بسبب سوء الأحوال الجوية.. قرار هام حول موعد الامتحانات بجامعة جنوب الوادي    ننشر المؤشرات الأولية لانتخابات التجديد النصفي بنقابة أطباء الأسنان في القليوبية    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    قبل عودة البنوك غدا.. سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 27 إبريل 2024    مصر ستحصل على 2.4 مليار دولار في غضون 5 أشهر.. تفاصيل    صندوق النقد: مصر ستتلقى نحو 14 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة بنهاية أبريل    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    بالصور.. رفع المخلفات والقمامة بعدد من شوارع العمرانية    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    جماعة الحوثي تعلن إسقاط مسيرة أمريكية في أجواء محافظة صعدة    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل    شهداء وجرحى جراء قصف طائرات الاحتلال منزل في مخيم النصيرات وسط غزة    الرجوب يطالب مصر بالدعوة لإجراء حوار فلسطيني بين حماس وفتح    قطر تصدر تنبيها عاجلا للقطريين الراغبين في دخول مصر    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    ملف يلا كورة.. الأهلي يواصل كتابة التاريخ    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    موعد مباراة الأهلي المقبلة بعد التأهل لنهائي دوري أبطال أفريقيا    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    موعد الاجتماع الفني لمباراة الزمالك ودريمز في إياب نصف نهائي الكونفدرالية    مارسيل كولر: قدمنا مباراة كبيرة.. وسعيد بالتأهل للنهائي وبالحضور الجماهيري    أحمد عبد القادر: الأهلي اعتاد على أجواء رادس    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    السيطرة على حريق في منزل بمدينة فرشوط في قنا    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    تعرض للشطر نصفين بالطول.. والدة ضحية سرقة الأعضاء بشبرا تفجر مفاجأة لأول مرة    برازيلية تتلقى صدمة بعد شرائها هاتفي آيفون مصنوعين من الطين.. أغرب قصة احتيال    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    تعطيل الدراسة وغلق طرق.. خسائر الطقس السيئ في قنا خلال 24 ساعة    %90 من الإنترنت بالعالم.. مفاجأة عن «الدارك ويب» المتهم في قضية طفل شبرا الخيمة (فيديو)    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    دينا فؤاد: تكريم الرئيس عن دوري بمسلسل "الاختيار" أجمل لحظات حياتي وأرفض المشاهد "الفجة" لأني سيدة مصرية وعندي بنت    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    طريقة عمل كريب فاهيتا فراخ زي المحلات.. خطوات بسيطة ومذاق شهي    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    بلاغ يصل للشرطة الأمريكية بوجود كائن فضائي بأحد المنازل    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    ناهد السباعي تحتفل بعيد ميلاد والدتها الراحلة    سميرة أحمد: رشحوني قبل سهير البابلي لمدرسة المشاغبين    أخبار الفن| تامر حسني يعتذر ل بدرية طلبة.. انهيار ميار الببلاوي    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    أسعار النفط ترتفع عند التسوية وتنهي سلسلة خسائر استمرت أسبوعين    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    فصل طالبة مريضة بالسرطان| أول تعليق من جامعة حلوان.. القصة الكاملة    العمل في أسبوع.. حملات لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية.. والإعداد لإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل    الكشف الطبي بالمجان على 1058 مواطنا في دمياط    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصابع اسرائيل تلعب فى أفريقيا
نشر في أكتوبر يوم 01 - 01 - 2012

فى الوقت الذى انشغل فيه العرب بمشكلاتهم الداخلية، وانشغل حكامهم بتأمين الكراسى، جاءت زيارة رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير إلى إسرائيل لتدق ناقوس الخطر،وتكشف المستور عن علاقات الود والتعاون الخفى بين الدولة الوليدة جنوب السودان والكيان الصهيونى، وهو ما فضحته كلمات سلفاكير لقادة إسرائيل عندما خاطبهم أثناء زيارته لتل أبيب قائلًا: «كنتم تقاتلون عنا، ولولا إسرائيل ما قامت دولة الجنوب».
