جرت العادة أن يرتبط ذكر القلادات والأوسمة والنياشين بشخصيات أثرت الوطن وأثّرت فى تاريخه وبديهى ألا يعترف القانون بمعيار المصالح والمحسوبية فى اختيار المقربين من النظام أو ذوى المصالح ممن عاثوا فى البلاد فساداً ومنحهم تلك القلادات والأوسمة ورغم قيام ثورة 25 يناير إلا أن الأوسمة والقلادات مازال يحملها رجال النظام السابق الذين دمروا الحياة السياسية والاقتصادية فى مصر وأفسدوها حتى أن بعضهم محبوس احتياطيا أو محالون للمحاكمة بتهمة الفساد أشهرهم إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق بتخصيصه ومنحه الأراضى لرموز الفساد ورجال الأعمال وأيضاً عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق وعائشة عبد الهادى وزيرة القوى العاملة سابقاً وحسين مجاور رئيس اتحاد العمال السابق. ومن هنا يبرز تساؤل حول مصير هذه الأوسمة وهل يحق للدولة من الناحية القانونية سحب الأوسمة والنياشين ممن تحوم حولهم الشبهات؟ الإجابة عن هذا السؤال تبدأ بالقانون رقم 12 لسنة 1972 المنظم للأوسمة والذى حدد سبل منحها لمن قدم خدمات جليلة للوطن والمتميزين والنابغين. كما أن القانون المصرى يوضح شروط منح القلادات والأوسمة المصرية منها قلادات (النيل العظمى - الجمهورية - العلوم والفنون - الاستحقاق - وشاح النيل - الكمال - الرياضة) من خلال تشكيل لجنة موضوعية تتخذ قرارات حيادية تتجرد من جميع الاعتبارات الشخصية. الشرط الأخير يفتح ملف نجمة سيناء التى حصل عليها مبارك عام 1983 هى الوسام الأكثر جدلا، حيث تزامن حصوله عليها فى ذات عام سحبها من الفريق سعد الشاذلى رئيس أركان حرب القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر والذى أعادته إليه المؤسسة العسكرية منذ أشهر قليلة، حيث منحها لمبارك المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة فور توليه مهام منصبه وزيرا للدفاع والإنتاج الحربى رغم أن أبو غزالة كان أقل وظيفياً من مبارك، كما أنه لايجوز منح وسام عسكرى لمبارك الذى كان القائد الأعلى للقوات المسلحة. من ناحية أخرى تنص المادة 22 من القانون المنظم لمنح الأوسمة على أن يجرد الفرد من الأوسمة والأوشحة والأنواط الحاصل عليها عن طريق قرار رئيس الجمهورية الذى يقوم بتشكيل لجنة تتكون من 4 أفراد من حاملى الوسام، بالإضافة إلى أحد مستشارى مجلس الدولة. وبعيدا عن مبارك نفسه هناك أيضاً شخصيات ارتبطت بالنظام السابق وبسياساته منهم سمير سلام محافظ الدقهلية الحاصل على وسام الجمهورية من الدرجة الثانية وسعد خليل محافظ مطروح الحاصل على نوط الامتياز من الدرجة الثانية الذى قام بتخصيص أكثر من 5 ملايين متر من أراضى المحافظة لمحمود الجمال والد زوجة جمال مبارك وأيضاً مصطفى عبد اللطيف محافظ بورسعيد الحاصل على نوط الامتياز.. السطور التالية تستطلع آراء الخبراء فى هذه المسألة. د. شوقى السيد - عضو مجلس الشورى السابق - يقول: يجب ألا نخلط الأشياء بعضها البعض ونهدم الفواصل والآثار القانونية المترتبة على التصرفات، فعلينا أن نميز بين تصرفات الرئيس حال كونه رئيسا وبصفته هذه وما يتصرف فيه ويمنحه من قرارات سواء تعيينات أو منح أو أوسمة أو نياشين وبين تصرفاته الشخصية التى تنطوى على الخطا والصواب فى إدارة شئون البلاد والتى يتعين مساءلته عنها وهى سلطات مقررة فى القوانين والدساتير واللوائح مثل ترشيح اللجان العلمية وترشيحات الجهات المسئولة أو تقرير الجهات المختصة التى ترفع له ليختار منها أو يصدر قرارا بمنح الأوسمة والنياشين هذه القرارات يجب أن تحترم وأن تكون على أسس موضوعية من سلطة متخصصة وإلا فقول غير ذلك معناه أن نهدم كيان الدولة وتصرفات المسئولين فيها وهو ما يعنى عدم احترام