تباينت ردود الأفعال في الشارع السكندرى حول القرارات الأخيرة للدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل، وإحالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان للتقاعد، وإجراء انتخابات برلمانية خلال 60 يوما من إصدار الدستور الجديد، فيما نظم المئات من فئات الشعب مظاهرات تأييد وأخرى للتنديد بتلك القرارات. وقد انقسم الشارع السكندرى حول قرارات مرسى، وشهدت المدينة وقفتين، إحداهما مؤيدة أمام مسجد القائد إبراهيم بمحطة الرمل، والأخرى معارضة أمام المنطقة الشمالية العسكرية حيث عبر المتظاهرون عن رفضهم لإلغاء الإعلان الدستورى المكمل وإحالة المشير طنطاوي للتقاعد، مؤكدين أن تلك القرارات لا تعد إلا خطوة نحو «أخونة» الدولة. وردد الثوار بعد أدائهم لصلاة التراويح هتافات مختلفة كانت أبرزها «يا مشير قول لعنان مرسي لسه عنده كمان»، «يا مشير قول الحق مرسى صح ولا لأ»، وامتلأت هتافاتهم أرجاء ساحة مسجد القائد إبراهيم بمنطقة محطة الرمل، وانضمت إليهم مسيرة أخرى لأعضاء حزب الحرية والعدالة «الذراع السياسة» لجماعة الإخوان المسلمين – رافعين لافتات مؤيدة لقرارات رئيس الجمهورية، وأنهت المسيرة مشوارها أمام قصر رأس التين. وأعلن شباب اليسار بالإسكندرية مقاطعة مليونية الرابع والعشرين من أغسطس الجاري بشأن إسقاط الرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين، تزامناً مع إصدار رئيس الجمهورية عدة قرارات من شأنها تحقيق أهداف الثورة. وأكد اليسار أنهم لن يكونوا طرفا فى مسيرات دعا إليها أنصار الرئيس المخلوع والفريق أحمد شفيق، والتى تطالب بحرق مقار الإخوان وإسقاط مرسي، مؤكدين على إنهم لم ولن يساندوا الفلول ضد الإخوان لذلك قرروا عدم المشاركة. كما أشاروا إلى أن مبدأهم لن يتغير بشأن وصفهم للعسكر والإخوان بالرأسمالية، داعين ثوار الإسكندرية إلى عدم النزول لتلك المسيرات لأنها بمثابة دعوة إلى التخريب، وأدانوا بدورهم الدعوات المكثفة إلى حرق المقرات وحذروا من استغلال اسم الحركة فىالدعوة لتلك المليونية. وعلى صعيد القوى السياسية بالإسكندرية أكدت نجلاء فوزى المتحدث الرسمى لحزب غد الثورة بالإسكندرية أن تلك القرارات جاءت بمثابة إنهاء رسمى لدولة العسكر التى بحثت على مصر على مدار ستين عاما، وأعلنت دعم الحزب للقرارات لأنها تستهدف تحقيق أهداف الثورة مبدئياً، مطالبة بتنفيذ الوعود الرئاسية باسترجاع حقوق كافة الشهداء والثوار. ومن ناحية أخرى أبدت حركة شباب 6 أبريل ترحيبها بقرارات رئيس الجمهورية وأسمتها «قرارات التصحيح»، حيث أكد محمود الخطيب مسئول الحركة بالإسكندرية أنهم مستعدون للتعاون مع رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الجديد استكمالا لأهداف الثورة. بينما اعتبرت حركة 6 إبريل بالإسكندرية – الجبهة الديمقراطية – قرارات الرئيس محمد مرسي التي أطاحت بكل من المُشير محمد حسين طنطاوى ورئيس الأركان سامى عنان بمثابة خطوة جديدة لإسقاط النظام السابق وحكم العسكر، مشيرين إلى أن النظام غير متمثل في أشخاص بل منظومة متكاملة التي طالما نادوا بتطهيرها. وأعلنت الجبهة ترحيبها بتلك القرارات واعتبرتها إقالة للعناصر التى وصفتها بالفاسدة بالمؤسسة العسكرية، مُتمنية بأن تكون القيادات الجديدة على قدر من المسئولية تجاه الوطن وشعبه وأن تكون نواة لبداية مؤسسة عسكرية قوية قادرة على تطهير الفساد. كما طالبت 6 أبريل بضرورة الإفراج عن المعتقلين منذ بداية الثورة وحتى الآن، مشيرة إلى أنها لن تهدأ حتى ترى مصر خالية من العناصر الفاسدة ولن تسمح لها بالخروج الآمن تحت أي شكل من الأشكال أو مسمى بعينه يقتضي التخاذل في محاسبتهم. ومن جانبه أكد رشاد عبد العال المتحدث الرسمي باسم التيار الليبرالى أن تلك القرارات أعادت للمؤسسة الرئاسية كامل