هذه الزيارة المثيرة للجدل، وما تم خلالها من اتفاق على قيام رئيس وزراء إسرائيل بزيارة مماثلة إلى جوبا، يزيح الستار عن نوايا إسرائيل تجاه مصر والسودان، ويؤكد سعيها المستمر لتطبيق نظرية الاقتراب عن بعد، وخصوصًا فى منطقة جنوب السودان، وذلك تحقيقًا الأهداف التى تبنى عليها أمنها القومى.. كما تؤكد زيارة سلفاكير الدورالخفى الذى لعبه ومازال يمارسه اللوبى الصهيونى فى توجيه السياسة الأمريكية تجاه السودان حتى بعد توقيع اتفاق السلام.إن أطماع إسرائيل فى أفريقيا ورغبتها المستمرة السيطرة عليها لمحاصرة العرب لا تخفى على أحد، والغريب أنه فى الوقت الذى يتمدد فيه النفوذ الإسرائيلى فى القارة السمراء، تتراجع المقدرات العربية فى أفريقيا وتختلف النزاعات والصراعات بين الدول الأفريقية والعرب وخصوصًا مصر والسوادن الأقرب لإسرائيل والأكثر أهمية لأمنها القومى..
«إسرائيل من النيل إلى الفرات» عبارة أطلقها مؤسسو الكيان الصهيونى بمؤتمرهم الأول بمدينة بازل السويسرية عام 1897، والتى عكست مدى الطموحات الإسرائيلية فى بلاد العرب والأفارقة والشرق الأوسط، وفى ذات الوقت مثلت دلالة صريحة لا تخفى على أحد للمشروع الصهيونى المتكامل لاحتواء أفريقيا قبل قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين بسنوات كثيرة ، حيث طُرح فى هذا المؤتمر أيضاً إمكانية إقامة كيان صهيونى على أرض دولة أوغندا الأفريقية تحقيقاً للأسطورة المتمثلة فى العبارة السابقة، إلا أنه وبعد قيام دولة إسرائيل عام 1948 على أرض فلسطين بدأ التحرك الإسرائيلى الجدى تجاه أفريقيا بقيام رئيس وزرائها الأسبق ليفى أشكول عام 1955 بأولى الجولات الإسرائيلية للقارة الأفريقية بحثاً عن اعتراف أفريقى بدولة إسرائيل ودعم شرعيتها، وبتشجيع ومساعدة من بعض الدول السابق استعمارها للعديد من الدول الأفريقية كفرنسا وبريطانيا تم تهيئة تلك الدول لقبول إسرائيل والاعتراف بشرعيتها وإقامة علاقات معها، وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية توالى الاهتمام الإسرائيلى بدول القارة الأفريقية متخذاً أساليب متعددة ومتنوعة من زيارات وتعاون فنى ومشروعات مشتركة بغية تحقيق أبعاد وأهداف استراتيجية كثيرة انطلاقاً من أسباب ودوافع دعت ودعمت الموقف الإسرائيلى للاهتمام بقارة أفريقيا، فهل ما زالت إسرائيل تحلم بتحقيق مخططها من النيل للفرات فى وقت انحصرت وانزوت فيه كيانات الامبراطوريات والتوسعات الاستيطانية الاستعمارية منذ أزمان بعيدة بل ويسير فيه تطبيق مخططات تقسيم الدول العربية لدويلات صغيرة بخطى متسارعة عدا إسرائيل التى يُراد لها بمساعدة حلفائها المزيد من التوسعات المكانية ومقدرات القوى!!!
وعلى الرغم من كل هذه الترتيبات فقد ظلت إسرائيل محدودة التأثير فى القارة الأفريقية حيث كانت مصر آنذاك تتمتع بتأثير طاغ فى أفريقيا من خلال دورها الرائد فى احتضان حركات التحرر الوطنى فى القارة ومساندة العديد من دولها فى الحصول على استقلالها، إضافة للعلاقات المتميزة التى كانت تربط مصر بالقادة التاريخيين فى القارة كالرئيسين نكروما وأحمد سيكوتورى إلا أنه وبعد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 تغير الوضع حيث بدأ التحرك الإسرائيلى داخل القارة الأفريقية يأخذ اشكالاً أكثر جرأة عن ذى قبل استناداً لعلاقاتها مع مصر والتى خلقت مبرراً كبيراً لبعض الدول الإفريقية لإعادة علاقاتها المقطوعة مع إسرائيل منذ حرب 1967 فضلاً عن إفساح المجال لدول أخرى لإقامة علاقات مع إسرائيل فى ظل غياب دور عربى فاعل على كافة الأصعدة فباستثناء معونات اقتصادية ضعيفة من بعض دول خليجية وصندوق مساعدات هزيل من جانب مصر فإن السمة الغالبة على مجمل العلاقات العربية الإفريقية تشير إلى هشاشة وتدنى هذه العلاقات، أما على الصعيد السياسى فإن العرب تقريباً غائبون تماماً عن الساحة الأفريقية.
