في الغرب لا يتذكّرون كبار كتّابهم من روائعهم فقط.. بل أيضاً بما أضافوه من كلمات أدخلوها على اللغة أو شخصيّات حفروها في ضمير المجتمع. فمثلاً الغرب ومعه العالم ونحن أيضاً .. لا زلنا نتذكر شخصيّة روميو الّتي وردت في احدى مسرحيّات "شكسبير" شيخ الشعراء الانجليز. انتشر روميو شكسبير الى لغتنا والى لغات العالم أجمع. ومازلنا الى الآن نصف زير النساء أو من يحاول.. بأنّه "عامل فيها روميو". كما أنّ أديبنا نجيب محفوظ قد أدخل الى ضميرنا في احدى روائعه شخصيّته المشهورة محجوب عبد الدّايم- صاحب القرون- الّذي استجاب لشهوة المال والمنصب على حساب الشرف والكرامة. وإلى الآن يزعم البعْض فينا أنّ محجوب عبد الدّايم لا يزال بيننا. أيضاً أديبنا عبد الرحمن الشّرقاوي قدّم الى ضميرنا شخصيّة محمّد أبو سويلم الفلّاح المصري المُستعد دائماً لبذل الدم والرّوح فداءً لأرضه وعرضه. في نفس السياق وفي اوائل القرن الماضي قدّم الكاتب الانجليزي جورج أورويل لقرّائه و للعالم شخصيّة الأخ الكبير. في روايته يصف لنا اورويل مدى البؤس والحرمان في حياة مجتمع يسيطرعليه الأخ الكبير الديكتاتور الذي يحرم مواطنيه من حقوقهم الفرديّة والاجتماعيّة المشروعة. يجعلهم يعيشون رهن ارادة وتسلط نظامه الديكتاتوري. وكأنّ بعض الحكام العرب الذين طالت بعضهم يد الربيع العربي ومنهم من لايزال يناكف.. قد وجدوا ضالتهم في الرواية.. فبدأوا تطبيق ماقرأوه من رذائل وآثام على مواطني مجتمعاتنا. بينما بدأت كما توقع اورويل شعوب شرق اوروبا والاتحاد السوفييتي في الثمانينات من القرن الماضي التخلص من العيش تحت وطأة ديكتاتورية الدولة الأخ الكبير.هذا الأخ كما قدّمه لنا اورويل هو الزّعيم السياسي الفهلوي الوحيد في بلده. وهو الفتوّة الوحيد في المجتمع و الوحيد العليم بكل بواطن الأمور لكل المعذّبين في ارض بلاده وهم الأغلبيّة القصوى. كل يوم يترسّب في ضميرهم الانطباع بأنّهم يعيشون رهن اشاراته واراداته الديكتاتوريّة. الأخ الكبير أو الزّعيم الأوحد هو الّذي يتحكّم في مصائر وأقدار مواطنيه من خلال التّلصّص والتجسّس على أدق خصوصيّاتهم وينتهك فيهم كل البنود المتعلقة بحقوق الانسان. وبعد مرور مجتمعاتنا بفترة ديكتاتوريّة الأخوة الكبار الّذين تسلموا أقدار شعوبنا لردح طويل من الّزمن.. لم نعد نريد هؤلاء الأخوة الكبار على شعوبهم فقط- والصغار في أعين العالم. نريد رئيسنا القادم أن يكون أخاً صغيراً يحتاجنا اكثر مما نحتاجه.. ويعرف أننا لن نصبرعلى خطاياه كثيراً. رئيساً يحب مواطنيه ويحترمهم ويحب مصر- بعد الانتخابات- تماما كحبه لها قبل الانتخابات. يقول لها ما قاله شاعرنا العربي الجاهلي امرؤ القيس لفاطمة بنت العبيد في قصيدته الشهيرة: أغرّكِ منّي أنّ حُبّكِ قاتلي... وَأنّكِ مَهْما تَأمُري القلْب يفعل