العنصرية ضد السود فى الولايات المتحدة مختلفة تماماً عن التعصب ضد المسلمين، فالحديث أو إظهار العنصرية ضد السود مرفوض علناً فى الولايات المتحدة حتى إن وجد فى الخفاء، لكن للأسف التعصب ضد الإسلام مقبول تماماً، وروجت له وسائل الإعلام عبر تصريحات مرشحين الرئاسة الأمريكية، التى تحمل بعضها كراهية للإسلام والمسلمين.
وبحسب صرصور، فإن مصطلح «الإرهاب» أصبح مرادفاً للعرب والمسلمين فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبدا ذلك بوضوح فى الرسالة التى تركت إلى جانب شيماء العوضى، السيدة العراقية المسلمة التى وجدت غارقة فى دمائها، فى ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وبجوارها رسالة كتب فيها «عودى إلى بلدك، أنتِ إرهابية». وبالرغم من أن السلطات التى تتولى التحقيق فى القضية قالت إنها لا تستبعد وجود شبة جريمة كراهية فى القضية، لكنها أيضاً أكدت أنه حادث عرضى فردى.
وتساءلت صرصور قائلة:«كيف يكون حادثا عرضيا؟ فوفقا للتقرير الصادر عن مكتب التحقيقات الفيدرالى FBI عام 2011، ارتفع عدد جرائم الكراهية ضد المسلمين من 107 قضية فى عام 2009 إلى 170 جريمة فى عام 2010». وأضافت:«شهد العام الماضى اغتيال اثنين من كبار شيوخ السيخ، اللذين بدا من هيئتهما أنهما مسلمان، والعام قبل الماضى قتل سائق تاكسى بعد إخباره لأحد الركاب بأنه مسلم، وبصفة عامة لا استغرب هذه الأحداث بعد الاستماع إلى حركات عدائية علنية ضد المسلمين داخل الكونجرس، ومعاداة الطقوس الإسلامية، التى ولدت زيادة الاحتقان والتعصب ضد المسلمين».
كما كشفت وسائل الإعلام الأمريكية فى العام الماضى عن قيام شرطة ولاية نيويورك بعد أحداث 11 سبتمبر باستحداث فرقة تدعى «شعبة السكان» لمراقبة جميع أعمال وأقوال المسلمين. وتحدثت تقارير صحفية عن قيام جهاز الاستخبارات الأمريكية بالتجسس على الحياة اليومية للمسلمين فى المنازل ومراكز العمل والمدارس والجامعات المساجد والمطاعم والمكتبات والحانات وجمع معلومات حول الدعاة المسلمين فى نيويورك والخطب التى يلقونها بالمساجد، إلى جانب معلومات حول السائقين المسلمين العاملين لدى شركات سيارات الأجرة، وصولا إلى المسلمين العاملين فى بيع الخضار بالعربات الصغيرة.
وأثارت حقيقة وجود قسم يراقب الناس بسبب انتماءاتهم العرقية أو الدينية احتجاجا كبيرا من جانب منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان التى رأت فى ذلك نوعا من التمييز ومخالفة للدستور الأمريكى.
يشار إلى أن عدد المسلمين فى الولايات المتحدة يتراوح بين ثلاثة وسبعة ملايين وهم ينتشرون فى سائر الولايات وينحدرون من إثنيات مختلفة.
**أرض الحبشة تعادى المسلمين
فى بلد الهجرة الأولى للمسلمين أثيوبيا - الحبشة قديما- تختلف أوضاع المسلمين فى الوقت الحاضر عن ذى قبل حيث كانت أثيوبيا فى الماضى فى عصر الملك النجاشى هى ملاذ المسلمين من بطش أعدائهم أما فى الوقت الحاضر فى عصر الرئيس غيرما ولد غيورغيس ورئيس وزرائه الراحل ميلس زيناوى أصبحت أثيوبيا تحارب الإسلام وأصبح المسلمون مضطهدين.
ويمثل المسلمون فى اثيوبيا وفقا لآخر الاحصائيات الحكومية هناك نسبة 31% من اجمالى عدد السكان البالغ تعدادهم 74 مليون نسمة تقريبا، إلا أن بعض النشطاء المسلمون داخل أثيوبيا وخارجها يؤكدون أن التعداد الصحيح لعدد المسلمين يصل إلى 55% أى أنهم يمثلون الغالبية فى البلاد والدين الإسلامى هو الأكثر انتشارا وأن الأحصائيات الحكومية ما هى إلا تضليل للرأى العام وللمسلمين من أجل سلب حقوقهم ومعاملتهم على أساس أنهم أقلية.
وينتشر المسلمون فى أثيوبيا فى معظم الأقاليم الجغرافية ولكنهم يتمركزون بدرجة كبيرة فى المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية والغربية الشمالية ويتكونون من الجماعات الإثنية أشهرها الأورومو والصوماليون والعفر والساهو والجوارح والسيدامو والأموك والفارا والبرت ومجموعات من الأمهرا والتغراى، ويذكر أن الأورومو الذين يقاربون نصف سكان أثيوبيا غالبيتهم مسلمين بنسبة 80% وهو مايدل على كذب التعدادات الحكومية للسكان.
ويعانى مسلمو أثيوبيا من تجاهل حكومى تام حيث لا تشملهم أى من خطط التنمية فى البلاد ما أدى إلى تفشى الجهل بينهم بشكل كبير جدا فأعداد المدارس محدودة فى مناطق المسلمين وتكاد تكون نادرة ما دفعهم إلى الاعتماد على المساجد كوسيلة لمكافحة الأمية، كما تفتقد المدن والقرى التى يقطنها المسلمون إلى أبسط وسائل الحياة الآدامية من مياة وكهرباء وصرف صحى ورعاية صحية ما ساعد على انتشار الكثير من الأمراض الوبائية، كما تحظر الحكومة الأثيوبية على المسلمين تولى أى مناصب عليا سواء فى الحكومة أو الجيش وكذلك فى الجامعات، وعقب أحداث الحادى عشر من ستمبر 2001 بدأت ملاحقات قوات الأمن لهم والتضييق عليهم واعتقال الكثير منهم دون أسباب وبحجة انتمائهم لجماعات ارهابية دون أى دليل يذكر ما اعتبره الكثير من المحللين قربان كانت تقدمه الحكومة الاثيوبية لحكومة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش فى حربه المزعومة ضد الإرهاب من أجل الحصول على بعض العطايا والمكاسب.