أسباب الاهتمام الإسرائيلى
ولنأتى الآن لتساؤل هام يتعلق بماهية الأسباب والدوافع التى دعت ودعمت الموقف الإسرائيلى للاهتمام بقارة أفريقيا، وفى سياق الإجابة عن هذا التساؤل يمكن توضيح ما يلى:
l الموقع الاستراتيجى للقارة الأفريقية المطل على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط والمحيط الأطلسى وبها أهم ثلاثة مضايق مؤثرة على حركة التجارة الدولية، كما تشكل أفريقيا حالياً ممراً هاماً للتجارة البحرية الإسرائيلية حيث يمر 20% من هذه التجارة أمام سواحل القرن الأفريقى وبمضيق باب المندب.
L محاصرة المصالح العربية المشتركة وجنوب الصحراء وشمالها للوصول لمنابع النيل والتأثير على مصر والسودان، إضافة لمحاصرة تأثيرات الدور الإيرانى المتنامى فى القارة وإظهار إسرائيل فى صورة البديل الكفء لدور عربى وإيرانى متصاعد ومتنامى.
L البُعد الأمنى المتمثل فى تأمين وجود إسرائيل وإمكانية تمددها تحت ضغط الهجرة المتزايدة، وتحقيق الشرعية السياسية من خلال كسر حلقة الحصار المفروض حولها بتأمين وجودها باعتراف أكبر عدد من الدول بها ولضمان دعم مادى وسياسى لها ولتوجهاتها غير المشروعة فى المنطقة العربية وبالتالى كسر حاجز عزلتها العربية سياسياً واقتصادياً بما يضمن وجودها وبقاءها وأمنها حيث وصل عدد الدول الأفريقية التى أعادت علاقاتها أو أسست علاقات دبلوماسية جديدة مع إسرائيل 49 دولة آخرها دولة جنوب السودان من مجموع الدول الأفريقية البالغ 54 دولة، بما يضمن لإسرائيل فى ذات الوقت دعماً سياسياً لسياساتها فى المحافل والمنظمات الدولية.
L إيجاد بيئة محيطة بالكيان الصهيونى تدعم وتضمن لهذا الكيان مورداً مستمراً من ثروات وموارد القارة الأفريقية من خامات معدنية ومعادن نفيسة من خلال فتح أسواق دول القارة للتقنيات الإسرائيلية فى مجالات ومشروعات الزراعة والرى والمرافق والبنية الأساسية والصناعة الاستخراجية وتقديم الخبرات لتسويق منتجات تلك الدول فى الخارج، مما سيساعد على توفير مستلزمات إسرائيل من السلع الوسيطة ومدخلات الإنتاج من المعادن ومن أهمها الماس الذى تعتبر إحدى أهم الدول التى نجحت فى تشغيله إضافة إلى اليورانيوم الذى تحتاج إليه لتشغيل مفاعلاتها النووية أو كعنصر احتياط لتوفير الطاقة مستقبلاً، وفى ذات الوقت تنمية تجارة الخدمات متمثلة فى إقامة مشروعات خدمية مشتركة وبنوك ومصارف ووحدات طبية ومدارس، إضافة لتشجيع السياحة لإسرائيل.
L الحصول على عقود استخراج النفط والغاز حيث تشير المؤشرات إلى وجود مخزون أفريقى ضخم يُقدر بمجمل احتياطى نفطى بنحو 80 مليار برميل ورغبة إسرائيل فى تأمين احتياجاتها المستقبلية بخلاف تشغيل معامل التكرير وصناعة البتروكيماويات والتى تمثل جزءًا هاماً فى الصناعة الإسرائيلية.
L تنمية صادرات السلاح الإسرائيلى للعديد من الدول الأفريقية التى يعانى بعضها من تزايد الحروب الأهلية والنزاعات العرقية.
