لم أتقبل تجربة تحويل فيلم «تيتانك» التى كتبها وأخرجها القدير «جيمس كاميرون»، فقد تعامل معه أصحاب التجربة على أنه عمل عن كارثة، ولم ينتبهوا ابداً إلى أنه مزيج مُعقد بين نوعين من الأفلام هما الأفلام الرومانسية، وأفلام الكوارث، البُعد الثالث قد يصلح لكى تقوم بتضخيم مشاهد انهيار سفينة عملاقة، وقد يضاعف تأثير طوفان الماء الذى أغرق البشر ثم أغرق صالة العرض، ولكن استخدام نفس التقنية فى المشاهد الرومانسية، وهى قلب الفيلم والدراما كلها، أعطى تأثيراً هزلّياً وكوميديا غير مقصود، وجعل بطلى الفيلم مُنفصلين تماماً عن خلفية المشاهد التى صممها «كاميرون» لتكون جزءاً من تكويناته البديعة. تيتانك ليس، كما فهمه الكثيرون، مجرد فيلم يسجّل بشكل قوى ومؤثر إحدى أكبر الكوارث الانسانية، عندما غرقت السفينة العملاقة فجر يوم 15 أبريل من العام 1912، ولكنه يتحدث فى مضمونه عن أكبر سفينتين تصنعان دراما الإنسانية، الأولى هى سفينة الموت التى تبدو فى فيلمنا مثل وحش عملاق يبتلع الانسان فى أعلى لحظات المجد والسعادة، والسفينة الثانية هى الحب وسيلة الإنسان وطريقه للصمود حتى لو كان ذلك فى شكل قلب من الألماس، أو لوحة مرسومة لغادة حسناء، والقلب والماسة سيكونان مفتاح الدراما ومحورها، سفينة استكشاف تغوص فى أعماق المحيط بحثاً عن كنوز تيتانيك الغارقة، يجدون لوحة لفتاة جميلة، يكتشفون صاحب اللوحة التى اصبحت بعد 84 عاماً من الكارثة جدة عجوز تجاوزت الأعوام المائة، ستحكى لهم الجدة عن حكايتها بين الحب والموت على متن السفينة العملاقة التى كانت تحمل 2200 راكب، غرق منهم فى الكارثة 1500 شخص. ينشطر الفيلم إلى قسمين مشدودين إلى بعضهما بروابط وثيقة، القسم الأول يحكى عن نشأة علاقة حب رومانسية تعتمد على الثلاثى الشهير: عاشق ومعشوقة وبينهما عزول، العاشق جاك داوسون «ليوناردو دى كابريو»، والمعشوقة فتاة ارستقراطية هى روز «كيت وينسليت» تحلم بالحرية والتمرد، والعزول هو خطيب الفتاة الثرى، رجل الأعمال كال هوكلى «الرائع بيلى زان»، وما إن تكتمل عناصر قصة الحب حتى تبدأ السفينة فى الغرق لتبدأ تفصيلات تنتمى إلى أفلام الكوارث، ثم يمتزج الفيلمان نهائياً عندما يصبح حب «جاك لروز» سبباً ليس فقط فى إنقاذها من الغرق، ولكن أيضاً وسيلة لتغيير حياتها وإنقاذها من الملل والقيود. الفيلم كما هو معروف تحفة بصرية، مزيج هائل من الألوان الدافئة «الأحمر والبرتقالى» التى نراها فى مشاهد الحب، والأبيض والأزرق، ألوان الموت البارد، أداء الممثلين متفوق رغم أننى مازلت أعتقد أن وجه «كيت وينسليت» جعلها أكبر سناً مما هو مطلوب، بينما بدا دى كابريو أصغر سناً وأقرب إلى المراهق، من العناصر التى لاتنسى أغنية «سيلين ديون» الشهيرة التى لا يمكن أن تسمعها دون أن تشعر بجيشان العاطفة!.