وعلى الرغم من تلك المعاناة من مظاهر التمييز والفصل العنصرى والاضطهاد ظل مسلمو أثيوبيا راضيين بواقعهم الآليم وخاضعين لقمع الحكوميين حتى جاء منتصف العام الحالى بما يشبه الربيع العربى عندما بدأ آلاف المسلمين يخرجون كل أسبوع عقب صلاة الجمعة إلى ساحات المساجد وبشكل متواصل منذ ثلاثة أشهر للتعبير عن رفضهم تدخل الحكومة الأثيوبية فى شئون معتقاداتهم الدينية كما ازدادت موجة الاحتجاجات فى نهاية الشهر الماضى عقب مقتل العشرات من المسلمين واعتقال مئات آخرين بحجة انتماءاتهم إلى جماعات متطرفة الإرهابية وهو ما رفضه المسلمون تماما مطالبين بمحاكمة من ارتكب تلك المجزرة.
وجاءت تلك الاحتجاجات لتنهى صمت مسلمى أثيوبيا منذ عشرات السنين ليعلنوا عن مطالبهم التى تمحورت حول رفض تدخل الحكومة فى شئون الأديان وإعطاءهم حق اختيار قادتهم فى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ورفض ما يدعيه المسئولون بإنتماء بعضهم للجماعات المتطرفة الإرهابية، ووقف الدعم الحكومى لطائفة الأحباش الصغيرة والتى لا تمثل المسلمين، وإعادة بعض المدارس الإسلامية.
ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات زادت قوات الأمن من تصرفاتها القمعية والوحشية ضد المسلمين حيث تم اقتحام العديد من المساجد دون مراعاة حرمة دور العبادة وقامت باعتقال وسحل العشرات من المسلمين الذين يشكون من تدخل الدولة فى شئونهم الدينية.
ويضاف إلى جرائم الحكومة الأثيوبية ضد الإسلام مأساة إقليم أوجادين الصومالى ذى الأصول العربية الإسلامية والذى يخضع لسيطرة الاحتلال الأثيوبى منذ عشرات السنين وبالتحديد عام 1954 وتمارس القوات الأثيوبية هناك كافة أشكال الضغط والإرهاب من أجل إخماد نار مقاومته ووأد محاولات أبنائه للحصول على استقلالهم والعودة مرة أخرى لأحضان الوطن والأمة الإسلامية وتبلغ مساحة إقليم أوجادين حوالى 400 ألف كيلو متر مربع، يعيش عليها ما يقرب من ثمانية ملايين معظمهم من المسلمين.
وقد رصدت منظمة مراقبة حقوق الإنسان «هيومن رايتس ووتش» العديد من مظاهر الاضطهاد التى تمارسها قوات الاحتلال اللأثيوبية فى الاقليم من جرائم اغتصاب جماعى وقتل وصلب وتخريب وهدم للمنازل والمساجد لترويع السكان المحليين، فضلا عما تفرضه هذه القوات من حصار على المعونات الإنسانية والحركة التجارية بدعوى منع وصول الدعم اللوجيستى للمقاتلين المطالبين بالاستقلال والتى تعتبرهم جماعات ارهابية، ما أدى إلى حدوث ما يشبه المجاعة بالإقليم وهو ما اضطر السكان إلى أكل الأعشاب والشرب من جذور النباتات إن وجدت.
**الروهينجا.. أكثر الأقليات اضطهادا
أعادت الأحداث الدامية الأخيرة التى تعرض لها مسلمو ميانمار مآسى الاضطهاد والقتل والتشريد التى كابدها المسلمون فى اقليم أراكان المسلم منذ 60 عاما على يد الجماعة الدينية المتطرفة «الماغ» حيث يعيش المسلمون فى بورما أشد محنة يتعرضون لها فى تاريخهم عن طريق حرب إبادة عنيفة راح ضحيتها أعداد كبيرة لا يمكن إحصاؤها. وبدأت أعمال العنف الأخيرة فى مطلع يونيو الماضى بسبب فتاة بوذية اتهمت ثلاثة مسلمين باغتصابها وحين انتشر الخبر قتل البوذيون ركاب باص مسلمين كانوا قادمين من العمرة لتوهم وهكذا اندلعت بين الطرفين صدامات مسلحة بعدها تحولت المواجهات إلى حرب شاملة ضد المسلمين فى بورما، وأخذت مجموعات مسلحة تقتل كل من يواجهها من المسلمين وتحرق وتدمر المنازل.
وقد بدأت المأساة مع حلول الديمقراطية فى ميانمار بعد أن حصلت ولاية اراكان ذات الأغلبية الماغية على 36 مقعدا فى البرلمان أعطى منها 43 مقعدا للبوذيين و3 مقاعد فقط للمسلمين والمعروفين ب «الروهينجا» ولكن الحكومة لم تعترف بالعرقية الروهنجية، وقبل انفجار الأزمة فى 8 يونيو الماضى بأيام أعلنت الحكومة البورمية أنها ستمنحهم بطاقة المواطنة وما إن أعلن هذا القرار حتى بدأ الماغيون يخططون لإحداث أى فوضى فى صفوف المسلمين ليكون ذلك مبررا لهم لتغيير موقف الحكومة تجاه المسلمين فيصوروهم على أنهم إرهابيون ودخلاء ويتوقف قرار الاعتراف بهم أو حتى تأجيله وأيضا لخلق فرصة لإبادة الشعب الروهنجى المسلم مع غياب الإعلام الخارجى وسيطرة الماغيين على مقاليد الأمور فى ولاية اراكان.
لذا فلم تكن المجازر بحق مسلمى ميانمار وليدة اليوم ففى عام 1942 تعرض المسلمون لمذبحة وحشية كبرى من قبل البوذيين الماغ بعد حصولهم على الأسلحة والإمدادات من قبل البوذيين البورمان والمستعمرين البريطانيين وغيرهم راح ضحيتها أكثر من 100 ألف مسلم أغلبهم من النساء والشيوخ والأطفال وشردت الهجمة الشرسة مئات الآلاف من المسلمين خارج الوطن ورجحت بذلك كفة البوذيين الماغ.