L تخوف إسرائيل من وصول بعض التيارات الإسلامية المتشددة لكراسى السلطة فى دولها الأفريقية، حيث ترى إسرائيل أن ذلك بالتأكيد فى غير صالحها باعتبار أن هذه التيارات تعتبر إسرائيل دولة غاصبة عنصرية يتعين مقاطعتها وهى فى هذا الصدد توحى لحكومات تلك الدول بالتخوف من تصاعد تلك الحركات والتيارات وإمكانية تقديم الدعم بالسلاح والخبراء للمساعدة فى القضاء عليها.
L إيجاد غطاء قانونى لأجهزة المخابرات الإسرائيلية الموساد وغيرها للتواجد فى أفريقيا لمتابعة كافة المتغيرات التى تحدث على الطبيعة وإمكانية تدخل فورى تحسباً لأى تطورات تحمل تغييراً فى المواقف ضد إسرائيل، وتأكيداً لهذا فقد نجحت إسرائيل فى استقطاب بعض زعماء الحركات الانفصالية كما حدث مع إحدى فصائل دار فور التى افتتحت إسرائيل مكتباً لها فى تل أبيب، كما لا يمكن تصور استبعاد الأيادى الإسرائيلية فيما يحدث بدلتا نهر النيجر بنيجيريا أو تغذية الخلافات بين أثيوبيا وإريتريا بعد ابتعاد اريتريا بعض الشىء عن إسرائيل والصراعات التى شهدتها سيراليون وليبيريا وأنجولا ورواندا وزائير.
L الطموح الإسرائيلى فى الحصول على نصيب من مياه النيل وهى فى ذلك تملك الكثير من أساليب خداع دول حوض النيل والتى تتمثل كما ذكرنا فيما تقدمه من خدمات لهذه الدول، إضافة لتحريض دول الحوض على إعادة النظر فى اتفاقيات مياه النيل خاصة مع مصر، ولعل ما يلفت النظر فى الإهتمام إسرائيل بهذا الملف تركيز الزيارات ومجالات التعاون والاستثمارات الإسرائيلية مع دولة أثيوبيا والتى يأتى لمصر منها 86% من حصة مياه النيل، إضافة لدول أوغندا وكينيا وأخيراً جنوب السودان.
L وجود جاليات يهودية كبيرة فى عدد من الدول الأفريقية أهمها جنوب أفريقيا وأثيوبيا وزيمبابوى وكينيا والكونغو الديمقراطية، إضافة للبعد الأهم فى تلك المنظومة والمتمثل فى تربية كوادر من أبناء تلك الجاليات لقيادة النشاط الإسرائيلى بدول القارة الإفريقية.
L تطويق الأمن المائى العربى وتهديد أمن مياه النيل والسيطرة على اقتصاديات الدول العربية وخلق تيارات مناهضة للعرب ومؤيدة لإسرائيل داخل أفريقيا وإيجاد أسواق كبيرة للصادرات الإسرائيلية.
L تصدير طاقات العمل الفائضة من خبرات وخبراء والمتمثل أهمها فى مجال الزراعة الذى يمثل العمود الفقرى لاقتصاديات العديد من الدول الأفريقية حيث قامت إسرائيل بتطوير شبكات الرى والصرف واستنباط محاصيل وتوفير العديد من المستلزمات الزراعية والأدوية البيطرية.
الاستراتيجية الاسرائيلية
فى هذا السياق يتبادر إلى الذهن تساؤل آخر حول أهم الأساليب والسُّبل التى إتبعتها إسرائيل لدعم تواجدها بدول القارة الأفريقية، مع أهمية الإشارة لما نتج من مواقف وظروف إقليمية ودولية ساعدت على تحقيق الاستراتيجية الإسرائيلية، وعلى هذا يمكن استنتاج أهم الأساليب الإسرائيلية المتبعة فى أفريقيا والمواقف المساعدة، على نحو ما يلى :
- تركيز الإيدلوجية الإسرائيلية لتفعيل علاقاتها الأفريقية منذ البداية وحتى فى ظل سنوات القطيعة الدبلوماسية بينها وبين أفريقيا على المساعدات العسكرية فى مجال تدريب قوات الشرطة والحرس الرئاسى لعدد من الدول الأفريقية مثل زائير والكاميرون، إضافة لأنشطتها ومساعداتها الملحوظة والمكثفة فى إثيوبيا ودول القرن الأفريقى.
