«المنيا» ضمن أفضل الجامعات في تصنيف «التايمز العالمي» للجامعات الناشئة 2024    رئيس جامعة المنيا يفتتح مهرجان حصاد «نوعية» في نسخته الأولى    أسعار عملات «بريكس» مقابل الجنيه اليوم.. تراجع نسبي    «الضرائب» تدعم الممولين فنيا لتسهيل استخدام منظومة الإيصال الإلكتروني    ارتفاع البورصة 0.56% في مستهل تداولات جلسة ختام الأسبوع    فيديو المجندات المحتجزات لدى الفصائل في غزة يحرج نتنياهو.. لماذا أُعيد نشره؟    عضو ب«النواب» يرد على تقرير CNN: مصر تواصل العمل لتحقيق السلام في المنطقة    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مستشفى العودة في جباليا    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباراة الزمالك ومودرن فيوتشر.. موقف الأهلي    أخبار الأهلي: حقيقة مفاوضات الأهلي مع حارس مرمي جديد    ختام امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الثاني بكفر الشيخ دون شكاوى    مصرع شخص وإصابة آخر إثر تصادم سيارتين بسوهاج    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    وفد المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض يزور مستشفى شرم الشيخ    «الصحة»: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشري HIV    مصر مع فلسطين والسلام فى مواجهة جرائم نتنياهو وأكاذيب CNN    البحث عن "جنى" آخر ضحايا غرق ميكروباص أبو غالب بمنشأة القناطر    بدء نظر طعن المتهمين على أحكام قضية ولاية السودان بعد قليل    تشابي ألونسو: لم نكن في يومنا ولدينا فرصة للفوز بكأس ألمانيا    رئيس مياه سوهاج يتفقد مشروعات الصرف الصحى بمركز طما بقيمة 188 مليون    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيى طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    سويلم يلتقي وزير المياه السنغالي لبحث تعزيز التعاون بين البلدين    موسم الحج.. إجراءات عاجلة من السعودية بشأن تأشيرات الزيارة بداية من اليوم    وزيرة التخطيط تبحث تطورات الدورة الثالثة من المبادرة الخضراء الذكية    تداول 15 الف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    دفن جثمان الرئيس الإيراني الراحل في مدينة مشهد اليوم    رفض يغششه .. القبض على طالب بالشهادة الإعدادية لشروعه في قتل زميله    "سكران طينة".. فيديو صادم ل أحمد الفيشاوي يثير الجدل    نوادي المسرح معمل التأسيس، في العدد الجديد من «مسرحنا»    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    إيرادات فيلم «تاني تاني» لغادة عبد الرازق تحقق 54 ألف جنيه في يوم    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    الجريدة الرسمية تنشر قرارين جمهوريين للرئيس السيسي (تفاصيل)    جهاد جريشة يعلق على خطأ محمود البنا في لقاء الحدود والترسانة    "علق نفسه في سقف الأوضة".. نزيل بفندق شعبي ينهي حياته في الأقصر    "محاط بالحمقى".. رسالة غامضة من محمد صلاح تثير الجدل    طلاب الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ يؤدون آخر أيام الامتحانات اليوم    رحيل نجم الزمالك عن الفريق: يتقاضى 900 ألف دولار سنويا    نشرة «المصري اليوم» الصباحية..قلق في الأهلي بسبب إصابة نجم الفريق قبل مواجهة الترجي.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم قبل ساعات من اجتماع البنك المركزي.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم الخميس 23 مايو 2024    اللعب للزمالك.. تريزيجيه يحسم الجدل: لن ألعب في مصر إلا للأهلي (فيديو)    أول دولة أوروبية تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو.. ما هي؟    سر اللعنة في المقبرة.. أبرز أحداث الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    رئيس الزمالك: جوميز مدرب عنيد لا يسمع لأحد    أمين الفتوى: هذا ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    عماد الدين حسين: تقرير «CNN» تعمد الإساءة والتضليل حول موقف مصر من المفاوضات    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    وزير الرياضة: نتمنى بطولة السوبر الأفريقي بين قطبي الكرة المصرية    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 23 مايو.. «طاقة كبيرة وحيوية تتمتع بها»    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهنة «الفخرانية» تلفظ أنفاسها الأخيرة
نشر في أكتوبر يوم 29 - 04 - 2012

كانت مصر قبل سنوات قليلة واحدة من الدول ذات الريادة في صناعة الفخار.. وتميزت أعمال فنانيها بالتناسق والألوان الزاهية.. مما جعل هذه الصناعة مقصدا دائماً للحركة السياحية الوافدة إلينا.
