يتميز شهررمضان فى روسيا بأنه ذو طابع مختلف، ليس فقط لتعدد الثقافات والأعراق هناك، بل بسبب الظروف المناخية القاسية التى تتعرض لها تلك المناطق بسبب قربها من القطب الشمالى، حيث إنه فى أحيان كثيرة يتزامن شهر رمضان مع النهار القطبى، وهو النهار الذى يمتد لفترة عشرين ساعة يوميا مما يشعر معه المسلمون فى روسيا بشىء من المشقة، بسبب الساعات الطويلة من الإمساك عن الطعام، لذلك فقد أصدر مجمع الفقه الإسلامى برئاسة الشيخ يوسف القرضاوى فتوى عام 2006 بشأن الصلاة والصيام فى المناطق القطبية، تسمح للمسلمين بالصيام كما يصوم المسلمون فى مكةالمكرمة أو فى أقرب بلاد معتدلة المناخ إليهم. و يزيد عدد المسلمين فى روسيا على العشرين مليون نسمة، ويشكلون الديانة الثانية بعد المسيحية الأرثوذكسية، ويتركز معظمهم فى الأقاليم الإسلامية الروسية، مثل جمهوريات تتارستان وداغستان والشيشان، وغيرها من جمهوريات الاتحاد الفيدرالى الروسى، وفى موسكو وحدها يوجد أكثر من مليون مسلم روسي، بخلاف الآلاف غيرهم من المسلمين من الجاليات الأجنبية، ويتميز المسلمون فى روسيا بأنهم يجعلون من شهر رمضان عيدا يشترك فيه غير المسلم معهم، حيث اعتاد المسلمون هناك أن يوجهوا الدعوات المفتوحة لغير المسلمين ليشاركوهم فى مآدب الطعام التى يقيمونها بجوار المساجد المنتشرة هنا وهناك، هذه المآدب تلقى ترحيبا وقبولا غير عادى من غير المسلمين الذين تجذبهم الأطعمة المتميزة التى يعدها المسلمون فى هذا الشهر، والمميز فى شهر رمضان هذا العام فى العاصمة موسكو، هو استخدام شبكات التواصل الاجتماعى على الانترنت، للإعلام عن طقوس هذا الشهر وعن مآدب الطعام المفتوحة للجميع من المسلمين وغيرهم، كما استطاع المسلمون أن يجبروا اجهزة الأمن الروسية بحبهم لدينهم واحترامهم لطقوسه على السماح لهم بالقيام ببعض الإجراءات الاستثنائية التى لايسمح بها لأية طائفة دينية أخرى فى روسيا، ولا حتى للغالبية الأرثوذكسية، ومن هذه الاجراءات الاستثنائية فرش الساحات والشوارع المجاورة للمساجد لأداء صلاة التراويح والتهجد التى تستمر لوقت طويل مساء، واستخدام مكبرات الصوت الموجهة لجموع المصلين حول المساجد، لتمكنهم من متابعة الصلاة مع إخوانهم داخل المسجد، وهو اجراء قد يكون عاديا فى الدول الإسلامية، لكنه لم يكن كذلك ابدا فى روسيا قديما او تحديدا فى الاتحاد السوفيتى الشيوعى، فقد مر شهر رمضان على مسلمى روسيا لسنوات طويلة خلال الحقبة السوفيتية فرحته دفينة فى قلوبهم، لا يمكنهم الإفصاح عنها، حتى أن الأصدقاء والجيران كان يصعب عليهم تبادل التهنئة والنطق بكلمة «رمضان كريم» أما اليوم فإن المسلمين فى روسيا ينعمون بحرية فى أداء شعائرهم الدينية، لاسيما تلك المتعلقة بشهر رمضان الكريم أما عن الشعائر الرمضانية لمسلمى روسيا فتتلخص فى الاجتماع حول موائد الإفطار والذهاب إلى أداء صلاة الجماعة، وتقوم المساجد الرئيسية بختم القرآن الكريم طوال الشهر، كما تتم دعوة من يتقن قراءة القرآن ويعلم شيئًا عن الدين ليقوم بقراءة ما تيسر من القرآن، ويلقى درسًا أو موعظة قبيل الإفطار مما يترك أثرًا طيبًا فى المدعوين، كما يتوافد المسلمون الروس على المساجد المنتشرة فى ربوع روسيا لأداء صلاة التراويح كل يوم، حيث تعتبر هذه العبادة مهمة جدا فى توحيد المسلمين، كما توجد فى المساجد قاعات صلاة للنساء، أما عن الأطعمة التى تتزين بها موائد الإفطار الروسية فى رمضان فهى جميلة ومتنوعة، فهناك « البلوف» وهو طبق معروف ومحبوب لدى الروس، ويعد من أشهى أطباق شهر رمضان فى روسيا، ويتم اعداده باللحم والأرز والتوابل، وهناك طبق اللحم بالفطر، بالإضافة للحلويات الغربية والشرقية المتأثرة فى صنعها بالمطبخ التركى والإيرانى، وتشبه البقلاوة والقطايف.