- كما تلاحظ وجود أنشطة تجارية غير مشروعة للألماس من خلال تهريبه من دول مثل الكونغو وسيراليون وأنجولا عبر دول الجوار ليصل إلى هولندا ثم إلى مراكز تصنيع الألماس فى عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة والهند وإسرائيل، إضافة لتجارة أخرى موازية فى السلاح حيث يتم عقد صفقات لشراء الأسلحة وهو ما يُسهم فى استمرار واقع الصراعات والحروب الأهلية فى الدول الأفريقية الغنية بالألماس.
- تقديم إسرائيل خبراتها فى التدريب العسكرى للجيوش الأفريقية الوليدة التى كانت تفتقر للخبرة فضلاً عن توفير السلاح وتقديم منح تدريبية فى المؤسسات العسكرية الإسرائيلية أو إقامة وحدات عسكرية خاصة، حيث يُذكر فى هذا الصدد قيام إسرائيل بتدريب جيوش أثيوبيا وغانا وكينيا وسيراليون وتنزانيا وأوغندا وزائير، كما أن أول دفعة من طيارى كينيا وأوغندا وتنزانيا وزائير قد تلقت تدريبها فى إسرائيل.
- قيام إسرائيل بإنشاء العديد من الشركات الصناعية والتجارية بهدف الدخول فى مشروعات الشحن والبناء وتنمية الموارد المائية بمشاركة مساهمين أفارقة.
- إستغلال إسرائيل لحالة الإحباط التى اجتاحت الدول الأفريقية نظراً لعدم فعالية حركة التعاون العربى الأفريقى بعد النتائج الهزيلة التى أفرزتها القمة الأفرو عربية عام 1977 ، إضافة لحالة الاستياء الأفريقى من الصراعات العربية العربية خصوصاً بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد ومحاولة نقلها إلى منظمة الوحدة الأفريقية، مما دفع ببعض المحاولات الأفريقية للتفكير فى إقامة منظمة أفريقية تقتصر عضويتها على الأفارقة غير العرب.
- استغلال إسرائيل لحالة تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فى أفريقيا ابتداءً من نهاية السبعينيات والذى دفع بالدول الأفريقية لتبنى إعلان مونروفيا عام 1979 بشأن الاعتماد الأفريقى على الذات والمطالبة بإقامة نظام عالمى جديد، حيث تم تبنى هذا الإعلان من قبل منظمة الوحدة الأفريقية وأطلق عليه استراتيجية مونروفيا وتبعه إقرار خطة عمل لاجوس للتنمية الاقتصادية فى أفريقيا 1980 – 2000.
- دعم إسرائيل للمجتمعات المدنية والديمقراطية فى أفريقيا بإعتبار ذلك مدخلاً للنفاذ والتغلغل داخل نسيج المجتمع الأفريقى، إضافة لتحركاتها لمكافحة الأمراض المستوطنة ومن بينها الإيدز عبر إقامة مراكز طبية فى الأماكن الصحراوية لهذا الغرض فى بتسوانا وغيرها من الدول الأفريقية، كما تستغل إسرائيل وقوع أفريقيا تحت وطأة الفقر والتخلف فترفع شعار الدولة الصديقة ذات السمات الخاصة التى مكنتها من التحرر من الاضطهاد وتحقيق التنمية بما يؤهلها كنموذج يُقتدى به للدول الأفريقية التى تشارك إسرائيل فى كونها دولاً نامية تعانى القهر والاضطهاد أيضاً.
- توقيع اتفاقيات أوسلو ومعاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية وهو ما يعنى إزالة كافة العقبات التى كانت تعترض العلاقات الإسرائيلية الأفريقية.
- نهاية نظام التمييز العنصرى فى جنوب أفريقيا والدور الذى قامت به إسرائيل فى مساعدة حكومة الأغلبية السوداء الأمر الذى أسهم فى تجاوز عقبة العلاقة الإسرائيلية مع نظام التمييز العنصرى.
- انتهاز فرصة انهيار الاتحاد السوفيتى وظهور الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها القوة العظمى الوحيدة المسيطرة فى العالم مما جعل التقرب منها فى مقاييس الدول الأفريقية يتأتى عبر البوابة الإسرائيلية.