وفى عام 1962 وبدعم المعسكر الشيوعى المتمثل فى الصين وروسيا تعرض مسلمو أراكان لكل أنواع الظلم والاضطهاد من القتل والتهجير والتشريد والتضييق الاقتصادى والثقافى ومصادرة أراضيهم، كما تعرضوا لطمس الهوية ومحو الآثار الإسلامية وذلك بتدميرها من مساجد ومدارس وما بقى منها يمنع منعا باتا من الترميم، كما عانوا أيضا من عمليات التهجير الجماعى من قرى المسلمين وأراضيهم الزراعية إلى مناطق غير آهلة، إضافة للطرد الجماعى، ففى عام 1978 طرد أكثر من 500 ألف مسلم، وفى عام 1988 تم طرد أكثر من 150 ألف مسلم، وأيضا فى عام 1991 تم طرد قرابة النصف مليون مسلم وذلك عقب إلغاء نتائج الانتخابات العامة التى فازت فيها المعارضة بأغلبية ساحقة انتقاما من المسلمين لأنهم صوتوا مع عامة أهل البلد لصالح الحزب الوطنى المعارض، وفى عام 2001 بعد أحداث 11 سبتمبر وبحجة محاربة الإرهاب تعرض المسلمون فى ميانمار لموجات عنف خلفت وراءها مئات القتلى.
واتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» فى تقرير لها مؤخرا سلطات أمن ميانمار بإطلاق النار على الروهينجا وبالضلوع فى عمليات اغتصاب وبعدم التدخل لحل الاشتباكات بين المسلمين والبوذيين وتحدثت عن عنف تدعمه الدولة.
يذكر أن الروهينجا يتركزون فى شمال إقليم «راخين» وهم من الأقليات العرقية التى لا تعترف بها السلطة وتعتبرهم مواطنين مهاجرين غير شرعيين من بنجلاديش فى حين تصفهم الأمم المتحدة بأنهم من أكثر الأقليات تعرضا للإضطهاد فى العالم.
**الإسلاموفوبيا .. مأساة مسلمى أوروبا
بالرغم من نجاح المسلمين فى معظم الدول الأوروبية فى الاندماج مع المجتمعات التى يعيشون فيها، إلا أن وتيرة التمييز والأعمال العدائية ضدهم تزايدت فى السنوات الأخيرة نتيجة لصعود تيار اليمين المتطرف وانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا فى غالبية بلدان القارة.
ففى فرنسا، حيث توجد أكبر جالية مسلمة فى أوروبا، ارتفعت الأعمال العدائية ضد المسلمين من تدنيس للمقابر والمساجد خلال النصف الأول من السنة الجارية بنسبة تقارب 15 بالمائة. وفى رمضان الماضى قامت بعض الشركات الفرنسية بطرد بعض العاملين المسلمين لقيامهم بالصيام وهو ما أدانه مركز «سواسية» لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز، مشيرا إلى تزايد تلك الممارسات فى فرنسا فى الآونة الأخيرة مما يوحى بتعمد بعض الأفراد والأحزاب اليمينية ممارسة التمييز والعنصرية ضد المسلمين بالرغم من كون الإسلام يمثل الديانة الثانية، إذ يزيد عدد المسلمين فى فرنسا عن خمسة ملايين نسمة.
وأظهر تقرير لمركز «المساواة ومكافحة العنصرية» الأوروبى فى بروكسل أن «العنصرية ضد المسلمين، خاصة الأجانب منهم، زادت نسبتها ثلاثة أضعاف عما تم تسجيله» وقد تصدر المسلمون، بحسب المركز، قائمة ضحايا العنصرية الدينية على المستوى الأوروبى. وتتركز أعمال العنصرية فى أماكن العمل، وفى وسائل النقل العام، أو مع سائقى سيارات الأجرة، أو فى الشارع، أو مع هيئات التأمين على الصحة حيث تسبببت بعض هذه الأعمال العنصرية فى فقدانهم فرصا كثيرة للعمل والتوظيف. وأفاد المركز فى تقريره السنوى أن «الإسلاموفوبيا»، أو الخوف غير المبرر من قِبل الأوروبيين من المسلمين، هو الباعث أو المحرك الأول للتصرفات العنصرية، حيث يتم وصم المسلمين بالعنف والإرهاب».
وأشارت دراسة حديثة لوكالة الاتحاد الأوروبى للحقوق الأساسية إلى أن «ثلث المسلمين تعرضوا للتمييز فى الأشهر ال12 الأخيرة وأن ربع المسلمين الذين تم استجوابهم من قبل الشرطة العام الماضى تم اعتقالهم».
وفى رسالة نشرت على موقع مجلس أوروبا، قال مفوض حقوق الإنسان فى المجلس نيلز مويزنيكس إن مسلمى أوروبا «يصطدمون بانتظام بأشكال مختلفة من الأفكار المسبقة والتمييز والعنف تعزز انطواءهم الاجتماعى». وأضاف أن «أحزابا كبرى استغلت مشاعر الريبة حيال المسلمين لتأييد إجراءات تشريعية مقيدة ضدهم»،داعيا الحكومات الأوروبية إلى «إلغاء القوانين والإجراءات التى تستهدف المسلمين تحديدا».
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه فى بلجيكا وفرنسا تم استحداث قوانين تنص على فرض غرامة على النساء اللاتى يرتدين النقاب أو البرقع فى الأماكن العامة. كما تشهد أوروبا الآن حركة زاحفة لحظر ختان الذكور امتدت إلى النمسا وسويسرا بعد أن حظرته محكمة فى ألمانيا باعتباره اعتداء جسديا. وتوجد محاولات فى هولندا لفرض حظر على ذبح الحيوانات على الطريقة الإسلامية أو ما يعرف باللحم الحلال.
وقد نددت وزارة الخارجية الأمريكية فى تقريرها حول «الحريات الدينية فى العالم لعام 2011» بتنامى العداء تجاه المسلمين فى أوروبا، مستنكرة العدد المتزايد من البلدان الأوروبية، بينها بلجيكا وفرنسا، التى تؤثر قوانينها المفروضة على طريقة الملبس بشكل سلبى على المسلمين، فى إشارة إلى تلك القوانين الأوروبية التى تمنع ارتداء النقاب أو البرقع.
كما أعربت منظمة العفو الدولية «امنستى انترناشيونال» فى تقرير أصدرته فى ابريل الماضى عن قلقها من أن الحكومات والسلطات العامة فى أوروبا لا تبذل جهودا كافية لمكافحة التمييز ضد المسلمين، بل أنها تشجعه فى بعض الأحيان حيث قالت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان إن القوانين الأوروبية التى تحدد ما ترتديه الفتيات والنساء فوق رؤوسهن تؤدى إلى مزيد من التمييز ضد المسلمين والإسلام. وأوضح التقرير أن النساء المسلمات يتعرضن للمضايقات فى أماكن العمل والدراسة ويعانين من البطالة لمجرد ارتدائهن الحجاب بينما يتعرض الرجال للتمييز نفسه لإطلاقهم لحاهم. وتناول التقرير الإشارة إلى ما يحدث فى دول مثل بلجيكا وفرنسا وأسبانيا وسويسرا وهولندا وهى دول عرفت مشكلات فى هذا الصدد.
