اتهامات كثيرة طالت الكاتب الصحفى سيد على بسبب الحلقة التى استضاف فيها الصحفية نجاة عبد الرحمن، والتى اتهمت فيها الثوار بالعمالة، وتلقي تمويل خارجى، حيث وُضع فى القائمة السوداء للصحفيين والإعلاميين المعادين للثورة، ووصفه أحد الكُتاب بأنه رجل مبارك الأول فى الإعلام، وفى حواره مع «أكتوبر» ينفى هذه الاتهامات، ويقول إنه كان من أشد المعارضين للرئيس السابق، وإنه لم يتول أى مناصب قيادية مثل زملائه بسبب وضعه فى القائمة السوداء فى عهد مبارك، كما تطرق للعديد من القضايا المطروحة على الساحة السياسية حاليا. *كيف ترى ما يحدث فى مصر حاليا؟ **مصر الآن مثل « المريض» الذى أجرى عملية قلب مفتوح، وهو حاليا فى غرفة الإنعاش، فإذا لم يتجاوز هذه المرحلة الدقيقة، فسيؤدى ذلك إلى وفاته، فنحن نتحدث طوال الوقت عن ضرورة عمل دستور عظيم وإجراء انتخابات نزيهة، ولكننا نسينا الاقتصاد، وتناسينا أن أى مجتمع يقوم على ركنين هما السياسة والاقتصاد، لذا أخشى بعد أن ننجح فى عمل انتخابات عظيمة وبرلمان محترم، أن نفاجأ بثورة جياع، وحينها لن تبقى على برلمان أو دستور، وبالتالى يجب أن نركز فى الفترة القادمة على تنمية الاقتصاد، وأن تكون تلك أولوياتنا، وأنا كتبت أن مصر تحتاج فى هذه المرحلة إلى اقتصاديين أكثر من سياسيين.. اقتصاديون لديهم قدر أدنى من الحكمة ليديروا البلد بشكل صحيح، ولكن المشكلة إن الناس « مستعجلة» وتريد إنهاء الفترة الانتقالية بأسرع وقت. *وهل تؤيد استمرار المرحلة الانتقالية لفترة أطول؟ **وجهة نظرى أن الفترة الانتقالية يجب أن تكون سنتين بحد أدنى، بحيث نكون قد انتهينا من إعداد البنية الأساسية لمصر الجديدة، وكنت أفضل عمل الدستور أولا ثم إجراء الانتخابات، لأننا يمكن أن نجرى الانتخابات، والدستور ينص على أن نظام الحكم برلمانى، فستختلف الأمور حينها، وكنت أتمنى أيضا إجراء جميع الانتخابات فى وقت واحد، بمعنى أن تتم انتخابات مجلسى الشعب والشورى والرئاسة فى نفس الوقت، لأنه معروف أن فى مرحلة الانتخابات يتوقف حال البلد اقتصاديا، لذا أتمنى أن ننتهى من قضية الانتخابات، حتى نتفرغ لبناء البلد اقتصاديا. *كيف تقيّم إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة للمرحلة الانتقالية؟ **فى البداية يجب أن نعرف أن المجلس بحكم تكوينه هو مجلس عسكرى أكثر منه سياسى، ولكن المشكلة لا تكمن فى المجلس العسكرى ذاته، بل فى السياسيين والمستشارين الذين يجلسون مع أعضاء المجلس، فكل واحد منهم يقول وجهة نظره بما يتفق مع أجندته الخاصة، وكل واحد يريد أن يتخذ المجلس مواقف سياسية « على مقاسه» والمجلس العسكرى مضطر أن يسمع الجميع، وكلها آراء متضاربة. وأعتقد أن المجلس أخطأ حين حاول إرضاء جميع الأطراف، فتقريبا أصبح كل يوم يخسر أطرافا جديدة، كما يريد أن يكون عليه إجماع من المصريين وجميع القوى السياسية، وهذا لن يحدث، وليس معنى هذا أن المصريين ضد المجلس العسكرى، فحوالى 85% من الشعب يؤيد المجلس العسكرى، ولكن المشكلة أن المجلس يحاول بقدر الإمكان إرضاء 15%! *تحدثت كثيرا عن وجود مخطط لإحداث الفوضى فى مصر؟ **بالفعل أثرت هذا الموضوع أكثر من مرة، وتعرضت لمشاكل كثيرة بسببه، وهذا المخطط بدأ بإسقاط الرئيس والنظام ( وكان لابد أن يسقط) ثم إسقاط المؤسسة الأمنية المتمثلة فى الشرطة، ويحاولون الآن إسقاط المؤسسة القضائية، وهذه كارثة، أما المؤسسة الإعلامية فيجرى محاولة لإسقاطها منذ 25 يناير وحتى الآن، والمؤسسة الإعلامية فى مصر مهما الناس قالوا عنها، وسخروا منها، وقللوا من شأنها، فستظل هى القوة الناعمة فى العالم العربى. وأعتقد أن دولة مثل قطر ( التى لا يتعدى عدد سكانها 5 أو 6 عمارات فى مصر) هى الذراع الإعلامية للقوة التى تريد تدمير مصر، وفى الأدبيات الأمريكية يقولون نريد أن تكون مصر مثل قطعة الإسفنج كبيرة الحجم، خفيفة الوزن، تطفو ولا تغرق، بحيث لا يكون لها أى تأثير، وهذا لن يكون، لأن مصر بتاريخها وموقعها الجغرافى لابد أن يكون لها الدور المحورى فى المنطقة. *الصعود المتنامى للقوى الإسلامية جعل البعض يخشى على مدنية الدولة، هل تتفق مع هذا الرأى؟ **فى البداية يجب أن نفرق بين الإسلام والإسلاميين، الإسلام لا أحد يختلف عليه، أما الذين يرتدون عباءة الإسلام سواء كانوا الإخوان، أوالسلفيين، أوالصوفيين، أو الجماعة الإسلامية أوالجهاد وغيرهم، فهم الذين قد نختلف معهم كأفراد، ولقد واجه الإسلاميون تعنتا غير عادى منذ 1954 حتى يناير 2011، وكانت كل القوى السياسية وخاصة القومية والليبرالية واليسارية تقف صامتة حيال ما يتعرض له الإسلاميون من إقصاء وتهميش وتعذيب، وقد جاءتهم الفرصة أخيرا لكى يمارسوا دورهم فى العلن، لذا يجب أن نعطيهم الفرصة، فإذا نجحوا فهذا شيء جيد، وإذا فشلوا فميدان التحرير موجود، فهذا « البعبع» الذى نخاف منه لم نجربه من قبل، فلماذا لا نجربه الأول، ونرى النتيجة؟!.. *وهل تتوقع سيطرة إسلامية على البرلمان القادم؟ **أعتقد أن البرلمان القادم سيكون عمره قصيرا ، ولن يكمل دورته البرلمانية نتيجة لحدوث تغيرات سياسية كبيرة. *لماذا أعلنت تأييدك للدكتور محمد سليم العوا كرئيس للجمهورية؟ **بالفعل كنت أؤيده بشدة، ولكنى اكتشفت أن د. العوا يمكن أن يكون رئيسا لمجلس الشعب، أو مفكرا، ولكنى اكتشفت أنه لا يصلح لأن يكون رئيسا للجمهورية، لسبب بسيط هو أن رجل الدولة يختلف عن المفكر أو رجل القانون، فرجل الدولة لديه نوع من المواءمات الكثيرة، مع علاقات داخلية وخارجية ومع مؤسسات مختلفة، كما أن أحكامه متغيرة مع الظروف والأحداث، أما المفكر فأحكامه مطلقة، لذا فهو يمكن أن يكون رئيس برلمان ماهرا. *وماذا عن باقى المرشحين؟ **مشكلتهم أنهم بدأوا الحملة الانتخابية مبكرا، حتى قبل حدوث الانتخابات البرلمانية، مع أنه- من وجهة نظرى- طبقا للقوانين الجديدة، سيكون رئيس الجمهورية منزوع الصلاحية، بحيث لن يكون هناك فرعون آخر كما كان يحدث سابقا، وفى رأيى أن الدستور السابق كان يجعل من أى رئيس فرعونا، أما إذا تغير الدستور، فأظن أن منصب رئيس الجمهورية سيكون منصبا شرفياً. *تعرضت لحملة شديدة بسبب استضافتك للصحفية نجاة عبد الرحمن، ووضعت ضمن القائمة السوداء، فهل أنت نادم على استضافتها؟ **أولا قبل الحديث عن تلك القضية، أريد أن أقول إنه من خلال كتاباتى فى الأهرام، وبرنامجى على المحور كنت طوال الوقت ضد حسنى مبارك، أما بالنسبة لنجاة عبد الرحمن، فما حدث أننى قمت باستضافتها فى البرنامج لمدة 22 دقيقة فقط، وهى التى جاءت، وتكلمت، وحكت تجربتها.. لست أنا الذى قمت بحثها على أن تقول هذا الكلام أو اتفقت معها مسبقا، كما أننا فى المقابل استضفنا كل ألوان الطيف السياسى من الثوار والماركسيين. *إذن.. فما أسباب اعتذارك عن استضافتها؟ **اعتذرت لأن توقيت استضافتها كان خطأ، ولأننا وافقنا على إخفاء وجهها، ولأننا أخطأنا فى عدم استضافة أحد أعضاء 6 أبريل للرد على ما قالته، ولكنى لم أعتذر عن مضمون الحلقة. *ما الأسباب الحقيقية لإلغاء البرنامج؟ **أعتقد لأننا كنا أول من أشار إلى وجود جهات خارجية تقدم التدريب والتمويل لبعض الشباب، مما جعل أجهزة المخابرات لبعض الدول العربية والمخابرات الإسرائيلية تطلق رجالها فى مصر لإسكات هذا البرنامج الذى كشف الحقيقة، وأظن أنه بعد مرور 9 شهور على الثورة اتضحت الحقيقة، وأنه بالفعل كان هناك البعض ممن تلقوا تدريبا وتمويلا خارجيا، ولكن لابد من التأكيد على أن هؤلاء الشباب لا يتعدون 100 أو 150 شابا، وهم لا يمثلون الملايين من المصريين الذين نزلوا الشوارع والميادين، وثاروا من أجل إسقاط النظام الفاسد. *ما أسباب تمسكك بقناة المحور رغم إلغاء البرنامج؟ **على الرغم من أننى تلقيت العديد من العروض من قنوات عربية، بالإضافة لعروض من قنوات مصرية، فإننى تمسكت بالمحور كنوع من أنواع العشرة، كما أننى فى قناة المحور «ملك» لكنى لو ذهبت لأية قناة أخرى هكون واحد عادى، وأنا راض عن عملى فى المحور، على الرغم من أنى باخد أقل مبلغ فى مذيعى التوك شو فى مصر، لكنى سعيد لأنى أقول ما أريد أن أقوله . *ألا تشعر بالغيرة المهنية أمام هذا الحشد الكبير من الاعلاميين ؟ **نهائيا لم أشعر بذلك لأننى أعرف جيدا ماذا أقدم لجمهورى، ولكن فى هذا السياق لابد ان أقول إن هناك إعلامًا نزيها.. عمليًا.. محايدًا.. على قدر كبير من العلم وليس له أية أجندات او أغراض أخرى سوى تقديم الاعلام الهادف وهو الإعلامى المتميز «شريف عامر». *هل تشعر بأنك ظلمت فى قضية نجاة عبدالرحمن؟ **لم أشعر بالظلم فقط، بل شعرت بالقهر، فزوجتى وبناتى كانوا فى التحرير، وشاهدوا صورا ولافتات تشتم فىّ، وتتهمنى باتهامات باطلة، على الرغم من أن الجميع يعلم أنى كنت مؤيدا للثورة، بل يمكننى القول إنه من خلال عملى سواء كتاباتى فى الأهرام أو برنامج « 48 ساعة» ساهمت فى الثورة، وليس شرطا أن أكون شاركت من خلال تواجدى فى الميدان، فمن خلال العمل كان لى دور كبير فى الثورة.. هذه الثورة التى حققت مالم نكن نحلم به، فقد قضت على نظام وأنهت مشروع التوريث، حلت البرلمان، ومن يقلل من الثورة لا يريد خيرا للبلد. *تعرضت لهجوم شديد من طونى خليفة فى برنامج «الشعب يريد» هل ندمت على الظهور فى البرنامج؟ **بالعكس، خاصة أن طونى خليفة اعتذر لى بعد الهجوم العنيف الذى شنه على، وقال إن معدى البرنامج خدعوه، وإنه عندما عاد لأرشيفى ومقالاتى ندم على ما قاله، وفى النهاية ما يهمنى هو إظهار الحقيقة، والحمد لله أنه تم إجراء تحقيق معى فى نقابة الصحفيين بواسطة نقيب الصحفيين ووكيل مجلس الدولة فى قضية نجاة عبد الرحمن، وصدر تقرير مكون من 4 صفحات جاء فيه أنى واحد من أشرف الصحفيين قبل وبعد الثورة، وأننى كنت أمارس عملا مهنيا، وأننى لم أخطئ مهنيا أو سياسيا، ولكن للأسف هذا الحكم تجاهلته كل وسائل الإعلام، ولكن يكفينى أن الناس تقابلنى فى الشارع وتقولى ربنا يكرمك. *على الرغم من كونك تقدم برامج، فإنك ترفض لقب إعلامى، فلماذا؟ لأنه للأسف أى عابر سبيل الآن يطلق عليه لقب إعلامى، أما أنا فأفضل أن يطلق على لقب صحفى، لأن عندى شرعية من نقابة الصحفيين، ومن إسهاماتى 30 سنة فى التحقيقات الصحفية، والتى ساهمت فى حل مشاكل ناس كتيرة، وعملت مشروع قوانين، وواجهت الفساد، ويسأل عن ذلك رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الأهرام « أنا كان بيتعمل فيا إيه»، أنا كنت فى القائمة السوداء فى عهد مبارك، دفعتى كلها أصبحوا رؤساء تحرير إلا أنا كنت مستبعدا. لذا، أريد أن اسأل، هل من المعقول أنى كنت أحارب النظام السابق، وعندما يحتضر النظام أؤيده، وللأسف كان هناك شخص ما كتب مقالا يقول إن سيد على رجل مبارك الأول فى الإعلام، أرد عليه بإيه، وأنا لم أرد على أى أحد شتمنى أو هاجمنى، وأحتسبت ده عند ربنا، وأنا الحمد لله رأيت آيات الله فى كل من ظلمنى. *صرحت بأنك كنت تشعر بالاحباط عند دخولك الأهرام .. وكنت تفكر فى ترك العمل هناك؟ **نعم بالفعل كنت اشعر بذلك نتيجة التغطيات الصحفية المتعلقة بالسياسة والنظام، فقد كنت أشعر ان الاهرام كلها تتحدث عن جمال مبارك والرئاسة بشكل عام ، وكنت لا?أملك تغيير ذلك ، ولذلك كنت أفكر فى ترك عملى ، ولكنى الآن لم أعد كذلك وأتمسك بعملى بالأهرام أكثر مما سبق... *هل تحلم برئاسة تحرير الأهرام؟ **بالطبع أحلم برئاسة تحرير الاهرام وكانت لدى الخطة فى حالة رئاسة تحرير الاهرام ، لجعل جريدة الاهرام الجريدة العربية الأولى فى الوطن العربى ، لأن الاهرام تمتلك من الامكانات ما يؤهلها لذلك .. *طموح سيد على يصل إلى أى حد ؟ **طموحى ليس كبيرا ولكن يشرفنى أن أكون صحفيا محترما فقط.