أزمة مياه النيل
ثم نأتى لشق آخر يتعلق بدول حوض النيل ومياهه وإسرائيل ومصر وموقف المياه فى الدول العربية، حيث نوضح ما يلى :
- كشفت أزمة مصر مع دول حوض النيل النقاب عن أن توسع الأطماع الإسرائيلية داخل القارة الأفريقية ليس لها حدود ، حيث كان لإسرائيل الدور الأكبر لدول القرن الأفريقى وحوض النيل أثيوبيا وكينيا وأوغندا ورواندا والتى تعتبر دولًا استراتيجية بالنسبة للتوسع الإسرائيلى فى قارة أفريقيا لانتهاك الاتفاقية الدولية الخاصة بدول حوض النيل، والذى أوضح بأن انقلاب دول حوض النيل على مصر والسودان وتوقيعها لاتفاقية إطارية جديدة لتوزيع مياه النيل لم يكن بشكل مستقل نابع منها بل بتحريض وتوجيه من أطراف لا تريد لهاتين الدولتين الاستقرار، خاصة بعد إعلان مشاركة عدد من المؤسسات الإسرائيلية فى بناء السدود والمشاريع الزراعية فى دول حوض النيل ، بجانب استغلال إسرائيل لملف نهر النيل للإضرار بمصر وضرب مصالحها استراتيجياً واقتصادياً.
-أشارت تحليلات المواقف وعلى ضوء ما نُشر من الجانب الإسرائيلى فى هذا الشأن بوجود مصالح إسرائيلية ومخططات حيوية فى منطقة حوض النيل والتأكيد على أن لإسرائيل مصالح استراتيجية وسياسية كبيرة فى منطقة حوض النيل والإعلان عن أن نسب توزيع المياه بين دول نهر النيل لها تأثير مباشر على إسرائيل ، مما يُعد اعترافاً صريحاً بأصابع خفية فى دفع دول المنبع إلى توقيع اتفاقية منفردة لإعادة توزيع مياه النيل.
- يؤكد التوجه الإسرائيلى لوجود مخطط وإستراتيجية أوسع تشمل كافة دول حوض النيل مشيراً إلى أن موجات الجفاف المتعاقبة التى تعرض لها حوض النيل إضافة للزيادة السكانية المرتفعة فى مصر أدت إلى عدم تمكن مصر من توفير اكتفائها الذاتى من الغذاء، وبالتالى التوجه لدول أخرى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية التى تُعد أكبر منتج للغذاء فى العالم لاستكمال نقص الغذاء وعلى هذا فكلما زاد اعتماد مصر على الولايات المتحدة الأمريكية كان هذا الأمر فى صالح إسرائيل لأنه يضمن استقرار اتفاقية السلام الموقعة بين القاهرة وتل أبيب، كما أنه من مصلحة إسرائيل تفاقم أزمة المياه فى مصر لأن ذلك سيدفعها للإنشغال فى صراعات بهذا الشأن مع جيرانها فى منطقة حوض النيل، الأمر الذى سيقلل من تدخلها فى شئون وقضايا العالم العربى وهو ما تريده إسرائيل.
-محاولات إسرائيل لاستخدام أثيوبيا كورقة ضغط سياسية على مصر من خلال التأثير على حصتها فى مياه النيل والتهديد ببناء سدود أثيوبية تتحكم فى حجم المياه المتدفقة لمصر من هضبة الحبشة، كما تسعى إسرائيل لوضع خطط لسحب مياه النيل لأراضيها من أقرب نقطة فى الدول الإفريقية مما يهدد مشروعات الرى والكهرباء والزراعة على امتداد وادى النيل ودلتا مصر.
- المحاولات الإسرائيلية لفرض سيطرتها ونفوذها على الدول غير العربية المطلة على البحر الأحمر ومساعدتها بكل استطاعتها وخاصة دولتى اريتريا وأثيوبيا اللتين تكتسبان ميزة إضافية لدى إسرائيل تتمثل فى كونهما أيضاً من دول حوض النيل.