ووفقا للتقرير الذى حمل عنوان «الاختيار والتحيز: التمييز ضد المسلمين فى أوروبا»، فإنه يسمح لأصحاب العمل فى فرنسا وبلجيكا وهولندا بالتمييز ضد المسلمين بذريعة أن «الرموز الدينية أو الثقافية تضايق الزبائن أو الزملاء». واستشهد التقرير بشهادة سيدة تبحث عن وظيفة فى مجال السياحة حيث تقول:«فى العادة كنت ألقى الترحيب على الهاتف، ولكن ما إن أذهب لمقابلة المديرين وجها لوجه حتى كانوا يسألوننى عما إذا كنت مستعدة للتخلى عن الحجاب، وكان الرد المعتاد: لا نستطيع تشغيلك فى وظيفة فى المكاتب الأمامية فنحن لا نريد أن نفقد الزبائن» وأحيانا كان يقال لها إن الزملاء الآخرين «لا يشعرون بارتياح فى وجود نساء يرتدين غطاء الرأس».
وندد التقرير كذلك بالحرية المحدودة المتاحة للمسلمين لأداء الصلاة وخاصة فى سويسرا حيث صوت السويسريون عام 2009 ضد بناء مآذن جديدة للمساجد. وفى إقليم كاتالونيا الاسبانى يؤدى المسلمون الصلاة فى الهواء الطلق لأن السلطات ترفض الطلبات المقدمة لها ببناء مساجد جديدة بحجة أنها تتعارض مع التقاليد والثقافة الكاتالونية. أما فى فرنسا فقد تم منع المسلمين من الصلاة فى الشوارع.
كما نددت المنظمة بتوظيف الأحكام المسبقة ضد المسلمين لتحقيق مصالح سياسية كما حدث فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة حيث ركزت مرشحة حزب الجبهة الوطنية اليمنى المتطرف مارين لوبان حملتها الانتخابية على المسلمين لكسب أصوات اليمين المتطرف، فى حين استخدم الرئيس السابق نيكولا ساركوزى هجمات تولوز - التى نفذها الشاب الفرنسى من أصل جزائرى محمد مراح فى مدينتى تولوز ومونتوبان فى مارس الماضى وقتل فيها سبعة أشخاص - كذريعة لاعتقال وطرد أئمة وناشطين إسلاميين.
وأشار التقرير إلى تنامى عدد الأحزاب والقوى السياسية التى أنشئت حديثا فى أوروبا والتى تنتهج سياسات معادية للجاليات المسلمة فى بعض دول القارة. وقد شهدت العاصمة الألمانية برلين مؤخرا تظاهر المئات من أعضاء حزب «برو دويتشلاند» اليمينى المتطرف - الذى تأسس فى برلين عام 2010 - أمام ثلاثة مساجد ورفعوا لافتات تندد بالإسلام تقول «الإسلام لا ينتمى إلى أوروبا أوقفوا الأسلمة» كما رفع المتظاهرون صورا كاريكاتورية مسيئة لسيدنا محمد- عليه الصلاة والسلام - من بينها الصور التى تم نشرها للرسام الدنماركى كوت فيستر جارد فى عام 2005. وللأسف فإن هذه المظاهرات جاءت بعد رفض محكمة برلين الإدارية دعوى رفعتها أمامها المساجد الثلاثة طالبت بمنع الحزب من حمل نسخ من الرسوم الكاريكاتورية للنبى محمد خلال التظاهرات، حيث قضت المحكمة بأن تلك الرسوم محمية «بالحرية الفنية» ولا يمكن قانونا اعتبارها تشكل إساءة إلى أى مجموعة دينية وأن «عرض رسوم للنبى محمد لا يعتبر دعوة إلى الكراهية أو العنف ضد فئة من السكان»!!
ومن بلجيكا ألتقت «أكتوبر» بالطالب ايمانويل باخننزون المقيم بمدينة البعوث الإسلامية والذى أكد أن المسلمين هناك يتعرضون لقيود فى العبادة حيث يجد المسلم صعوبة فى أن يصلى أثناء العمل وإذا صام وعلم أحد يبلغ رئيس العمل بأن فلان صائم ولا يؤدى عمله جيدا، وإذا كنت مسلما ملتزما تجد نوعا من التقييد وتجد الناس يستهزأون بك ويضحكون عليك ويحاولون جذبك إلى الطريق الحرام. وأضاف أن المسلمين يخضعون لمراقبة شديدة لدرجة إننا لا نستطيع إقامة شعيرة «الأضحية» فى عيد الأضحى بحجة حقوق الحيوان، كما أن المسلم غالبا لا يعمل فى الوظائف المرموقة فى الدولة، وإذا كنت ملتحيا تجد صعوبة فى الحصول على وظيفة مناسبة. وأضاف أن الإعلام فى أوروبا يتصيد للمسلمين ويقوم باستغلال الأشياء التى تنال من قدر الإسلام أو المسلمين. ويصورون الإسلام على أنه إرهاب.
وبحسب دراسة أصدرتها منظمة (عدالة للجميع ضد التمييز) المتخصصة فى الدِفاع عن الأقلِّيات فى العالم، يبلغ عدد المسلمين فى أوروبا بما فيها الجزء الأوروبى من روسيا، لكن دون تركيا، 45 مليونا، يوجد العدد الأكبر منهم فى فرنسا حيث يبلغ عددهم قُرابةَ خمسة ملايين مسلم، تليها ألمانيا، حيث يبلغ عدد المسلمين فيها ما يزيد على أربعة ملايين نسمة، ثم بريطانيا حيث يصل عددهم إلى ثلاثة ملايين مسلم.