ولكن تغيرت الأوضاع الآن.. وأصبحت المهنة مهددة بالانقراض، بسبب العديد من المشكلات المحيطة بالصناعة.. وهو ما لمسناه واضحاً من منطقة الإمامين لصناعة الفخار ببطن البقرة من مصر القديمة وفى السطور القادمة رصد للمشكلة.يقول فتحي كامل رئيس عمال الفخار بمصانع منطقة الإمامين، مازلت أحب المهنة فقد عملت بها لأكثر من 20 عاماً عملت بها حباً فيها ولم أرثها من والدي ولكن توارثها اولادي عني، ولكن الحال لم يصبح كما كان عليه قبل ثورة 25 يناير. ففي بداية الأمر كنا نستطيع تصدير أعمالنا إلى إيطاليا واوروبا ودول الخليج، وكانت الأفواج السياحية تتوافد علينا من حين لآخر وتشدها الأشكال والألوان، وجودة عملنا اليدوي وليس الآلي كما أصبح الآن، أما الآن فالحال أصبح سيئاً ولا نعرف ماذا نفعل؟ كما تراجع عدد العمال، فلم تعد الحرفة كسابق عهدها، فمهنة الفخاريين أنقرضت، وللأسف الدعم الأجنبي هو من أراد الحفاظ على حرفتنا من الانهيار بعد الثورة ولم يأت هذا الدعم ومن الداخل بل جاء من الخارج ولم يكتمل مشروعه، فعندما جاء هذا الدعم قامت الهيئة العامة للآثار بهدم معظم الفواخير في الإمامين وقاموا ببناء الفواخير الحديثة وبطراز حديث، تعمل بالغاز بدلاً من الفحم لحرق الفخار، ولكن توقف هذا المشروع بعد الثورة، فنحن فى انتظار عودة العمل وأن يتم هذا المشروع لإنقاذ المهنة من الإنقراض.
وأضاف الريس فتحي أنه كانت هناك جمعية لتطوير الفخار أنشأها محمود عابدين اقدم الفخاريين في منطقة الإمامين، كانت تضم العاملين في حرفة الفخار لمناقشة مشاكلهم والعمل على حلها، ولكن انتهت هذه الجمعية فور نشوب الثورة، وكان عابدين هو الشخص الوحيد الذي استفاد بتأسيس هذه الجمعية بعد الثورة، بنى قرية خاصة به لصناعة الفخار تعتمد على الآلات وعلى الغاز، واشتهرت في الفترة الماضية، بسبب اعتمادها على الغاز والآلات المتطورة وهو ما أبعد غرامات وزارة البيئة التي تفرض علينا من حين لآخر لاستخدامنا الخشب في حرق انتاجنا من الفخار فماذا نفعل إذا كانت الحكومة المصرية لم تنصت إلى مشاكلنا، بل تفرض علينا الغرامات والقيود.
وعن أغرب المواقف التي تعرض لها والتي واجهها في عمله داخل هذه المهنة، قال فتحى على الرغم من المادة التي نصنع منها الفخار هي عبارة عن طينة طاهرة لا نستطيع أن نعمل عليها إلا ونحن حفاة، بحكم أن الإنسان خلق من طين، فإن هناك نساء كثيرات يأتون إلي هنا من أجل الحصول على هذه الطينة وهي خام ليذوبونها بالماء ويصنعون منها الأعمال لأزواجهم، أو للكيد بنساء أخريات وهي من اخطر أنواع الأعمال التي تسخدم في السحر والشعوذة وأكثرها ضرراً.
وفى جولتى بين ورش الفخار علمت أن هذه الورش لم تكن معتمدة فقط على صناعة إنتاجها الخاص، بل هناك عدد كبير من الطلبة والأساتذة يأتون من الكليات الفنية مثل فنون تطبيقية وفنون جميلة، لتنفيذ مشاريع التخرج الخاصة بهم، يسلمون مخططات المشاريع الخاصة بهم على الورق لعمال الفواخير هناك من يقوم بها العمال البسطاء العاملين داخل هذا المصانع.
«إبراهيم علي» أحد العمال وشهرته «الفيل» فقد أشتهر بصناعة الأفيال من الفخار والفيبر أحدى الصناعات الفخارية التي تم تطويرها بالأيادي المصرية في السنوات الأخيرة والتي كان عليها إقبال كبير من أصحاب الفيلات والقصور قبل الثورة والتي بسببها كان دخل إبراهيم في اليوم إلى 500 جنية إلا أنه الآن أصبح يحصل على ملاليم ، وكنت في كل مرة أسأل إبراهيم عن المشاكل التي يواجهونها الآن، أنظر في وجهة وأجد ملامح الحزن واليأس تخرج من عينية، فهو مثل كل رب أسرة لديه أولاد يتعلمون في جميع المراحل وهو لايمتلك إلا مهنتة هذه يصرف عليهم منها، وهو لم يعد يشعر بالأمان بعمله بها، ورغم ذلك هو مستمر بها لحبه لها وانها المهنة الوحيدة التي يستطيع القيام بها، ويتمنى عم إبراهيم أن يشعر بالأمان في مهنتة ليستطيع أن يخرج كل ما عنده و يرتفع بها هو ومن معه قائلاً « نحتاج إلى التأمين الصحي بسبب حوادث العمل التى نتعرض لها بسبب محارق الفخار التي يذهب ضحيتها واحد منا من حين لآخر، ونريد معاشات نؤمن لنا مستقبلنا ومستقبل أولادنا كغيرنا من الحرفيين، نريد جمعية أو مؤسسة تضمن لنا حقوقنا في مصر كما تفعل الدول الأخرى.
