نستأنف مرة أخرى بعض ما أجبرنا على تأجيله من ندوات ثقافية مهمة، شهدتها الساحات والأوساط الثقافية خلال شهر رمضان، ومنها ندوة جوائز الدولة بعد 25 يناير ضمن فعاليات معرض رمضانيات للكتاب بشارع فيصل بالهرم وندوة صراع الطبقات فى مصر المعاصرة بالحديقة الثقافية فى السيدة زينب. فقد أكد الكاتب الكبير حلمى النمنم أن ما حدث فى سيناء لم يكن مفاجأة لأن فى العقود الأخيرة ظهرت جماعات من البؤر التكفيرية تقوم بعمليات إرهابية فى طابا وغيرها، وذلك على فترات متباعدة، ومنذ ثورة 25 يناير تضاعفت معدلات هذه العمليات من أحداث العنف فى سيناء وحتى هذه اللحظات تتصاعد الأحداث من اعتداءات على مقار أقسام الشرطة فى سيناء بالأسلحة الثقيلة ومدافع وصواريخ مضادة للطائرات. وأشار النمنم إلى أن النظام السابق ارتكب الكثير من الأخطاء وأخطرها قضايا الفساد وقضية تداول السلطة وإهماله لسيناء التى تتميز بأنها تطل على شواطئ قناة السويس والبحر الأحمر وتشتبك مع الأردن حدودياً والمملكة العربية السعودية وفلسطين، إلى جانب ارتباطها بالمشرق العربى كاملاً وهو ما يجعلها موقعا مناسبا لإقامة منطقة حرة. وأضاف النمنم: كان من المفترض أن يقوم فى سيناء أيضا مشروع مجمع الأديان الذى عرضه الرئيس الراحل أنور السادات وكان يطمح أن يعيش فيها مليون مواطن، وبعد أن قتل السادات أصبحت سيناء مجرد ملف أمنى بمعنى (إذا أردت أن تفسد أى شىء فى مصر فحوِّله إلى ملف أمنى). وقال النمنم: تحولت سيناء فى ظل النظام السابق إلى قرى سياحية للمحظوظين من رجال الأعمال (المرضى عنهم من النظام)، وحتى المدارس التى أنشأتها هيئة الأبنية التعليمية كانت عبارة عن مدارس كرتونية لا يتوافر بها دورات مياه أو ملاعب فى حين إذا امتدت مساحة الأرض ليس ملكا لأحد، وإنما يفتقد الفهم لطبيعة البنية التعليمية. وأشار النمنم إلى أنه لابد أن نبدأ صفحة جديدة مع سيناء، مطالباًد. محمد مرسى رئيس الجمهورية الذى أصدر قرار العفو عن المتهمين بقضايا الإرهاب بأن يساوى البدو ومشايخ القبائل الذين سجنوا فى ظل النظام السابق ووجه لهم اتهامات غير طبيعية بهؤلاء القتلى والإرهابيين الذى تم العفو عنهم، إلى جانب الثوار الذين حوكموا عسكرياً ووعد بالإفراج عنهم إلى أن شكلت لجنة تدرس الامر وهذا يعنى (إذا أردت أن تغفل شيئا فى مصر شكل له لجنة). وأكد النمنم أن سيناء فى خطر حقيقى وأن هناك مشروعين يبدو فى الظاهر أنهما متناقضان ولكنهما يلتقيان، منهما المشروع الصهيونى اليهودى القائم على أن إسرائيل تأخذ جزءا من سيناء ويدمج مع غزة وأن تكون سيناء الحديقة الخلفية لإسرائيل وتصبح دولة لليهود فقط وهذا المشروع قدم للرئيس السابق، ولكنه رفضه جملة وتفصيلا وعارضه بشدة عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية، أما الثانى مشروع العناصر التكفيرية المتواجدة فى سيناء، وهو قائم على فكرة الإمارة الإسلامية، وهذا يعنى انتزاع سيناء لتصبح دولة منفصلة عن مصر. وليس مستبعداً أن هذه العناصر الإرهابية والإجرامية الموجودة فى سيناء مخترقة من إسرائيل وتوجههم لهذه العمليات التى تحدث حالياً. وعلى الرغم ما تقوم به قواتنا المسلحة من الترشيد الأمنى فى سيناء الآن لكن الحل الامنى ليس كافياً ولابد أن نعود إلى ما تحدث عنه الرئيس الراحل أنور السادات بتنمية سيناء مطالبا الرئيس مرسى بالوفاء بوعوده الانتخابية بتخصيص 20 مليار جنيه لتنميتها. وأوضح النمنم أن هناك تقصيرا فى دور الثقافة نحو سيناء داعيا لإعادة نشر الكتب عن سيناء وتكليف الباحثين والمؤلفين بوضع موسوعة ضخمة عن تلك المنطقة