**الإيجور.. مواطنون درجة ثانية
يعد مسلمو الإيجور نموذجا للاضطهاد الذى تواجهه الأقليات المسلمة فى كثير من دول العالم، حيث عانى مسلمو الإيجور الذين ينحدرون من أصول تركية ويشكلون أحد الأقليات العرقية فى الصين من الظلم والاضطهاد منذ أن اجتاحت الصين هذا الإقليم الذى كان يسمى « تركستان الشرقية» عام 1933، وضمته عام 1949 وأطلقت عليه إقليم « شينجيانج» ويعنى « المقاطعة الجديدة»، ورغم أن الزعيم الصينى «ماوتسى تونج» جعل الإقليم متمتعا بالحكم الذاتى ثقافيا ودينيا ولغويا، إلا أنه من الناحية التطبيقية حدث العكس تمامًا، إذ تقبض الحكومة الصينية على الإقليم بيد من حديد، حيث تحاول السلطات الصينية القضاء على الهوية الإسلامية للإقليم الذى يسكنه حوالى 8 ملايين من مسلمى الإيجور عن طريق توطين مئات الآلاف من المواطنين الذين ينتمون لعرق « الهان» الصينى الشيوعى، وجعلهم يسيطرون على كافة الوظائف الرئيسية والنشاط السياسى للإقليم، لذا صار أتباع « الهان» هم المسيطرين على غالبية المصانع والشركات، ولا يقبلون عمالة بها من غيرهم، مما اضطر الإيجوريون إلى امتهان أعمال متدنية مثل الخدمة فى المنازل، وأصبح الإيجوريون - وهم سكان الإقليم الأصليين- مواطنين من الدرجة الثانية، فهم ممنوعون حتى من مجرد تمثيل هامشى فى الهيئات الحكومية، كما لا يسمح لهم باستخدام لغتهم فى المدارس، ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط، إذ يتم ترحيل مسلمات الإيجور للعمل فى المصانع شرق الصين بالسخرة، وإجبارهن على الزواج من غير المسلمين، وهو ما ذكرته «ربيعة قادر» الناشطة الحقوقية المسلمة من أقلية الإيجور، والتى رشحت لجائزة نوبل للسلام عام 2006، فقالت إن 240 ألفًا من مسلمات الإيجور تم ترحليهن عنوة إلى المصانع فى شرق الصين للعمل بالسخرة وإجبارهن على الزواج من غير المسلمين، مؤكدة أن الفتيات اللائى يجرى نقلهن تحت ستار «فرص التوظيف» غير متزوجات وتتراوح أعمارهن بين 16 عامًا و25 عامًا، وأكدت ربيعة أن هؤلاء الفتيات يلاقين معاملة قاسية، إذ يعملن 12 ساعة يوميًا، وغالبًا ما تحجب عنهن أجورهن شهورًا، ووصفت النساء بأنهن «عاملات سخرة رخيصة وبغايا محتملات».
واستمرارا لسياسة الاضطهاد ضد مسلمى الإيجور، تمارس الحكومة الصينية حملة شاملة من القمع الدينى ضدهم تحت ذريعة محاربة النزعة الانفصالية والإرهاب، حيث تواجه المساجد والمدارس الدينية حملات إغلاق بحجة عدم وجود تراخيص، كما تمنع السلطات الشباب دون سن 18 من الصلاة بالمساجد. أما أحدث ما فعلته السلطات الصينية فى مسلسل اضطهاد مسلمى الإيجور ما حدث فى رمضان الماضى، حيث قامت السلطات الصينية باتخاذ إجراءات لمنع مسلمى الإيجور من الصيام فى رمضان، وصدرت توجيهات نشرتها العديد من المواقع الالكترونية الحكومية لقادة الحزب الشيوعى بتقييد النشاطات الدينية للمسلمين خلال شهر رمضان بما فى ذلك الصيام وزيارة المساجد.
**مسلمو الهند ضحية الفقر والتهميش والعنصرية
ما بين قتل وحرق إلى إفقار وتهميش واضطهاد واعتقالات تعسفية كانت وما زالت معاناة المسلمين فى الهند الذين صاروا رغم كثرتهم أفقر فصيل فى هذا البلد وهو ما كشفته إحدى الدراسات الحديثة التى أعدها مركز جالوب حول أوضاع مسلمى الهند.
حيث استنكرت صحيفة «فاييننشيال تايمز» البريطانية أحداث العنف التى شهدتها العاصمة المالية الهندية «مومباى»بين قوات الشرطة وآلاف المسلمين مؤكدة أنها استمرار لسيناريو اضطهاد الأقلية المسلمة وعلامة على تواصل أعمال العنف ضدهم والتى اشتدت القرن الماضى وراح ضحيتها مئات الآلاف فى أحداث الفتنة الطائفية بالهند حيث تصاعدت موجات العداء الشديد تجاه المسلمين بقوة خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضى والتى تزامنت مع دخول أعداد كبيرة ممن يعتبرون من المنبوذين إلى الإسلام، ثم كانت موجات عنف حادة تزامنت مع انفصال باكستان عن الهند ومحاولات إجبار المسلمين على الرحيل إلى باكستان, فيما اعتبر عام 1947 بداية المذابح الوحشية التى تعرض لها المسلمون على يد الهندوس، ثم كانت موجة ثانية خلال التسعينات والتى تبلورت فى تدمير بعض المساجد منها تدمير مسجد بابرى الذى كان الهندوس قد هاجموه أكثر من مرة كان آخرها عام 1992 بحجة أن المسجد بنى على موقع ولادة الإله رام الهندوسى وكان تدمير المسجد قد أدى إلى انفجار أسوأ موجة عنف طائفى ضد المسلمين حصدت ألفى قتيل فيما لا زالت القضية التى أرست جذورا جديدة للعنف فى الهند تنظر أمام المحاكم لفصل الدعوة بين المسلمين والهندوس.
ثم هناك ما حدث عام 2002 الذى شهد ما عرف بمجزرة ولاية جوجارات حيث تعرض المسلمون لمذابح على يد عصابات هندوسية أسفرت عن مقتل 2500 مسلم واغتصاب 400 سيدة وتدمير 270 مسجدا فى واحدة من أبشع مجازر الإبادة فى الهند.
وأشار تقرير لجنة «سجار» الذى نشرته الحكومة الهندية عام 2006 إلى التهميش الحاد الذى يعانى منه المسلمون خاصة مع نقص حاد فى تمثيلهم فى مختلف الإدارات الحكومية والمجتمع، كما توقع التقرير تزايد حدة الصراع بين المسلمين والهندوس والمزيد من التدهور لحال مسلمى الهند فى ظل تشدد الحركات الهندوسية القومية.