- وقعت أوغندا وإسرائيل اتفاقيات تعاون لتنفيذ مشاريع رى فى عشر مقاطعات أوغندية متضررة من الجفاف وإيفاد بعثات أوغندية لإسرائيل لاستكمال دراسة مشروعات للزراعة والرى يقع معظمها فى مقاطعات شمال أوغندا بالقرب من الحدود الأوغندية السودانية وكينيا حيث سيتم استخدام المياه المتدفقة من بحيرة فكتوريا لإقامة هذه المشروعات وهو ما يؤدى لنقص المياه الواردة للنيل الأبيض.
-لا تقتصر خطورة الوجود الإسرائيلى فى دول أعالى النيل على الاستعانة بالخبراء والتعاون الفنى فى المشروعات لكنها تمتد إلى التعاون الاقتصادى الزراعى برأس مال إسرائيلى بهدف تملك أراض فى تلك الدول بدعوى إقامة مشاريع عليها أو تحسين أراضيها أو إقامة سدود بها.
- تستهدف إسرائيل من وجودها فى أفريقيا الحصول على مياه النيل والضغط على القرار المصرى، نظراً لحساسية وخطورة ورقة المياه فى الاستراتيجية المصرية وذلك عبر قيام تل أبيب بلعب دور غير مباشر فى صراع المياه بين دول حوض النيل.
- يجب عدم إغفال الحلم بمشروع إسرائيلى قديم للحصول على حصة من مياه النيل لرى صحراء النقب من خلال تصميم ترعة لسحب المياه من أسفل قناة السويس وتوصيلها إلى إسرائيل وهو ما تم الإعلان عنه عام 1974.
- توضح الدراسات أن الدول العربية مقبلة على موجة من الفقر المائى الذى يهدد مظاهر الحياة وخطوات التنمية ، فالوطن العربى يقع فى الحزام الجاف وشبه الجاف من العالم وتقل فيه الموارد المائية المتجددة عن 1% من المياه المتجددة فى العالم حيث لا يصل نصيب الفرد العربى لأكثر من 1744م3 من المياه سنوياً فى حين يصل المعدل العالمى إلى 12900م3 كما أن معدل هطول الأمطار فيه يتراوح بين 5 - 450 ملم سنوياً فى حين يصل المعدل فى أوروبا بين 200 - 3000 ملم سنوياً.
- تكشف الدراسات أيضاً أن مصر تعانى فقراً مائياً من المتوقع تحوله والعياذ بالله لمجاعة مائية عام 2025 ، حيث انخفض متوسط نصيب الفرد من المياه فى مصر لأقل من 900م3 سنوياً، فى حين تصل المعدلات العالمية لاستهلاك المياه بين 1000 و1700م3 للفرد سنوياً ، مما يعنى الاحتياج لتوفير كمية أكبر من المياه تقدر بحوالى 20 مليار م3 بِحلول عام 2017 بزيادة استهلاك مصر من المياه بحوالى 30% عن استهلاكها عام 1997 والذى قَُدر بِحوالى 66.3 مليار م3،
فى حين تبلغ حصة مصر السنوية من مياه النيل 55.5 مليار م3 والذى يمثل المصدر الرئيسى للمياه فى مصر، وهى الحصة الثابتة منذ أن كان تعداد سكان مصر يقل عن 20 مليون نسمة وعلى الرغم من وصول تعداد مصر الآن لما يقارب 90 مليون نسمة إلا أن السلطات المصرية لم تطلب زيادة حصة مياه النيل، الأمر الذى يعطى مسوغاً ومبرراً لدول منابع النيل لمراجعة موقف حصة مصر باستخدام الاتفاقية الإطارية الجديدة، كما يجب على جهات الاختصاص المصرية مراجعة أسس توزيع واستخدام المياه.
الدور العربى
ثم لنأتى للتساؤل الهام والأهم عن الدور العربى لكيفية مجابهة موقف إسرائيل حيال منظومة واستراتيجية تحركها داخل القارة الأفريقية، مع عدم إغفال أو الانتقاص من الدور المصرى فيما يتعلق بمواجهة التغلغل الإسرائيلى لأفريقيا , إستناداً للمحور المصرى العربى الأفريقى ولحقائق الجغرافيا والتاريخ والكفاح المشترك والخبرات المتراكمة فى التعامل مع أفريقيا فضلاً عن أهمية أفريقيا عموماً ودول حوض النيل للأمن القومى المصرى حيث يمكننا لمحاولة الإجابة عن هذا التساؤل توضيح ما يلى:
- الأهمية القصوى للتحرك السياسى العربى بدءًا من تفعيل دور البعثات الدبلوماسية العربية بكافة درجاتها الوظيفية وتخصصاتها فى الدول الإفريقية من خلال اختيار أفضل العناصر المؤهلة وذوى الإمكانيات العالية بديلاً عن منظور الاختيار الحالى لعناصر يُرى بحسب رؤية صانعى القرار بأنها غير مؤهلة لأى مكان متميز وأن الخدمة بالدول الأفريقية تُعد كعقاب أو منفى لمثل هذه العناصر.