جغرافيا وطبيعياً وثرواتها والأماكن المهمة مثل مقام الشيخ زويد وجبل الحلال الذى فيه تراث صوفى وحوله أساطير ضخمة تحتاج إلى دراسة من قبل الباحثين والعلماء. ومن جانبه أشار د. محمد بدوى الناقد الأدبى إلى أن سيناء منطقة طرفية بمعنى أنها الأطراف من جسم الدولة ودائما الأماكن الطرفية تكون أكثر ضعفاً وهشاشة وتصبح الخاسرة والمنهمكة للدولة. فهى الجزء الوحيد من مصر الذى يقع فى آسيا وجغرافياً تعد جزءا من آسيا حسب النصوص الإسلامية القديمة وعلى هذا الأساس كان يسكن هذه المنطقة أهل مدين وهم عرب وكان هناك تصور لدى سكان وادى النيل القديم بأن هذه المنطقة ليست جزءا حميماً من مصر لدرجة أن قام أحد الفراعنة ببناء سور لمنع دخول القبائل الآسيوية الى مصر ولكن مع مرور الزمن هدم ، فهى تعد منطقة جبالية وعرة وصعبة والمصريون الذين يرتبطون بالنيل ويحبون ثقافة التجمع والأنس لا يغبرون أقدامهم كثيرا بعيدا عن الوادى، لذلك المناطق الطرفية دائما ضعيفة. وأوضح بدوى أن هناك مشكلة فى سيناء خاصة بعد 1967 عندما ذهب قادة الجيش الإسرائيلى إلى سيناء ودرسوا موضع القبائل وقاموا بتمليك كل القبائل العربية للأرض التى يعيشون فيها ضمانا لولائهم وعندما عادت سيناء لمصر عام1973أصبحت منطقة الفساد الكبرى انتزعت الأرض من ملاكها لصالح أصحاب رؤوس الأموال وأصبحت متروكة بالفعل لكى تكون جزءا من حركة الإسلام التكفيرى والجهادى وخاصة أنها مفتوحة على فلسطين والأردن والسعودية إلى جانب بعض القبائل فى سيناء لها علاقة قريبة ومنصهرة مع القبائل من هذه الدول، بالإضافة إلى سوء الأحوال وتحولت سيناء بالفعل إلى منطقة يباع رملها بأقل الأسعار ومنتدى خاص لضيوف الرئيس السابق وحرمه. وقال بدوى إن مسعد أبو فجر الروائى الذى لعب دوراً مهماً فى الدفاع عن مصرية سيناء وعن مدنية الدولة المصرية واعتقل سنتين فى حكم الرئيس السابق دون سبب ولم يتخذ قرار قضائى من شأنه وأفرج عنه بعد الثورة وتواجهه مشكلتان حالياً فى سيناء منها الآثار السلبية لتعامل الأمن مع أهالى سيناء، والمشكلة الأخرى مشايخ القبائل التقليديون فى ثقافتهم التقليدية. وأضاف أن ما حدث فى سيناء من فتح أكثر من1200نفق وخصوصاً بعد وصول الإسلاميين إلى الحكم غريب فى حين لا يعرف مداخل هذه الأنفاق سوى أصحابها وتستخدم فى تهريب كل شئ من الأسلحة وغيرها، وبالتالى أصبحت هذه المنطقة ملعبا للجماعات الخارجة من جماعات حماس وهى جماعات تكفيرية وجهادية متعددة لا يعرف أعدادهم ولا أسماؤهم وهم ضد مفهوم الدولة الوطنية (مصر) وضد مفهوم دولة فلسطين، وفى تصوراتهم أن العالم هو فضاء أو مسرح لحركاتهم، وغالباً إذا لم يكونوا تابعين للقاعدة بشكل تنظيمى فهم يتبعون نهجهم وأفكارهم ويطبقونها وشعارهم إقامة دولة الخلافة العظمى وتحرير المسلمين من العدو القريب والبعيد. وأكد بدوى أن مصر الآن تمتد كل الايدى لتلعب بها وعلى الاخص الأغلبية السياسية الذى تمتلك السلطة التنفيذية الآن التى لا تعى مسئوليتها تجاه الوطن، ومن اللافت للنظر أنه لا يوجد جيش فى سوريا وليبيا وتونس ومصرالوحيدة والباقية فى الجيوش العربية مازال بها الجيش المصرى ومن الطبيعى أن تخطط إسرائيل لاستغلال سيناء الى جانب برنامج وزيرة الخارجية الأمريكية فى الاستحواذ على سيناء، وهناك خطة منذ الثورات العربية الإعلام العالمى التابع للحركة الصهونية يركز على ان الدولة المصرية غير قادرة على ضبط الأمن فى سيناء إلى جانب التلميحات من بعض الكتاب المتعاطفين مع إسرائيل بضرورة تدويل سيناء لضبط الأمن والحركة الإيجابية ضد ما يسمى بالإرهاب.