للمرة الأولى منذ وقوع هجمات الحادى عشر من سبتمبر فى الولاياتالمتحدة، أقيمت الاحتفالات هذا العام بالذكرى العاشرة للاعتداءات فى غياب تام عن المشهد للمتهم الرئيسى بالتخطيط لها وهو أسامة بن لادن الزعيم السابق لتنظيم القاعدة والذى لقى مصرعه على أيدى الكوماندوز الأمريكى قبل شهور فى إطار الحرب الأمريكية على الإرهاب التى خاضتها منذ وقوع الهجمات فى 2001. والسؤال الذى يطرح نفسه بعد مرور عشر سنوات إلى أين وصلت أمريكا فى حربها على الإرهاب؟ وهل نجحت فى القضاء عليه خاصة أن الاحتفال جاء وسط مخاوف من اعتداءات إرهابية محتملة حذرت منها السلطات الأمريكية حيث شارك الرئيس الأمريكى «باراك أوباما» وسلفه «جورج بوش» فى مراسم إحياء الذكرى العاشرة للهجمات فى الموقع السابق لبرجى مركز التجارة العالمى بنيويورك بحضور أسر الضحايا وسط إجراءات أمنية مشددة حيث وقف المشاركون أربع دقائق حدادًا فى الأوقات التى صدمت فيها الطائرتان برجى التجارة ثم ساعتا انهيارهما، كما تمت تلاوة أسماء نحو 3000 ضحية. كما توجه «أوباما» إلى مبنى وزارة الدفاع الذى استهُدف أيضًا بالهجمات التى أدخلت العالم بأسره فى حقبه أطلق عليها الرئيس السابق جورج بوش الحرب على الإرهاب حشدت من أجلها أمريكا كل طاقاتها وإمكاناتها وبجانبها معظم دول العالم بدأتها بغزو أفغانستان التى اعتبرتها واشنطن المسرح الحقيقى للإرهاب والمشكلات التى تواجه أمريكا إلا أن قدرات القاعدة وطالبان وسيطرتها على أجزاء واسعة من البلاد وهجماتها القوية وغير المتوقعة كبدت الولاياتالمتحدة خسائر كبيرة، ثم كانت المحطة الثانية فى حربها على الإرهاب غزو العراق والتى كان أحد أهدافها القبض على ما وصفتها بالعناصر الإرهابية التى يرعاها النظام العراقى السابق، والتى كلفت الخزانة الأمريكية تريليونات الدولارات حيث ذكر بروفيسور الاقتصاد فى جامعة كولومبيا «جوزيف سيتجليتر» الحائز على جائزة نوبل فى الاقتصاد أن حربى العراق وأفغانستان كلفتا الولاياتالمتحدة ما يقرب من 3 - 5 تريليونات دولار وأن ما يقرب من 50 % من الجنود العائدين مؤهلين للحصول على علاجات أو تعويضات عجز تصل إلى 900 مليار إضافة لانتحار جنود بمعدل أكثر من 18 شخصا سنويًا خلال السنوات الأخيرة، كما أن الحروب التى خاضها الجيش الأمريكى تحت مسمى الحرب على الإرهاب لم تحقق أهدافها بل زادت الإرهاب فى العالم وعملت على تشويه صورة أمريكا حيث أنها خسرت فى ردها على الحادث أكثر من ضحايا الحادث نفسه وأصبح المطلوب مجرد إيجاد مخرج آمن ومنظم للولايات المتحدة مخلفةً وراءها أكثر من 9200 قتيل بين الجنود الأمريكيين، وفى تقرير ل «واشنطن بوست» الأمريكية ذكرت أن رد فعل الأمريكيين بعد أحداث 11 سبتمبر وصل إلى درجة الحد من الحريات المدنية وإلى التخبط فى مغامرات جديدة فى الخارج مما أسفر عن ولادة أعداء جدد لأمريكا لم يكونوا موجودين سابقًا، بالإضافة إلى استنزاف الاقتصاد الأمريكى كما أضافت أيضًا أن الأمريكيين لطخوا سمعتهم من خلال إساءة معاملة السجناء الأجانب، ورغم مرور عشر سنوات على أحداث سبتمبر، تؤكد الوقائع أن واشنطن لم تنجح فى القضاء على الإرهاب حيث أفاد التقرير الأمريكى السنوى الصادر عن المركز القومى لمكافحة الإرهاب أن 11.604 هجمات إرهابية وقعت فى 72 دولة فى عام 2010 وأسفرت عن 49901 ضحية، كما أظهر استطلاع للرأى أجراه مركز الدراسات العربى الأوروبى فى باريس العام الماضى أن أمريكا لم تجن من حروبها على ما يسمى بالإرهاب سوى زيادة عداء شعوب العالم لها وخاصة الشعوب العربية والإسلامية، وذكر المركز فى بيان أن 76.6% من الذين شملهم الاستطلاع قالوا إن أمريكا لم تحقق سوى المزيد من التطرف والإرهاب وساهمت فى زيادة نفوذ تنظيم القاعدة وأن أمريكا فى حربها على الإرهاب خسرت أكثر مما كسبت خصوصًا أن تكلفة الحروب باهظة كما اعتبر المستطلعون أن حرب أمريكا على الإرهاب خلفت ملايين الضحايا والقتلى والمعوقين وملايين الجياع كما تسبب فى البطالة وبأزمات مالية، كما اعتبروا أن أمريكا وسعت الحرب على الإرهاب فأشاعت بذلك العنف والصراعات الطائفية خاصة فى أماكن التوتر بالعالم وخلصت نتيجة الاستطلاع بعد مرور تسع سنوات إلى أن الإرهاب مازال يهدد المجتمع الدولى. وفى المقابل أعلن أوباما أن الولاياتالمتحدة أصبحت أقوى بعد 10 سنوات من هجمات 11 سبتمبر وأن قوة تنظيم القاعدة ضعفت بفضل الجهود الأمريكية خلال السنوات الماضية، إلا أن التحليلات الصادرة من داخل الولاياتالمتحدة ذاتها تقلل من أهمية هذه الاجراءات وتؤكد أن أمريكا خسرت كثيرًا بحربها على الإرهاب.