صلاحياتها وأجهضت ازدواجيتها، مطالباً بإصدار قرارات رئاسية مُماثلة بشأن العفو عن المعتقلين السياسيين منذ اندلاع الثورة المجيدة. استرداد السلطة المدنية وفى ذات السياق أيد حزب التيار المصري بالإسكندرية قرارات رئيس الجمهورية بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل وتعيين أحد القامات الوطنية من قضاة الاستقلال نائباً للرئيس وهو المستشار محمود مكى– بالإضافة إلى قرارات إقالة قيادات المؤسسة العسكرية، معتبرا ذلك إنهاء للدور السياسي للمجلس العسكرى واستردادا للسلطة المدنية، وكذلك استعادة صلاحيات المؤسسات الشرعية المُنتخبة من الشعب. وطالب التيار المصري بمحاكمة من تولوا مسئولية إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، باعتبارهم تهاونوا في حق الشهداء وكذلك استرداد أموال مصر المنهوبة، فضلا عن ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للإفراج عن معتقلى الثورة. كما طالب التيار المصري بضرورة إمساك رئيس الجمهورية بجميع السلطات بما في ذلك السلطة التشريعية وما يتعلق بالجمعية التأسيسية، من أجل إجراء حوار وطني ومجتمعي بشكل عاجل بشأن التشاور الذي يستهدف إيجاد حل بديل يضمن توزيع السلطات بشكل يمنع أن تتركز جميعها في يد جبهة واحدة. وأكد الحزب على ضرورة استكمال استحقاقات الثورة وتحقيق سيادة دولة القانون، فى ظل نظام يتسم بالعدالة والشفافية والشراكة الوطنية الحقيقية، بعد أن تلاعب المجلس العسكري بمقدرات الشعب وأساء إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية. وقال مجدى قرقر-قيادى بحزب العمل- إن هذه القرارات كان لها أهمية بالغة لاسترداد كامل صلاحيات رئيس الجمهورية التى سلبها منه المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل تسليمه السلطة، حيث كان الهدف من هذا الاعلان هو تقليص صلاحيات رئيس الدولة، واغتصاب لسلطة التشريع من مجلس الشعب بدون وجه حق. وأشار إلى أن هذا القرار جاء فى التوقيت المناسب خاصة بعد أحداث رفح الأخيرة، مما سيكون له بالغ الأثر في مواجهة التهديدات التى صدرت من بعض التيارات ضد رئيس الجمهورية والتى تسعى لإحداث انقلاب يوم 24 أغسطس، وبالتالى كان لابد من استرجاع كافة الصلاحيات لتقنين الأوضاع و تحقيق الاستقرار. وأكد باسم عبد الحليم -أمين اللجنة السياسية لحزب الحرية والعدالة بالإسكندرية- أن هذه القرارات كان ينتظرها الشعب لفترة طويلة لكى تتولى الثورة المصرية حكم البلاد، وأشار إلى أن مختلف القوى السياسية تؤيد هذا القرار، حيث شارك فى مظاهرة التأييد أمام مسجد القائد ابراهيم عقب إعلان القرار نحو 500 من أعضاء الهيئة التنسيقية للقوى الوطنية بالإسكندرية، والتى تضم أحزابا متعددة بالإضافة لحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين. ومن جانبه قال أحمد الحمراوى -أمين عام نقابة المحامين بالإسكندرية- إن هذه القرارات صحيحة من الناحية القانونية، وضرورية لكى يسترجع الرئيس سلطاته التى سلبت منه بموجب الإعلان الدستورى المكمل، الذى تم لسلب السلطة والقضاء عليها، وهكذا تعود الأمور إلى نصابها فى ظل حكم مدنى بعيداً عن الحكم العسكرى الذي تسبب فى معاناة الشعب المصري لفترات طويلة. وأكد وليد الكحكي -نائب بمجلس الشورى- أن قرارات الدكتور مرسي مستمدة من قوة الشعب وإرادة الشارع المصري الذي انتظر مثل هذا القرار منذ فترة طويلة، حيث كانت أهداف الإعلان الدستورى المكمل جميعها لصالح المجلس العسكرى، فى شكل صلاحيات مطلقة، اعترضنا عليها شكلاً وتفصيلاً. وعلى جانب آخر أكد البرلمانى السابق والقيادى الناصرى كمال أحمد أنه لا أحد يستطيع الآن أن يقول رأيه فى القرارات التى اتخذها الرئيس محمد مرسى لأننا لم نسمع أسباب اتخاذ تلك القرارات، ولم نسمع من القيادات العسكرية التى أحيلت للتقاعد، ولم نعرف أيضا هل هم أحرار أم تحت الإقامة الجبرية؟ فما حدث إقالة على غير إرادتهم ونريد أن نعرف ما هو السبب. مضيفا أنه من الناحية القانونية لقد تم انتخاب الرئيس محمد مرسى وفقا للإعلان الدستورى المكمل، وقام بحلف اليمين الدستورية وفق ذلك الإعلان وبناء على ذلك فالرئيس لا يستطيع الحنث باليمين ولا التراجع عنه ولا إصدار اعلان دستورى جديد، وكذلك من الناحية الديمقراطية لا يجوز أن يملك الرئيس كل السلطات فى الدولة التشريعية والتنفيذية وقيادة الجيش وغيرها وهى سلطات لم يتمتع بها أى رئيس جمهورية من قبل، فمن الذى يراقب القوانين التى يصدرها الرئيس فى تلك الحالة؟ وبالتالى فهذه القرارات تتناقض مع سياق الثورة ويمكن أن نقول إنها 15 مايو جديدة، ولكننا نتساءل هل قصة أحداث رفح الغرض منها استنزاف الجيش المصرى أو لإلهائه عن العمل بالسياسة؟ موضحا أنه فى غياب المعلومات والشفافية يحدث مالا يحمد عقباه؟ حيث إن القوى السياسية والأحزاب ستلجأ للمحكمة الدستورية فى الفترة القادمة خاصة أن الاستحواذ على كل السلطات فى يد الرئيس به خطورة ولم يحدث من قبل. فك الاشتباك فى حين يقول أبو العز الحريرى عضو مجلس الشعب المنحل والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية إن قرارات الرئيس مرسى هى بمثابة فك اشتباك بين طرفين هما المتآمران الأوائل على الثورة، فالمجلس الأعلى للقوات المسلحة كان بمثابة المجلس الاعلى للثورة المضادة وارتكب جرائم فى حق الثورة بمشاركة الاخوان المسلمين والفلول وبرعاية الولاياتالمتحدةالامريكية، وهى عدم اجراء انتخابات رئاسية فى شهر مارس 2011، عقب الثورة وفى هذه الحالة كان سيكون لدينا رئيس جمهورية مختلف تماما عن الرئيس الحالى خاصة أن الثورة كانت مازالت مستمرة وكان العسكر سيعودون أدراجهم فى هدوء وكان من المفترض أن يكون رئيس المحكمة الدستورية هو رئيس الجمهورية حتى إجراء الانتخابات، ولكن ما حدث أنهم انقلبوا على الدستور والآن قذفوا بالدستور الذى عدلوه إلى سلة المهملات، فبعد الاعلان الدستورى الأول تواطأ الكل وانفرد الاخوان والسلفيون والعسكر بالحكم وهو تقاسم للسلطة وكان لابد فى لحظة من نهاية تقسيمة السلطة التى حدثت نتيجة تآمر الكل. ويضيف قائلا إن القرارات هى اعتراف أيضا بأن لجنة إعداد الدستور هى لجنة مسروقة، واللجنة الثانية تعتبر غير قائمة لأنها ليس لها أى اساس دستورى فالإعلان الدستورى المكمل لم يعط مجلسى الشعب والشورى حق انتخاب لجنة تأسيسية، كما أن هناك دعوى قضائية تطعن فى صحة تشكيل اللجنة، وبالتالى فإن مشروع الدستور القادم تعده لجنة باطلة فهو مشروع باطل وما يترتب عليه من انتخابات باطل. وأضاف أعتقد أن الفترة القادمة ستشهد زخماً امتصاعدا بين الإخوان والسلفيين وحزب الوسط من جهة، وبين القوى المدنية بالمجتمع من جهة أخرى خاصة أن مصر تدخل فى حالة مواجهة مع الجناح غير الرسمى لنظام مبارك وهم الاخوان والسلفيون وكبار الفلول الذين أصبحوا رجال خيرت الشاطر، وأرى أن القوى المدنية أكثر قدرة من الآخرين لأنهم ساهموا فى وأد نظام مبارك، والقوى المدنية ليست فى حالة ضعف حتى الآن. ويقول رشاد عبد العال منسق التيار الليبرالى المصرى والمتحدث الرسمى باسم الائتلاف المدنى الديمقراطى إن قرارات الرئيس محمد مرسى تحقق هدفا استراتيجيا للدولة وهو إبعاد العسكريين عن الحكم بعد 60 عاما من سيطرتهم على الدولة المصرية، وإن كان الرئيس مرسى الآن بات على المحك فى مدى قدرته على تبديد الكثير من المخاوف التى تنتاب الكثيرين من فكرة «أخونة» الدولة فإنه مطالب بتبديد هذه المخاوف، وأنا لدىَّ الكثير من التخوفات من تجميع كافة السلطات فى يد الرئيس بعد إلغاء الاعلان الدستورى المكمل ونأمل أن تسرع اللجنة التأسيسية للدستور فى إنهاء عملها لنخرج من هذا المأزق.