وجاء فى آخر تقرير سنوى صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية المتعلق بالحريات الدينية أن المسلمين بولاية جوجارات الهندية لا يزالون يخافون التعرض لمزيد من الاضطهاد والقتل على يد الهندوس فى إطار بطء محاكمة المسئولين عن مقتل مئات المسلمين وحرق منازلهم وممتلكاتهم وأعمالهم التجارية فى أحداث 2002.
وعما يعانى منه المسلمون من بطش على يد الجماعات الهندوسية المتشددة، يقول محمد إمام الدين، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الدراسات الإسلامية إن المسلمين يتعرضون للظلم من قبل جماعة تسمى «آر إس إس» وأخرى تسمى «فيشو هنج بدى شد» حيث تقولان إن المسلمين ينتمون إلى باكستان وليس لهم أصول هندية وبالتالى ليس لهم الحق فى السكن هناك فالهند للهندوس فقط. وتتطرق إمام الدين إلى الأحداث التى تقع فى مدينة آسام والتى قتل فيها 5 آلاف مسلم قائلا إن جماعة هندوسية متطرفة تعرف باسم «بودولاند» هى التى ترتكب هذه المجازر بحجة أن هؤلاء المسلمين ليس لهم حق فى المكوث فى المدينة وأنهم من بنجلاديش حتى أصبح الوضع يرثى له وأصبح المسلمون يعيشون هناك كالبهائم دون طعام أو ماء أو دار إيواء فيسكنون خارج البلد.
**حملات إبادة فى «مندناو»
فى الفلبين وتحديدا فى إقليم مندناو دفع الاضطهاد الذى تعرض له مسلمو الإقليم العديد من الهيئات والمنظمات العالمية إلى الاحتجاج الصارخ على ما يتعرض له المسلمون فى الفلبين التى دأبت حكومتها على نقض وعودها لمسلمى جنوب البلاد وتراجعت عن تنفيذ كل اتفاقات السلام المبرمة مع جبهة تحرير «مورو» لتحقيق السلام فى إقليم مندناو، حيث يعيش المسلمون الذين تزيد أعدادهم فى الجنوب على 5 ملايين من مجمل أعداد مسلمى البلاد البالغ تعدادهم حوالى 8 ملايين فى حالة من الخوف والقهر بسبب الأسلوب الذى اعتادت حكومة مانيلا على اتباعه فى التعاطى مع مطالب المسلمين، إضافة لحرص المؤسسة العسكرية الحاكمة للبلاد على عرقلة أى محاولات تسوية مع مسلمى الجنوب وميلها لتصعيد الوضع واستمرار حالة الصراع التى يشكو منها المسلمون.
وتعود جذور الأزمة التى يعانى منها مسلمو الفلبين إلى مرحلة الاستقلال الحديث للبلاد خلال عقد الأربعينات الماضى حيث احتل اليابانيون المناطق الإسلامية وشنوا حملات إبادة واسعة ضد المسلمين. وبعد الاستقلال وخلال حكم ماركوس قامت الحكومة الفلبينية بين عامى 1972و 1984 بارتكاب مجازر فى حق المسلمين، حيث قتل أكثر من 30 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، واغتصاب ستة آلاف مسلمة على أيدى الجنود الفلبينيين، وتشريد أكثر من مليونى مسلم وفرار حوالى 300 ألف نسمة واضطرارهم للهجرة إلى البلاد المجاورة، وإحراق 300 ألف منزل من بيوت المسلمين وتدمير مائة قرية ومدينة إسلامية وتدمير أكثر من 500 مسجد للمسلمين.
فيما تكونت جبهة تحرير «مورو» التى خاضت غمار حرب طويلة مع الحكومة الفلبينية التى شنت هجمات إبادة جماعية على المسلمين الفلبينيين كما جاء فى عريضة منظمة تحرير شعب «مورو» المرفوعة الى لجنة حقوق الانسان، واتهمت فيها حكومة الفلبين بقتل وجرح مالا يقل عن 100 ألف مسلم وتشريد نصف مليون واغتصاب ملايين الأفدنة من أراضى المسلمين وحرق المنازل والمساجد والمدارس، حيث وصلت أعداد المذابح التى شنتها حكومة الفلبين ضد المسلمين فى الفبين ل 417 حادثة فى ثلاث سنوات فقط.
وتظهر ملامح ذلك الاضطهاد وتلك العنصرية من خلال تغيير اسم العاصمة إلى نطق غير عربى فبعد أن كان اسم المدينة «أمان الله» صارت تسمى «مانيلا».
وحتى الآن يعيش المسلمون فى الجنوب فى حرب دائمة مع السلطات الفلبينية التى لم ترحم حتى بيوت الله فقامت بهدمها، وإن كانت حاليا قد بدأت تأخذ اتجاها أكثر هدوءا فى تعاملها مع الوجود الإسلامى.
ومن إقليم مندناو تحدث إلى «أكتوبر» خليل ناصر أحد خريجى كلية الدعوة الإسلامية قائلا إنه بالرغم من وجود حرية فى الاعتقاد وعدم وجود أى مشكلة فى بناء المساجد ودور العبادة إلا أن هناك قيود على المسلمين فى نواحى أخرى فعلى سبيل المثال لايسمح للمسلمين بتولى المناصب القيادية فى الدولة أوفى الجيش.وأضاف ناصر أن الحكومة تحرم المسلمين من حقوقهم حتى أصبحوا يبحثون عن الاستقلال عن البلاد.
**الشيشان.. تاريخ طويل من القمع والإبادة
ربما لم يتعرض شعب مسلم للاضطهاد والقمع مثلما حدث مع الشعب الشيشانى، الذى تعرض لأبشع حرب إبادة من قبل القوات الروسية، فبعد انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1991 وإعلان القائد الشيشانى الشهير « جوهر دوداييف» استقلال الشيشان، رفض الروس الاعتراف بهذا الاستقلال، وفى عام 1994 دخلت القوات الروسية الأراضى الشيشانية بحجة إعادة ما أسموه « النظام الدستورى» وارتكبوا جرائم عديدة بحق الشيشانيين لمدة سنتين، إلا أن بسالة وصمود المقاتلين الشيشان أجبرت الروس على الاعتراف للشيشانيين بحق تقرير المصير، ولكن هذه الهدنة لم تستمر طويلا، فبعد أن التقطوا أنفاسهم بدأوا فى إعداد العدة لحرب جديدة فى الشيشان، وبالفعل دخلت القوات الروسية الأراضى الشيشانية بحجة القضاء على الإرهابيين الذين يهددون أمن موسكو، واستخدموا فى هذه الحرب آلاف المدرعات والدبابات، وأعداد كبيرة من مروحيات القتال، وطائرات هجومية، كما استخدموا آلاف الصواريخ، والقنابل، والأسلحة المحرمة دوليا.
