لا يزال الخلاف متصاعدا بين الأطباء ووزارة الصحة على خلفية أزمة الإضراب الكلى الذى دعا إليه الأطباء الأسبوع الماضى، إذ تؤكد الوزارة أنها ترفض هذا الإضراب لإضراره بقطاع عريض من المرضى، فضلا عن سعيها لتنفيذ مطالب الأطباء بتحسين الأجور وتأمين المستشفيات متوعدة المضربين «بشكل كلى» بعقوبات رادعة، بينما يتمسك الأطباء بتصعيد الأزمة، حيث يعتبرون تصريحات مسئولى الوزارة مسكنات للتهدئة إذ أنهم عانوا كثيرا من الوعود التى وصفوها بالكاذبة. ووسط هذا الجدل الذى وصل إلى التخوين، صرح مصدر مسئول بمكتب وزير الصحة ل (أكتوبر) بأن د. أحمد عاطف المتحدث باسم ائتلاف شباب الأطباء يتلقى تمويلا من الخارج وكان على موعد لزيارة السفيرة الأمريكية بالقاهرة. من جهة اعترف د. أحمد عاطف ل (أكتوبر) بأن مندوب من السفارة الأمريكية اتصل به وطلب مقابلته لمناقشة مشاكل الأطباء وآلية صرف وزارة الصحة المعونات الخارجية بالشكل الصحيح، مضيفا أنه وافق بشرط حضور ممثل من مجلس الوزراء أو المجلس العسكرى إلا أن أغلبية أعضاء الائتلاف رفضوا التدخل الأجنبى فى الأزمة، مؤكدا انتهاء هذا الموضوع بدون مقابلة السفيرة الأمريكية. وعن الإضراب الكلى للأطباء أكد عاطف أنه بدأ يوم الثلاثاء الماضى ب20 مستشفى بمحافظات القليوبيةوالشرقية والإسماعيلية والغربية والمنصورة، لافتا إلى استمرار بعض المستشفيات بالإضراب الجزئى خوفا من العقوبات التى يهدد بها المديرون والمسئولون. وعن استخدام وزارة الصحة للقانون ضد الأطباء أكد أن القانون يمنع التجمهر والاعتصام، أما تطبيق قانون العقوبات فهو غير دستورى ومرفوض. وعن السبب للجوء الأطباء للإضراب الكلى قال عاطف: إن وزير الصحة الحالى والسابق ضحكا عليهم على حسب قوله وذلك بإعطائهم وعودا لم تنفذ حتى الآن، لافتا إلى أن الأطباء بذلوا جهدا كبيرا أيام الثورة فى الميدان والمستشفيات واصفا الأطباء بالفئات المطحونة. وأشار إلى وجود تفاوت فى الأجور بين الأطباء والمسئولين، وأن المسئولين دائما ما يرددون بأنه بسبب العجز فى الميزانية وتساءل لماذا لا يسرى هذا العجز على القيادات التى تحصل على مبالغ مالية كبيرة شهريا؟. وأوضح أن السبب الأول والأهم للإضراب هو تأمين المستشفيات من أحداث البلطجة التى يتعرض لها الأطباء يوميا أثناء تأدية عملهم، مشيرا إلى التعدى على مستشفى بنى سويف العام مما دفع إدارتها إلى غلقها 5 أيام بسبب إطلاق نار، كما تم ضرب أطباء مستشفى أبو الريش الشرقية 3 مرات، وتم الاتصال بالشرطة ولكن لا أحد يستجيب، بالإضافة إلى احتجاز طبيبين داخل العناية المركزة بمستشفى النيل وتم قفل المستشفى لمدة 6 ساعات، منتقدا قيام الشرطة بتأمين مباريات الكرة والمحاكمات بأعداد كبيرة من عربات وأفراد الأمن المركزى وإهمال المستشفيات. وأضاف د. أحمد عاطف أن الثورة قامت من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية وحتى الآن لم يشعر الطبيب بأى عدالة اجتماعية، فالأجور مازالت متدنية، مشيرا إلى أن أجر طبيب متخرج من 3 سنوات ومتزوج ولديه 3 أطفال 292 جنيها و80 قرشا شاملة كل شىء، بالإضافة إلى أن الحوافز تصرف شهر ثم تتوقف شهورا إلى جانب خصم معظمها كجزاءات، ورغم كل ذلك نعمل فى جو إرهاب ولذا لجأنا للإضراب بعد أن وصلنا لحالة مزرية وزهقنا من الوعود وعدم التنفيذ، وانتقل عاطف إلى السبب الثالث لعمل الإضراب وهو موازنة الصحة والتى تمثل 4% من موازنة الدولة، مشيرا إلى اتفاقية «أبوجا» الدولية بين مصرونيجيريا فى سنة2000 وتلزم مصر برفع ميزانية الصحة من 4% إلى 15% إلا أننا مازلنا كما نحن من سنوات طويلة، مؤكدا أن ارتفاع الموازنة والتى يطالب بها الأطباء تعود بالنفع على المريض أولا. حق دستورى من جانبه أكد الدكتور عبد الحميد أباظة مساعد وزير الصحة للشؤن الفنية والسياسية أن الإضراب حق دستورى للجميع فى الحدود المسموحة وعدم الإضرار بالمرضى، مؤكدا أن الوزارة تفضل ألا تلجأ للقانون، ولكن فى حالة الإضراب العام فيجب تطبيق القانون، وذلك لأن ما يهم الوزارة هو تقديم الخدمة الطبية للمرضى ولأن صحة المواطن خط أحمر لا يسمح بالمساس به بذلك سوف يتم تطبيق