وسط اهتمام وترحيب شعبى ورسمى، جاءت زيارة الرئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان فى وقت بالغ الأهمية فى إطار سعى البلدين لتأسيس مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية، وإعادة صياغة علاقات التعاون السياسى والاقتصادى والعمل بينهما بعد فترة الجمود التى شهدتها العلاقات بين البلدين فى عهد النظام السابق فى مصر. وخلال زيارته حرص أردوغان على تأكيد أهمية الدور المصرى فى المنطقة والعالم، موضحا أن العلاقات الاستراتيجية مع مصر ذات أواصر تاريخية قوية وعميقة. وقال أردوغان فى دار الاوبرا المصرية إن كلاً من تركيا ومصر ستكونان الوجه المشرق للمنطقة فى القريب العاجل. وأكد رئيس الوزراء التركى الذى بدأ بتحية الصحفيين باللغة العربية قائلاً «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» ان مصر تعد بوابة أفريقيا بالنسبة لتركيا، كما أن تركيا تعد بوابة أوروبا لمصر. وأضاف أردوغان أن مصر تحتاج فى المرحلة الراهنة إلى تثبيت دعائم الدولة الجديدة، وأن ذلك لن يتم إلا بإجراء انتخابات برلمانية نزيهة يشكل على إثرها برلمان يعبر عن الثورة ويتم الانتهاء من وضع دستور جديد يحدد الطريق الذى يهيئ مصر لإقامة دولة مدنية ديمقراطية متقدمة. مؤكدا احترامه لثورة 25 يناير التى ذكرت العالم بعظمة المصريين، وأضاف أن كل محاولات عرقلة جهودها ستبوء بالفشل، وستنتصر إرادة الثورة تدريجيا حتى تصل إلى أهدافها. محور مضاد وفى سياق زيارته تحدث اردوغان من جامعة الدول العربية خلال دورتها المنعقدة فى القاهرة على مستوى وزراء الخارجية عن الممارسات الاسرائيلية التى تحاول السيطرة على منابع النيل لفرض هيمنتها على المنطقة، إلا أنه يرى أنه ليس على مصر أن تشعر بالقلق إزاء تلك الممارسات، لأن مصر ستتعافى وتصبح من أقوى الدول فى المنطقة سريعا وسيتم التعاون الاستراتيجى بينها وبين جيرانها، وسيشكلون معا محورا قويا يقف أمام تلك التهديدات. وفيما يتعلق بالوضع الحالى للقضية الفلسطينية أشاد أردوغان بالجهود التى تقوم بها مصر فى هذا الاتجاه، ودعمها لفلسطين فى الحصول على عضويتها بالأمم المتحدة، كما شدد على أن بلاده لن تظل صامتة تجاه ما يحدث من تعطيل الاستقرار فى المنطقة. موضحا ان اسرائيل لا علاقة لها بالسلام وأن بلاده لا تحدد استراتيجياتها من خلال علاقتها بإسرائيل. التبادل التجارى من جانبه، قال د. عصام شرف رئيس الوزراء إن مصر ملتزمة بالحفاظ على السلام العادل مع إسرائيل، مهما كان الثمن الذى تدفعه، مشيراً إلى أن مصر تراعى كافة الاتفاقيات الدولية فيما يخص حركة المعابر الحدودية مع قطاع غزة. وأوضح شرف أنه تم التوقيع على 11 اتفاقية تعاون بين مصر وتركيا، كما تم الاتفاق على زيادة حجم التبادل التجارى بين البلدين من 3 إلى 5 مليارات دولار، وزيادة الاستثمارات التركية فى مصر من 1.5 مليار دولار فى الوقت الحالى إلى 5 مليارات دولار، حيث وصل اردوغان إلى مصر ومعه 200 من رجال الأعمال الأتراك،وذلك للتحدث عن الكثير من المشاريع فى مجال المواصلات والسياحة والطاقة . وحول الدور التركى بشأن الأحداث التى تمر بها بعض البلدان العربية، قال أردوغان إن تركيا لا تقوم بشيء من أجل الشهرة السياسية بقدر المحافظة على حقوق شعوب تلك البلدان. وانتقد قيام رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو بتكريم قواته التى قامت بالاعتداء على السفينة مرمرة، دون اكتراث بالمدة الزمنية التى حددتها تركيا لقيام إسرائيل بتقديم الاعتذار ودفع التعويضات لأسر الضحايا ورفع الحصار عن غزة. ومن الجدير بالذكر أن عددا كبيرا من الاخوان المسلمين وبعض النخب السياسية كانوا فى استقبال اردوغان فى مطار القاهرة الدولى بالورود وترديد الهتافات كان من بينها «أردوغان أردوغان.. تحية كبيرة من الإخوان»، «مصر تركيا إيد واحدة»، «مصر وتركيا عاوزنها خلافة إسلامية» كما يرفعون صورا كبيرة له وذلك تعبيرا عن سعادتهم بطرده السفير الإسرائيلى من تركيا.وقام وزير الخارجية التركى بمصافحة عدد كبير من الإخوان المسلمين أمام المطار، وأبلغهم تحياته وشكره على حبهم لتركيا، ورئيس وزرائها. وقد حرص أردوغان خلال زيارته على مقابلة عدد من كبار المسئولين والشخصيات الدينية والسياسية فى مصر وقام بزيارة ضريح الجندى المجهول ثم مقابر الشهداء الاتراك ثم قابل شيخ الازهر و المشير حسين طنطاوى ثم نبيل العربى فى جامعة الدول العربية وألقى خطابا فى مقر رئيس الوزراء وألقى خطابا آخر للامة العربية من دار الاوبرا المصرية ثم قابل البابا شنودة وقامت ابنته و زوجته بزيارة مدرستين و مستشفى. وقبل مغادرة اردوغان القاهرة متوجها الى تونس بعد زيارة رسمية استمرت ثلاثة ايام قام بافتتاح المبنى الجديد للمركز الثقافى التركى (يونس امره) بالقاهرة والذى يعد ثالث مركز ثقافى على مستوى العالم يتم افتتاحه حيث سبق لوزير الخارجية أحمد داود أوغلو افتتاح هذا المركز رسميا فى مارس 2010. فقد أثمرت زيارة أردوغان عن العديد من النتائج الإيجابية تتمثل فى انشاء المنتدى الاقتصادى المصرى التركى والذى يهدف الى تنشيط التبادل التجارى والاستثمارى بين البلدين، ونقل التكنولوجيا وثانيا توقيع 11 اتفاقية للتعاون بين مصر وتركيا ,وثالثا الدعم الواضح للثورات العربية.. ويرى محللون أن توطيد العلاقات بين تركيا ومصر يعنى بدء تشكيل قوة اقتصادية اسلامية بعيدة عن الهيمنة الغربية ,وبدء تشكيل الاحلاف الاسلامية التى ستقود الى تقوية الدول الاسلامية عسكريا وسياسيا واقتصاديا مما سيعتقها من القيود الاستعمارية، هذا الى جانب ان التبادل العلمى والتكنولوجى بين الدولتين احد عوامل القوة التى ستصب فى مصلحة الامة الاسلامية برمتها.