أما عن المذابح التى ارتكبوها فى هذه الحرب فكانت لا توصف، فقد ارتكبوا أبشع أنواع الجرائم والمجازر التى راح ضحيتها آلاف المدنيين من مسلمى الشيشان، فضلا عن عمليات السلب والنهب، والإعدامات العشوائية، كما انتشرت عمليات الاغتصاب لفتيات الشيشان من جانب الجنود الروس بأمر من جنرالاتهم، وصار من الأمور المعتادة الكشف عن مقابر جماعية، دفن فيها أطفال ونساء وشيوخ أحياء، أما من شردتهم ترسانة الحرب الروسية، والذين زاد عددهم عن 30 ألف لاجئ، فقد تعرض الكثير منهم لعمليات اغتيال وتعذيب واغتصاب وأعمال سلب ونهب، وغيرها من الأعمال المشينة التى اقترفها الجنود الروس فى معسكرات اللاجئين، كما اتبعت القوات الروسية سياسة التعذيب الوحشى حتى الموت مع المناضلين الشيشانيين سواء بعد أسرهم فى مناطق عمليات المقاومة العسكرية أو اختطاف السياسيين منهم وأصحاب الرأى المعارض المدنيين، وإمعانا فى الاضطهاد قامت القوات الروسية بحرق الجوامع عمدا وملاحقة وإبادة الأشخاص بسبب انتمائهم الدينى، إلى جانب القضاء على رجال الدين الذين رفضوا التعاون مع عناصر الاستخبارات فى قتل الشيشانيين، بالإضافة لذلك فقد دمرت القوات الروسية البنية التحتية للاقتصاد الشيشانى وعشرات الآلاف من المنازل والمصانع والمؤسسات الحكومية وأماكن العبادة والمستشفيات والعديد من المرافق العامة الأخرى.
وقد أفادت تقارير عدة لمنظمات معنية بحقوق الإنسان أن ما ارتكبته روسيا بحق المسلمين الشيشان يفوق ما يقوم به الأمريكان والإسرائيليون من تعذيب فى سجونهم، كما اتهمت لجنة مكافحة التعذيب التابعة للأمم المتحدة روسيا بممارسة أبشع عمليات التعذيب ضد سكان جمهورية الشيشان الإسلامية، وأشارت اللجنة المكلفة بالبحث فى عمليات التعذيب المرتكبة ضد سكان الشيشان إلى مراكز الاعتقال الروسية المنتشرة على نطاق واسع فى البلاد والتى تمارس فيها أبشع عمليات التعذيب و انتزاع المعلومات من الرجال والنساء على حد سواء.
ورغم تلك المذابح التى ارتكبت بحق الشعب الشيشانى، إلا أن موقف الدول الغربية، وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية جاء مناقضاً لأبسط حقوق الإنسان التى تتشدق بها تلك الدول، حيث اعتبرت المذابح الجماعية والجرائم البشعة التى يرتكبها الروس «شأناً داخلياً»، وحددت تلك الدول موقفها انطلاقا من إدراكها العواقب التى يمكن أن تترتب على تفكك روسيا الاتحادية، واحتمالات وقوع عشرات الحروب الأهلية والعرقية فى إقليم القوقاز، إضافة إلى عدم وجود مصالح حيوية تبرر إثارة روسيا واستفزازها من جراء معارضة غزو الشيشان.
**مسلمو نيجيريا.. أغلبية مستضعفة
عندما نتحدث عن معاناة المسلمين المضطهدين فى العالم لابد أن نتوقف عند حالة مسلمى نيجيريا، لأنها ذات طبيعة خاصة، ففى معظم البلاد التى يعانى فيها المسلمون من اضطهاد يكونون أقلية فى هذه البلد، أما فى نيجيريا فالوضع مختلف، فبحسب أحدث البيانات الإحصائية فإن عدد سكان نيجيريا هو 170 مليونا، يشكل المسلمون منهم نحو 50% والمسيحيون 40%، وديانات وثنية أخرى 10%، ويعنى ذلك أن المسلمين هم الأغلبية فى تلك الدولة، ورغم ذلك فهم أغلبية مستضعفة مضطهدة، وهذا أمر لم يحدث من قبل أن تضطهد أغلبية فى بلدها.
ويعانى مسلمو نيجيريا سواء فى الشمال التى تقطنها أغلبية مسلمة أو فى الجنوب التى يشكلون فيها أقلية، من الفقر والتهميش، إضافة إلى المذابح التى ترتكب بحقهم، والتى بدأت منذ سنوات طويلة ولازالت مستمرة حتى الآن، فقد ارتكب متطرفون مذابح عديدة ضد المسلمين أعوام 1990 و1994 و1995، وفى عام 2000 أيضا ارتكبوا بمساعدة عناصر من الجيش مذبحة « كادونا» والتى قتل فيها آلاف المسلمين، وفر الآلاف منهم إلى مدن مجاورة، كما أُحرقت ممتلكات الأغنياء من المسلمين، ولم تتوقف المذابح عند هذا الحد، ففى سبتمبر 2001 شهدت مدينة « جوس» حادثة دامية أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص أغلبهم من المسلمين، وتجدد الصراع مرة أخرى فى 2004 فى اشتباكات دامية خلفت 700 قتيلا أكثرهم من المسلمين، كما قتل حوالى 300 شخص فى اشتباكات أخرى وقعت عام 2008 بين المسيحيين والمسلمين، وأخيرا وليس آخرا ما حدث عام 2010، حيث شهدت ذات المدينة مجازر متفرقة منذ نهاية يناير 2010 امتدت حتى نهاية فبراير راح ضحيتها نحو 500 أغلبهم من المسلمين، وإصابة نحو 1000 بجروح متفرقة، وتهجير نحو 17 ألف من منازلهم ، وسط تراخى غير مسبوق من سلطات الأمن والجيش.
أما فى الجنوب تحديدا والذى تقطنه أغلبية مسيحية وأقلية مسلمة، يعيش المسلمون مأساة حقيقية، حيث ينتشر الفقر الشديد بين مسلمى الجنوب، و يسيطر المسيحيون على جميع الشركات والمؤسسات المالية والحكومية.