القانون وكل الطرق الممكنة لتغطية العمل حتى لا يضر المريض. وأشار أباظة إلى ضرورة النظر للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة، لافتا إلى ثقته فى جموع الأطباء بعدم الاستجابة للإضراب الكلى. وأوضح أباظة أن هناك مجموعة من الأطباء تضغط على الوتر المؤلم وهو «الأجور» وتسعى إلى محاولة توسيع الخلاف مع الحكومة بالدعوة إلى الإضراب الكلى. وأكد أباظة أن وزارة الصحة تقوم الآن بتنفيذ كل مطالب الأطباء، حيث تم تشكيل إدارة خاصة لتأمين المستشفيات ومقرها مستشفى العجوزة وجار الآن حصر المستشفيات لتأمينها وتم تعيين رئيس لها وهو اللواء ضياء نسيم شرقى. أما عن أجور الأطباء أكد أباظة أن وزارة المالية أعادت الدراسة للاستدامة ووزارة الصحة تضغط الآن من أجل الموافقة، كما تقوم الوزارة باستخدام بعض الوسائل الأخرى لزيادة دخل الأطباء والفريق الصحى مثل عمل عيادات مسائية بالمستشفيات بأجر على أن يصرف دخلها للقطاع الصحى. وهاجم أباظة الإعلام، مؤكدا أنه السبب فى توسيع الأزمة بين الوزارة والأطباء وذلك لأن الوزارة نفذت الكثير من المطالب وأرسلت بيانا لكل الصحف بذلك قبل الإضراب لتهدئة الأطباء إلا أن الصحف لم تنشر شيئا وقاموا بنشر أن الإضراب نجح بنسبة 70% رغم أن المستندات الموجودة عندى تؤكد أن نسبة الإضراب 7% فقط. وأكد الدكتور عمرو حلمى وزير الصحة والسكان أن الوقت الحالى للبلاد غير مناسب لإجراء هذا الإضراب، لذلك يتم اتخاذ عدد من الإجراءات لضمان استمرار العمل بالمستشفيات وعدم توقف الخدمة الطبية طوال فترة الإضراب، مضيفا أنه تم الاتصال بوكلاء الوزارة بجميع المحافظات ومديرى المديريات والهيئات التابعة للوزارة والمستشفيات التابعة لهما بتوجيه نداء لاستدعاء الأطباء الذين تركوا العمل لبلوغ السن القانونية أو من يقومون بإجازات للتواجد بهذه المستشفيات خلال هذه الفترة لدعم الفريق الطبى فى القيام بواجبه الوطنى والإنسانى تجاه المرضى. سد العجز وأشار حلمى إلى أنه تم الاتفاق مع جميع العاملين بالوزارة من مساعدين الوزير والعاملين بمكتب قطاع الوزير بارتداء البلاطى البيضاء للعمل داخل المستشفيات وسد العجز الناتج عن الإضراب لدعم جهود الفريق الطبى بهذه المستشفيات ولضمان استمرار تقديم الخدمات الصحية فى جميع الأقسام وبصفة خاصة أقسام الطوارئ دون توقف أى قسم عن العمل مثل العيادات الخارجية أو الجراحات غير الطارئة، مشيرا إلى أن الإضراب تم بشكل أكبر فى المحافظات. وأكد حلمى أن مطالب الأطباء الستة تم الموافقة على 5 منهما وهى الآن قيد التنفيذ متمنيا أن يقتنع الأطباء بهذه الإجراءات التى اتخذتها الوزارة، لافتا إلى أن هناك طلبا واحدا لم توافق الوزارة عليه وهو طلب توزيع الأطباء حسب الموقع الجغرافى، وذلك لوجود نقص فى الكثير من المحافظات الحدودية ووفرة فى المحافظات الأخرى. وأوضح حلمى أن الأطباء مازالوا يطالبون بحد أقصى لقيادات الوزارة، مؤكدا على أن وزارة الصحة أول وزارة طبقت الحد الأقصى للأجور وطبقه فى عهد الوزير السابق أشرف حاتم. وأكد حلمى على أنه لن يتم إحالة أى طبيب مضرب عن العمل إلى الشئون القانونية حيث إن الإضراب حق قانونى لكل طبيب إلا فى حالة واحدة فقط وهى محاولة منع الأطباء غير المضربين عن العمل. مراعاة ظروف الدولة من جانبه قال الدكتور سعد الفتيانى رئيس اللجنة العليا للإشراف على انتخابات نقابة الأطباء إن نقابة الأطباء لا تشارك فى إضراب الأطباء، وذلك تنفيذا لقرارالجمعية العمومية التى عقدت فى 10 يونيه وقررت عدم عمل أى إضرابات، مؤكدا على أن الموقف مستمر حتى الآن. وأكد عدم اختلاف النقابة مع مطالب وحقوق الأطباء ولكن يجب مراعاة الأجواء السياسية التى تمر بها البلاد الآن. وأشار الفتيانى إلى أن الطبيب الذى يحصل على أعلى الدرجات والمؤهلات أجره أقل من عامل فى شركة كهرباء أو عامل فى سنترال يحصل على 1200جنيه شهريا، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق مع وزير الصحة على صرف الحوافز ال200% للأطباء، مؤكدا على أن المحاولات مستمرة لرفع أجور الأطباء ولا يمكن إنكار الإجراءات التى اتخذتها الوزارة فى هذا الشأن.