للشهر الكريم فرحة وبهجة فى نفوس كل مسلم، ليس فقط فى الدول العربية، ولكن فى الدول الغربية أيضا، إذ يحرص المسلمون فى مختلف بقاع العالم على إحياء شعائر شهر رمضان، ورغم التشابه الكبير فى الاحتفال بالشهر المعظم، إلا أن لكل دولة ما يميزها من تفاصيل صغيرة تجعل لرمضان نكهة مختلفة من بلد لأخر. البداية فى ألمانيا، حيث يعيش حوالى أربعة ملايين مسلم ينحدرون من دول عربية وإسلامية عديدة، ولكن غالبيتهم من الأتراك، وعلى الرغم من ابتعاد هذه الفئة عن أوطانهم وأسرهم واستقرارهم فى ألمانيا، إلا أنهم يحاولون إيجاد أجواء عائلية واحتفالية فى المناسبات الدينية وخاصة فى شهر رمضان، وأهم ما يميز هذا الشهر العظيم فى حياة الجالية الإسلامية فى ألمانيا صلاة التراويح، وموائد الإفطار الجماعية، وحلقات الدروس، إذ تقوم العديد من المساجد فى ألمانيا بتنظيم موائد إفطار جماعية مجانية خاصة للطلبة الذين يعيشون بعيداً عن أسرهم، وبعد الإفطار يشارك الجميع فى صلاة التراويح فى هذه المساجد، بينما يفضل البعض الآخر لقاء الأصدقاء والمعارف فى البيت أو فى المقاهى لتبادل الأحاديث والسهر معا، وقد يتخلل هذه اللقاءات شرب الشاى العربى، والاستماع للموسيقى الشرقية، أما عن وجبات الإفطار التى يتناولها المسلمون فى ألمانيا، فليس لها ما يميزها عن غيرها من وجبات الغذاء فى الأيام المعتادة، لكن يضاف إليها اللبن وبعض أنواع العصائر والمرطبات، وتحرص كل جالية من الجاليات الإسلامية هناك على عمل المأكولات التى تشتهر بها بلادها، وقد أصبح صيام شهر رمضان جزءا من الثقافة العامة للمجتمع الألمانى، هذا ما أكدته صحيفة «كريستين دجيلاد» الألمانية، والتى ذكرت أن الاحتفالات بشهر رمضان أصبحت تتضمن مشاركة غير إسلامية وسياسية على نطاق متزايد، إذ تقوم العديد من الأحزاب السياسية الألمانية بتنظيم حفلات إفطار جماعى، كما أن التليفزيون الألمانى أصبح يخصص فى خدمته الإخبارية مواعيد الإفطار والصوم فى شهر رمضان. وإذا انتقلنا لليونان سنجد أن مظاهر شهر رمضان فى اليونان تختلف كثيرا عن باقى الدول الأوروبية، حيث تفتقر أثينا أى مساجد رسمية للجالية المسلمة، لذا فكل الشعائر تقام فى هدوء دون إعلان أى مظاهر ابتهاج أو فرح بقدوم الشهر الفضيل، فلا يستطيع المؤذن مثلا الجهر بالصوت، ولايقوم الخطيب بتعلية الصوت ليسمعه المارة، وحتى المصلين يدخلون المصلى بهدوء وينصرفون سريعا فور الانتهاء من الصلاة، ويبقى أن نذكر أن المسلمين فى اليونان قله حيث يبلغ عددهم 250 الف نسمة فقط من إجمالى سكان اليونان الذين يبلغون 11 مليون نسمة، ولكن رغم كل التحديات ومع تحسن الوضع قليلا فى السنوات العشر الأخيرة يتمسك مسلمو اليونان بإقامة شعائر دينهم لا سيما فى رمضان، فلا يلمح الزائر مسلما مفطرا فى الشوارع، كما تغلق المقاهى نهارا فى المناطق التى يقطنها أغلبية مسلمة مثل مدينة (ثراكى) شمال اليونان، ولا يكف المسلمون هناك عن تلاوة القرآن فى البيوت والمساجد، كما أنهم يقيمون إفطارات جماعية فى المساجد والتى يقومون فيها بدعوة أحد الأئمة المعروفين فى الخارج لإقامة صلاة التراويح وقراءة القرآن ،وإقامة حلقات ذكر يحيى بداخلهم روحانيات الشهر الفضيل، ففى العام الماضى مثلا تقدمت رابطة المسلمين فى اليونان بطلب للسفارة المصرية فى اثينا لإحضار أحد الدعاة من الأزهر لإلقاء محاضرات دينية فى أماكن التجمعات الإسلامية. أما عن موائد الطعام اليونانية فالمأكولات هناك تتشابه كثيرا مع المأكولات التركية بالإضافة إلى الشاورما اليونانية واطباق السلطات المختلفة. أما تركيا فتستقبل شهر رمضان المبارك بمظاهر البهجة والفرح مثلما هو الحال عند كل الشعوب الإسلامية، حيث تقوم المدن التركية بتزيين وإضاءة مآذن مساجدها التاريخية ترحيبا بشهر الصوم، وتشهد المساجد التركية ازدحاماً كبيراً لأداء صلاة التراويح، ويعد جامع « السلطان أحمد» بمدينة اسطنبول من أشهر المساجد التركية التى يتوافد عليها غالبية المصلين، وينظم فى المسجد معرض ضخم للكتب الإسلامية يبدأ فى اليوم الأول من شهر رمضان ويستمر حتى نهايته، كما تنتشر الدروس الدينية فى المساجد، وتزداد قراءة القرآن فى هذا الشهر الفضيل. وعندما نتحدث عن مظاهر شهر رمضان فى تركيا، فلابد من ذكر سوق العطارين، ويعد أهم وأكبر الأسواق القديمة فى مدينة اسطنبول، وفى هذا الشهر تدب فى سوق العطارين الحياة، حيث يمتلىء بالباعة والمشترين، ويشترى منه الأتراك مالذ وطاب من الحلويات والأكلات التقليدية التى توجد على موائد الإفطار مثل الزيتون والجبنة والبسطرمة والتمر والحلويات التركية. وعادة ما يبدأ الأتراك إفطارهم على التمر والزيتون والجبن، ثم تأتى الشوربة والتى تعد من الأطعمة الأساسية على المائدة، ومن الأكلات الخاصة بهذا الشهر عند الأتراك الخبز الذى يسمى عندهم ( بيدا) وهذا الخبز يلقى إقبالا منقطع النظير فى هذا الشهر، كما تعتبر الكنافة والقطايف والجلاش والبقلاوة من أشهر أنواع الحلويات التى يتناولها المسلمون الأتراك خلال هذا الشهر الكريم.