ويشير عبد الكريم عثمان الطالب بالفرقة الأولى بكلية أصول الدين إلى تولى شخص مسيحى لمنصب رئاسة الحكومة بالرغم من أن أغلبية سكان الدولة من المسلمن، الأمر الذى يعود عليهم بكثير من الضرر لأن رئيس الحكومة غالبا ما يؤيد المسيحيين فى الخفاء فى كثير من المواقف بل يمدهم بالسلاح والطعام والمال لقمع المسلمين. وذكر عبد الكريم أن الآونة الأخيرة شهدت أحداث عنف ضد المسلمين من جانب المسيحيين.
**تايلاند .. إرهاب بوذى لطمس هوية «فطانى»
فى جنوب شرق القارة الآسيوية وتحديدا فى تايلاند، تضرب مشكلة اضطهاد المسلمين بجذورها فى عمق هذا البلد منذ العهد الإمبراطورى لمملكة سيام - تايلاند حاليا - عندما احتلت قوات سيام البوذية مملكة فطانى المسلمة الواقعة جنوب البلاد وضمتها إلى أراضيها وتحت سيطرتها ليتعرض مسلمو هذا البلد من وقتها لأبشع وسائل الاضطهاد والتمييز العنصرى ومنها اجبارهم على استبدال أسمائهم المسلمة بأسماء بوذية وكذلك اسماء مدنهم وقراهم كما تم منع ارتداء المرأة للحجاب ومن تخالف ذلك تواجه تهمة السجن لمدة تتراوح من سنة إلى ثلاث سنوات، واجبارهم على ارتداء الملابس البوذية، بالإضافة إلى إلغاء تعليم الدين الإسلامى فى المدارس ومنع ومحاربة دروس تعليمه فى المجتمع بوجه عام وغيرها من أشكال التهميش والفصل والتمييز العنصرى من قبل الأغلبية البوذية التى اشتد اضطهادها مع اقتراب نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حيث الملك البوذى تشولالونغكورن الذى كانت أول قرارات حكمه إلغاء اتفاق السلام والحكم الفيدرالى الذى ابرمته الحكومة البوذية التى سبقته مع الأقلية المسلمة بل أنه ذهب إلى أبعد من ذلك وأعلن الحرب عليها وشن حملة عسكرية مكثفة وموسعة على المسلمين فى مختلف مدن وقرى البلاد وخاصة الإقليم الجنوبى ذى الكثافة المسلمة بهدف السيطرة على خيرات وثروات الإقليم وإجبارهم على ترك دينهم والدخول فى الدين البوذى أو إبادتهم ما خلف وراءه أكثر من ربع مليون شهيد مسلم بعد مقاومة شرسة من قبل المسلمين بقيادة عبد القادر قمر الدين إلا أنها لم يكتب لها النجاح بسبب مساندة الغرب وعلى رأسهم بريطانيا العظمى آنذاك للملك السفاح تشولالونغكورن، الأمر الذى استمر مع حكام تايلاند المتعاقبين وبمساندة الولايات المتحدة الامريكية كقوة عظمى جديدة وهى التى اعتبرت مقاومة الأقلية المسلمة نوع من الإرهاب بل ووضعتها فى بعض الفترات على رأس القائمة السوداء للإرهاب حول العالم.
ومع بداية الألفية الجديدة عاشت الأقلية المسلمة فى تايلاند على أمل تحسين أوضاعها إلا ان أحداث الحادى عشر من ستمبر وتوجيه أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة أطلق العنان إلى يد الحكومة التايلاندية فى ممارساتها العنصرية تجاه الأقلية المسلمة لديها فازدادت الأوضاع سوءا خاصة خلال فترة تولى المتشدد البوذى تاكسين شيناواترا رئاسة الوزراء ما بين عامى 2001 و 2006، وهى الفترة التى تعرض فيها مسلمو تايلاند لأبشع أنواع الاضطهاد الممنهج والمنظم بين قوات الامن الحكومية والميلشيات البوذية المسلحة، حيث تعهد شيناواترا بسحق مسلمى فطانى المطالبين بحقهم فى الاستقلال خلال أربع سنوات فقط، ولتشتد المأساة بإندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن التايلاندية والمليشيات البوذية المسلحة من جهة ومجموعة مسلحة من ملسمى فطانى من جهة أخرى لم يفرق خلالها الجانب البوذى بين المسلمين المسلحين وبين المسلمين العزل من رضع وأطفال ونساء وشيوخ أو بين ثكنات عسكرية وأخرى مدنية ومستشفيات ودور للعبادة حيث تم هدم الكثير من المساجد على رؤوس المصلين ومنها مسجد «كروى سي» الشهير، الأمر الذى خلف وراءه استشهاد الآلاف واعتقال ما يقارب النصف مليون من مسلمى فطانى من بينهم نساء وأطفال لقى الكثير منهم حتفهم خلال فترة الاعتقال نتيجة عمليات التعذيب.
ومع فشل الحملة البوذية العسكرية فى تحقيق أهدافها لجأ المتشدد شيناواترا إلى اتباع سياسة جديدة لمحاولة التخلص من مسلمى فطانى عن طريق تجويعهم من خلال قطع المرافق العامة من مياة وكهرباء وصرف صحى عن الإقليم الجنوبى للبلاد، مع تقسيم الإقليم إلى ثلاث مناطق صفراء وخضراء وحمراء حسب خضوع وتعاون أهالى كل منطقة مع القوات الحكومية وعلى هذا الاساس يتم تقديم المساعدات بكمية أكبر للمناطق الصفراء وأقل للخضراء وتمنع تماما عن الحمراء منها، ومع ذلك ظلت الحكومة التايلاندية تقر لجنودها بمبدأ عدم المحاسبة ما فتح أمامهم الباب لقتل وسرقة واغتصاب مسلمى فطانى دون أى رادع أو محاسبة، وفى ظل تلك الأوضاع الصعبة اضطر الآلاف من مسلمى فطانى إلى الفرار إلى الجارة المسلمة ماليزيا والتى دخلت فى أزمة دبلوماسية مع الحكومة التيلاندية التى تتهمها بدعم مسلمى فطانى وتقديم لهم المساعدات الأمر الذى تراه تدخلا فى شئونها الداخلية، وهو ما نفته ماليزيا بإعلانها أن استقبال الفطانيين الفارين جاء كاستجابة إنسانية لأحوالهم المتدهورة وممارسات السلطات الأمنية التايلاندية القمعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.