أكد أحمد جلال رئيس جمعية رجال الأعمال والاستثمار الدولى، عضو مجلس محافظى المنتدى الدولى للاستثمار باسطنبول، وممثل جمعية رجال الأعمال الأتراك «الموصياد»، أن الاقتصاد هو البوابة الذهبية للريادة السياسية، والدليل على ذلك ما حققته تركيا فى فترة زمنية لا تتجاوز اثنى عشر عاما. وأشار جلال فى حواره مع «أكتوبر»، إلى أن الاستقبال الاسطورى الذى استقبل به الشعب المصرى رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركى، يؤكد أن الشعب المصرى من أكثر شعوب العالم ذكاء، لأنه يقدر دور الزعيم الذى لم يكتف بالخطابة بل انتقل ببلده من القاع إلى القمة مما جعله محل تقدير. * بداية كيف ترى مستقبل العلاقات المصرية التركية؟ ** أشعر بتفاؤل كبير، وهو شعور أرى أنه مسيطر على الملايين من الشعب المصرى خاصة بعد خطاب أردوغان يوم الأربعاء الماضى، لأنه خطاب تشعر انه صادر من القلب. * ولكن الشعب المصرى أصبح معتادا على سماع الخطابات الثورية التى لاتحقق شيئا ولا تساوى أكثر من الورق الذى كتبت عليه؟ ** الأمر مختلف مع أردوغان، فهو لم يكتف بالخطابة بل نجح فى التحول بتركيا من القاع إلى القمة فى فترة زمنية لا تتجاوز اثنى عشر عاما، وقد تصيبك الدهشة عندما تعرفين أن تركيا فى عام 1986 كانت تنظر إلى مصر على أنها مثل أعلى تتمنى الوصول إلى مثله رغم أن مصر لم تكن متقدمة اقتصاديا، ولكننا كنا فى ذلك التوقيت أفضل كثيرا من تركيا وكان الأتراك يقولون لى فى ذلك الوقت سنتمكن يوما ما من عمل مترو أنفاق مثلكم، فى إشارة إلى نظرتهم التى تؤكد تفوق مصر، ويؤكد ما حققه أردوغان فى هذا الوقت القصير. * البعض يتخوف من اجتذاب مصر نحو نفوذ تركى منتظر كيف ترى ذلك؟ ** لا أتفق مع هذا التصور، فما يحدث من تقارب بين البلدين حالياً لا يعنى عودة مصر إلى الخضوع للنفوذ التركى، فالأمور مختلفة تماماً الآن، وهناك تنافس بينهما، ومصر تمتلك مميزات كبرى فى عدة مجالات، منها النسيج، والزراعة، والسياحة، فضلا عن قوة تأثيرها وارتباطاتها المتميزة بالاقتصادات العربية والأفريقية والآسيوية والأوروبية، وتعد تركيا شريكاً قوياً لأوروبا، وبوابة لأسواق وسط آسيا، والبلقان، ومصدرا للتكنولوجيا، والاستثمار الأجنبى، وبالتالى يكون التقارب مفيداً على الصعيدين الاقتصادى والسياسى. * يعد الفساد جزءا من منظومة أى نظام فاشل كيف تمكنت تركيا من مكافحة الفساد؟ ** كان التوجه التركى لمكافحة الفساد أهم جوانب التجربة التركية فى تحقيق طفرة اقتصادية، فضلاً عن أنه كان يمثل رغبة جارفة لدى الرأى العام، وخلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ومن زار تركيا خلال الفترة بين تسعينيات القرن الماضى وحتى الآن، يلمس عمليا التطور الكبير الذى حدث فى هذا المجال. * إذا عدنا للصعيد الاقتصادى كيف يمكننا الاستفادة من التجربة التركية؟ ** الاستفادة من التجربة التركية لن تأتى إلا بزيادة التواصل من خلال اجتهاد وزراء الاقتصاد والتجارة الخارجية، وقد أعلن رئيس الوزراء التركى بعد لقائه بالدكتور عصام شرف أنه من المنتظر أن يرتفع حجم التبادل التجارى من ثلاثة مليارات جنيه إلى خمسة مليارات ثم عشرة مليارات فى سنوات قليلة. * ولكنك تتحدث عن حجم التبادل التجارى ككل وهو يميل للاتجاه التركى؟ ** هذا صحيح فقد كان حجم هذا التبادل فى عام 2009 3,2 مليار دولار وإرادات مصر منها 2,6 مليار، انخفض حجم هذا التبادل العام الماضى إلى ثلاثة مليارات، واردات مصر منها 2,2 فقط على خلفية الاتهامات التى وجهت لبعض شركات الحديد التركى بالاغراق . ولكن من المتوقع ان يرتفع حجم هذا التبادل نهاية العام الحالى الى 3,3 مليار دولار، لكننا نأمل أن تزيد صادراتنا بشكل أكبر من الوقت الحالى بعد أن نصبح أقوياء صناعيا وتجد منتجاتنا مكانها فى الأسواق الخارجية. كما أن مصر لديها ارتباطات باتفاقيات تجارية متميزة عربياً، وأفريقياً، وأوروبياً، وإذا لم ينجح الأتراك فى دخول تلك الأسواق بالتعاون مع مصر، فسوف يدخلونها وحدهم، علماً بأن صادرات تركيا للعالم الآن تصل إلى نحو 160 مليار دولار، ومع ذلك تتحرك لتنويع وزيادة السوق المستهدفة لصادراتها، وبالتالى يجب أن تتحرك مصر لتحقيق ما تراه مفيداً لاقتصادها، باعتبارها بوابة لأفريقيا والدول العربية، وفى المقابل تعد تركيا بوابة نموذجية لأسواق البلقان، ووسط آسيا، وأيضاً أوروبا، ومعروف أن العديد من المنتجات المصرية، مثل الورق، والأدوية تتواجد فى أسواق البلقان، بسبب تواجدها فى السوق التركية، أى أن مجرد تواجد المنتج المصرى فى تركيا، يعنى أن له فرصا موازية فى أسواق البلقان، ووسط آسيا. * ما هى أبرزملامح التجربة التركية؟ ** نحن ضعاف صناعيا كما ذكرت من قبل وما نعانيه الآن كانت تركيا تعانيه فى تسعينيات القرن الماضى، لكنهم منذ ذلك الوقت احدثوا طفرة من خلال نقلهم للتكنولوجيا الأوروبية إلى بلادهم، ووقف تصدير المواد الخام والعمل على تصنيعها بالتكنولوجيا الجديدة التى نقلوها إليهم، وهو إحدى سلبياتنا الكبيرة لأننا نهدر ثرواتنا الطبيعية بتصديرها خاما إلى الخارج بأثمان بخسة ثم نستوردها مصنعة بأثمان باهظة، ولذلك فأنا أرى أنه يمكننا التفوق على تركيا فى سنوات قليلة ويمكننا أن نحقق هذا الطموح بشكل أسرع من تركيا، إذا أحسنا استغلال مواردنا الطبيعية والبشرية، والاستخدام الأمثل لكل الأدوات السياسية التى تخدم الاقتصاد، فقط عليها أن نحدد طموحنا ونتحرك بكل الأدوات، وفى مقدمتها تحقيق الاستقرار السياسى والتشريعى. * ماهى أحدث مجالات التعاون التى أسفرت عنها زيارة أردوغان الأخيرة إلى مصر؟ ** أهمها تكوين بعض الشركات المصرية التركية للتعاون خارج البلدين، وهى خطوة أراها رائعة جدا لأنها إضافة إلى مساهمة هذه الشركات فى تطوير الاقتصاد المصرى فإنها ستفتح آفاقا أوسع للتجارة والاستثمار فى دول أخرى وهو ما يعنى استثمارات وفرص عمل وعوائد هائلة. * ماهى أهم القطاعات الجاذبة للاستثمارات التركية فى مصر؟ ** تتمثل فى الطاقة والمنسوجات والإنشاءات ومواد البناء إضافة إلى صناعات تكنولوجيا المعلومات، كما سيتم توجيه بعض الاستثمارات إلى الصناعات الصغيرة والمتوسطة . وأرى أن جذب المزيد من الاستثمارات التركية يجب أن يكون من خلال تفعيل الاتفاقيات الأربع الموقعة بين حكومتى البلدين وهى اتفاقية التعاون الاقتصادى والفنى فى 1994 وحماية وتشجيع الاستثمار فى 1996 ومنع الازدواج الضريبى فى 2001 إضافة إلى اتفاقية التجارة الحرة فى 2007 . * باعتبارك ممثل جمعية الموصياد التركية فى مصر أين سيعقد مؤتمرها القادم؟ ** يضم الموصياد معظم الدول الإسلامية حيث يحضره ما يقرب من 30 دولة من العالم الإسلامى. ويعقد الموصياد سنويا ومقره دولة تركيا الدولة المؤسسة له و تعقده مرة داخلها والسنة التى تليها يعقد خارجها ويتم اختيار الدولة المضيفة طبقا لشروط معينة. ويضم الموصياد ما يقرب من 2000 إلى 3000 رجل أعمال من مختلف الدول بهدف توطيد العلاقات التجارية الإسلامية حيث يعطى المؤتمر فرصة لرجال الأعمال للخروج بشراكة ونتائج إيجابية من تبادل العلاقات التجارية بينهم.