- على العناصر الدبلوماسية المختارة الحرص على التحرك الفعلى والفعال لدعم وتنمية العلاقات العربية والأفريقية والاندماج داخل منظمات المجتمع المدنى وتوسيع دوائر الحوار معها من خلال المنتديات والمناسبات القومية بغية تحرك عربى إيجابى لكسب ثقة وود الأفارقة فلم يعد كافياً أن تظل الدبلوماسية العربية حبيسة القصور والمنتجعات السكنية.
- أهمية زيادة وتفعيل الدعم والمساندة الاقتصادية الشعبية مراعاة لاعتبار المصالح العربية الأفريقية المشتركة من خلال زيادة حجم المعونات والهبات والمنح للمجتمعات الأفريقية مباشرة كمساهمة عربية لتنفيذ مشروعات للبنية التحتية كشق الطرق والصحة والتعليم والإسكان والمواصلات والاتصالات.
-دراسة زيادة مخصصات اقراض حكومات الدول الأفريقية لمشروعات تنموية ونهضوية ذات دراسات جدوى اقتصادية لشعوب تلك الدول بنسبة منخفضة وبفترات سماح للسداد على آجال طويلة مع دراسة المشاركة لإقامة استثمارات مشتركة فى مجالات الزراعة والتصنيع.
-زيادة المنح والمخصصات التعليمية للدارسين الأفارقة بالجامعات والمعاهد العربية بغية خلق ترابط عضوى وثقافى بين المجتمعات العربية والأفريقية إضافة لتأهيل كوادر جديدة من المسئولين وصُناع القرار الأفارقة تدين بالولاء والانتماء للمجتمعات العربية.
-العمل من أجل تفويت الفرصة على إسرائيل وإجهاض محاولاتها باستغلال وتعميق الخلافات العربية مع بعض الدول الأفريقية وتهديد أمن الدول العربية المعتمدة على نهر النيل بمحاولة زيادة نفوذها فى الدول المتحكمة فى مياه النيل من منابعه مع التركيز على إقامة مشروعات زراعية تعتمد على سحب المياه من بحيرة فكتوريا، وفى ذات الوقت فإن إسرائيل لا تكل ولا تمل من إذكاء نيران الفتنة واستغلال العداء التاريخى بين أثيوبيا والعرب وإمكاناتها فى التأثير فى السياسة الأوغندية، بجانب قيامها بتشجيع الحركات الانفصالية فى جنوب السودان حتى تم الإعلان عن انفصال جنوب السودان عن الشمال وتأسيس دولة جنوب السودان وعاصمتها جوبا والتى قام رئيسها مؤخراً بزيارة لإسرائيل وجار ترتيبات زيارة رئيس وزراء إسرائيل لجوبا، وفى ذات الوقت فإن إسرائيل توالى سعيها لخلق تيار مناهض للعرب فى المناطق المطلة على الساحل الأفريقى الشرقى.
- دراسة الاستفادة العربية من تجارب بعض الدول الصديقة فى أفريقيا مثل تركيا والصين والهند وفرنسا ، حيث تُعد النماذج المذكورة من أنجح نماذج التعاون مع أفريقيا اقتصادياً وتجارياً واستثمارياً ، والتى حققت جميعها فى فترة وجيزة نتائج إيجابية للغاية نظراً لاشتراكها فى تطبيق آلية للتعاون من خلال منتديات تتشابه فى برامج التعاون وتتنوع فى مجالات التطبيق طبقاً لطبيعة وأهداف وأولويات كل دولة أفريقية ولتكامل برامج وآليات المتابعة المؤسسية والالتزام السياسى من خلال مؤتمرات وزارية دورية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.