واضاف عم إبراهيم إنه لم يهنأ بدخلة من عمله كفخراني بسبب المشاكل التي تحيط به من ناحية وزارة البيئة التي تفرض علية هو وغيره الغرامات التي تترواح بين 5 إلى 20 ألف جنية يدفعها أصحاب المصانع ، بسبب حرقهم للفواخر بأفران يحرق به الخشب مما تلوث البيئة المحيطة بهم، وهناك عمال من الفخرانيين تصدر ضدهم احكام بسبب هذا.
وقال إبراهيم هناك أزمة أخرى تواجه منطقة الإمامين وهي أن شركة المعادي للمقاولات تريد استكمال مشروعها السكني تحويل منطقة الإمامين إلى منطقة سكنية، وهناك وعود نتلقاها من حين لآخر من هذه الشركه لتطوير المنطقة لتليق بالمشروع الذي تقوم به، لكنها وعود واهية تذهب بلا جدوى.
وقال العامل « محمد أنس « إن الأعمال الفخارية التي تنتجها مصانع الإمامين قبل الثورة كان يأتى إليها الفنانون مثل أحمد هارون ورانيا فريد شوقي ومصطفى فهمي ونادية الجندي وغيرهم، وكانوا يأتون ايضاً إلى معارض الفخار التي تقام داخل معرض الأورمان للزهور الذي يقام في شهر مارس، الذي كان يقبل عليه الشعب المصري بجميع طبقاتة وكانت الأسعار تترواح حينها ما بين 150 إلى 180 جنية، فكانت حرفة لها قيمة أما الآن تراجعت الأسعار بشكل كبير ونحن مضطرون إلى هذا لأن الحال أصبح أسوء مما كان بعد الثورة.
وأضاف محمد أن الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك لديه يد كبيرة في المعاناة التي يعانى منها عمال الفخار الآن في مصر بعد أن أمر بإيقاف حركة التصدير قبل تنحية، فمن ذلك الوقت بدأ تدهور صناعة الفخار.
وقال المهندس محمد طاحون أحد أوائل خريجي كلية فنون جميلة و أحد العاملين في مصانع الإمامين: هذه المنطقة كنز كبير يمكن أن يستفيد بها الاقتصاد المصري فهي منطقة اقتصادية وسياسية واجتماعية في آن واحد، و المشكلة الحقيقية التي تواجه الصناعة اليدوية للفخار في مصر الآن هي هجوم الخزف الصيني على مصر، وسوء تسويق الفخار المصري الذي يقلل من جودتة ويقلل من سعره، و حل هذه المشكلة هو التنظيم، مثل تنظيم معارض حقيقية للخزف المصري، حتى مشروع تطوير الفخار الذي كان يعلق عليه عمال الإمامين أمل كبيراً فشل بسبب الأهداف المزيفة التي يعلن عنها كبار المسئولين والإعلاميين والجماعات الإسلامية (السياسية) الذين يزورون المكان من حين لآخر، للنرويج لهم ولجمع التبرعات والدعم لأنفسهم وصرفها على مشاريع أخرى.
وأضاف طاحون أنه يأمل في ظهور وزارة مثل وزارة الجنزوري الأولى التى جاءت فى التسعينيات والتي كانت من أوائل الوزارات التي شجعت الصناعات الصغيرة، و جعلت منطقة الإمامين في هذا الوقت تصدر بالدولارات إلى الخارج.
من ناحية أخرى، اكد الدكتور والعالم البيئي أحمد عبد الوهاب عبد الجواد أستاذ العلوم البيئية بجامعة بنها على المخاطر البيئية التي تسببها منطقة الإمامين للمناطق السكنية المحيطة حولها فهى لم تسبب تلويث الهواء فقط بل تسبب تلويث التربة وتلويث المياه، كما أن وزارة البيئة تفرض عليهم غرامات طائلة لأنها إكتشفت أنهم لا يستخدمون الخشب في حرق الفخار فقط بل ايضاً يستخدمون الكوتشوك والقمامة والجلود فى أحيان كثيرة، وهذا بسبب عدم وجود وعي أوإرشاد صحيح لعمال الإمامين من قبل الحكومة أو حتى، عمل مشروع لإبعادهم عن المناطق السكنية التي يجب أن يكونوا بعيدين عنها بأكثر من 1500متر على الأقل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.