إننى أدعو أصحاب القرار فى مصر الثورة إلى عدم اللجوء إلى «الاقتراض» من الخارج بتاتا مهما كلفنا ذلك.. لا من أمريكا ولا من صندوق النقد الدولى ولا من غيرهما إذ أن بداية «ارتهان» الإرادة وتبعية القرار فى «الاستدانة».. ولماذا نلجأ إلى الاقتراض الذى سوف تتحمل نتائجه فئات الشعب المصرى التى تجلت ودفعت فاتورة الفساد عبر ثلاثين عاما مضت.. وكأن من تحمّل فواتير النظام السابق هو أيضا من سيتحمل فواتير الاقتراض بعد الثورة ولا أظن أن فى ذلك شيئا من العدل أو الإنصاف إذن فماذا نفعل وما هو البديل؟ فى ظنى- وليس كل الظن إثم- أن الطريق للخروج من المأزق الاقتصادى الراهن والحيلولة دون الوقوع فى فلك ومستنقع الاستدانة. يبدأ ببعض المقترحات التى تحتاج فقط لإرادة سياسية قادرة وشجاعة لتصبح قرارات واجبة النفاذ والتطبيق منها على سبيل المثال ما يلى: 1- الأراضى التى تم توزيعها على المحاسيب وبطانة الفساد إبان الحكم السابق (بالمجان) إذ أنه تم دفع ملاليم كثمن لآلاف الأفدنة لكافة رموز الفساد فى العصر السابق ومعظمهم ممن يسمون رجال أعمال وقاموا بالبناء عليها وتم بيع الشقق السكنية والمنتجعات بسعر المتر 6000 جنيه وأصبحوا من طبقة المليارديرات وأصحاب المليارات بين عشية وضحاها أليس من الأوجب استرداد حق الدولة والمجتمع من هؤلاء جميعا وتحصيل القيمة الحقيقية لسعر المتر الذى تم توزيعه مجانا فى السابق وتوفير مليارات عديدة للخزانة العامة للدولة وللاقتصاد الوطنى؟! 2- مصادرة الثروات غير المشروعة فورا حتى ولو آلت إلى أصحابها فى صورة «مرتبات» إذ أن الذى يقرر مرتبا لموظف صغر أو كبر يوازى مليون جنيه شهريا أو مليونين ما هو إلا مجرد لص كبير قرر منح ثلث الملايين والرواتب الخيالية إلى حفنة من اللصوص الصغار لكى يصبح الفساد منظومة كبرى مثلما كان قبل الثورة.. ومن ثم فإن ثلث الثروات تفقد مشروعيتها فلا يعقل أن تكون هناك رواتب مليونية فى بلد يوجد به ما يقرب من عشرة ملايين عاطل (بفعل فاعل» وبسبب الفساد وسنينه. 3- كافة الشركات الخاصة والمشروعات التى أقيمت فى ظل النظام السابق كانت معفاة من الضرائب (خاصة فى المدن الجديدة) بحجة فارغة هى تشجيع الاستثمار!! ومن ثم فإن العدل يحتم علينا أن نطالب أصحاب تلك الشركات بتسديد (40%) من صافى أرباح شركاتهم خلال ال30سنة الأخيرة (سعر الضريبة على الدخل) الذى كان معمولا به قبل تطبيق قوانين ما سمى «بالانفتاح الاقتصادى والذى كان فى حقيقتة إنبطاحا اقتصاديا.. وكما هو معمول به فى كافة النظم حتى الرأسمالية.. كما أن سعر الضريبة وتصاعد درجاتها ونسبها المئوية وفقا للدخل هو أحد وسائل تحقيق العدالة الاجتماعية التى قامت من أجلها ثورة 25 يناير وأهدافها الأخرى من الخبز والحرية والكرامة والديمقراطية والمساواة.. إلى آخره. 4- على افتراض أن 50% من الشعب المصرى ليسوا تحت خط الفقر. فإن هناك حوالى 40 مليون مصرى بوسع 20 مليونا منهم وربما أكثر (قوة العمل الحقيقى)، من التبرع لمرة واحدة بمبلغ 100جم (مائة جنيه) فإن ذلك سيوفر حوالى 2 مليار جنيه. وذلك كحد أدنى والباب مفتوح لمن لديه قدرة على التبرع بمبالغ أكبر من ذلك. 5- يمكن توجيه زكاة المال هذا العام إلى دعم الاقتصاد المصرى حيث عندّها سيتمكن الاقتصاد الوطنى من صرف «تعويض بطالة» لغير العاملين (العاطلين) وذلك ردا على من يقول إن هذا الاقتراح سيحرم غير القادرين والفقراء من نصيبهم فى زكاة المال ولكنها ستؤول اليهم مرة أخرى فى صور متعددة من الدعم وربما دائما. 6- إعادة تقييم مشروعات القطاع العام وشركاته التى بيعت بأبخس الأثمان ومطالبة المشترين بسداد القيمة الحقيقية والعادلة لتلك الشركات والمصانع وغيرها أو مصادرتها وإعادتها إلى ملكية الدولة حيث باع من لا يملك لمن لا يستحق. إذ أن الشعب المصرى لم يفوض أحدا ببيع ممتلكاته. 7- مخاطبة بنوك القطاع العام وكافة البنوك العاملة فى مصر والتى حققت مليارات الجنيهات من الأرباح جراء عملها فى السوق المصرفى بمصر ومن عرق المصريين على مدى أكثر من 30 سنه بالتبرع بنسبة 10% من صافى أرباحها عن العام الأخير فقط (2011) دعما للاقتصاد الوطنى المصرى بعد الثورة وتعزيزا لقدرته على النهوض. أعتقد أنها مقترحات يسهل تحقيقها وستعود علينا بعشرات المليارات وتجنبنا الوقوع فى «فخ» الاستدانة وتبعدنا والشعب المصرى كله عن «المعاناة».