الدولة لقراراتها خاصة مع ترتب حقوق ومراكز قانونية للإدارة أو المؤسسات يجب أن تحترم وتتحصن بفوات المدة. وأضاف أن الذين يقولون بغير هذا عليهم أن يتصوروا ماذا يكون عليه لو أهدرنا قرارات ثلاثين عاما مضاعفة فإن لها تأثيراً كبيراً فى الحياة السياسية فى مصر. وأكد أن كل حالة تؤخذ بحالتها ولا يشكل الأمر قاعدة عامة فإذا كان منح الوسام صدر بإجراءات باطلة أو بغير أساس أو انحراف فى استخدام السلطة كل ذلك يؤدى إلى إمكانية الطعن فى المحاكم المختصة على القرار لوجود عيب به من حيث الشكل أو الموضوع يؤدى إلى إبطاله وإزالته من الوجود ولا يمكن أن نقرر قاعدة عامة بكل القرارات التى صدرت من رئيس الدولة أثناء توليه السلطة ونقول إنها يجب أن تذهب فى مهب الريح. د. سمير فياض - نائب رئيس حزب التجمع - يقول: إن هذا الموضوع جانبى ولا قيمة له المهم نتيجة المحاكمات التى تتم الآن والتى توضح مسئولية الرئيس السابق ونظامه فى إطار ما شرحه وخوله الدستور والقوانين المسيرة للمجتمع فى حينه تلك هى القضية الجوهرية الذى يتوقع الشعب المصرى أن يحقق القضاء النزيه تحقيقا شافيا وافيا بين طبقة الممارسات التى تمت عما إذا كانت هناك انحرافات عن الأصول والأسس الإنسانية وعن حقوق الإنسان العالمية وعن طبيعة المصريين الجميلة عما أنه لا توجد أى من هذه الانحرافات أما إذا كانت هناك انحرافات مالية أو سياسية ترتب عليها إضرار للمجتمع المصرى وهموم المصريين أم لا، عما إذا كان هناك انحراف عن توزيع عائد الثروة وتخصيص توزيعها للأصدقاء والمحاسيب أم ثمار نتيجة قد وزعت بحيث تصل فقراء الشعب المصرى وأخيراً عما إذا كانت ثمار التنمية فى القطاع الإنتاجى وتنظيم الموازنة السنوية خاصة الفقراء والعاطلين وإزالة الأمية خلال الثلاثين عاما من عدمه الذى حكم فيها الرئيس السابق من عدمه. وأضاف هنا فقط يمكن للشعب المصرى أن يسحب بحق قانونى كافة الأوسمة والنياشين والتكريمات التى تمت منحها من الجامعات المحلية والإقليمية والعالمية وأعطيت لمن لا يستحق وقبل ذلك يصبح صاحب الأوسمة دلالة على التصرف طبقا للشبهة والتسرع فى إصدار الإدانة قبل أن نسمعها من بوابة القضاء. ومن جانبه قال الخبير العسكرى اللواء حسين غباشى: عندما يحصل الشخص على وسام أو نيشان فى فترة زمنية معينة مقابل عمل جليل قدمه للوطن فيكون من حقه الاحتفاظ بهذا الوسام ولا يستطيع أحد أن يسلبه منه مرة أخرى وهذا ما خوله له القانون المصرى. وأضاف أنه لا يجوز قانونا محاسبة أى شخص بأثر رجعى ولكن يحاسب على عمله فى تلك الفترة فقط وليس على باقى فترات حياته وأعماله فى الماضى. وأشار إلى أن القانون اشترط عددًا من المخالفات الجسيمة لسحب النياشين والأوسمة من أصحابها مثل إفشاء أسرار عسكرية تضر بمصالح البلاد أو خيانة عظمى فى تلك الفترة أدت إلى اطلاع العدو على أسرار أمنية خطيرة تهدد مصالح البلاد العليا، فالشخص يحاسب على الفترة التى أفسد فيها فقط وليس عن باقى فترات عمره السابقة، فالأوسمة والنياشين منحت لكل شخص قدم عملا جليلا ضحى من أجل الوطن فتقوم الجهات المعنية بتكريمه مقابل هذا العمل ويكون حافزا وقدوة لكل أبناء الوطن ولذلك تختلف الأوسمة ودرجاتها فهناك أوسمة رفيعة المستوى مثل وسام نجمة سينا الذى حصل عليه الرئيس المخلوع والفريق سعد الشاذلى ولها مقابل مادى كبير يعطى للشخص كل شهر. وشدد على أنه من المقرر قانونا ألا يتم سحب تلك الأوسمة والنياشين وغيرها من وسائل التكريم من مبارك وحاشيته إلا إذا ثبت أنهم ارتكبوا جرائم تهدد مصالح البلاد العليا فى نفس توقيت حصولهم على تلك الأوسمة فمثلا مبارك لن تسحب منه نجمة سيناء إلا إذا ثبت خيانته العظمى للبلاد فى عام حصوله عليها عام 1983.. وهكذا.